لاصقة بالإصبع تراقب الحالة الصحية

تعمل هذه اللاصقة عن طريق تحليل مكونات العرق الذي تفرزه أطراف أصابع (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
تعمل هذه اللاصقة عن طريق تحليل مكونات العرق الذي تفرزه أطراف أصابع (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
TT

لاصقة بالإصبع تراقب الحالة الصحية

تعمل هذه اللاصقة عن طريق تحليل مكونات العرق الذي تفرزه أطراف أصابع (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)
تعمل هذه اللاصقة عن طريق تحليل مكونات العرق الذي تفرزه أطراف أصابع (جامعة كاليفورنيا سان دييغو)

طوّر فريق من المهندسين في جامعة كاليفورنيا سان دييغو الأميركية، لاصقة إلكترونية تُلف حول الأصابع لمراقبة مستويات المواد الكيميائية الحيوية بالجسم البشري، كالجلوكوز والفيتامينات، وحتى الأدوية التي نتناولها للعلاج.

وأفادت نتائج دراستهم المنشورة، الثلاثاء، في دورية «نيتشر إلكترونيكس» بأن اللاصقة القابلة للارتداء تعمل على تحليل العرق ولديها القدرة على جعل مراقبة الصحة للجسم البشري عملية مستمرة وسهلة مثل ارتداء ضمادة لاصقة مخصصة لشفاء الجروح.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة شيتشاو دينج، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في كلية الهندسة بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، في بيان صحافي منشور الثلاثاء: «هذا هو مراقب الصحة التلقائي، ولقد أصبح الآن في متناول يدك. يمكنك أن ترتديه وأنت مستريح أو نائم، وسيكون لا يزال قادراً على حصاد الطاقة التي يحتاج إليها ليواصل العمل وتتبع مستويات المؤشرات الحيوية». ويستمد الجهاز، الذي يلتف بشكل مريح حول الإصبع، الطاقة من مصدر غير متوقع؛ عرق أطراف الأصابع.

ووفق الدراسة، تعد أطراف الأصابع، على الرغم من صغر حجمها، من أكثر مناطق الجسم إنتاجاً للعرق، حيث تحتوي كل منها على أكثر من ألف غدة عرقية. يمكن لهذه الغدد أن تنتج عرقاً أكثر من 100 إلى 1000 مرة من معظم مناطق الجسم الأخرى، وحتى في أثناء الراحة. فإن هذا الرذاذ المستمر من العرق الطبيعي - دون أي محفزات أو نشاط بدني - يوفر مصدراً موثوقاً للطاقة، ويزود الجهاز بالطاقة حتى أثناء فترات الخمول أو النوم.

جدير بالذكر أن الجهاز مصنوع من عدة مكونات إلكترونية مطبوعة على مادة بوليمرية رقيقة ومرنة وقابلة للتمدد. ويتيح تصميمه له التكيف مع الإصبع مع كونه متيناً بما يكفي لتحمل الانحناء والتمدد والحركة المتكررة.

وهو ما علق عليه جوزيف وانج، الأستاذ في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وأحد باحثي الدراسة: «إنها تعتمد على تكامل رائع بين مكونات حصاد الطاقة وتخزينها، مع أجهزة استشعار حيوية متعددة عبر قناة دقيقة، إلى جانب وحدة التحكم الإلكترونية المقابلة، وكلها مدمجة في أطراف الأصابع».

ووفق الدراسة، فإن العنصر الأساسي في تشغيل هذه اللاصقة هو خلايا الوقود الحيوي التي توضع حيث يلامس الجهاز أطراف الأصابع. وقد تم تصميم هذه الخلايا خصيصاً لجمع وتحويل المواد الكيميائية في العرق إلى كهرباء بكفاءة.

ويتم تخزين هذه الكهرباء في زوج من البطاريات القابلة للتمدد المصنوعة من كلوريد الفضة والزنك، التي تعمل على تشغيل مجموعة من أجهزة الاستشعار - أربعة في المجموع - وكل منها مكلف بمراقبة مؤشر حيوي محدد: الجلوكوز، وفيتامين سي، واللاكتات، وليفودوبا، وهو عقار يستخدم لعلاج مرض باركنسون.

وبينما يفرز العرق عبر قنوات دقيقة من الورق إلى هذه المستشعرات، يحلل الجهاز مستويات المؤشرات الحيوية، وكل ذلك في حين يستمد الطاقة التي يحتاج إليها من العرق.

كما تعالج شريحة صغيرة الإشارات من المستشعرات وتنقل البيانات لاسلكياً عبر تقنية البلوتوث منخفض الطاقة إلى تطبيق مصمم خصيصاً للهاتف الذكي أو الكمبيوتر المحمول.

في الاختبارات، ارتدى أحد المشاركين الجهاز طوال اليوم لتتبع مستويات الجلوكوز أثناء الوجبات، ومستويات اللاكتات أثناء العمل المكتبي والتمارين الرياضية، ومستويات فيتامين سي أثناء شرب عصير البرتقال، ومستويات عقار ليفودوبا بعد تناوله.

يقول دينج، والمؤلفة المشاركة الأولى في الدراسة تاموغنا ساها، إن هذه اللاصقة يمكن تخصيصها لتلبية الاحتياجات الصحية الفردية من خلال اكتشاف مجموعات مختلفة من المؤشرات الحيوية.

ويعمل الباحثون الآن على تطوير نظام لحلقة مغلقة لا يراقب المؤشرات الحيوية فحسب، بل يدير أيضاً مسألة تناول العلاجات المختلفة بناءً على البيانات التي يتم جمعها. على سبيل المثال، في حالة مرض السكري، يمكن لمثل هذا الجهاز مراقبة مستويات الجلوكوز باستمرار وتوصيل الأنسولين تلقائياً حسب الحاجة، ثم تقييم فاعلية العلاج من خلال مراقبة مستويات المؤشرات الحيوية بشكل أكبر. وهو ما شدد عليه دينج بقوله: «القوة المستقلة والقدرة على الاستشعار الدقيق والعلاج في جهاز واحد، هذا هو هدفنا النهائي».


مقالات ذات صلة

تطوير خلايا جذعية للدم في المختبر لأول مرة

صحتك العلماء توصلوا إلى طريقة لتطوير خلايا جذعية دموية بشرية في المختبر (أرشيف - رويترز)

تطوير خلايا جذعية للدم في المختبر لأول مرة

تمت زراعة خلايا جذعية للدم في المختبر لأول مرة في اختراق قد ينهي الحاجة إلى متبرعين بنخاع العظام.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك يمكن للقناع تحليل المواد الكيميائية في التنفُّس فوراً (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

طوّر باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قناعاً ذكياً يُستخدم لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وتشخيص مجموعة من الأمراض بشكل فوري من خلال التنفُّس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

أظهر مسح شمل 1563 شخصاً بالغاً أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك هناك تزايد مستمر في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض (رويترز)

تتسبب في أمراض «قاتلة»... كيف تحمي نفسك من لدغات البعوض؟

رصدت الولايات المتحدة تزايداً مستمراً في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض. ومؤخراً، توفي أحد سكان نيوهامشير الأميركية بسبب مرض نادر، ولكنه خطير ينقله البعوض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص يعاني من جدرة القردة والذي يعد البثور والطفح الجلدي أحد أعراضه (أ.ب)

ما أضرار فقع البثور الجلدية؟

يمكن أن يكون لفقع البثور تأثير ضار على صحة البشرة، حيث يتسبب ذلك في تلف الجلد، ما قد يؤدى إلى إصابته بكثير من المشاكل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجامعات الخاصة والدولية تفرز المصريين طبقياً أم علمياً؟

الجامعة الأميركية بالقاهرة
الجامعة الأميركية بالقاهرة
TT

الجامعات الخاصة والدولية تفرز المصريين طبقياً أم علمياً؟

الجامعة الأميركية بالقاهرة
الجامعة الأميركية بالقاهرة

عبر التركيز على المظاهر المادية «والاستعراض بالسيارات الفارهة» داخل الحرم الجامعي، أبرزت الدراما المصرية، التي تسعى عادةً لمحاكاة الواقع، مفهوم الطبقية في الجامعات الحكومية خلال القرن الماضي، لكن مع انتشار الجامعات الخاصة والدولية والاهتمام بجودة التعليم خلال العقدين الماضيين، سلطت الدراما الضوء على مستوى وأماكن تعليم أبناء الطبقة الغنية، بعد عزوف الكثير منهم عن الالتحاق بالجامعات الحكومية.

وعدَّ متابعون وخبراء علم اجتماع ارتفاع أسعار مصروفات الجامعات الخاصة والدولية يكرس الفجوة الطبقية، ويفرز المصريين على أساس مادي لا تعليمي؛ حيث لا يمكن للفئة المتوسطة أو الفقيرة إلحاق أبنائهم الذين يحصلون على مجاميع أبناء الطبقة الثرية نفسها بجامعات خاصة ودولية، تصل رسوم الالتحاق السنوية ببعضها إلى مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل 48.5 جنيه مصري).

وتضم مصر 27 جامعة خاصة، و7 أفرع لجامعات دولية، كما يصل عدد المعاهد الخاصة فيها إلى 174 معهداً، حسب تصريحات سابقة للدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري.

واعتبر سؤال برلماني، تم توجيهه مؤخراً إلى رئيس مجلس الوزراء المصري ووزير التعليم العالي، أن «مصروفات الجامعات الخاصة في مصر هذا العام جاءت مخيبة لآمال الكثير من الطلاب وأولياء الأمور، حيث ترتفع كل عام بشكل مبالغ فيه، دون مراعاة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع بلا استثناء».

تفاوت لافت بمصروفات الجامعات الخاصة في مصر (المصدر: جامعة فاروس)

ويقول ياسر يحيى، وهو ولي أمر لإحدى الطالبات لـ«الشرق الأوسط»: «ترغب ابنتي في دراسة مجال الإعلام، ومع عدم تمكنها من تحقيق المجموع الذي يؤهلها لذلك في الثانوية العامة، فكرنا في الجامعات الخاصة، وأخذنا في البحث عن خيار مناسب من حيث التكلفة، لكن المفاجأة كانت في ارتفاع مصروفات كليات الإعلام الخاصة كافة، التي تصل مصروفات بعضها إلى 250 ألف جنيه كحد أقصى، وأقلها بـ45 ألف جنيه، وجميعها يفوق إمكاناتي المادية». وتعاني مصر من موجة غلاء لافتة، بدأت مع تدهور سعر العملة المحلية أمام الدولار الأميركي.

وتُعدُّ مصروفات الجامعة الأميركية بالقاهرة الأعلى بين الجامعات الخاصة والدولية بمصر، التي تعتمد الدراسة فيها على نظام الساعات المعتمدة، ويصل معدل المصروفات الدراسية لكل ساعة معتمدة 667 دولاراً أميركياً لطلاب دراسات البكالوريوس المصريين، و735 دولاراً أميركياً لطلاب دراسات البكالوريوس الأجانب، وتتيح الجامعة للطلاب المصريين سداد المصروفات الدراسية بالدولار الأميركي أو بالجنيه المصري.

وخلال 4 سنوات هي مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس من الجامعة، يدرس الطالب ما لا يقل عن 138 ساعة معتمدة لجميع التخصصات النظرية، وكذلك ما لا يقل عن 144 ساعة معتمدة للتخصصات العملية التطبيقية، وفق ما ذكره الموقع الرسمي للجامعة على شبكة الإنترنت. وهو ما يعني أن الحد الأدنى لمصروفات العام الدراسي الواحد بالجامعة الأميركية بالقاهرة نحو مليون جنيه مصري. وهو مبلغ كبير لا تستطيع ملايين الأسر المصرية دفعه سنوياً.

حفل تخرج طلاب كلية العلاج الطبيعي جامعة القاهرة

وفي المقابل، تتفاوت أسعار رسوم الدراسة بالجامعات الحكومية لتبدأ من 500 جنيه ببعض الأقسام العربية والكليات النظرية، وتصل إلى 30 ألف جنيه في العام الدراسي ببعض الأقسام التطبيقية والبرامج التعليمية الحديثة، وفق بيانات صادرة من جامعتي القاهرة وعين شمس.

وأوضح البنك الدّولي في أحدث تقرير له عن الفقر في مصر، يعود إلى عام 2022، أن معدله ارتفع إلى 32.5 في المائة، وأشار إلى «ارتفاع التفاوتات المكانية بين المناطق الريفية والحضرية، حيث يعيش نحو 66 في المائة من الفقراء في مناطق ريفية.

وبنبرة حزينة يضيف الأب ياسر، الذي يعمل محاسباً بأحد مصانع الأدوية بمدينة العبور (35 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة): «بالتجول بين صفحات ومواقع الجامعات الخاصة، وجدنا زيادة في مصروفاتها هذا العام مقارنة بالعام الماضي بنحو 5 إلى 35 في المائة، ما يعني أن هذه الجامعات أصبحت حكراً على أبناء الأثرياء، أما الطبقات المتوسطة مثلنا فليس لأبنائنا مكان فيها؛ لأن الالتحاق بها مبني على المال وليس التفوق»، على حد تعبيره.

تضم مصر 27 جامعة خاصة تقدم برامج تعليمية متنوعة (المصدر: جامعة فاروس)

وتعد الحكومة المصرية الجامعات الخاصة والأهلية «رافداً مهماً من روافد منظومة التعليم العالي في مصر، تعمل على تخفيف الضغط عن الجامعات الحكومية، ويُمثل وجودها ضرورة لاستيعاب الطلب المُتزايد على التعليم الجامعي المصري»، حسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري.

ووفق الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، فإن «تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة تتفاوت ما بين جامعات ذات تكاليف معتدلة، تستطيع فئة كبيرة من أفراد المجتمع الالتحاق بها، وجامعات ذات تكاليف أعلى لا تقدر عليها سوى شريحة معينة من المجتمع المصري»، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط».

وهو ما يؤيده أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي في مصر، جمال حماد، قائلاً: «المصروفات الدراسية في الجامعات الخاصة في مصر مرتفعة للغاية، مما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية الطلاب، وبالتالي فإنها تخلق نوعاً من التمييز الطبقي؛ حيث يتمكن الأغنياء فقط من الحصول على تعليم عالي الجودة».

ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أمام هذه الحالة، يكون التساؤل منطقياً من جانب البعض، عندما يرددون: ما ذنبي أنني حصلت على 80 في المائة في الثانوية العامة ولكني لا أمتلك المال لدخول جامعة خاصة؟ وهو ما يأخذنا إلى المسؤولية الاجتماعية للدولة لكونها الراعي الأساسي للتعليم، وأهمية دورها في وضع ضوابط لمراعاة العدالة الاجتماعية ومراعاة الفقراء».

وبلغ عدد الطلاب المقيدين بالتعليم العالي العام الماضي (2023 - 2024) نحو 3 ملايين و348 ألف طالب، كان نصيب الجامعات الخاصة منهم 71 ألف و811 طالباً وطالبة، وفق بيانات وزارة التعليم العالي.

الجامعة الأميركية بالقاهرة

ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن «الانقسامات المجتمعية في مصر تظهر بشكل كبير في الوقت الحالي، والتعليم الجامعي يعد أحد مؤشرات الفجوة الطبقية، فمن يملك المال يمكنه التعلم في مدرسة وجامعة خاصة».

ويؤكد صادق لـ«الشرق الأوسط» أن «الصراع الطبقي في مصر حالياً يظهر بين مجتمعي (مصر) و(إيجبت)، الأول يتعلم أبناؤه في الجامعات الحكومية، ويبحثون عن وضع اقتصادي ومعيشي أفضل، بينما يستطيع المجتمع الثاني دخول الجامعات الخاصة والذهاب إلى (الساحل الشمالي الشرير) للتنزه أو السفر للخارج، ومع التخرج من الجامعة يبحث عن عمل في بيئته نفسها، لأنه مؤهل لها، أما المتخرج من الجامعات الحكومية فيعاني للحصول على فرصة عمل».