موسيقى «الهيفي ميتال» تتوسع سريعاً في السعودية

جيجي أرابيا لـ«الشرق الأوسط»: يوجد حالياً نحو 20 فرقة نشطة... ومبادرات جديدة نهاية هذا العام

جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
TT

موسيقى «الهيفي ميتال» تتوسع سريعاً في السعودية

جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)
جيجي أرابيا (الشرق الأوسط)

تفاعُل الشبان السعوديين مع موسيقى «الهيفي ميتال» لم يكن مشهداً مألوفاً قبل عقد من الزمان، لكنه اليوم بات رائجاً بدرجة كبيرة، فمع ازدهار صناعة الموسيقى في السعودية زادت شعبية أنماط موسيقية لم تكن حاضرة، من ذلك موسيقى «الهيفي ميتال» التي تعود أصولها إلى أواخر الستينات من القرن الماضي، وارتفع استهلاكها بين الجيل الجديد، مع تنامي فرق الميتال المحليّة التي تنتشر اليوم بين الرياض وجدة والمنطقة الشرقية.

تحدثت «الشرق الأوسط» مع جيجي أرابيا، وهي سيدة سعودية مؤثرة في مجال موسيقى الهيفي ميتال محلياً، بصفتها المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «هيفي أرابيا إنترتينمنت»، أول شركة في السعودية مكرَّسة للترويج وإدارة موسيقى الهيفي ميتال. تقول جيجي إن رحلتها في عالم موسيقى الهيفي ميتال بدأت من خلال تجربتها في الترويج للحفلات الموسيقية في دبي، حيث شاركت في الترويج لفعاليات فرق ميتال شهيرة مثل Omnium Gatherum وSepultura، ثم قررت إنشاء شركتها بعد أن أدركت الإمكانات والطلب على موسيقى الهيفي ميتال محلياً، مضيفةً: «هدفي هو جعل السعودية وجهة مهمة لموسيقى الهيفي ميتال، مثلما تعد الدول الاسكندنافية مرجعاً رئيسياً في هذا المجال».

مشاريع جديدة

بالسؤال عن واقع موسيقى الروك والميتال في المملكة اليوم، تجيب بالقول: «يشهد تطوراً ملحوظاً، لكنه لا يزال في مرحلة مبكرة نسبياً. لا شكّ أن هناك اهتماماً متزايداً بهذه الأنواع الموسيقية من الجمهور أو من الموسيقيين على حد سواء، وهو ما يعكسه ظهور مشاريع وإصدارات فنّية وفرق جديدة باستمرار. مثل فرقة (سيرا) النسائية التي تعد رمزاً للتغيير في هذا المجال. إضافةً إلى توفر منصات لأداء هذا اللون الفني في فعاليات ثقافية مثل مؤتمر (XP Music Futures) للموسيقى والعروض التاريخية لفرق عالمية مثل (Metallica) و(Cryptopsy) في السعودية والتي تعد مؤشرات واضحة على أن هذه الأنواع الموسيقية أصبحت تحظى باهتمام أكبر، كما أن هناك مبادرات جديدة ستظهر في نهاية سنة 2024 بهدف تسليط الضوء على هذا اللون الفني بشكل مختلف وأكثر توسعاً».

الفرقة الأميركية الأشهر عالمياً «ميتاليكا» قدمت حفلاً في الرياض ديسمبر الماضي (إنستغرام الفرقة)

جمهور «الهيفي ميتال»

لكن هل هناك جمهور حقيقي لموسيقى الهيفي ميتال في السعودية؟ تجيب جيجي: «نعم! على الرغم من أن هذا النوع من الموسيقى قد لا يكون رائجاً بشكل كبير في التيار الرئيسي، فإن هناك قاعدة جماهيرية متزايدة والتي برأيي أكثر ولاءً من غيرها في المملكة. ومع التغييرات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع السعودي، وضمن إطار (رؤية 2030) بدأت هذه الأنواع من الموسيقى تجد جمهورها وتلقى قبولاً أكبر مما كانت عليه في السابق».

وتشير هنا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في تمكين عشاق هذا النوع من الموسيقى من التواصل وتبادل الاهتمامات، بالإضافة إلى تسهيل اكتشاف الموسيقيين المحليين الذين يتبنون هذا الأسلوب، مما يعزز نمو هذه الثقافة الموسيقية في البلاد، وتردف: «نرى كثرة هذا الجمهور من خلال حضور الحفلات المستقلة الصغيرة أو متابعة الفنانين المحليين عبر الإنترنت. ومع زيادة الانفتاح الثقافي في المملكة، من المتوقع أن يتسع هذا الجمهور بشكل أكبر في المستقبل».

تهدف جيجي لجعل السعودية وجهة مهمة لموسيقى الهيفي ميتال (الشرق الأوسط)⁩

الفِرق النشطة

وبسؤالها عن عدد فرق الهيفي ميتال الموجودة في السعودية اليوم، تقول جيجي: «من الصعب تحديدها بشكل دقيق، حيث إن العديد من هذه الفرق تعمل بشكل مستقل أو غير رسمي. ومع ذلك، يُقدّر أن هناك نحو 15 إلى 20 فرقة هيفي ميتال نشطة في المملكة، تتنوع بين الفرق التي بدأت تحقق بعض الشهرة على الصعيد العالمي وتلك التي لا تزال في مراحلها الأولى. ومع زيادة الانفتاح الثقافي والدعم الحكومي واهتمام الشباب بمختلف أنواع الموسيقى، من المتوقع أن يستمر هذا العدد في النمو خلال السنوات القادمة».

وتتناول جيجي جدوى الاستثمار والعائد المادي من هذه الفرق، مبينةً أنه في ظل غياب مبيعات الألبومات بشكل كبير في مجتمع الموسيقى المحلي، والذي يعد أحد أكبر مصادر الدخل للفنان، فإن الفنانين باتوا يعتمدون بشكل أساسي على البث الرقمي وسيلةً لنشر أعمالهم. ومع ذلك، يبقى الأداء الحي هو المصدر الرئيسي للدخل لهذه الفرق في الوقت الحالي. وتضيف: «تواجه فرق الروك والميتال في السعودية تحديات إضافية تتعلق بقدرة الأماكن المحدودة على توسيع طاقتها الاستيعابية، مما يجعل من الصعب عليها توسيع نطاق جمهورها أو جذب رعاة محتملين، وهو مصدر آخر مهم للدخل».

وتتابع: «العائد على الاستثمار في هذه الفرق في الوقت الحالي قد لا يكون كبيراً، ولكن هناك تفاؤل بأن الأمور ستتحسن مع الوقت من خلال بعض الحلول التي قد تسهم في تحسين العوائد، مثل خلق مبادرات مستقبلية واعدة وأكثر شمولية، وزيادة الدعم الحكومي للمبادرات الموسيقية المتنوعة كما رأينا مؤخراً من خلال توقيع وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه اتفاقية تهدف إلى إطلاق مشاريع مشتركة تركز على تطوير مجالات مثل السينما والموضة والموسيقى، بما يتماشى مع أهداف (رؤية السعودية 2030)».

وعن تعزيز البنية الموسيقية، ترى جيجي أن ذلك من شأنه زيادة فرص نمو الفرق والفنانين بشكل عام وفرق الروك والهيفي ميتال في المملكة بشكل خاص، إضافةً إلى أن تطوير البنية التحتية الموسيقية في المملكة، مثل بناء مساحات أداء ذات طاقة استيعابية أكبر، وتعزيز ثقافة الرعاية من الشركات والمؤسسات التي ترغب في دعم ألوان جديدة ومختلفة من الفن والموسيقى، وخلق منصات ومبادرات مخصصة لدعم وتطوير فرق الروك والميتال محلياً وإقليمياً.

ولأنها تركز على الترويج لحفلات الميتال في السعودية، تؤكد جيجي أن شركتها أسهمت في تنظيم أول العروض الموسيقية المحلية والإقليمية والسعي لإدراجها في الفعاليات الثقافية العامة، مما ساعد في جلب الاهتمام المحلي والعالمي لموسيقى الميتال. وهذا يشمل العرض الموسيقي في مؤتمر XP في سنة 2023 وإعطاء الفرق المحلية الفرصة للأداء في العروض الحيّة لفرق عالمية مثل Cryptopsy، والتي كانت إقامتها لحظة تاريخية لمشهد الميتال في السعودية. وتختتم حديثها بالقول: «رؤيتي تتجاوز الترويج المحلي؛ فهي تهدف إلى تصدير فرق الميتال السعودية إلى الأسواق الدولية وخلق صناعة موسيقية مستدامة داخل المملكة».


مقالات ذات صلة

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

كشف دبلوماسي تايواني أن السلطات القضائية التايوانية تحقق حالياً في تحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجرز».

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شمال افريقيا الأمير فيصل بن فرحان خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة المصري في الرياض أغسطس الماضي (واس)

تشديد «سعودي - مصري» على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

شددت المملكة العربية السعودية ومصر على «ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والدائم في كل من لبنان وقطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق التركي والشمسان انضما للإمامة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (واس)

تعيين 4 أئمة في الحرمين الشريفين

صدرت موافقة ملكية بتعيين ‎بدر التركي والدكتور الوليد الشمسان إمامين في المسجد الحرام، والدكتور محمد برهجي والدكتور عبد الله القرافي بالمسجد النبوي.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
الخليج 5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)

السعودية: الكشف عن مستهدفات مبادرتي حماية الطفل وتمكين المرأة «سيبرانياً»

كشفت «مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني» عن المستهدفات الاستراتيجية للمبادرتين العالميتين للأمير محمد بن سلمان؛ لـ«حماية الطفل» و«تمكين المرأة» في المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: جدل حول مصير «مبنى القبة التاريخي» لقناة السويس

جانب من أعمال الترميم (هيئة قناة السويس)
جانب من أعمال الترميم (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: جدل حول مصير «مبنى القبة التاريخي» لقناة السويس

جانب من أعمال الترميم (هيئة قناة السويس)
جانب من أعمال الترميم (هيئة قناة السويس)

نفت «هيئة قناة السويس» المصرية ما تردد عن بيع مبنى القبة التاريخي الواقع بمحافظة بورسعيد والمطل على المجرى الملاحي، وهو من أوائل المباني التي تأسست لإدارة حركة الملاحة، ويشكل أحد المعالم الرئيسية المعروفة للقناة.

وتداولت حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنباءً عن بيع المبنى لصالح إحدى الشركات العالمية لتحويله إلى فندق عالمي، بالتزامن مع البدء في تنفيذ أعمال التطوير الخاصة بالمبنى في الوقت الحالي.

وقال رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع إن «مشروع تطوير مبنى القبة التاريخي سيتضمن استثمار موقعه الفريد المطل على القناة ليصبح وجهة سياحية وحضارية جاذبة»، مشيراً في بيان، الجمعة، إلى حرصهم على الحفاظ على التراث المعماري والأثري لمنشآت الهيئة، وتنفيذ أعمال الترميم بالشكل الأمثل دون المساس بقيمتها الحضارية والمعمارية.

وأكد رئيس الهيئة أن «قرار ترميم المبنى يرجع إلى المطالب المتكررة من الجهات المعنية بوجود ضرورة ملحة للقيام بأعمال الترميم من أجل المحافظة على سلامة المبنى»، مشيراً إلى أن «أعمال الترميم بدأت بالتزامن مع إخلاء المبنى، ونقل الورش والمخازن إلى مناطق أخرى بشكل تدريجي دون التأثير على حركة الملاحة في القناة».

مبنى القبة التاريخي قيد أعمال التطوير (هيئة قناة السويس)

وأوضح أن «رؤية تطوير مبنى القبة ما زالت تخضع للدراسة، حيث تجري مناقشة كل الأطروحات الملائمة لكيفية استثمار الموقع، وتحقيق الاستغلال الأمثل للمبنى مع الجهات المعنية، بِعَدِّ مبنى القبة أحد أصول الهيئة الرئيسية والمصونة بقوة القانون»، مؤكداً مراعاة رؤية التطوير للحفاظ على الطابع الأثري للمبنى، والتوافق مع استراتيجية الدولة الطموحة لتشجيع السياحة البحرية.

بينما أكد عضو مجلس النواب (البرلمان) عن محافظة بورسعيد النائب أحمد فرغلي لـ«الشرق الأوسط» تقدُّمه ببيان عاجل لرئيس الوزراء ووزير السياحة والآثار، منتقداً ما وصفه بـ«إهدار المال العام»، وبدء تنفيذ مخطط لـ«بيع وتأجير أصول وشركات هيئة قناة السويس»، وعدّ الأمر «تشويهاً متعمداً للأثر التاريخي بقناة السويس عبر التوجه لتحويل المبنى إلى فندق».

وقال إن «هناك نية مبيَّتة لدى الهيئة لتنفيذ هذه الخطوة بعد إخفاقها في إدارة واستغلال الموارد بشكل سليم»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من إخلاء المبنى منذ 3 سنوات فإن أعمال التطوير لم تبدأ حتى الآن»، وفق قوله.

ونُفِّذت عملية إخلاء مبنى القبة على مراحل متباعدة عدة للتأكد من عدم تأثيره في سير العمل وحركة عبور السفن، حيث جرى توفير أماكن عمل بديلة بالتوازي مع تجهيز منطقة «الجونة» بمدينة بورفؤاد على الضفة الأخرى من القناة لتكون مركزاً رئيسياً دائماً لإدارة حركة عبور السفن في القطاع الشمالي بما يواكب التوسعات الضرورية، وفقاً لمتطلبات تشغيل شرق التفريعة، ودخول أرصفة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية إلى الخدمة، ما يجعل نقل مقر التحركات إلى «الجونة الشرقية» أمراً ضرورياً لا بديل له، وفق بيان الهيئة.

لكن فرغلي يرى أن «ما تعلنه الهيئة اليوم بمثابة محاولة لتبرير عملية الإخلاء والانتظار لحين تجهيز الخطوة التالية بتحويل المبنى إلى فندق»، متسائلاً عن «حقيقة الشراكة مع إحدى الشركات العالمية، وما إذا كانت هناك موافقة من الجهات الأمنية على تحويل مبنى في هذا الموقع الحيوي والهام على القناة إلى فندق يتردد عليه الزوار بشكل يومي».

وتعهد الفريق ربيع بالإعلان عن تفاصيل مشروع تطوير مبنى القبة فور الانتهاء من دراسات الجدوى الفنية والتوافق على المخطط الكامل للمشروع قبل بدء التنفيذ، مؤكداً أن «إعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على مقدَّرات الهيئة وتنمية أصولها هو أساس كل التعاقدات التي يجري إبرامها».

وقامت «هيئة قناة السويس» في السنوات السابقة بترميم المقر الإداري الأول لها في محافظة الإسماعيلية، وتحويله إلى متحف يسرد تاريخ القناة، بالإضافة إلى ترميم وتطوير استراحة ديليسبس المجاورة للمتحف، وتحويل المبنى الملحق بها إلى فندق.

وكانت مصر قد افتتحت في أغسطس (آب) 2015 مشروع ازدواج القناة، الذي اشتُهر باسم «قناة السويس الجديدة» بطول 35 كم، وجرى تنفيذه خلال عام واحد فقط بمشاركة كثير من الشركات الأجنبية لتنفيذ أعمال الحفر، وتجهيز المجرى الملاحي، في وقت تواصلت فيه أعمال التطوير من أجل تنفيذ الازدواج الكامل للقناة بشكل تدريجي.