«المولوية المصرية» تشدو بأشعار الصوفية في بيت السناري الأثري

خلال افتتاح معرض «معاً» للحرف اليدوية

معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)
معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)
TT

«المولوية المصرية» تشدو بأشعار الصوفية في بيت السناري الأثري

معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)
معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)

على وقع أشعار ابن الفارض والحلاج والسهروردي، أحيت فرقة المولوية المصرية حفل المولد النبوي في بيت السناري الأثري بمنطقة السيدة زينب (وسط القاهرة)، بالتزامن مع إقامة معرض بعنوان «معاً» للحرف اليدوية والتقليدية لذوي الاحتياجات الخاصة.

وتضمن الحفل الذي أقيم، الخميس، تقديم أشعار الصوفية بصوت قائد ومؤسس الفرقة الدكتور عامر التوني، مصاحباً للموسيقى والرقص الصوفي المولوي الذي يعتمد على فكرة الدائرة للتناغم مع مفردات الكون.

ويقول التوني لـ«الشرق الأوسط»: «جاء هذا الحفل ضمن الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، وكانت المناسبة عظيمة لإقامة معرض لذوي الاحتياجات الخاصة، فكان يوماً مختلفاً، خصوصاً مع حضور أطفال من مستشفى لعلاج السرطان، فكان الجمهور مختلفاً ومتنوعاً».

معرض الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)

وأشار إلى «حرص القائمين على بيت السناري ومجهودهم الكبير لإخراج اليوم بالشكل الروحي العظيم الذي احتوى أطيافاً متنوعة من الجمهور المصري، بالإضافة إلى التفاعل بين الفرقة والجمهور».

الحفل تضمن غناء العديد من قصائد أعلام الصوفية مثل أبو مدين الغوث والحلاج والسهروردي وابن الفارض والشريف إسماعيل، بالإضافة إلى رقص المولوية بأزيائهم المميزة.

عامر التوني مؤسس فرقة المولوية المصرية (فرقة المولوية)

ويوضح التوني أن «فرقة المولوية المصرية تأسست للتأكيد على الهوية الوطنية المصرية والإثبات للعالم أن لدينا ما يعبّر عنا في الفن الصوفي والمولوي»، ولفت إلى «العمل خلال الفترة المقبلة على توثيق أعمال الفرقة، بالإضافة للاستعداد للقيام برحلة طويلة لتقديم عروض الفرقة في الهند».

ويشهد المركز الثقافي بيت السناري التابع لمكتبة الإسكندرية أنشطة متنوعة بين إقامة المعارض والحفلات الفنية والندوات الثقافية، ويعود تاريخ هذا البيت إلى عام 1794، بناه أحد أعيان القاهرة ويدعى إبراهيم كتخدا السناري، وهو من دنقلة بالسودان، وصادرته الحملة الفرنسية واستخدمته كمنزل للرسامين والهيئة العلمية المرافقة للحملة.

فرقة المولوية المصرية في أحد عروضها (فرقة المولوية)

المعرض، الذي يستمر خلال الفترة من 12 حتى 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، يضم مجموعة من الأشغال الفنية والحرفية واليدوية من صنع ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة، في مجالات الرسم والنحت والخياطة والخزف وصناعة الأثاث والكروشيه والشموع والنسيج والحلي والجلود وغيرها من الحرف والفنون.

وقال المهندس هيثم مهيب، مدير بيت السناري: «إن معرض (معاً) يقام للدورة الثانية على التوالي تحت رعاية وتنظيم مكتبة الإسكندرية في مقرها ببيت السناري، وشارك معنا في هذه الدورة 25 عارضاً من ذوي الهمم ومعظمهم من الأفراد وليس المؤسسات، قدموا أعمالاً يدوية متقنة ومتنوعة من المكرمية والكروشيه والحلي وأعمال الخشب».

وشارك في المعرض ممثلون عن مؤسسات تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، منها «المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع» «مجمع خدمات الإعاقة لكبار السن»، ومؤسسة «براعم جنتي» لذوي الاحتياجات الخاصة، ومؤسسة «أيامنا الجاية» لذوي الاحتياجات الخاصة، وجمعية «صوت المعاق»، ومشروع «معانا» لدمج ذوي الهمم.

جانب من معرض فنون الحرف اليدوية ببيت السناري (مكتبة الإسكندرية)

وأضاف مهيب لـ«الشرق الأوسط»: «كان المعرض فرصة جيدة ليقدم ذوو الهمم أعمالهم والتواصل مع الجمهور وكذلك التواصل بين بعضهم البعض، وقد مهدنا لهذا المعرض خلال الشهرين الماضيين بورش عمل ودورات تدريبية لذوي الهمم حول الحرف اليدوية، كما أقمنا حفلات فنية بالتزامن مع المعرض لضمان الحضور الجماهيري، لمشاهدة المشغولات اليدوية لذوي الهمم».

ويتزامن المعرض مع إقامة حفلات متنوعة، من بينها حفل لفرقة الغوري للموسيقى العربية، وحفل موسيقي وغنائي حول السيرة الهلالية من أداء فرقة قنديل بني هلال، بخلاف حفل المولوية المصرية.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.