بعد وفاة الممثل الفرنسي آلان ديلون منذ أيام، كتبت الخبيرة السابقة بدار مزادات «سوذبيز»، إليزابيث ماركيفيتش لصحيفة «آرت نيوزبيبر» عن ذكرياتها مع آلان ديلون عاشق الأعمال الفنية وجامع التحف.
في مقالها ذكرت ماركيفيتش أن ديلون الذي سحر الملايين حول العام بحضوره الساحر على الشاشة الفضية، كان هناك جانب آخر لشخصيته لا يعرفه كثيرون. تذكره الخبيرة بوصفه جامع أعمال فنية متفانياً: «يمكنني أن أشهد على شهيته الجامحة لاقتناء الأعمال الفنية، التي كشفت عن رجل مدفوع بالشغف وليس الاستثمار».
التقت ماركيفيتش، ديلون للمرة الأولى في أواخر الثمانينات، وشهدت على شغفه الشديد باقتناء الأعمال الفنية، وأيضاً شغفه الثاني وهو سباق الخيول. كان النجم الشهير يتناوب على حضور العروض الأولى لأفلامه، وأيضاً زيارة صالات المزادات العالمية.
بدأت رحلة ديلون بوصفه جامعاً للفنون في يوليو (تموز) 1969 باقتناء إحدى الرسومات الأخيرة المتاحة من أعمال «ألبريخت دورر» مقابل 700 ألف فرنك. كانت عملية الشراء هذه نقطة البداية لمجموعة ركزت في البداية على الرسومات، قبل أن تتوسع لتشمل أعمالاً لفنانين فرنسيين من القرن التاسع عشر مثل جان فرانسوا ميلييه وتيودور جيريكو. وفي وقت لاحق، تحول اهتمامه إلى الفوفية (المدرسة الوحشية في الفنون)، ونحاتي الحيوانات الحديثين، لا سيما ريمبرانت بوغاتي.
بحكم عملها معه تعرفت على شخصية ديلون المندفعة، وشغفه العميق بالفن، وتذكر قوله لها ذات مرة، إنه يشتري الأعمال الفنية «بدافع الشغف، وليس الاستثمار»، وأسفرت هذه الفلسفة عن تكوين مجموعة انتقائية تمتد عبر قرون وأنماط مختلفة.
كانت معرفة ديلون بالفن مثيرة للإعجاب مثل مجموعته. بين جلسات التصوير السينمائي، كان يزور المتاحف، موسعاً باستمرار من فهمه ويصقل ذوقه. كان حديثه حول الفن دائماً جذاباً ومثيراً للتفكير، يكشف عن رجل مكرس لتعلم الفن بقدر ما كان ملتزماً باكتسابه، وقال ذات مرة: «عندما أقع في حب فنان أو فترة فنية، أغوص في التفاصيل، وأقرأ كل شيء، ويمكنني التحدث عنها».
من الحياة للشاشة لعب ديلون دور جامع الفن في فيلم «رجل متعجل للغاية» عام 1977، من إخراج إدوارد مولينارو الذي يحكي قصة «بيار نيوكس»، جامع الفن الذي يعيش بوتيرة محمومة، تردد صداها مع واقع أولئك الذين انغمسوا في عالم الفن، بمن في ذلك ديلون نفسه. منحت هذه العلاقة بعالم الفن الفيلم مصداقية تعكس تجارب ديلون الخاصة. وقد وزع ديلون معظم مجموعته خلال حياته، حيث لم يرغب في إثقال كاهل أولاده بمسؤولية إدارتها. وفي عام 2023 عرض مجموعة ضخمة من مقتنياته للبيع في مزاد لدار «بونامز» بباريس تحت عنوان «60 عاماً من العاطفة». ضمت المجموعة لوحة «لا باي دي سانت أدريس»، من عام 1906، للرسام راؤول دوفي (1877 - 1953)، التي بيعت مقابل 1.016.400 يورو. وكان تقدير اللوحة قبل البيع يتراوح بين 600 ألف و800 ألف يورو.
وقتها قال أرنو كورنيت دي سان سير، رئيس دار «بونهام كورنيت دي سان سير» للمزادات في باريس: «حققت مجموعة آلان ديلون - التي كانت موضع إعجاب الجميع من هونغ كونغ إلى نيويورك إلى باريس - نجاحاً غير مسبوق، إذ جلبت 8 ملايين يورو، أي أكثر من ضعف تقديراتها المنخفضة. آلان ديلون هو أسطورة حية في السينما. وقد نال ذوقه وعيناه استحسان العالم كله. لقد كان شرفاً عظيماً لدار (بونهام كورنيت دي سان سير) أن تطرح هذه المجموعة الرائعة، وليس من المستغرب أنها جذبت مثل هذه العطاءات المتحمسة في هذا البيع الاستثنائي».