هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
TT

هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

تجدد الجدل مرة أخرى بشأن مصير جبانة القاهرة التاريخية، إثر بدء السلطات المصرية هدم عدد من المقابر بمنطقة «باب النصر»؛ تمهيداً لبناء جراج متعدد الطوابق قالت محافظة القاهرة إنه «سيخدم زوار المنطقة».

وعلى مدار اليومين الماضيين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمهتمون بالتراث والحضارة المصرية صوراً رصدوا خلالها أعمال الهدم الجارية بمنطقة «باب النصر». وبينما أكد عدد منهم أن «المنطقة تضم رفات رموز تاريخيّة بينهم ابن خلدون»، لم يستطع آخرون تأكيد تلك المعلومة، وإن انتقدوا استمرار «هدم جبانة القاهرة التاريخية».

هدم مقابر بباب النصر يجدد الجدل (الباحث الأثري محمد نصر)

وكتب الباحث المختص بشؤون التراث، مصطفى الصادق، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، أنه «تم هدم الكثير من المقابر التي كانت موجودة أمام باب النصر في موازاة شارع البنهاوي».

وأشار إلى أن «المصادر التاريخية تؤكد أن مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون دفن في مصر، لكن مكان قبره بالضبط يعد مجهولاً». وقال إن «الثابت لدى العديد من المؤرخين أن قبره موجود بمنطقة مقابر الصوفية في باب النصر، لكن آخرين يعتقدون أنه خارج المنطقة».

وانتقد «استمرار هدم جبانات القاهرة أياً كان المدفون فيها».

كما انتقدت عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مونيكا حنا، هدم المقابر. وتساءلت، في منشور عبر حسابها على «إكس»، بشأن ما إذا كان بدر الدين الجمالي، وزير الخليفة المستنصر، مدفوناً بمنطقة باب النصر أم لا؟

وكان نائب محافظ القاهرة، اللواء إبراهيم عبد الهادي، أكد في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، أنه «تجري إقامة جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية »، مشيراً إلى «إخلاء 1171 مقبرة و49 مدفناً من مقابر المنطقة يسار باب النصر، في شارع البنهاوي».

وأصدر محافظ القاهرة، أخيراً القرار رقم 1117 لسنة 2024 بإيقاف الدفن في تلك المدافن، ونقل الرفات إلى مدافن بديلة.

بدوره، أكد أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبانة باب النصر تحوي مقابر حديثة، ليست أثرية أو تراثية». وأوضح سلامة، الذي أعد دراسة عن جبانة مصر التاريخية، أن «المنطقة تضم مقابر عائلية حديثة البناء بنيت على أنقاض مقابر أخرى قديمة»، نافياً ما يتردد بشأن «احتوائها على رفات شخصيات ورموز تاريخيّة مهمة».

واتفق معه أستاذ الآثار الإسلامية، الدكتور مختار الكسباني، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة (باب النصر) تضم مقابر عشوائية وليست تراثية»، مؤكداً أن «عمليات الإزالة والهدم التي تمت خلال الفترة الماضية لم تمس مقابر أثرية مسجلة»، مبرراً الجدل المستمر بـ«رفض الناس للتطوير ورغبتهم في بقاء مقابر ذويهم وسط الكتلة السكنية».

وتزامناً مع هدم مقابر «باب النصر»، أشارت مبادرة «حلول السياسات البديلة»، التابعة للجامعة الأميركية بالقاهرة إلى أن «عمليات إزالة الجبانات التراثية بدأت منذ عام 1952».

وشهدت السنوات الأخيرة جدلاً متكرراً وانتقادات بشأن هدم «مقابر تاريخيّة وتراثية» بمنطقتي مصر القديمة والإمام الشافعي، وعلى طريق صلاح سالم بوسط القاهرة، بدعوى تنفيذ مشاريع تطوير للمنطقة، ومحاور مرورية جديدة، في المقابل دأبت الحكومة المصرية على تأكيد «حمايتها للتراث، وأن ما تم هدمه غير مسجل بوصفه آثاراً».

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل مقابر منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وأمر باختيار موقع لإنشاء «مقبرة الخالدين»، لتكون صرحاً يضم رفات الرموز المصرية المختلفة، ومتحفاً لأعمالهم.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مقر كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان (إدارة الكلية)

منشآت على «نيل القاهرة» مهدَّدة بالإزالة بعد إلغاء حق الانتفاع

اتّسعت دائرة المنشآت الموجودة على «نيل القاهرة» المهدَّدة بالإزالة بعد أيام من إعلان بعض الفنانين عن مخطّط لإزالة «المسرح العائم» بجزيرة الروضة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تابوت «إيدي» بأسيوط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم أسيوط خلال عصر سنوسرت الأول

اكتشفت البعثة الأثرية المصرية - الألمانية المشتركة بين جامعتَي سوهاج وبرلين، حجرة الدفن الخاصة بسيدة تدعى «إيدي» التي كانت الابنة الوحيدة لحاكم إقليم أسيوط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
TT

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية»، التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بتونس، إذ حصل الفيلم المصري القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري على جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير، وحاز مدير التصوير مصطفى الكاشف على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، فيما فاز المؤلف الموسيقي هاني عادل بجائزة أفضل موسيقى تصويرية عن الفيلم اللبناني «أرزة»، ومنحت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد تنويهاً خاصاً لفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» من إخراج خالد منصور.

يتناول الفيلم القصير «أحلى من الأرض» عالم الفتيات المغتربات من خلال قصة طالبة جامعية تقيم بدار للمغتربات بالقاهرة، وفي أحد الأيام تقدم شكوى ضد زميلتها المقيمة معها بالغرفة، ما يؤدي إلى تصاعد الأحداث على نحو غير متوقع؛ والفيلم من بطولة سارة شديد، وحنين سعيد، ونسمة البهي، وأحمد إسماعيل.

وحاز مدير التصوير الشاب مصطفى الكاشف - نجل المخرج الراحل رضوان الكاشف - على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، وكان الفيلم قد شهد عرضه الأول بقسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» خلال دورته الـ77، وهو من إخراج الصومالي محمد الهراوي.

وكان مصطفى الكاشف قد وصف العمل في هذا الفيلم بأنه من أكثر الأفلام صعوبة في تصويرها، وذكر في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أنه قضى 4 أشهر بالصومال، وكانت معظم المشاهد تصور خارجياً في درجات حرارة مرتفعة للغاية، كما اخترقت الرمال الكثيفة معدات التصوير، وتم إصلاحها عدة مرات، مؤكداً أنه تحمس للفيلم لشغفه بالتجارب الفنية المختلفة.

وتُعد جائزة «أفضل موسيقى» التي حازها الفنان والمؤلف الموسيقي هاني عادل عن الفيلم اللبناني «أرزة» هي ثالث جائزة يحصل عليها الفيلم، بعد أن فاز بجائزتي «أفضل ممثلة» و«أفضل سيناريو» في مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45.

دياموند بو عبود تحمل جائزة زوجها المؤلف الموسيقي هاني عادل (إدارة المهرجان)

وصعدت بطلته الفنانة اللبنانية «دياموند بو عبود» على المسرح لتسلم جائزة زوجها الفنان هاني عادل، معبرة عن سعادتها بها لأنه بذل جهداً كبيراً بالفيلم، وسعادتها بالنجاح الذي حققه الفيلم في المهرجانات التي شارك بها.

وبعد مشاركته بمسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة وفوزه بجائزة لجنة التحكيم، حصل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» على تنويه خاص من لجنة تحكيم قرطاج، وكان الفيلم قد حظي بإقبال كبير عند عرضه بكل من «البحر الأحمر» وقرطاج، ونفدت تذاكره بمجرد طرحها، وهو من بطولة عصام عمر، وركين سعد، وأحمد بهاء، وسماء إبراهيم.

المخرج خالد منصور يتسلم التنويه الخاص (إدارة المهرجان)

ويُعد «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أول الأفلام الطويلة لمخرجه خالد منصور، الذي شارك في كتابته مع السيناريست محمد الحسيني، ومن إنتاج محمد حفظي، والناقدة رشا حسني في أول أعمالها بصفتها منتجة، وكان قد شهد عرضه الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي، وتدور أحداث الفيلم من خلال حسن، الشاب الثلاثيني الذي يخوض رحلة لإنقاذ كلبه بعدما تورط في حادث خطير، ويواجه تهديدات تمس حياة الكلب صديقه الوحيد.

وعَدّ الناقد طارق الشناوي ما حققته الأفلام المصرية في «أيام قرطاج السينمائية» بأنها جوائز مستحقة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن موسيقى فيلم «أرزة» التي قدمها هاني عادل تستحق الجائزة لبراعتها في التعبير عن المواقف الدرامية بالفيلم، كما رأى أن مدير التصوير مصطفى الكاشف بات مطلوباً في أفلام عالمية، لافتاً إلى أنه يستحق تكريماً؛ كونه مدير تصوير شاباً لكننا لم نمنحه ما يستحق في ظل تحقيقه نجاحاً عالمياً.

ويلفت الناقد المصري، الذي حضر «أيام قرطاج»، إلى أن الفيلم الروائي القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري الذي فاز بجائزة «التانيت الفضي» قد رفضت الرقابة في مصر التصريح بعرضه في الدورة الماضية من مهرجان «الجونة»، ويصف ذلك بـ«(الأمر الغريب)؛ إذ يُفترض أن يكون هامش الحرية في الأفلام القصيرة أكبر».

لقطة من الفيلم القصير «أحلى من الأرض» المُتوج بـ«التانيت الفضي» (إدارة المهرجان)

ويشير الشناوي إلى ملمح رصده بالمهرجانات الدولية يتمثل في تطابق جوائز الأفلام الطويلة بنسبة 90 في المائة بين مهرجاني «البحر الأحمر» وقرطاج؛ فقد تطابقت جائزتا «التانيت الذهبي» مع «اليسر الذهبي» وحصل عليها الفيلم «الذراري الحُمر» نفسه، كما حاز الفيلم الفلسطيني «إلى أرض مجهولة» على جائزتي «اليسر الفضي» و«التانيت الفضي»، وفاز فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البحر الأحمر قبل حصوله على «تنويه في قرطاج»، مؤكداً أن ذلك يُعد شهادة للمهرجانين معاً، فهي تؤكد مصداقية جوائز البحر الأحمر، وانحياز لجنة تحكيم قرطاج برئاسة هاني أبو أسعد للأفضل حتى لو تطابقت نتائجه مع نتائج «البحر الأحمر».