«الأمل آخر من يموت»... فيلم بالذكاء الاصطناعي يوثق «حرب غزة» سينمائياً

مخرجه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يرصد النضال الفلسطيني

طفل فلسطيني في الفيلم (مهرجان القدس السينمائي)
طفل فلسطيني في الفيلم (مهرجان القدس السينمائي)
TT

«الأمل آخر من يموت»... فيلم بالذكاء الاصطناعي يوثق «حرب غزة» سينمائياً

طفل فلسطيني في الفيلم (مهرجان القدس السينمائي)
طفل فلسطيني في الفيلم (مهرجان القدس السينمائي)

«الأمل آخر من يموت» ليس مجرد فيلم فلسطيني وثائقي، بل يستحوذ هذا العمل على من يشاهده منذ اللحظة الأولى؛ فوسط مشاهد الحرب والدمار الذي لحقت بغزة وأهلها، تتجلى روح الصمود والأمل لدى عائلات فلسطينية تجلس وسط بقايا منازلها المهدمة، تتعلق أعينها بشاشات تروي قصصهم.

الفيلم الذي صوّره المخرج الفلسطيني محمد السهلي بتقنية الذكاء الاصطناعي وأهداه إلى ضحايا غزة الأبرياء، طرحه، الأحد، على موقع «يوتيوب» بنسختين عربية وإنجليزية، ليكون شاهداً على قوة الإبداع في مواجهة الموت والدمار.

فهو يرصد قصص الحب والأمل التي صوّرها شباب فلسطينيون في ظل الحرب وهي «أفلام من المسافة صفر»، وقد عرضها مهرجان «القدس السينمائي» الذي أصرّ على إقامة دورته الثامنة وسط قطاع غزة خلال الأيام الماضية ما بين 25 و29 يوليو (تموز) الماضي. وكما جاء في التعليق الصوتي بالعمل: «في غزة اليوم نرى أن الفيلم أقوى من الحرب، وأن الإبداع تغلب على الدمار».

لقطة من الفيلم تبرز السجادة الحمراء وسط الدمار مع نازحين يحتفون بآلة العرض (مهرجان القدس السينمائي)

وكتب عنه الدكتور عز الدين شلح، رئيس مهرجان القدس السينمائي، عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «يُظهر الفيلم كيف يجتمع الناس لمشاهدة الأفلام متجاهلين أصوات الانفجارات، حيث يصبح كل عرض انتصاراً للإرادة البشرية على العنف، ويُبرز العمل أن قوة الفن والإبداع تفوق قوة الأسلحة، وأن الثقافة سلاح الشعوب المقاومة».

ويقول المخرج الفلسطيني محمد السهلي، المقيم في السويد، إن حضور الناس لمشاهدة الأفلام وسط الدمار والموت قد أذهله، ولذا فكر في «صناعة فيلم يوثق هذه الحالة المثيرة»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الصعب في الحقيقة الوصول إلى غزة وتصوير الفيلم هناك، وقد مكّنني الذكاء الاصطناعي من إنتاج هذا العمل في ظروف نفسية صعبة للغاية، لكننا أردنا أن يرى الجميع أن الإبداع الفلسطيني لا يمكن إيقافه في أحلك الظروف، وأن نلفت انتباه العالم إلى الوضع في غزة وأهمية النضال الثقافي، لأن الشعب المنتج للثقافة لا يمكن أن يموت».

وعن طريقة تنفيذ الفيلم يوضح: «لقد مرّ بمراحل عدّة، أوّلها كتابتي للسيناريو، ومن ثَمّ تخطيط وتصميم الصور والخلفيات، وتنفيذها بعد ذلك بتقنية (3 دي)، وتحريك كل لقطة بشكل مستقل ثم عملية المونتاج واختيار الأصوات للتعليق بالعربية والإنجليزية التي اختيرت عبر الذكاء الاصطناعي أيضاً وليست لأشخاص حقيقيين، بعد ذلك أضفت المؤثرات الصوتية وركّبتها في المكان المناسب».

ويثمّن المخرج الفلسطيني شجاعة رئيس مهرجان القدس السينمائي عز الدين شلح، الذي يقول: «أعرفه منذ سنوات وأثق في أنه إذا أصرّ على شيء سيفعله، ليقيم أول مهرجان في العالم تحت القصف والعدوان».

شيخ فلسطيني في أحد المشاهد يحمل شريط الفيلم وسط بقايا منزله (مهرجان القدس السينمائي)

وأخرج السهلي نحو 12 فيلماً وثائقياً عُرضت في تلفزيونات أوروبية ونالت العديد من الجوائز، لعل أحدثها فيلم «نساء ذوات الدرجة P» عن النساء اللاتي اضطررن لتغيير هويتهن بسبب تهديد حياتهن من قبل أزواجهن.

من جانبه، يقول الدكتور عز الدين شلح لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم ظروف الحرب والدمار والموت اللحظي في غزة فإن المثقفين الفلسطينيين أجمعوا على أهمية إقامة المهرجان لنتحدى الموت بالحياة، فنحن شعب يعشق الحياة»، مشيراً إلى أن «المهرجان كان له تأثير كبير على جمهور النازحين والمنكوبين وهم يشاهدون أفلاماً عن حياتهم حقّقها 22 مخرجاً في ظروف قاسية».

وعدّ رئيس مهرجان القدس السينمائي عنوان الدورة الثامنة «مبدعون رغم اللجوء» أنه يظهر حالة الإصرار على الإبداع، وأثنى على دور وزارة الثقافة الفلسطينية التي تعاونت معهم، وكذلك جمعية «رؤية الشبابية»، قائلاً إن «المهرجان والفيلم يحملان رسالة إلى العالم أنه في ظل الحرب والدمار نطالب بالحياة لإيماننا بأنها تنتصر على الموت».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.