مجسم أمام حديقة الحيوان في مصر يجدد الجدل بشأن «التماثيل المشوهة»

وسط انتقادات من تشكيليين

مجسم الغزالة أمام تمثال نهضة مصر يثير جدلاً بين أوساط التشكيليين المصريين (فيسبوك)
مجسم الغزالة أمام تمثال نهضة مصر يثير جدلاً بين أوساط التشكيليين المصريين (فيسبوك)
TT

مجسم أمام حديقة الحيوان في مصر يجدد الجدل بشأن «التماثيل المشوهة»

مجسم الغزالة أمام تمثال نهضة مصر يثير جدلاً بين أوساط التشكيليين المصريين (فيسبوك)
مجسم الغزالة أمام تمثال نهضة مصر يثير جدلاً بين أوساط التشكيليين المصريين (فيسبوك)

تجدّد الجدل حول التماثيل المشوهة في ميادين مصرية، بعد انتقادات وجهها تشكيليون ومتابعون على «السوشيال ميديا» لمجسم على هيئة غزالة مطلية باللون الذهبي أمام حديقة الحيوان بالجيزة، ما أثار عاصفة من الاستياء في الأوساط التشكيلية ضد الجهات التي تسعى لتجميل الميادين وتطويرها دون استشارة المتخصصين.

وكتب الفنان التشكيلي محمد عبلة على صفحته على «فيسبوك» يتساءل: «من المسؤول عن وضع مجسم الغزالة أمام تمثال نهضة مصر؟»، وطالب بتوضيح من وزارة الثقافة والسياحة بشأن ما جرى. وقال محمد عبلة لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود المجسم بجوار تمثال نهضة مصر مُسيء جداً، ويعكس نوعاً من عدم التقدير لفنان كبير هو محمود مختار، الذي يعدّ (أبو النحت) في مصر الحديثة».

وتساءل محمد عبلة: «هل يجدون صعوبة في التواصل مع نقابة التشكيليين لاستشارتها وطلب مساعدتها في تطوير وتجميل الساحة المواجهة للحديقة، لماذا الاستسهال؟! هل هناك أبسط من التواصل مع الفنانين المعنيين بالأمر؟ أم أن الأسهل شراء تماثيل جاهزة من السوق لا تصلح إلا لاحتفالات الكريسماس لوضعها في مواجهة واحد من أهم تماثيل مصر في العصر الحديث!».

مجسم الغزالة موضع الجدال أمام بوابة حديقة الحيوان (فيسبوك)

وأضاف محمد عبلة: «لو كانوا يريدون وضع غزالة أمام الحديقة فما أسهل العودة لتراث مصر من التماثيل التي تركها المصريون القدماء لغزلان وكثير من الحيوانات يمكن استنساخها، لكنه الاستسهال والاسترخاص ولا شيء آخر، وهو أمر يجب أن تتصدى له نقابة التشكيليين لمنع تكراره».

ولفت محمد عبلة إلى أن «مجسم الغزالة الموضوع أمام تمثال نهضة مصر يشكل اعتداء على قرارات حكومية موجودة بالفعل وتمنع وضع أي عمل في الميادين والساحات في كل أنحاء مصر دون موافقة وإشراف نقابة التشكيليين ووزارة الثقافة، وهما الجهتان المنوطتان بذلك».

يُذكر أن هناك أكثر من واقعة سابقة أثارت جدلاً بسبب تماثيل مشوهة وُضعت في ميادين مصرية، من بينها تمثال نفرتيتي الذي أقيم في محافظة المنيا (جنوب مصر)، وأثار عاصفة من السخرية بعد انتشار لقطات له على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دعا المسؤولين هناك لرفعه، ووضعه في إحدى المدن التابعة للمحافظة.

عمل يمثل القائد أحمد عرابي في إحدى المحافظات (صورة أرشيفية)

وحدث تشويه لتمثال عباس محمود العقاد في محافظة أسوان (جنوب مصر)، وقد قامت نقابة الفنانين التشكيليين بجهود كبيرة لإعادته لحالته الطبيعية، وهناك تمثال أحمد عرابي الذي ظهر راكباً على صهوة «حمار»، حسب تعبير الفنان حمدي أبو المعاطي نقيب التشكيليين الأسبق، الذي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه أثناء توليه مسؤولية النقابة في السابق: «لم يطلبوا مساعدتنا من قبل، ونفاجأ من وقت لآخر بأعمال غريبة هنا وهناك في طريق (مصر - الإسكندرية الصحراوي)، وفي المنيا، وقد ظللنا من 2015 حتى 2020 نناهض مثل هذه التماثيل، ونتحرك لإزالتها ورفع آثارها السيئة من الميادين والشوارع».

وذكر أبو المعاطي أن «رئيس الوزراء الراحل شريف إسماعيل أصدر قراراً رسمياً في 2015 بمنع أعمال التجميل في الشوارع والميادين دون الرجوع للنقابة ووزارة الثقافة، لكن لا أحد يعمل به، رغم أن هناك لجنة تشكلت برئاسة المسؤول الأول على رأس جهاز التنسيق الحضاري المهندس محمد أبو سعدة، لكن لا شيء يتم، والأمور تجري كما يريد المقاول الذي يُسند العمل له».

ويرى أبو المعاطي أن «وجود مجسم الغزالة في مواجهة تمثال نهضة مصر يشكل نوعاً من التجاهل للفن والفنانين، ويعد تجرؤاً على قيمة النحات محمود مختار وتمثاله الهام».

وشكّل النحات المصري محمود مختار تمثال «نهضة مصر» عام 1928 من حجر الغرانيت، ويعدّ رمزاً لمصر الحديثة، وأهم أعماله على الإطلاق، كما أن له دلالة خاصة في الإشارة للأحداث السياسية التي مرت بها مصر في تلك الفترة الهامة حين كانت تطالب بالاستقلال، ومُوّل صنع هذا التمثال بالاكتتاب الشعبي.

لا يوجد دور تنفيذي لنقابة التشكيليين يجعلها تقف ضد مثل هذه المجسمات المشوهة، لكن جهاز التنسيق الحضاري، حسب قول أبو المعاطي، لديه القدرة على إزالة مثل هذه الأعمال؛ استناداً لحق الضبطية القضائية التي يملكها، ويتمكن بمقتضاها من مقاومة مثل هذه التشوهات.

من جهته، قال الفنان التشكيلي سمير عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم وجود مرجعية هو السبب الأساسي في كل ما يحدث من اعتداءات على الميادين وما يصيبها من تشوهات»، وأضاف: «لو كان محمود مختار لا يزال على قيد الحياة لمات كمداً من هذا الاعتداء على تمثاله الذي قضى فترة طويلة في إنجازه».


مقالات ذات صلة

مطرب مهرجانات مصري «يستثمر» دخوله السجن بإطلاق أغنية حزينة

يوميات الشرق لقطة من الكليب الخاص بمؤدي المهرجانات (يوتيوب)

مطرب مهرجانات مصري «يستثمر» دخوله السجن بإطلاق أغنية حزينة

لم تمضِ أيام من الحكم على مؤدي أغاني المهرجانات المصري عصام صاصا بالحبس 6 أشهر في قضية «تعاطي المخدرات والقتل الخطأ» حتى نشرت صفحته على «يوتيوب» أغنية جديدة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة المصرية مي عز الدين شغلت البال بتدوينة (إنستغرام)

تدوينات «جدلية» تعيد فنانات مصريات إلى الضوء

عادت فنانات مصريات إلى دائرة الضوء بتدوينات مثيرة للجدل، عدَّها نقاد ومتابعون إشارة إلى أمور شخصية في حياتهنّ؛ وكانت أحدثهن مي عز الدين وحنان ترك.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد صيام (صفحته على «فيسبوك»)

أحمد صيام أحدث الفنانين المصريين بقائمة «الناجين من السرطان»

تحظى تصريحات الفنانين بتفاعل واسع وتعاطف كبير بعد إعلانهم الإصابة بمرض السرطان ونجاتهم منه، وكان الفنان المصري أحمد صيام أحدث المنضمين للقائمة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة المصرية لوسي (أرشيفية)

الشيخ خالد الجندي انتقد تصريحات لوسي... والفنانة تُلوِّح بالتحرُّك

رغم مرور نحو شهرين على تصريحات الفنانة المصرية لوسي عبر إحدى المنصات الإلكترونية بشأن الرقص، وأنه «كُتب عليها»، عادت تلك التصريحات إلى الواجهة مجدّداً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الإعلامي الساخر باسم يوسف (صفحته في «فيسبوك»)

أنظارٌ على احتمال عودة باسم يوسف إلى الشاشة عبر «آرابس غوت تالنت»

اختيار باسم يوسف للظهور في برنامج مسابقات ضخم هو انعكاس للمعايير الجديدة لاختيار وجوه مشهورة على الشاشات لجذب الجمهور.

منى أبو النصر (القاهرة )

أفلام مصرية تراهن على المنصات بدلاً من شباك التذاكر

الملصق الدعائي لفيلم «ساندوتش عيال» (منصة العرض)
الملصق الدعائي لفيلم «ساندوتش عيال» (منصة العرض)
TT

أفلام مصرية تراهن على المنصات بدلاً من شباك التذاكر

الملصق الدعائي لفيلم «ساندوتش عيال» (منصة العرض)
الملصق الدعائي لفيلم «ساندوتش عيال» (منصة العرض)

يراهن صناع السينما المصرية على فتح نافذة جديدة مع عرض بعض الأعمال أولاً عبر المنصات الإلكترونية بدلاً من عرضها في الصالات السينمائية، وكان أحدثها فيلم «ساندوتش عيال» الذي يقوم ببطولته سامح حسين، والذي بدأ عرضه قبل أيام قليلة عبر إحدى المنصات.

الفيلم الذي يعود من خلاله سامح حسين إلى السينما بعد غياب 5 سنوات، ليس الأول؛ فقد سبقه عرض أفلام عدة عبر المنصات حصرياً، منها على سبيل المثال لا الحصر «الحارث» لأحمد الفيشاوي وياسمين رئيس، بالإضافة إلى «أعز الولد» لشيرين ودلال عبد العزيز، وهي أعمال لم تُطرح في دور العرض السينمائية.

ويرى الناقد السينمائي المصري أندرو محسن أن «الأمر بالنسبة للسينما المصرية والعربية لا يزال في مرحلة التجريب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الفترة الأخيرة شهدت اهتماماً من المنتجين بالعرض على المنصات في خطوة يمكن اعتبارها بمثابة اختصار لمرحلة تقديم بعض الأفلام لتبقى فترة وجيزة في السينما قبل عرضها من خلال هذه المنصات».

وربط الناقد الفني بين «العملية الإنتاجية وتكلفة الأعمال والعائد الذي يتحقق من المنصات ووسائل العرض اللاحقة للفيلم»، مشيراً إلى أنه «باستثناء منصة (نتفليكس) التي تقدم إنتاجاتها الخاصة، فإن بقية المنصات تكتفي بشراء حقوق العروض من المنتجين».

يدعم هذا الرأي الناقد المصري محمد عبد الرحمن، الذي يشير إلى أن «تجربة عرض بعض الأفلام خلال جائحة (كورونا) على المنصات، مع وجود أفلام لا تمتلك القدرة التسويقية في شباك التذاكر بشكل كافٍ، بجانب التكلفة الإنتاجية المحدودة للأفلام؛ أمور تدفع لعرض الأفلام على المنصات أولاً بدلاً من طرحها في الصالات السينمائية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه العروض تضمن رواج الأفلام من دون أن تكون هناك أحكام نقدية أو جماهيرية مسبقة عليها».

لقطة من فيلم «أعز الولد» (يوتيوب)

وعدّ عبد الرحمن عرض الأفلام على المنصات بمثابة عودة لفكرة «الأفلام التلفزيونية»، وهي الفكرة التي كانت تعتمد على إنتاج التلفزيون في مصر أفلاماً يكون الهدف الأساسي منها العرض على شاشته وليس في دور العرض، وهي أفلام تباينت في المستوى الفني، منها المتميز مثل «الطريق إلى إيلات» للمخرجة إنعام محمد علي، ومنها الأقل في المستوى.

وهنا يشير الناقد السينمائي السعودي أحمد العياد إلى «مزايا متعددة تتمتع بها الأفلام في عرضها الأول على المنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الجمهور من أجيال مختلفة أصبح مهتماً بالمشاهدة السينمائية في المنزل، فهي بيئة المشاهدة المناسبة والأفضل لهم». ورأى أن «الإنتاجات السينمائية الجديدة وعرضها بشكل حصري على المنصات لا يعني الاستغناء عن دور السينما، لكن في الوقت نفسه يوفر لهذه الأفلام سرعة الوصول إلى جمهور من مختلف أنحاء العالم، ويساهم في الترويج للمنصة التي حصلت على حق العرض الأول في خضم منافسة قوية اليوم ستنعكس حتماً على الإنتاج السينمائي».

في حين يشير محمد عبد الرحمن إلى أن «المنصات ستساعد في انتعاش الإنتاج السينمائي خلال الفترة المقبلة مع شرائها للأفلام بشكل حصري وعرضها، لكن يبقى عنصر الجودة في هذه الأعمال إحدى النقاط التي يجب الالتفات إليها لتقييم التجربة بشكل متكامل».

وقدمت منصات عروض عدّة الأفلام حصرياً دون عرضها في دور السينما، وهي أفلام اتسمت بغياب نجوم الشباك وميزانيات إنتاجية محدودة، مثل «ساندوتش عيال» الذي تقاسمت بطولته نور قدري مع سامح حسين.

ويلفت أندرو محسن إلى أن «تجربة شراء المنصات للأعمال السينمائية لم تصل إلى مرحلة القدرة على الاستحواذ على أي من أعمال نجوم الشباك بشكل رئيسي، حتى في الشراكات الإنتاجية التي تبرمها بعض المنصات؛ لتحظى بالعرض الحصري بعد انتهاء عرض الفيلم في الصالات السينمائية».