منير محمد فوزي يتحدث عن والده «الكاره للنكد والمحب للفرح والمرح»

في الذكرى 106 لميلاد الموسيقار المصري الراحل

الفنان المصري الراحل محمد فوزي (الشرق الأوسط)
الفنان المصري الراحل محمد فوزي (الشرق الأوسط)
TT

منير محمد فوزي يتحدث عن والده «الكاره للنكد والمحب للفرح والمرح»

الفنان المصري الراحل محمد فوزي (الشرق الأوسط)
الفنان المصري الراحل محمد فوزي (الشرق الأوسط)

على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على رحيل الفنان المصري محمد فوزي، فإن أفلامه وألحانه التي قدّمها خلال مشواره الفني الذي بدأ مطلع أربعينات القرن الماضي، واستمر حتى قبيل رحيله بسنوات قليلة، ما زالت تمثّل جزءاً أصيلاً من الحركة الفنية والموسيقية في مصر.

وبالتزامن مع الاحتفال بذكرى ميلاد فوزي الـ106، التي توافق 15 أغسطس (آب) 1918، تحدّث الدكتور منير محمد فوزي، الذي يعمل في مجال طب «النساء والتوليد» عن والده «الكاره للنكد والمحب للفرح والمرح»، وفق قوله.

ويقول منير، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم ير والده متجهماً حتى في أشد حالاته المرضية، وكذلك بعد تأميم شركة «مصر فون» للأسطوانات التي كان يملكها، رغم تأثره المادي، لكنه لم يتحدث ولم يبد اعتراضه.

وحول تقديم سيرة والده في عمل درامي قال: «لا يوجد من يجسّد شخصيته باقتدار، فمهما حاول فلن يقتنع المشاهد؛ لأن (أفلامه وأغنياته وألحانه واسكتشاته) ما زالت موجودة، والمقارنة بين القديم والحديث لن تكون منصفة».

ويضيف: «والدي كان شخصاً مميزاً بملامحه وصوته وحركاته وضحكاته»، ويتابع متسائلاً: «من يقدر على مجاراة فوزي؟... من سيقدّم دوره فسيظلم نفسه ولن ينجح؛ لأن الوالد ما زال بيننا بأعماله».

الدكتور منير محمد فوزي (الشرق الأوسط)

ونفى منير أن تكون حياة والده درامية، موضحاً: «كان شخصاً يسير حسب الأحوال ويتكيّف معها، وظل ينتج جميع أنواع الفنون له ولغيره من زملائه. كما قدّم الألحان الدينية والأغنيات الوطنية وكان دائم البحث، بالإضافة إلى تقديمه أغنيات الأطفال، و(الفرانكو آراب)، وأيضاً قدّم أعمالاً دون موسيقى، ولحّن السلام الوطني للجمهورية الجزائرية».

ويستكمل منير: «والدي أنشأ أول مصنع للأسطوانات في الشرق الأوسط بعد الاعتماد على المصانع الخارجية لسنوات طويلة، وسافر لاستيراد الآلات واستقدم مهندسين وبدأ التصنيع، حتى أصبح المصنع يُدار بأيدٍ مصرية خالصة».

وعن السر وراء اهتمام الفنان الراحل بتقديم الأفلام والابتعاد عن المسرح قال: «والدي لم يكن لديه استعداد للوقوف على المسرح كل ليلة لإعادة الكلام نفسه، بعكس فكرة الفيلم الهادفة التي يؤديها على أكمل وجه، بجانب أرشيفه الثري من الأغنيات، كما أنه كان يحب تقديم الأوبريت الموسيقي وتلحينه ولا يفضّل تقديم المسرحيات».

تحدّث عن وصف نقاد لمحمد فوزي بأنه أحد نجوم التجديد الموسيقي في عصره قائلاً: «لم أر فناناً يشبهه في التجديد الفني، فقد كان سباقاً، واعتمد الأغنيات الخفيفة المرحة، وقدّم كل الألوان الفنية وأنتج ولحّن، وواكب كل التطورات».

وذكر منير أن والده تزوج بوالدته السيدة هداية عبد المحسن عام 1943، وهي بعمر الـ17، وكانت جارته في حي السكاكيني بالعباسية (شرق القاهرة)، وأنجبت شقيقيه الأكبر مهندس ضابط نبيل، والأوسط المهندس سمير، ومنير هو الابن الثالث الذي تأثر بمرض والده في هذه الفترة ورفض دخول الهندسة وقرر دراسة الطب.

ويقول منير: «فترة زواج والدي استمرت 9 سنوات قدّم خلالها مجموعة من الأفلام تتعدى الـ25 فيلماً غنائياً، وبعد الانفصال وزواج والدي فيما بعد بالفنانة مديحة يسري، وكذلك السيدة كريمة، كرّست والدتي كل حياتها لتربيتنا نحن الثلاثة».

ولفت منير إلى أن والده نشأ وسط أسرة كبيرة، وكان لديه 16 من الأشقاء، من بينهم الفنانة المصرية الراحلة هدى سلطان؛ إذ أكد أن علاقتهما كانت قوية، وكانت تجمعهما شواطئ مدينة الإسكندرية الساحلية في الإجازات بجانب الزيارات الأسرية.

الموسيقار محمد فوزي (الشرق الأوسط)

وعن علاقته بالفنانة الراحلة مديحة يسري، قال منير: «جمعتنا علاقة طيبة، فهي والدة أخي عمرو الذي تُوفي في حادث سير بعد انتهائه من دراسة مجال (السياحة والآثار)، وكنت دائم الوجود معها قبيل وفاته، وبعد ذلك أيضاً حرصت على زيارتها، وفاء لها ولأخي الراحل».

من جانبه، قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الموسيقار محمد فوزي يملك تاريخاً فنياً حافلاً. كما أنه فنان له روح مختلفة، وخفة ظله طغت على أعماله التي ما زالت راسخة في الأذهان».

وأضاف الشناوي: «فوزي هو أكثر مطرب قدّم أفلاماً سينمائية تقرب من 36 فيلماً، لكن ظهور عبد الحليم حافظ أثر سلباً في إنتاجه. كما أن التأميم أضر به مادياً، وجعله يبتعد عن السينما، بعد أن تحكّمت فيه بعض الأمور الاقتصادية».

ويشير الشناوي إلى أن فوزي لم يلحّن لفنانين رجال بصورة لافتة، وكان يفضّل التلحين للأصوات النسائية على غرار شادية، وصباح، وليلى مراد، وفايزة أحمد.

بدأ محمد فوزي مشواره الفني عبر دور صغير في فيلم «سيف الجلاد»، وكانت أولى بطولاته السينمائية من خلال فيلم «أصحاب السعادة»، وتوالت أعماله، ومن بينها: «ليلى بنت الشاطئ»، و«ثورة المدينة»، و«بنات حواء»، و«ورد الغرام» وغيرها، ورحل عن عالمنا عام 1966 بعد معاناة مع المرض.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».