الملابس ليست مجرد أشياء يرتديها الممثلون في الأفلام، وإنما هي لغة سينمائية بصرية في حد ذاتها، وهو ما تفطّنت له جهات سعودية واعدة تحاول مواكبة نمو القطاع السينمائي في البلاد، والدخول في مرحلة الإنتاج السينمائي من خلال تصميم الملابس التاريخية والتراثية والفانتازية أو حتى الملابس العصرية الملائمة لكل شخصية في الفيلم.
ورغم غياب المصممين السعوديين المتخصصين بالأزياء السينمائية «Costume Designers» فإن هذه المشاريع الواعدة تحاول سد الفجوة، باعتبار أن هذا المجال بالغ الأهمية في بناء الصورة السينمائية، وينقل كثيراً من المعلومات حول الشخصية وحالتها الاجتماعية والفترة الزمنية التي تدور أحداث الفيلم فيها.
وفي حديث لها مع «الشرق الأوسط»، توضح بدرية العتيبي، وهي مصممة أزياء وشريكة مؤسسة لدار «منسج» للأزياء السينمائية، التي تأسّست الشهر الماضي، ضرورة الجمع ما بين جمالية صناعة الموضة وابتكارها ومدى فاعلية وعملية التصاميم لتخدم مجال الأفلام. تقول إن «قطاع السينما المحلي يفتقر إلى الكيان الفني والتنفيذي لكل ما يخص الملابس والأزياء السينمائية، والهدف أن يكون (منسج) المرجع التصميمي المحلي، والقاعدة التي تخدم كل من يطلب خدمات الأزياء السينمائية سواء في التنفيذ أو التأجير».
من النص إلى التنفيذ
تشرح العتيبي آلية اختيار الأزياء المناسبة لكل فيلم: «نبدأ من مرحلة قراءة النص والاجتماع مع المخرج، تليها مرحلة دراسة الشخصيات وتطويرها، تتبعها عملية الإلهام للتصاميم من مصادر مختلفة، بداية من الإنترنت إلى الكتب والأرشيف، ومن ثم ندخل بعد ذلك في مرحلة التنفيذ».
ويبدو أن هذا التوجه من شأنه فتح الباب لمهن سينمائية جديدة في السعودية، إذ توضح العتيبي أن فريق العمل يضم مجموعة من المختصين المحليين في تصميم الأزياء السينمائية ومنسقي الأزياء، حيث يتكوّن الفريق من مصمم، ومنسق ملابس، ومساعد منسق ملابس، وخياطين، ومستشارين ثقافيين، ومستشاري مظهر، ورسام، ومسؤول ملابس تحريري، وغيرها من المهام.
5 أفلام طويلة
وعن الأفلام السعودية التي خدمها هذا المشروع، تقول إن المشروع قد خدم عدداً من الأفلام السعودية، مثل: فيلم «هوبال» مع المخرج عبد العزيز الشلاحي، وفيلم «الخلاط+» مع المخرج فهد العماري، وكذلك فيلم «الحلم» مع المخرج مشاري. وتضيف: «خلال هذه السنة سنعمل على فلمين طويلين، لا يمكن الإفصاح عن اسميهما حاليا».
انتعاش القطاع
وعن مدى الحاجة إلى الدور السعودية المختصة بالأزياء السينمائية، تقول: «القطاع السينمائي في نمو كبير، وكلما زاد هذا النمو زادت الحاجة إلى التخصصية والخدمات الاحترافية في مجالات متعددة وبمعايير عالمية. ومن خلال تجارب عملية لسنوات طويلة أصبح فريقنا قادراً على منافسة المعايير العالمية مع التميز في المعرفة المحلية».
جدير بالذكر أن «هيئة الأفلام»، التابعة لوزارة الثقافة السعودية، قدّمت هذا العام 4 ورشات عمل بعنوان: «تصميم الأزياء السينمائية»، في الرياض وجدة والدمام وتبوك، لتكون أكثر ورشة عمل سينمائية حرصت الهيئة على تكرارها، وهي من تقديم خبيرة الأزياء ريبيكا ليزلي، إذ تضمّنت محاورها: تصميم الأزياء بما يتناسب مع الدور والمشهد، وأساليب تحليل السيناريو، وتحليل الأزياء السينمائي، وتتبع الزي والاستمرارية في أثناء الإنتاج. وجاءت هذه الورشات بهدف التعرّف على مجموعة متنوعة من التقنيات المستخدمة لإنشاء زي للممثل الرئيسي، وفهم الأعمال الورقية التي ينطوي عليها تتبع الزي والاستمرارية في أثناء الإنتاج السينمائي.