مدريد تتيح التزلُّج على وَقْع الصيف الحارق

يقصد المكان نحو 200 ألف شخص سنوياً وسط تجاهُل الاعتبارات البيئية

الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)
الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)
TT

مدريد تتيح التزلُّج على وَقْع الصيف الحارق

الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)
الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)

فيما تتجاوز الحرارة في مدريد 30 درجة، يرتدي عدد من روّاد منتجع التزلّج الداخلي «سنوزون» بزات التزلّج وينتعلون الأحذية الخاصة ويضعون القفازات، متجاهلين قيظ الصيف والاعتبارات البيئية.

وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ مركز التسوّق «سانادو» في أرويومولينوس الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً إلى جنوب مدريد، يضمّ منذ عام 2003 منتجع «سنوزون» الذي يوفّر مدرجاً مائلاً بطول 250 متراً مغطّى بالثلوج الاصطناعية، ليستقبل الزوار 365 يوماً في السنة، من العاشرة صباحاً حتى العاشرة ليلاً.

بين مصعد التزلّج المقعدي ومصعد الجرّ على الزلاجات، وفي حرارة تبلغ 3 درجات تحت الصفر، يندفع نحو 30 متزلّجاً نحو أسفل المدرج تحت أشعة ضوء اصطناعي، وأمام أنظار المتفرّجين المتجمّعين خلف النوافذ الكبيرة.

وتبلغ تكلفة التزلّج لمدّة ساعتين نحو 40 يورو، شاملةً استئجار المعدّات والملابس.

يبلغ عدد زوار «سنوزون» نحو 200 ألف شخص سنوياً (أ.ف.ب)

ودرجَ أعضاء «نادي كاركاسون للتزلج» على الحضور من جنوب فرنسا إلى «سنوزون» منذ 7 سنوات، وفق توما باراتو، المدرّب في منتجع آنغل في جبال البيرينيه الشرقية. يقول: «في الماضي، كنا نتزلّج في الصيف على الأنهار الجليدية، لكنّ الأمر بات ينطوي على شيء من الصعوبة في ظلّ الوضع الراهن، في حين أنّ لدينا هنا ثلوجاً كثيفة وبرداً يتيح لنا جَعْل الأولاد يستمرّون في التزلّج، وهذا أمر ممتاز».

ويتدرّب تلامذة «قسم المسابقات» الـ10 لأسبوع على سباقات التعرّج في الجزء المخصَّص للأندية، حيث السطح الثلجيّ يتّسم بقساوة أكبر، ويتطلب بالتالي مهارات فنّية أكثر تقدّماً.

ومع أنّ هذا المدرّب البالغ 43 عاماً يقرّ بأن صالات الثلج الاصطناعي «ليست مراعية للبيئة»، يوضح أنّ ما يريده هو تمكين تلامذته من مواصلة التدرُّب على التزلّج: «نتكيّف مع ما يُوفَّر لنا، وهذا بديل جيّد».

تصف تلميذته سيريلا بينا (18 عاماً) المكان بـ«الرائع»، لكنها تنقل عن بعض أصدقائها قولهم لها: «ألا تخجلين من الذهاب للتزلّج داخل صالة؟».

تضيف: «لو اهتمّت الأجيال السابقة بالبيئة، لكنا ببساطة تزلّجنا على الأنهر الجليدية. ولكن علينا أن نتزلّج في الداخل. لو لم نفعل، سنبدأ بوضع زلاجاتنا في ديسمبر (كانون الأول)، وسيكون الوقت قد فات».

ويبلغ عدد زوار «سنوزون» نحو 200 ألف شخص سنوياً، ويصل مثلاً إلى 1800 في أيام الذروة.

بنحو 40 يورو يمكن التزلّج لمدّة ساعتين (أ.ف.ب)

ولا يختلف موسم الذروة عمّا هو في المنتجعات الجبلية، أي من أكتوبر (تشرين الأول) إلى مارس (آذار)، وفق مدير «سنوزون» خافيير فيلار الذي يشرح أنّ مَن يقصدون المنتج الثلجي «مبتدئون يرغبون في تمرين أقدامهم مجدداً، أو أعضاء فرق تُشارك في المسابقات، يأتون من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا وأندورا، للاستعداد للبطولات، نظراً إلى أنّ الثلوج لم تعد موجودة في الجبال».

ويؤكد أنّ استهلاك «سنوزون» المياه أقلّ بكثير مما هو عليه في صالة للألعاب الرياضية مثلاً، لكنّ استهلاك الكهرباء هو الذي يرتّب نفقات كبيرة، فالصالة «بمثابة ثلاّجة»، و«إذا استدعت الحاجة إطفاءها وإعادة تبريدها، فسيكون استهلاك الطاقة هائلاً، لهذا السبب، نفتح أبوابنا على مدار العام».

وقد أنفقت الشركة على تركيب ألواح شمسية، وهو استثمار وصفه بأنه «مُربح جداً، ليس فقط لجهة البصمة الكربونية، ولكن أيضاً من الناحية الاقتصادية».

ويحضُر بانتظام إلى المكان إيزان رومانو، وهو عامل بناء مدريدي في الـ20، وبفضل اشتراكه السنوي البالغ 600 يورو، يأتي 4 إلى 5 مرات في الأسبوع. يقول: «لا يهم إذا كان الوقت صيفاً أو شتاء، فثمة دائماً ثلج. إنه متنفّسي، وفيه أنسى كل ما في الخارج»، خصوصاً «الحرارة البالغة 38 درجة في بيتي».

ويضيف: «البعض يذهب إلى المسبح، أما أنا فأستقلّ السيارة وأقصد الثلج». وماذا عن البيئة؟ يجيب: «لا أفكر في ذلك».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
TT

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم يُعرف باسم «النجوم المستعرة».

وهذه ليست الصورة الأولى من نوعها لنجم خارج مجرّتنا فحسب، وإنما تُعدّ المرّة الأولى التي يتمكّن فيها العلماء من رؤية الأحداث الفارقة في موت نجم كهذا.

يقع النجم المُحتضَر على بُعد نحو 160 ألف سنة ضوئية من الأرض في مجرّة مجاورة تُسمَّى «سحابة ماجلان الكبيرة».

كما تُعدُّ أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى، رغم أنّ نجماً حديث الولادة في «سحابة ماجلان الكبيرة» جرى اكتشافه في بحث نُشر العام الماضي. وكلمة «مُقرَّبة» هنا تعني أنّ الصورة تلتقط النجم ومحيطه المباشر.

التُقطت الصورة، الغامضة إلى حد ما، باستخدام التلسكوب التداخلي الكبير جداً بالمرصد الأوروبي الجنوبي الواقع في تشيلي. ويظهر النجم محوطاً بشرنقة بيضاوية متوهّجة من الغاز والغبار، كما شوهدت حلقة بيضاوية خافتة خلف تلك الشرنقة، ربما تتكوَّن من مزيد من الغبار.

أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى (إكس)

ونقلت «إندبندنت» عن المؤلِّف الرئيس للدراسة المنشورة في مجلة «الفلك والفلك الفيزيائي»، الفلكي كييشي أونكا، من جامعة «أندريس بيلو» في تشيلي، أنّ «النجم الآن يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته». وأضاف: «السبب في أننا نرى هذه الأشكال هو أنه يطرد مزيداً من المواد في بعض الاتجاهات أكثر من غيرها؛ وإلا لكانت الهياكل ستبدو كروية».

تفسير آخر مُحتمل لهذه الأشكال هو التأثير الجاذب لنجم مُرافق لم يُكتشف بعدُ، وفق كييشي أونكا.

قبل أن يبدأ في طرد المواد، اعتُقد أنّ النجم «WOH G64» يزن نحو 25 إلى 40 مرّة من كتلة الشمس، كما ذكر الفلكي المُشارك في الدراسة جاكو فان لون من جامعة «كيل» في إنجلترا. إنه نوع من النجوم الضخمة يُسمّى «العملاق الأحمر العظيم».

وأضاف: «كتلته، وفق التقديرات، تعني أنه عاش نحو 10 إلى 20 مليون سنة، وسيموت قريباً. هذه الصورة هي الأولى لنجم في هذه المرحلة المتأخّرة الذي ربما يمرّ بمرحلة تحوُّل غير مسبوقة قبل الانفجار. للمرّة الأولى، تمكنّا من رؤية الهياكل التي تحيط به في آخر مراحل حياته. وحتى في مجرّتنا (درب التبانة)، ليست لدينا صورة كهذه».