تطبيق ذكي لاكتشاف مواهب كرة القدم

يسمح التطبيق للمستخدمين بتحميل مقاطع فيديو تعتمد على إبراز قدراتهم الرياضية (جامعة كينغستون)
يسمح التطبيق للمستخدمين بتحميل مقاطع فيديو تعتمد على إبراز قدراتهم الرياضية (جامعة كينغستون)
TT

تطبيق ذكي لاكتشاف مواهب كرة القدم

يسمح التطبيق للمستخدمين بتحميل مقاطع فيديو تعتمد على إبراز قدراتهم الرياضية (جامعة كينغستون)
يسمح التطبيق للمستخدمين بتحميل مقاطع فيديو تعتمد على إبراز قدراتهم الرياضية (جامعة كينغستون)

مع اقتراب فترة الانتقالات الصيفية من نهايتها، تبدأ أندية كرة القدم في جميع أنحاء العالم البحث عن الميزات التي يمكن أن تساعدها في الوصول إلى لاعبي كرة القدم الواعدين والقادرين على التألّق في الملاعب.

يساعد تطبيق جديد، طوّرته جامعة «كينغستون» البريطانية، في تحديد الرياضيين الموهوبين بمساعدة تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويُعدّ تطبيق «أيسكاوت» (aiScout) أول منصة آلية لاكتشاف المواهب من جميع أنحاء العالم وتطويرها. أُنشئ التطبيق الجديد بوساطة شركة الذكاء الاصطناعي «ai.io» الحائزة على جوائز في هذا المجال، عبر تعاونها مع فريق «العلوم والتمارين الرياضية» بجامعة «كينغستون» للتحقّق من دقة التطبيق.

تتعاون شركة «ai.io» مع المُحاضر الأول في علوم الميكانيكا الحيوية الرياضية، الدكتور سيمون أوغسطس، للتحقق من صحة البيانات المسجلة بوساطة التطبيق، والتأكد من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسجّل التدريبات بدقة.

ووفق الباحثين فمن المقرر أن «تعتمد الهيئة الدولية هذه النتائج، وهي التي تدير أنشطة كرة القدم في العالم، (فيفا)».

الأمر الذي علّق عليه أوغسطس، في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «يعمل اثنان من خريجينا في (ai.io)، وقد تواصلوا معنا لإجراء بعض الاختبارات. لقد فحصنا المعدات عالية التقنية تلك في مختبراتنا، وفي ملعب (تولورث كورت) الرياضي أيضاً. وسمح لنا الأمر باختبار جميع التدريبات وجمع البيانات التي نحتاج إليها وتحليلها لتحديد دقة هذا التطبيق».

قدّم الدكتور أوغسطس، مؤخراً، ورقة بحثية نُشرت في مجلة «الجمعية الدولية للميكانيكا الحيوية في الرياضة»، كما عرض نتائج ورقته البحثية حول هذا الموضوع في المؤتمر السنوي للجمعية، الذي انعقد في مدينة سالزبورغ النمساوية، في 15 - 19 يوليو (تموز) الماضي.

جرى التحقّق من دقة التطبيق (جامعة كينغستون)

ووفق البحث فقد أُنشئ هذا التطبيق لإعطاء اللاعبين، في أي مكان بالعالم، فرصة الاستكشاف وإبهار الأندية.

ويسمح التطبيق للمستخدمين بتحميل مقاطع فيديو تعتمد على إبراز قدراتهم الرياضية، يشاركون فيها مهاراتهم، مثل: الخداع، والمراوغة، والضغط، والقفز، والجري بسرعة لمسافة 10 أمتار. على أن تُحلل مقاطع الفيديو بوساطة تقنية الذكاء الاصطناعي، وتُزوّد المستخدمين بالنتائج والملاحظات.

وباستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، يمكن تقييم ردود أفعال اللاعبين وسرعتهم ومدى توازنهم وخفة حركتهم ومستويات التعب والإجهاد؛ إذ تحمل هذه البيانات وتُخزّن في التطبيق لتحليلها بوساطة كشافي كرة القدم المحترفين.

ويمكن للاعبين مستخدمي التطبيق استقبال التعليقات من الكشافين حتى يتمكّنوا من تطوير أدائهم.

ويمكن للأندية المحترفة بعد ذلك مشاهدة لقطات التجارب ونتائجها، وفي حال صنّفتها جيدة بما فيه الكفاية، يمكنها دعوة اللاعب إلى مرحلة الاختبارات وجهاً لوجه.

يُذكر أن نادي تشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز، ونادي بيرنلي في دوري الدرجة الأولى، يستخدمان هذا التطبيق، بالإضافة إلى فرق في الدوري الأميركي لكرة القدم.

وقد أدى هذا بالفعل إلى تلقي العديد من لاعبي كرة القدم الهواة عروضاً من بعض الأندية المحترفة.

قال الدكتور أوغسطس: «إنه تطبيق شامل للغاية، يحتاج اللاعبون إلى كرة قدم وهاتف جوال أو جهاز لوحي، لا أكثر. كانت هناك بالفعل قصص نجاح من دول في جميع أنحاء أفريقيا وفي سريلانكا والهند، حيث توجد حواجز كبيرة أمام عمليات الاستكشاف بسبب تكاليف السفر والخدمات اللوجيستية».

وأوضح الدكتور كريس هاو، الذي أكمل دراسته الجامعية والدراسات العليا في جامعة «كينغستون»، ويشغل الآن منصب رئيس البحث والابتكار في «ai.io»: «نريد أن نوفّر بيئة عادلة لاكتشاف المواهب بغض النظر عن هوياتهم أو من أين أتوا». وأضاف: «لقد استفدنا من خبرات الفريق البحثي في (كينغستون) في التحقق من صحة البيانات وصلاحية التكنولوجيا الجديدة حتى نتمكّن من توفير أداة فعالة ومفيدة للرياضيين في جميع أنحاء العالم، وربما نرى لاعباً اكتُشف عبر التطبيق يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في المستقبل القريب».


مقالات ذات صلة

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا هذه الإضافات متاحة باللغة الإنجليزية فقط وعلى عدد محدود من الأجهزة (شاترستوك)

«غوغل» تقدم ملحقين جديدين لـ«جيميناي» مصممين لهواتف «بيكسل 9»

هذه الميزات حصرية حالياً لأجهزة «بيكسل» الأحدث.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
الولايات المتحدة​ يظهر شعار «أوبن إي آي» بهذه الصورة الملتقطة في 20 مايو 2024 (رويترز)

«أوبن إي آي» تتيح نماذجها الجديدة للحكومة الأميركية قبل إطلاقها

أبرمت شركة «أوبن إي آي»، مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» للذكاء الاصطناعي التوليدي، اتفاقاً مع الحكومة الأميركية تتيح لها الوصول إلى نماذجها اللغوية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا توفر أفضل ممارسات وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) أساساً قوياً لحماية جهازك ومعلوماتك الشخصية (شاترستوك)

إيقاف وتشغيل هاتفك مرة أسبوعياً قد يعطل الهجمات الإلكترونية

ويجعل من الصعب على المتسللين الحفاظ على السيطرة على جهازك.

نسيم رمضان (لندن)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».