كيف حافظت مصر على حظوظها السياحية رغم الصراعات الإقليمية؟

تأكيدات رسمية بتحقيق زيادة في الزيارات والعائدات

كورنيش النيل شهد إقبالاً لافتاً من الزوار المصريين والعرب خلال الصيف (تصوير: عبد الفتاح فرج)
كورنيش النيل شهد إقبالاً لافتاً من الزوار المصريين والعرب خلال الصيف (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

كيف حافظت مصر على حظوظها السياحية رغم الصراعات الإقليمية؟

كورنيش النيل شهد إقبالاً لافتاً من الزوار المصريين والعرب خلال الصيف (تصوير: عبد الفتاح فرج)
كورنيش النيل شهد إقبالاً لافتاً من الزوار المصريين والعرب خلال الصيف (تصوير: عبد الفتاح فرج)

رغم تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والصراعات الإقليمية المتصاعدة بمنطقة الشرق الأوسط، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أخيراً أن القاهرة استطاعت الحفاظ على «حظوظها السياحية»، محققة «زيادة في الزيارات والعائدات».

وبينما أرجع خبراء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، الزيادة إلى «اعتماد القاهرة سياسات تحفيزية، وتنويعها للمقاصد والأسواق السياحية»، فإن آخرين قالوا إن «الأرقام الرسمية ضمّت الوافدين من السودان والطلبة، وقد لا تعكس نمواً حقيقياً في الإيرادات».

ووفق رئيس الوزراء المصري، فإن «بلاده نجحت على الرغم من كل الاضطرابات الإقليمية الحالية في تحقيق جذب سياحي، ولديها قطاع سياحي قادر على الصمود رغم الاضطرابات».

تأكيدات رسمية بزيادة الزيارات السياحية والعائدات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ولم يتجاهل مدبولي، في تصريحاته الصحافية أخيراً، ما قال إنها «تقارير كثيرة تشير إلى أن المنطقة الإقليمية لم تعد جاذبة للسياحة العالمية بسبب أنها منطقة صراع»، لكنه أكد أن «هذه التقارير عدت مصر الدولة الوحيدة في المنطقة المستثناة من هذه الحالة».

واستقبلت مصر 14.906 مليون سائح خلال 2023، بزيادة سنوية أكثر من 27 في المائة، عن عام 2022، وهو رقم يفوق ما تم تحقيقه في عام الذروة السياحية 2010، حيث زار البلاد 14.731 مليون سائح، وفق بيانات رسمية.

ووفق «البنك المركزي المصري»، بلغت عائدات السياحة خلال العام المالي 2023 - 2022، نحو 13.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 10.7 مليار دولار في العام المالي 2021 - 2022.

وجاءت الأرقام الرسمية المصرية مناقضة لتوقعات المؤسسات الدولية، ومن بينها وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال»، التي توقعت في تقرير، نشرته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «تضرر قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدرجة كبيرة جراء حرب غزة، ولا سيما لبنان ومصر والأردن».

وفي مايو (أيار) الماضي، أصدر برنامج «الأمم المتحدة» الإنمائي دراسة قال فيها إنه يتوقع «انخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس في السنتين الماليتين الحالية والمقبلة، بقيمة تتراوح بين 9.9 مليار دولار و13.7 مليار دولار، حسب توسع نطاق الحرب».

لكن على النقيض، قال المجلس العالمي للسفر والسياحة، في يونيو (حزيران) الماضي، إن «مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لمصر نمت بنسبة 24 في المائة في العام الماضي». وأكد أن «القطاع تعافى بالكامل ووصل إلى مستويات قياسية».

زيارة تعريفية لوفد صحافي من الصين وكوريا الجنوبية للمقصد السياحي المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، أرجع باسل السيسي، عضو غرفة شركات السياحة والسفر في مصر، زيادة عدد الزيارات السياحية، إلى «تنامي رغبة السفر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الإحجام السياحي التي رافقت جائحة (كوفيد 19)، تسببت في تنامي الرغبة في السفر بعد انتهاء قيود الوباء».

وأشار إلى أن «انخفاض تكلفة السياحة في مصر، خصوصاً مع تراجع سعر العملة المحلية مقابل الدولار، زاد من الإقبال على زيارتها».

ولم ينكر السيسي تأثر بعض المدن السياحية بالأحداث مثل طابا ونويبع، لكنه أشار إلى «تحويل مسار الرحلات السياحية إلى مناطق أخرى مثل الغردقة ومرسى علم».

واتفق معه الخبير السياحي محمد كارم، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «السياسات التي اعتمدتها مصر أخيراً من تنويع في المقاصد والأسواق السياحية كانت سبباً في زيادة الإقبال، حيث لم تعتمد على السياحة الثقافية والشاطئية فحسب، في ظل نشاط لسياحة الاستشفاء والمهرجانات والسياحة النيلية».

ورغم نمو الأرقام، فإن الخبير السياحي يرى أنه «كان من الممكن تحقيق معدلات أعلى لولا الظروف الجيوسياسية».

ووفقاً لوزارة السياحة والآثار المصرية، فإنها «اعتمدت استراتيجية تسويقية، تتضمن حملات على منصات التواصل، وبرامج لتحفيز الطيران». حيث «شاركت خلال العام الحالي في 33 معرضاً سياحياً دولياً، ونفذت 35 حملة مشتركة مع منظمي الرحلات وشركات الطيران، كما نظمت ما يقرب من 80 رحلة تعريفية إلى مصر».

وأوضح مصدر بوزارة السياحة والآثار أن «تلك الاستراتيجية ساهمت في الحفاظ على بقاء المقصد السياحي المصري على أجندة منظمي الرحلات». لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تراجعاً كبيراً في الزيارات السياحية من الولايات المتحدة، إلى جانب وقف البرامج السياحية التي كانت تضم مصر إلى الأردن وإسرائيل».

منتجع مراسي بالساحل الشمالي (تصوير: فتحية الدخاخني)

ورغم التفاؤل الحكومي، يرى الخبير السياحي أحمد عبد العزيز، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الأرقام المعلنة قد تضم كل من دخل البلاد خلال الفترة الماضية، بما في ذلك الطلبة والفارون من السودان وغيرها من الدول. وبالتالي، فإنها لا تعكس عائدات سياحية حقيقية».

وهو ما أكده مصدر وزارة السياحة والآثار، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، بقوله إن «الأرقام تضم بالفعل الطلبة والوافدين من السودان وغيرها من الدول»، لكنه أشار إلى أن «مصر حافظت على بقائها كسوق سياحية رغم الأحداث».

المساعي المصرية لتنشيط السياحة تمتد أيضاً إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، حيث «تخطط مصر لإنشاء 200 ألف غرفة فندقية خلال السنوات الخمس المقبلة».

وتعدّ زيادة عدد الغرف الفندقية «خطوة مهمة جداً لتحقيق هدف مصر لاجتذاب 30 مليون سائح كل عام خلال الفترة المقبلة»، حسب مدبولي الذي أشار إلى أن «العدد المتاح حالياً يكفي 18 مليون سائح في العام فقط».


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.