دراسة: خطر الموت بحادث طائرة في تراجع مطرد خلال العقود الأخيرة

طائرة تابعة لشركة «دلتا إيرلاينز» تهبط وسط سحب عاصفة خلال اقترابها من الهبوط في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية في 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «دلتا إيرلاينز» تهبط وسط سحب عاصفة خلال اقترابها من الهبوط في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية في 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

دراسة: خطر الموت بحادث طائرة في تراجع مطرد خلال العقود الأخيرة

طائرة تابعة لشركة «دلتا إيرلاينز» تهبط وسط سحب عاصفة خلال اقترابها من الهبوط في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية في 12 ديسمبر 2022 (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «دلتا إيرلاينز» تهبط وسط سحب عاصفة خلال اقترابها من الهبوط في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية في 12 ديسمبر 2022 (رويترز)

أصبح السفر بالطائرة أكثر أماناً، إذ انخفض خطر الوفاة جراء حوادث الطيران إلى النصف كل عقد منذ أواخر ستينات القرن العشرين، وفق ما أظهرت دراسة أجراها «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)»، ونُشرت نتائجها الخميس، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

فبين عامَي 2018 و2022، بلغ معدل الوفيات إثر حوادث الطيران حالة وفاة واحدة لكل 13.7 مليون مسافر حول العالم، مقارنة بوفاة واحدة لكل 7.9 مليون مسافر بين عامَي 2008 و2017، ووفاة واحدة لكل 350 ألف مسافر بين عامَي 1968 و1977.

وقال الأستاذ في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» أرنولد بارنيت، المشارِك في إعداد الدراسة التي نشرتها مجلة «جورنال أوف إير ترانسبورت مانجمنت» المتخصصة، إن «سلامة الطيران تشهد تحسنّاً مستمراً».

فبين عامَي 1978 و1987، كان المعدّل وفاة واحدة لكل 750 ألف مسافر، وبين عامَي 1988 و1997، أصبح المعدل وفاة واحدة لكل 1.3 مليون، ثم وفاة واحدة لكل 2.7 مليون بين عامَي 1998 و2007.

ومع ذلك، فإن التقدم ليس مضموناً بحسب بارنيت. ويعود آخر حادث جوي كبير على الأراضي الأميركية إلى عام 2009، حين تحطّمت طائرة من نوع «بومباردييه» تابعة لشركة «كولغان إير» كانت متجهة من نيويورك إلى بافالو، ما أسفر عن مقتل ركابها الـ49 جميعاً.

لكن حوادث سُجلت أخيراً، تجنّب خلالها طيارون اصطدامات بصعوبة في بعض الأحيان على المدارج الأميركية، تصدّرت عناوين الأخبار في وسائل الإعلام، بينما وجدت شركة «بوينغ» نفسها مجدداً في أزمة بعد انفصال سدّادة مَخرج طوارئ في الجوّ خلال رحلة لشركة «ألاسكا إيرلاينز» عبر طائرة من نوع «737 ماكس 9».

وأشار الباحثون في دراستهم إلى وجود فوارق أيضاً تبعاً للبلدان.

وتشمل قائمة الدول الأكثر أماناً على هذا الصعيد، الولايات المتحدة، وبلدان الاتحاد الأوروبي، ومونتينيغرو، والنرويج، وسويسرا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وكندا، والصين، وإسرائيل، واليابان، ونيوزيلندا.

أما الفئة الثانية فتشمل البحرين، والبوسنة، والبرازيل، وبروناي، وتشيلي، وهونغ كونغ، والهند، والأردن، والكويت، وماليزيا، والمكسيك، والفلبين، وقطر، وسنغافورة، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وتركيا، والإمارات.

ورغم أن مخاطر الطيران أعلى في الدول المتبقية التي تشكّل الفئة الثالثة، فإنها انخفضت أيضاً إلى النصف خلال الفترة 2018 - 2022.


مقالات ذات صلة

حاول فتح بابها أثناء التحليق... تقييد راكب بشريط لاصق في طائرة بأميركا

يوميات الشرق طائرة (أرشيفية - رويترز)

حاول فتح بابها أثناء التحليق... تقييد راكب بشريط لاصق في طائرة بأميركا

قالت شبكة «سي إن إن» إن مشاجرة حدثت هذا الأسبوع خلال تحليق طائرة من ميلووكي إلى دالاس فورت وورث في الولايات المتحدة بسبب محاولة راكب فتح باب الطائرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية (أ.ب)

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

تمكن طاقم طائرة من إجلاء أكثر من 100 راكب بعد أن اشتعلت النيران في هاتف أحد المسافرين على متن طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية السفينة الحربية الأوكرانية التركية «كورفيت آضا» (موقع ديفينس تورك نت)

أوكرانيا أجرت تجارب على سفينة حربية أنتجتها بشكل مشترك مع تركيا

أكملت البحرية الأوكرانية بنجاح الاختبارات على السفن الحربية «هيتمان إيفان مازيبا» من نوع «كورفيت» فئة «آضا» التي تشارك تركيا في تصنيعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد كامل العوضي نائب رئيس «أياتا» للشرق الأوسط وأفريقيا (الشرق الأوسط)

«أياتا»: شركات الطيران الخليجية الأسرع تعافياً عالمياً

صرّح مسؤول رفيع في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا)، بأن شركات الطيران الخليجية أظهرت قدرة فائقة على تجاوز آثار جائحة كورونا.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال افتتاح النسخة السابقة للمعرض (الموقع الرسمي)

معرض البحرين الدولي للطيران 2024 نحو تطوير الشراكات ودفع الابتكار

تحت رعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ينطلق الأربعاء معرض البحرين الدولي للطيران 2024، بمشاركة كبريات شركات الطيران والدفاع والفضاء العالمية.

عبد الهادي حبتور (المنامة)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.