دراسة تشير إلى دور النظام الهيدروليكي في بناء هرم «زوسر» الأيقوني

هرم سقارة
هرم سقارة
TT

دراسة تشير إلى دور النظام الهيدروليكي في بناء هرم «زوسر» الأيقوني

هرم سقارة
هرم سقارة

تثير دراسة حديثة اهتماماً كبيراً حول كيفية استخدام المصريين القدماء لقوة الماء في بناء الأهرامات؛ إذ تشير النتائج إلى أن السدود والقنوات الموجودة بالقرب من الهرم المدرج، الواقع شمال غربي أطلال ممفيس في هضبة سقارة، كانت توجه الماء المضغوط إلى بئر لتشكيل رافعة هيدروليكية تساعد في رفع الحجارة الضخمة، حسبما أفادت صحيفة «التليغراف».

اكتشاف نظام هيدروليكي معقد

اكتُشف نظام معقد من السدود والقنوات بالقرب من الهرم المدرج، المعروف أيضاً باسم هرم «زوسر»، وهو أقدم هرم في مصر، بُني نحو عام 2600 قبل الميلاد للملك «زوسر». ويعتقد الخبراء أن هذا الترتيب كان مصمماً لتوجيه الماء المضغوط إلى بئر في موقع البناء؛ مما يخلق رافعة هيدروليكية قادرة على رفع الحجارة الضخمة إلى أعلى الهرم.

الابتكار المصري في الهيدروليك

ومن المعروف أن المصريين القدماء كانوا مبتكرين في استخدام التكنولوجيا الهيدروليكية، فقد اخترعوا مطاحن مائية ونظم ري معقدة للحفاظ على محاصيلهم مروية. لكن كان يُعتقد عموماً أنهم استخدموا سلسلة من المنحدرات والرافعات والبكرات لبناء الأهرامات.

ويشير الاكتشاف الجديد إلى أنهم ربما استخدموا أيضاً الرافعات الهيدروليكية عندما كان هناك ما يكفي من الماء لدعم عملية البناء.

تفاصيل الاكتشاف

ووفقاً للدراسة المنشورة في مجلة «بلوس وان»، تم بناء السدود غرب الهرم في وادي أبو صير، ويمتد لمسافة 1.2 ميل (1.5 كيلومتر) مع جدران عرضها نحو 50 قدماً (15 متراً). وكانت السدود تجمع الماء عند فيضان النيل، ثم تُوجه الماء عبر خندق عميق، يبلغ طوله نحو 1300 قدم، وعمقه 89 قدماً، يحتوي على عدة أحواض لترسيب الرواسب في القاع ومنع انسداد النظام في الأجزاء العليا.

هضبة إعادة البناء

نظام رفع الحجارة

يتم توجيه الماء النظيف أسفل الهرم باستخدام سلسلة من الأنابيب إلى بئر. وكانت قوة الماء في البئر تسمح بطفو الحجارة إلى المستويات العليا في نظام يُعرف باسم «بناء البركان». وهناك عدة آبار داخل الهرم، بعضها متصل بخندق يحيط بالنصب، وبعضها يحتوي على صناديق جرانيتية بها سدادة قابلة للإزالة التي ربما كانت تشكل آلية لتصريف الماء.

تأثير الاكتشاف

قال كزافييه لاندرو، رئيس معهد الباليوتقنية في باريس: «يشتهر المصريون القدماء بريادتهم وإتقانهم للهيدروليك عبر القنوات لأغراض الري والزوارق لنقل الحجارة الضخمة... هذا العمل يفتح خطاً جديداً من البحث عن استخدام القوة الهيدروليكية لإقامة الهياكل الضخمة التي بناها الفراعنة».

أهمية الاكتشاف

تفسر النظرية الجديدة الغرض من سياج جسر المدير، وهو هيكل غير مفسر سابقاً، يقع على مسافة نحو 5 أميال من الهرم. ويُعتقد أن الهيكل كان يعمل سداً لالتقاط الماء والرواسب.

قال المؤلفون إن هناك حاجة إلى المزيد من البحث لفهم كيفية تدفق الماء عبر الآبار، وكذلك كمية الماء التي كانت متاحة على الأرض عند بناء الهرم.

هذه النظرية الجديدة تقدم نظرة فريدة حول كيفية تَمكُّن المصريين القدماء من تحقيق إنجازاتهم الهندسية الرائعة، باستخدام تقنيات قد تكون متقدمة جداً لعصرهم.


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
TT

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

ضمن مشروع الأفلام الذي يعدّه «مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري» في «مكتبة الإسكندرية» بعنوان «عارف»، يروي فيلم الأقصر التسجيلي الوثائقي تاريخ واحدة من أقوى العواصم في تاريخ الحضارات القديمة، ويستدعي ما تمثّله هذه المدينة من كنز حضاري منذ أن كانت عاصمة مصر في عهد الدولة الوسطى.

في هذا السياق، قال مدير المركز التابع لـ«مكتبة الإسكندرية»، الدكتور أيمن سليمان، إنّ «سلسلة أفلام (عارف) تقدّم القصص التاريخية عن الأماكن والمدن والمعالم المهمة في مصر، بصورة أفلام قصيرة تُصدّرها المكتبة»، موضحاً أنه «صدر من هذه السلسلة عدد من الأفلام ضمن منظور غير تقليدي هدفه توعية النشء والشباب بأسلوب سهل ومبسَّط؛ ولا تتعدى الفترة الزمنية لكل فيلم 3 دقائق، وهو متاح باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فيلم (الأقصر) يتناول قصة واحدة من أقوى عواصم العالم القديم، عاصمة الإمبراطورية المصرية. طيبة أو (واست) العصية كما عُرفت في مصر القديمة، التي استمدت قوتها من حصونها الطبيعية. فقد احتضنتها الهضاب والجبال الشاهقة من الشرق والغرب، مثل راحتَي يد تلتقيان عند مجرى نهر النيل. وكانت رمز الأقصر عصا الحكم في يد حاكمها الذي سيطر على خيرات الأرض، فقد منَّ الله عليها بنعمة سهولة الزراعة، كما وصفها الإغريق».

«بوستر» الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

ولم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة. فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد كلما عانت التفكك والانقسام. ومن أبنائها، خرج محاربون عظماء، مثل منتُوحتب الثاني الذي أعاد توحيد الدولة المصرية وجعل الأقصر عاصمةً لها، وأحمس الذي صدَّ عدوان الغزاة، وفق ما يشير الفيلم.

وأوضح سليمان أنه «مع استقرار البلاد، تهيّأت الظروف لازدهار الثقافة والحضارة التي تحترم الإنسان وقدراته، رجالاً ونساءً. فقد تركت حتشبسوت نماذج فريدة في العمارة والفنون والثقافة والاستكشاف. وفي ساحات معابد الكرنك، اجتمع الأمراء والطلاب للعلم والعبادة معاً، مُشكّلين بذلك طابعاً خاصاً للشخصية المصرية. وسجّل تحتمس الثالث الحياة اليومية في الإمبراطورية المصرية، جنباً إلى جنب مع الحملات العسكرية، على جدران معبد الكرنك، في حين شيّد أمنحتب الثالث نماذج معمارية مهيبة شرق النيل وغربه».

جانب من الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

وتابع: «الأقصر تحتفظ بدورها الثائر ضدّ المحتل عبر عصور الاضطراب والغزو، مثل حائط صدّ ثقافي حافظ على الهوية المصرية. ودفع هذا الإسكندر والبطالمة والأباطرة الرومان إلى تصوير أنفسهم بالهيئة المصرية القديمة على جدران المعابد، إجلالاً واحتراماً. وقد احتضنت معابد الأقصر الكنائس والمساجد في وحدة فريدة صاغتها الثقافة المصرية، لتشكّل جسراً جديداً من جسور التراث والفكر».

ولفت إلى أنّ «شامبليون طاف بها 6 أشهر كاملةً ليملأ عينيه بجمال آثارها. فهي قبلة الباحثين من شتى أنحاء العالم، الذين يأتون إليها آملين أن تبوح لهم أرضها بأسرار تاريخ البشر، وأن تكشف لهم مزيداً من كنوز الفنون والآداب والعلوم».

وتهدف سلسلة «عارف» إلى تقديم نحو 100 فيلم وثائقي، وأصدرت أيضاً أفلام «توت عنخ آمون»، و«بورتريهات الفيوم»، و«هيباتيا»، و«سرابيوم الإسكندرية»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«القاهرة التاريخية».