«حاجة تخوّف»... الكشف درامياً عن المشاعر المظلمة داخلنا

المسرحية المصرية تقدم جيلاً جديداً من الفنانين بتوقيع خالد جلال

العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
TT

«حاجة تخوّف»... الكشف درامياً عن المشاعر المظلمة داخلنا

العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)
العمل اعتمد على البطولة الجماعية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

للوهلة الأولى، يبدو أن العرض المسرحي «حاجة تخوّف» يتناول قصة تحبس الأنفاس، وأحداثاً مخيفة على طريقة سينما الرعب؛ لكن بعد انتهاء العرض يكتشف المشاهد أن «الوحش» المفزع ليس بالضرورة كائناً مشوهاً بعين واحدة وأنياب بارزة؛ بل هو –بالأساس- مشاعر مظلمة ترقد في أعماق كل منا، وعلينا التخلص منها إذا أردنا مواصلة الحياة.

ورغم أن الخوف شعور إنساني طبيعي يستدعي كثيراً من الحيطة والحذر، فإن رسالة العمل الذي يُعرض حالياً ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح بالقاهرة، تتمثل في أن المبالغة في هذا الشعور تجعله عائقاً يحول دون انطلاقة الفرد، ويصيبه بـ«العجز النفسي».

أخرج العرض خالد جلال الذي يراهن فيه على 50 ممثلاً من المواهب الجديدة، هم نتاج الدفعة الثالثة (B) من «استوديو المواهب» التابع لـ«مركز الإبداع» بدار الأوبرا المصرية، والذي يشرف عليه، وجعله بمنزلة «ورشة عملية لتفريخ جيل كامل من الفنانين الجدد كل عدة سنوات».

المخرج خالد جلال بصحبة أبطال العرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ويلقب جلال بـ«صانع النجوم»؛ حيث تخرج على يديه عدد من الأسماء البارزة على الساحة الفنية حالياً، مثل: بيومي فواد، ومحمد ممدوح، ونضال الشافعي، وحسام داغر، ومحمد فراج، وسامح حسين، وعلي ربيع، ومحمد ثروت، ومحمد سلام، ومحمد فهيم، وأحمد فتحي.

وقال الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا، إن «العرض يستحق التحية والإشادة؛ لأنه نتاج ورشة تدريب فنية، ومع ذلك ظهر الممثلون بشكل متماسك وأداء مقنع، جمع بين السلاسة دون خفة والعمق دون أن يكون عبئاً»؛ مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن «عدد الممثلين هائل، وتجاوز الخمسين فرداً، ولكن المخرج خالد جلال استطاع السيطرة على كل هؤلاء، وتوجيههم بشكل سليم، فكانت النتيجة عملاً متكاملاً لا مكان فيه لسذاجة البدايات».

الأزياء لعبت دوراً مهماً في تجسيد أجواء العمل (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

يحكي العرض قصة حافلة تتعطل بركابها وسائقها في منطقة نائية مهجورة، لا يوجد بها سوى منزل واحد. يطرق بعض الركاب باب المنزل، فيفتح لهم شخص مخيف الملامح، يبدو أقرب إلى المسخ، يخبرهم بإمكانية استضافتهم في منزله حتى الصباح، بشرط أن يحترموا قانون المكان، وهو عدم الخروج من البيت منذ حلول الظلام وحتى بزوغ أنوار الفجر الأولى.

الديكور عكس الأجواء الغرائبية للعرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

يمتثل الضيوف الذين تقطعت بهم السبل إلى الشرط الغريب؛ إذ ليست لديهم خيارات أخرى. تتبدى الطباع الغريبة لصاحب المكان وبناته الثلاث، من حيث طريقتهم في الكلام، وملابسهم غير المألوفة، ومظهرهم الذي لا يبعث على الارتياح.

الأغرب يحدث حين يقف كل واحد من الضيوف أمام المرآة؛ حيث تستولي عليه حالة عجيبة، وتتوالى على السطح الأملس أمامه أسوأ خطاياه وأكثر أسراره عمقاً.

لقد حذَّرهم صاحب البيت من النظر في المرآة؛ لكن الممنوع مرغوب. تتداعى الجوانب المظلمة في حياتهم تباعاً، على نحو يكاد يصيبهم بالجنون. يقتلون صاحب البيت وبناته، فيستعيدون سلامهم النفسي، ويكملون رحلتهم في أمان.

ويتضح أن صاحب البيت وبناته هم أشباح الماضي وخطايا الزمن الفائت، التي إن لم نتجاوزها فستعيقنا عن عبورنا نحو المستقبل.

العمل يستعرض أعمق المخاوف الإنسانية (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ويشير أحمد عبد الرازق أبو العلا إلى أن «فكرة العرض واندلاع أخطاء الماضي عبر المرآة بحاجة إلى انضباط في الأداء، وبراعة في التحولات النفسية، وصدق في تجسيد هزيمة الفرد الوشيكة أمام ماضيه. وكلها أشياء ليست بالهينة على ممثلين هواة يخطون للمرة الأولى على طريق الاحتراف».

الإضاءة لعبت دوراً مهماً في العرض (إدارة المهرجان القومي للمسرح)

ووفق أبو العلا، فإن «براعة المخرج تتجسد في منح الثقة لهذه المواهب الجديدة، وترك هامش للارتجال يعبرون فيه عن انفعالهم بالشخصية، وتأثرهم بالموقف الدرامي، فضلاً عن أنه جعل بعض هؤلاء الممثلين يقومون بأدوار إضافية، تتمثل في تصميم الديكور والملابس، ووضع الموسيقى، وكذلك مساعدته في عملية الإخراج نفسها».


مقالات ذات صلة

«الأرتيست»... مسرحية عن حياة زينات صدقي تحصد إعجاباً بمصر

يوميات الشرق فريق مسرحية «الأرتيست» (صفحة العرض على «فيسبوك»)

«الأرتيست»... مسرحية عن حياة زينات صدقي تحصد إعجاباً بمصر

حصدت المسرحية المصرية «الأرتيست» إعجاباً لافتاً من جمهور ونقاد وفنانين أشادوا بها منذ انطلاقها منتصف العام الماضي.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرجة بيا خليل وبطلا العمل في تحية للجمهور (الشرق الأوسط)

«رقم 23» مسرحية تضع العنف والسلطة بمواجهة الانتماء

للمرّة الأولى، تتبدَّل مقاعد المسرح لتصبح الأساسية فيها ثانوية، ويكون مُشاهد العمل على بُعد سنتيمترات من الممثلين.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لقطة من العرض المسرحي «الطريق» (هيئة قصور الثقافة)

26 عرضاً مسرحياً مصرياً تتنافس في «السامر» و«روض الفرج»

يتنافس 26 عرضاً مسرحيّاً في الدورة الـ47 للمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية بمصر، على مسرح السامر بالجيزة (غرب القاهرة)، ومسرح قصر ثقافة روض الفرج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق في مسرحية جو الخوري تتحوّل الرحم إلى خشبة (مسرح المونو)

«بالسابع»: الرحم مرآة للعالم الخارجي وتاريخ مُبكر للأذى

الخيط السردي الذي يربط الداخل بالعالم الخارجي، شبيه بحبل السرّة: مرئيّ، لكنه هشّ... متين بما يكفي ليُغذّي، وضعيف بما يكفي ليخنق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق عرض «كارمن» وفق رؤية إخراجية جديدة (وزارة الثقافة المصرية)

«كارمن» تعود مجدداً لخشبة المسرح المصري برؤية حداثية

تعود الفتاة الغجرية الإسبانية «كارمن»، بطلة رواية الكاتب الفرنسي بروسبير ميرميه، للظهور مجدداً على خشبة المسرح المصري، ولكن هذه المرة برؤية حداثية.

محمد عجم (القاهرة )

مصر تُكرّم مجدي يعقوب بتمثال جديد في «الكيت كات»

يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
TT

مصر تُكرّم مجدي يعقوب بتمثال جديد في «الكيت كات»

يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)

أعلنت وزارة الثقافة المصرية تكريم جرّاح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب بوضع تمثال جديد له في أحد ميادين حي الكيت كات، بمحافظة الجيزة غرب القاهرة، ضمن خطة للاحتفاء بالرموز الوطنية.

واحتفلت الوزارة، الأحد، بـ«السير يعقوب»، في دار الأوبرا المصرية، وأعلنت تفاصيل مشروع إقامة تمثال يُخلّد مسيرته الإنسانية والعلمية، وسط حضور عدد من المسؤولين والإعلاميين.

وقال السير الدكتور مجدي يعقوب، خلال الحفل: «أُحب مصر كما أحب عملي، وأحب كذلك الفن والثقافة، وأرى أن الطب والثقافة هما من يصنعان قيمة للحياة». وأعرب عن «بالغ امتنانه لهذا التقدير، ولكل من أسهم في هذا المشروع».

يعقوب خلال حديثه في الحفل (وزارة الثقافة المصرية)

وعَدّ يعقوب أن «حضارة الشعوب ونموها يعتمدان، بشكل أساسي، على الثقافة، التي تشمل تكريم خدمة المجتمع والعلم والبحث العلمي، وكذلك الفن؛ لأن العلم والصحة لا يكتملان من دون الفن»، متمنياً أن «يكون هذا التكريم مصدر إلهام لكل شاب مصري يطمح لأن يضع بصمة في خدمة الإنسانية».

ووصف أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة المصري، يعقوب بـ«ابن مصر المخلص، الذي آمن بأن الطب ليس مهنة فحسب، بل رسالة رحمة ومحبة، وأن الشفاء لا يأتي من العلم وحده، بل من القلب أيضاً».

جرّاح القلب المصري البريطاني، المولود في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1935 في بلبيس بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، حصل على درجة البكالوريوس في الطب من جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى بريطانيا لمواصلة دراسته وتدريبه في جراحة القلب، قبل أن يُصبح واحداً من أشهر جرّاحي القلب في العالم.

أكد الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، أن السير مجدي يعقوب يشكل «قيمة مصرية عالمية ورمزاً للتفاني والإنسانية»، مشيراً إلى أن «ما يقدمه من مشروعات وخدمات، خاصة في صعيد مصر، يعكس حباً عميقاً لوطنه وشعبه، كما يبذل جهوداً كبيرة في دعم شباب الأطباء وتأهيلهم؛ لضمان استمرار مسيرته النبيلة».

جانب من الاحتفال بتكريم جرّاح القلب العالمي (وزارة الثقافة المصرية)

وأشار وزير الصحة إلى أن «يعقوب أسهم في علاج آلاف المرضى، خصوصاً في صعيد مصر»، لافتاً إلى أن «مؤسسة مجدي يعقوب للقلب في مدينة الشيخ زايد بالجيزة (غرب القاهرة)، ستكون صرحاً طبياً عالمياً لا مثيل له»؛ موضحاً أن نسبة العلاج في الخارج تراجعت كثيراً، بفضل عرض الحالات على الدكتور يعقوب وتدريبه عدداً من الكفاءات الطبية الشابة؛ لما يمتلكه من قدرة على التواصل والتفاهم مع مختلف الأعمار والخلفيات.

ووفق المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، فإن «التمثال سيُوضَع في ميدان الكيت كات بحي إمبابة، بالقرب من معهد القلب، حيث يتردّد يومياً آلاف المرضى، ما يمنح التمثال دلالة رمزية مرتبطة بمسيرة الدكتور يعقوب جرّاح القلب العالمي».

وزير الثقافة متحدثاً عن مشروع تدشين تمثال يعقوب (وزارة الثقافة المصرية)

ومن المقرر أن يُنفَّذ التمثال من خامة البرونز بارتفاع 6 أمتار، وفقاً للنحّات الدكتور عصام درويش، الذي أعرب عن فخره بالمشاركة في تخليد هذه القامة الوطنية، موضحاً أن «التمثال سيُثبت على قاعدة يبلغ ارتفاعها 8 أمتار، وسيجسد الروح الإنسانية للدكتور يعقوب وعلاقته بتلاميذه، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذه خلال نحو 8 أشهر، ليأخذ مكانه في قلب ميدان الكيت كات بوصفه علامة فنية وإنسانية مميزة».

جاء اختيار ميدان الكيت كات لوضع التمثال فيه لكونه مركزاً حيوياً وملاصقاً لمعهد القلب، مما يُضفي بعداً بصرياً وإنسانياً على التمثال. ووفق المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، فإن المحافظة ستنفِّذ خطة تطوير شاملة للمنطقة تشمل الأرصفة والحركة المرورية، بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

ويُعدّ حي الكيت كات من أشهر الأحياء المصرية، وسبَق للفنان المصري الراحل محمود عبد العزيز تقديم فيلم يحمل اسم الحي، بتوقيع المخرج داود عبد السيد، ويُصنَّف الفيلم بأنه من أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.

ويحظى يعقوب، الملقب بـ«ملك القلوب»، بتقدير لافت في مصر، ولا سيما بعد إنشائه مركزاً يحمل اسمه لعلاج أمراض القلب في مدينة أسوان (جنوب مصر)، التي أُطلق اسم مجدي يعقوب على أحد ميادينها؛ تقديراً لمسيرته وإسهاماته الطبية الخيرية.

هنو لدى استقباله يعقوب بدار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة المصرية)

ويُعد مركز مجدي يعقوب للقلب واحداً من أبرز المؤسسات الطبية في مصر والشرق الأوسط، ومنارة أمل لكثير من المرضى الذين يعانون أمراض القلب، إذ تأسس عام 2008، وكان الهدف من إنشائه توفير الرعاية الطبية المتخصصة في أمراض وجراحات القلب للأطفال والكبار بالمجان.

واختار الدكتور يعقوب مدينة أسوان لإنشاء المستشفى؛ لـ«رأفته بالأطفال وحبه للمحافظة الجنوبية»، وفق الدكتور مجدى إسحاق، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مجدي يعقوب للقلب في أسوان.

ويُقدم المستشفى مجموعة واسعة من الخدمات الطبية المتخصصة في أمراض القلب؛ من بينها جراحات القلب المفتوح، والقسطرة القلبية، والعناية المركزة، بالإضافة إلى الأبحاث والتطوير في مجال أمراض القلب.