«The Perfect Couple»... عندما يسقط القناع عن المنافقين والقتَلة

مسلسل «نتفليكس» الجديد يُشبع العين ويترك الذهن جائعاً

نيكول كيدمان متوسّطةً فريق مسلسل «The Perfect Couple» (نتفليكس)
نيكول كيدمان متوسّطةً فريق مسلسل «The Perfect Couple» (نتفليكس)
TT

«The Perfect Couple»... عندما يسقط القناع عن المنافقين والقتَلة

نيكول كيدمان متوسّطةً فريق مسلسل «The Perfect Couple» (نتفليكس)
نيكول كيدمان متوسّطةً فريق مسلسل «The Perfect Couple» (نتفليكس)

أن تحطّ نيكول كيدمان رحالَ نجوميّتها على شاشة «نتفليكس»، وأن تنضمّ إليها أيقونة السينما الفرنسية إيزابيل أدجاني ضيفةً على مسلسل «The Perfect Couple» (الثنائي المثالي)، فهذا حدثٌ يستحقّ الاحتفال حتماً.

بالفعل، لم توفّر المنصة العالمية وسيلةً لتسويق السلسلة القصيرة، ما دفع بالعمل إلى صدارة المسلسلات الأكثر مشاهدةً بعد أقلّ من 48 ساعة على انطلاق عرضه، 5 سبتمبر (أيلول).

تدور أحداث الحلقات الـ6 على جزيرة نانتوكيت الأميركية في ولاية ماساتشوستس، حيث يستضيف قصر كيدمان وزوجها (الممثل ليف شريبر) حفل زفاف ابنهما «بنجي». لكن سرعان ما تتحوّل الاحتفالية إلى كابوس، بعد العثور على الإشبينة «ميريت» جثّة في مياه البحر.

بذلك، تنتقل الشخصيات الأساسية إلى صفوف المُشتبه بهم ويستمرّ التحقيق معهم على امتداد المسلسل. يتوزّع البناء الدرامي ما بين الرجعات الزمنيّة أو «الفلاشباك» إلى ليلة الحادثة، والاستجوابات الدائرة في مركز الشرطة، بالتوازي مع الأحداث الآنيّة في قصر «غرير» و«تاغ»، أي كيدمان وشريبر.

نيكول كيدمان بدور «غرير» وليف شريبر بشخصية زوجها «تاغ» (نتفليكس)

تصويرياً وجمالياً، كل ما في المسلسل يُشبع العين؛ من المواقع الخلّابة، إلى فخامة القصر حيث مظاهر رفاهيّة العيش، وليس انتهاءً بفريق الممثلين اللامعين.

«أميليا» هي العروس الآتية من خلفيّة متواضعة لتهزّ عرش «غرير» الديكتاتوريّة. كل مَن في العائلة يرضخ لنظريّات الأخيرة، على رأسهم زوجها وأبناؤها الثلاثة. كيف لا وهي الكاتبة الناجحة التي تُدرّ رواياتها الملايين سنوياً على البيت ورجاله. وحدَها «أميليا» لا تُشبه الثراء الفاحش، ولا تبدو خانعةً لسلطة «غرير»؛ الأمر الذي يثير امتعاض الأخيرة.

إيف هوسون بدور «أميليا» وبيلي هول بدور خطيبها «بنجي» (نتفليكس)

كل ما في هذه العائلة يبدو نموذجياً، إلى أن تقع الجريمة فتُسقط الأقنعة عن الوجوه كلها. الثنائي ليس مثالياً كما يُراد للجميع أن يظنّ، فالنفاق والخيانة يتحكّمان بعلاقة كيدمان وزوجها. وتحت المظاهر المخمليّة تختبئ حقائق ماليّة صادمة. أما الابن الثاني فغارقٌ هو الآخر في زواجٍ قائمٍ على النفاق والخيانة، في وقتٍ تنتظر زوجته مولودها الأوّل بصبر الطامحات إلى الثروة.

تدخل «أميليا» إذن إلى بيئةٍ عائليّة سامّة. تحاول مجابهتَها بدايةً متسلّحةً بالصراحة والجرأة، لكنها تنضمّ بسرعة إلى نادي المنافقين والخوَنة. وحدَها الإشبينة القتيلة «ميريت» تبدو الأكثر براءةً هنا. مع العلم بأنّ موتَها يخدم عدداً كبيراً من شخصيات المسلسل، ما يضاعف علامات الاستفهام الدائرة حولهم.

تلعب ميغان فاهي دور «ميريت» الإشبينة التي تُقتل ليلة الزفاف (نتفليكس)

المسلسل مقتبس عن رواية الكاتبة الأميركية إلين هيلدربراند المعروفة بـ«ملكة قراءات الشاطئ». أخلصت كلٌّ من كاتبة السيناريو والمخرجة لهذا اللقب، فأبقتا على الطابع السطحيّ للقصة. لا يتطلّب المسلسل جهداً من مُشاهدٍ راجعٍ للتوّ من إجازته الصيفيّة، ويبحث عن لحظة تلفزيونية تخفّف عنه قلق العودة إلى العمل أو الجامعة أو المدرسة.

يريد العمل لنفسِه هويّاتٍ كثيرة. يمزج ما بين الجريمة، والغموض، والصراعات الطبقية، والدراما النفسية، والحكايات العاطفية، وغيرها من مواضيع، لكنه لا يستقرّ على هويّة خاصة به. وإذا كان يُشبع العين، فهو يُبقي الذهن جائعاً. إلّا أنّ ذلك لا ينزع عنه صفة «المسلّي».

الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني ضيفة المسلسل بشخصية صديقة العائلة (نتفليكس)

في بداية التحقيق مع ضيوف الزفاف، يقول أحدهم إن «هذه العائلة ثريّة ومُصابة بالملل إلى درجة أنها مستعدّة لقتل أحدٍ ما بهدف الترفيه والتسلية حصراً». يضاعف هذا التصريح من الشكوك الدائرة حول تورّط العائلة في مقتل الإشبينة، وهو يحدّد في الوقت نفسه الخانة التي ينتمي إليها المسلسل.

راجت مؤخراً الأعمال الدراميّة التي تروي حكايات أثرياء يُقدمون على أفعالٍ شنيعة من باب الملل. وتتطرّق تلك المسلسلات بشكلٍ سوداويّ كذلك إلى الصراع الطبقي بين الخدم والمخدومين، أو بين الأثرياء والأقلّ ثراءً. من بين تلك الأعمال، تميّز «The White Lotus» (زهرة اللوتس البيضاء) على منصة «HBO».

يأتي «The Perfect Couple» محاولاً ركوب هذه الموجة التلفزيونية، إلّا أنه يتعثّر في ذلك بفِعلِ تَداخل الأنماط الدراميّة، وعدم الرسوّ بالتالي على هويّة واضحة. لا ينقذ الممثلون الموقف، حتى وإن تصدّرتهم الاستثنائيّة نيكول كيدمان التي يضفي أداؤها غموضاً إلى الأجواء.

رغم اسمها اللامع وحضورها الآسر فإنّ نيكول كيدمان لا تُنقذ المسلسل من تشتّت الهوية الدرامية (نتفليكس)

رغم تقدّم الحلقات، فإنّ تطوّرَ الشخصيات يبقى بطيئاً، كما تغرق السرديّة في اللامنطق والضجر والسطحيّة أحياناً. وما قيل في 6 ساعاتٍ من الوقت كان من الممكن اختصاره في ساعتَين. لكن هذا لا يعني أنّ مَن بدأ مشاهدة المسلسل سيكون مستعداً للانسحاب قبل الختام، فرغم نقاط الضعف تبقى عناصر الجذب فعّالة حتى النهاية.

يكفي تَداخُل الصورة الجذَابة والمُشاهَدة المُريحة وغير المعقّدة، مع لغز الجريمة وتعدُّد المشتبه فيهم المثيرين للاهتمام، كي يبقى المُشاهِد عالقاً حتى النهاية. ومن أسباب متابعة المُشاهَدة كذلك، الرغبة في معرفة القاتل الذي لا تظهر هويّته سوى في اللحظات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.