«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

همُّ مؤسِّسه الابتعاد عن المنحى التجاري... والمقاومة بالثقافة

التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)
التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)
TT

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)
التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

منذ 8 سنوات، يحرص «مسرح شغل بيت» على الإسهام في النهضة المسرحية البيروتية. أسَّس لقاعدة أكاديمية تُخوّل هواة التمثيل والإخراج والكتابة وغيرها الانتسابَ، ووفّر لهم مساحة تعليمية ضمن دورات وورشات عمل مكثّفة.

ومنذ تأسيسه عام 2016 حتى اليوم، عمل كما خلية نحل لا تتعب، فصاحب المشروع شادي الهبر يملك رؤية مستقبلية ينوي ترجمتها في الواقع، تنبع من فكرة خَلْق مسرح جديد يترك بصمته على جيل مقبل.

واليوم، ينظّم «مسرح شغل بيت» احتفالية بمناسبة مرور 8 سنوات على تأسيسه، تفتتح الفعاليات في 23 سبتمبر (أيلول) الحالي حتى 29 منه، وتتألّف من 3 قراءات، و4 عروض مسرحية، تتوزّع نشاطاتها ما بين مَقرّ «مسرح شغل بيت» في منطقة فرن الشباك وخشبة «مونو».

تبدأ الاحتفالية في 23 سبتمبر الحالي (مسرح شغل بيت)

تمثّل الاحتفالية مجموعة أحلام شادي الهبر، فقد اختار أجمل ما حقّقه منها، وتعني له كثيراً. يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عبرها، أُخبر الناس عمّا استطعت تحقيقه في المسرح ومع نفسي، إنها قلبي الذي ينبض من دون توقّف بحبّ جارف، وأراها استمرارية ومسؤولية تنمو يوماً بعد يوم، فهي تؤكد أنه أصبحت لدينا القدرة على تقديم فنّ ممتاز يُبلسم أوجاع وطن».

وبعنوان «منتوجات شغل بيت»، تُستهَلّ هذه الاحتفالية بقراءة لمسرحية «بنت البستونة»، وتتبعها في اليومين التاليين، 24 و25 سبتمبر، قراءات لمسرحيتَي «طوفان» و«ليلة العرايس». ومن ثَمّ تبدأ العروض على خشبة «مونو».

تقدَّم 4 أعمال مسرحية؛ «مخبّا»، و«حكايات سميرة»، و«مرا لوحدا»، وتُختتم بـ«قبل ما فلّ» التي يصفها الهبر بعمل دسم يدخل أعماق الإنسان. ويتابع: «نلاحظ أنّ غالبية العروض المسرحية حالياً تبتعد عن الجدّية، وتميل نحو الكوميديا الاجتماعية، بعيداً عن النصّ الصعب. في (مسرح شغل بيت) نعمل انطلاقاً من هذه المسرحية على خطّ آخر يرتكز على التعاطي الجِدّي مع موضوع صعب، يتضمّن كثيراً من القسوة، ويتناول حكاية رجل يرغب في الرحيل، فيبدأ بمحاسبة نفسه ومواجهة مشكلات عاشها. يطرح العمل موضوعاً ثقافياً ووجدانياً، يحضّ مُشاهِده على سبر أعماقه، حدَّ أنّ مشاعره لن تكون نفسها وهو يخرج من صالة العرض».

تتضمّن الاحتفالية قراءات وعروضاً مسرحية (مسرح شغل بيت)

المسرحية من تأليف ديمتري ملكي، وإخراج شادي الهبر، وترتكز على شخصيتين؛ هما الممثلان كريس غفري وعلي بيضون.

وتُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال الأزمات التي مرّ بها لبنان. ويُعلّق شادي الهبر: «حتى خلال الجائحة، استمررنا في تنظيم صفوف دراسية لطلابنا، كما قدّمنا مسرحية (عزيزتي ألفت)».

وعن الخطوات المقبلة بعد هذه الاحتفالية يردّ: «هذه المحطة مقدِّمة لمرحلة أرغب في اكتشافها بعالم المسرح، فأُصدر دراسة علمية عن مسرح جديد نبتكره، وأقف على البصمة التي سيتركها على أكاديميين ومتخصّصين. ما أحلم به هو مسرح واسع الأفق، كما في مسرحية (قبل ما فلّ) بموضوعها المختلف، فتُحدِث لدى مُشاهدها نقاشاً وجدانياً عميقاً مع ذاته. أشعر أنه آنَ الوقت لهذا الخَلْق الجديد من المسرحيات أن يشقّ طريقه ضمن الإطارَيْن الثقافي والعلمي».

أحلام الهبر ستطول «مسرح شغل بيت» بجميع أقسامه: «المفاهيم العامة للمسرح ستتبدّل. لن أكون بعد اليوم أكاديمياً بل فناناً، لا أُعلّم بل أدرّب، والصفوف التعليمية ستتحوّل جلسات تدريبية لتصبح مختبراً يكتشف خلاله الطالب مواهبه في التمثيل والكتابة والإضاءة والإخراج، فقد استطعنا تخريج دفعات من الطلاب الذين نجحوا في إعداد أعمال مسرحية منفردة، كل ما يهمّني هو الابتعاد عن المنحى التجاري، فأقاوم بالثقافة، وهذه رسالتي».


مقالات ذات صلة

ريهام عبد الغفور تُحيي الذكرى الأولى لوفاة والدها بمشاعر الفقد

يوميات الشرق ريهام عبد الغفور مع والدها الفنان الراحل أشرف عبد الغفور (إنستغرام)

ريهام عبد الغفور تُحيي الذكرى الأولى لوفاة والدها بمشاعر الفقد

أحيت الفنانة المصرية ريهام عبد الغفور، الذكرى الأولى لرحيل والدها الفنان أشرف عبد الغفور، الذي رحل عن عالمنا في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2023، بكلمات مؤثرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من العرض المسرحي (دار الأوبرا المصرية)

«رماد من زمن الفتونة» يُظهر قوة المرأة في مواجهة الضغوط

عبر تصميمات وتابلوهات حركية مبتكرة تحمل صبغة درامية شعبية وتاريخية، تستعيد مسرحية «رماد من زمن الفتونة» حقبة مميزة من التاريخ المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)

«زقاق» ينظم ورش عمل فنية لإحياء الدور الثقافي في زمن الحرب

كان من المفروض أن تحتفل خشبة «زقاق» بعيد تأسيسها الـ18 هذه السنة؛ ولكن مع نشوب الحرب في لبنان قرّرت تأجيلها بعد عام كامل من التحضير لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

«مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل».

فاطمة عبد الله (بيروت)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».