لعبة «المرماح» تقود مصوراً مصرياً للفوز بـ«مسابقة اليونيسكو»

يوسف ناصر قال لـ«الشرق الأوسط» إن الطقوس الصعيدية مصدر إلهام

الصورة الفائزة بجائزة اليونيسكو (الشرق الأوسط)
الصورة الفائزة بجائزة اليونيسكو (الشرق الأوسط)
TT

لعبة «المرماح» تقود مصوراً مصرياً للفوز بـ«مسابقة اليونيسكو»

الصورة الفائزة بجائزة اليونيسكو (الشرق الأوسط)
الصورة الفائزة بجائزة اليونيسكو (الشرق الأوسط)

حصد الشاب المصري يوسف ناصر (21 سنة) المركز الأول في النسخة السادسة من المسابقة العالمية «عيون الشباب على طريق الحرير» التي تنظمها منظمة اليونيسكو سنوياً، وذلك عن عمل له يجسد ممارسة لعبة المرماح بمدينة قنا (جنوب مصر).

تجسد الصورة الفائزة للشباب تحت سن 25 سنة مجموعة من الفرسان يستعرضون مهاراتهم في قيادة الخيول في لعبة المرماح التقليدية، وتُظهر هذه اللعبة البراعة الفردية، وهي رمز للفخر المجتمعي والتماسك في صعيد مصر، ما يعزز الروابط الاجتماعية، بما في ذلك الصلوات الجماعية والأعياد والتبادل الثقافي، وتمثل حدثاً مهماً يحافظ على التقاليد المحلية. وفق ما جاء في وصف العمل الفني وأسباب فوزه على الموقع الرسمي لليونيسكو.

وفق يوسف ناصر فإن صورته الفائزة بالجائزة تتفق مع ثيمة المسابقة التي أطلقتها المنظمة الدولية، وهي تسجيل مشاهد الاحتفالات المختلفة بالحياة من المعمودية إلى أعياد الميلاد، ومن طقوس المرور إلى مراسم الزواج، ومن الجنازات إلى الاحتفالات الجماعية بعودة الربيع أو موسم الحصاد، وحفلات الخطوبة والأعراس، والشعائر والاحتفالات الدينية، حيث تحتفل كل ثقافة بهذه المناسبات بطريقتها الخاصة.

ويأتي ذلك «انطلاقاً من اهتمام المنظمة بإحياء ذكرى اللحظات المهمة في حياة الإنسانية، باعتبار أن الطقوس اليومية واللغات والقصص التاريخية لهذه الثقافات تغذي الشعور العميق بالتضامن والوحدة والأخوة، وبالتالي تعزز الوحدة، وتشكل عناصر أساسية للتراث المشترك للشعوب والثقافات على طول طريق الحرير، وتوحدهم بعيداً عن اختلافاتهم» بحسب الفنان.

وعن الاحتفالية الصعيدية التي وثقها، يقول ناصر لـ«الشرق الأوسط»: «في غرة شهر شعبان من كل عام تبدأ قنا الاحتفال بمولد سيدي عبد الرحيم القنائي الملقب بـ(أسد الصعيد)، حيث يتوافد الآلاف من أهالي المحافظة، وسائر محافظات مصر للمشاركة في هذه المظاهر الروحية التي تمتد إلى 14 من الشهر نفسه».

وعندما سافر ناصر إلى قنا جذبته لعبة المرماح التي تعد جزءاً من فعاليات المولد، وتتبع الخيل وهي تمر في طريقها إلى مكان الاحتفال على أنغام المزمار البلدي بالشوارع، وصولاً إلى أرض المرماح في الساحات، بينما يقف حولها محبو الرقصة والخيل والأطفال في اهتمام وصمت وانبهار، ومن هنا تولدت داخله فكرة تصوير هذا الطقس الصعيدي الأصيل: «عدد كبير من المصورين يتوجه إلى قنا أثناء المولد لتسجيل المرماح بعدستهم، لكنني اخترت أن ألتقط الصورة من زاوية مختلفة تماماً».

ويوضح «أردت أن أصورها من أعلى وأظهر في الوقت نفسه خلفية الفرسان والخيول، في أجواء توحي بالروحانية، وإبراز قيمة الثقافة المتوارثة عبر العصور، مع الاهتمام بالحركة والإضاءة والظل، وهنا استفدت من دراستي الأكاديمية».

اعتلى يوسف سور مدرسة مجاورة، ليلتقط الصورة التي يعتبرها صورة سينمائية تجمع بين 3 مجالات من التصوير الفوتوغرافي هي فنون التصوير الوثائقي والشارع والسفر، معتزاً بفوزه في المسابقة: «جاء هذا الفوز بعد محاولات استمرت على مدى 3 سنوات متتالية، كنت أصل إلى النهائيات، من دون الفوز بمركز محدد، الآن أصبحت صاحب لقب الفائز الأول على العالم، وسأحصل نتيجة لذلك على كاميرا احترافية، فضلاً عن وضع الصورة في مجلد مصور، وإدراج صورتي في معرض جماعي للأعمال الفائزة يجول العالم».

ويعتبر الفنان المصري أن صورته «توثق لتراث عظيم، يخشى عليه من الاندثار؛ فهي تساهم في الحفاظ عليه، وأن يعرفه العالم كله من مختلف الثقافات» وفق تعبيره.

حصل الفنان المصري يوسف ناصر من قبل على لقب أفضل مصور هاوٍ على مستوى العالم، عام 2023، حيث حصل على المركز الأول في المسابقة العالمية «أفضل مصور هاوٍ للشباب» عن فئة «السفر»، التي تنظمها سنوياً مجلة «Amateur Photographer» في المملكة المتحدة، وذلك عن عمل له يجسد واجهة منزل بمدينة البرلس في محافظة كفر الشيخ بشمال مصر.


مقالات ذات صلة

عدسة المصوِّر اللبناني عدنان الحاج علي تلتقط هوامش الحرب

يوميات الشرق الألعاب المتناثرة تختزل الطفولة المقهورة (عدنان الحاج علي)

عدسة المصوِّر اللبناني عدنان الحاج علي تلتقط هوامش الحرب

المصوِّر الصحافي حسم أمره، ولم يعد يرغب في تصوير ضحايا الحرب على أرض لبنان وجرحاها. الاستقالة المؤقتة من مهنته الصحافية أراد تحويلها مساحةً حرّةً لعينيه.

فيفيان حداد (بيروت)
خاص تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)

خاص رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تقول إنّ اللبنانيات بطلات يحفرن بالصخر ليؤمنّ مستلزمات حياة كريمة للنازحين: «نملك الحسّ الوطني بعضنا تجاه بعض، وهو أمر بديع أتمنّى ترجمته بكاميرتي قريباً». 

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس «ست الدني»... أول أغنية وطنية يصورها (روجيه زيادة)

روجيه زيادة لـ«الشرق الأوسط»: الموسيقى تسهم في تعزيز رؤيتي الفنية مع الكاميرا

يشتهر المخرج روجيه زيادة بصفته مصوراً فوتوغرافياً يتقن عمله بفضل عين ثاقبة يمتلكها، مُسلَّحاً بدراسة الموسيقى، التي يعدّ أنها حضّته على التعامل مع الكاميرا

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي والمصوّر عمار عبد ربه

المصوّر السوري عمار عبد ربه يشارك في «نظرات على الإليزيه»

المصور السوري الفرنسي عمار عبد ربه مساهم منتظم مع «الشرق الأوسط»، يشتهر بقدرته على التقاط لحظات قوية بوضوح مدهش، وامتدت مسيرته المهنية لأكثر من 3 عقود.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق «الأسد المزمجر» (يوسف كارش)

حكاية صورة تاريخية لتشرشل سُرِقت في كندا ووُجدت في إيطاليا

عُثر على نسخة أصلية من صورة مشهورة لونستون تشرشل في إيطاليا بعدما اختفت من أحد فنادق أوتاوا واستُبدلت بها أخرى زائفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.