«الطاحونة الحمراء»... «مآسي الحبّ» يرصدها المسرح المصري

استُلهِم العمل الغنائي - الاستعراضي من فيلم أدَّت نيكول كيدمان بطولته

الأزياء عنصر أساسي في العرض (مخرج المسرحية)
الأزياء عنصر أساسي في العرض (مخرج المسرحية)
TT

«الطاحونة الحمراء»... «مآسي الحبّ» يرصدها المسرح المصري

الأزياء عنصر أساسي في العرض (مخرج المسرحية)
الأزياء عنصر أساسي في العرض (مخرج المسرحية)

هل تكفي قوّة العاطفة بين رجل وامرأة لينتصر حبّهما على جميع التحدّيات، أم أنّ لقسوة الواقع رأياً آخر؟ الإجابة تطرحها مسرحية «الطاحونة الحمراء» المعروضة حالياً ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح في القاهرة؛ وهي مأخوذة من الفيلم الشهير «Moulin Rouge» أو «الطاحونة الحمراء»؛ من بطولة نيكول كيدمان، وإيوان مكريغور، وريتشارد روكسبيرج، ضمن إنتاج مشترك أسترالي – أميركي، صدر عام 2001، وحصد جائزتَي «أوسكار».

استلهم صنّاع العرض المصري الخطوط الدرامية للفيلم الواقعة أحداثه عام 1899، حين يزور شاعر إنجليزي شاب يُدعى «كرستيان» العاصمة الفرنسية باريس للاستفادة مما عُرف آنذاك باسم «الثورة البوهيمية»، وخَوْض تجارب متحرّرة من قيود مجتمع بلاده المحافظة. هناك يتعرّف إلى صديق جديد يُقنعه بأنّ أفضل وسيلة لتحقيق أهدافه هي تأليف مسرحية للملهى الليلي الشهير، «مولان روج» أو «الطاحونة الحمراء».

الإضاءة لعبت دوراً مهماً في العمل (مخرج المسرحية)

يقع الشاعر في حبّ نجمة الملهى الأولى، «ساتين»، لكنه يواجه منافسة قوية من أحد أثرياء المدينة الذي يعدُّها من بين ممتلكاته الشخصية؛ وهو «الدوق مونروث». تُبادل الشابة الشاعرَ الحبّ، لكن الدوق الغيور يشتعل غضباً، ويلجأ إلى جميع الوسائل للتفريق بين العاشقين.

وفي الوقت الذي يبدو أنّ العشق تغلَّب على مشكلات الواقع الصارخة، بما فيها سُمعة فتاة الملهى، تسقط «ساتين» صريعةَ مرض عضال لم يُعرف له دواء ناجع آنذاك؛ هو السلّ.

ليست القصة هي العنصر المشترك الوحيد بين الفيلم والمسرحية، بل أيضاً الطابع الغنائي - الاستعراضي الذي يميّز المسرحية بوجود فرقة موسيقية على الخشبة تؤدّي عروضها بين الحين والآخر؛ فالأحداث تدور بمعظمها داخل ملهى ليلي؛ وبالتالي ثمة مبرّر درامي لهذا الحضور.

العمل من إخراج حسام التوني، وبطولة محمود متولي، ورحاب حسن، ومحمد أمين، وضياء الصادق؛ وإعداد مسرحي أحمد حسن البنا، ودراماتورغ وأشعار أحمد زيدان.

الاستعراضات استهدفت الإبهار البصري (مخرج المسرحية)

في هذا السياق، عدَّ الناقد والكاتب المسرحي يسري حسان المسرحية «من العروض التي يقدّمها هواة بتكلفة مادية بسيطة، لأنه يتبع الثقافة الجماهيرية الحكومية ذات الميزانية المحدودة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم ذلك جاء طَموحاً ضمن قالب موسيقي غنائيّ، وهو نوع يغيب كثيراً في مسرحنا المصري بذريعة أنه يتطلّب إمكانات مادية كبيرة».

وتابع حسان: «حين يأتي هؤلاء الشباب ليقدّموا عرضاً جيداً ومنضبطاً، ويضعون أنفسهم في مقارنة مع فيلم عالمي حمل الاسم عينه؛ فهذا يُحسب لهم»، مضيفاً: «جاءت الأغنيات من نسيج العمل نفسه، وأسهمت في بنائه الدرامي. كذلك، فإنَّ العرض يُقدّم مجموعة جيّدة من الممثلين، ويشير إلى وعي مخرجه حول فكرة الصورة وخصوصية عالم المسرح».

أداء تمثيلي اتّسم بالإتقان (مخرج المسرحية)

بدوره، أكد المخرج حسام التوني أنه لم يخشَ المقارنة بين المسرحية والفيلم، لعدم تقديمه الشريط السينمائي بحذافيره، بل أدخل وصنّاع العمل عليه تعديلات. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يبحث عن فكرة من خارج الصندوق، تكون جديدة على المسرح المصري وذات طبيعة غنائية موسيقية.

ولفت إلى أنّ «الاعتماد على فريق من الممثلين الهواة لم يكن خياراً سهلاً، لكنه أتى نتيجة للميزانية المحدودة. فالاختيارات جاءت أساساً من طلّاب جامعيين يملكون موهبة وحماسة وإمكانات في التمثيل والغناء والاستعراضات».


مقالات ذات صلة

يحيى الفخراني يستعيد تألقه المسرحي تحت عباءة «الملك لير»

يوميات الشرق احتفاء كبير بعودة الفخراني للمسرح (وزارة الثقافة المصرية)

يحيى الفخراني يستعيد تألقه المسرحي تحت عباءة «الملك لير»

استعاد الفنان المصري يحيى الفخراني تألقه المسرحي عبر عرض «الملك لير» الذي تم افتتاحه مساء الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحكي عن كاتب يقع في حبّ عازفة كمان (نوح مقدّم)

«حبّ وسط الحرب»... تحية للفن المسرحي الكلاسيكي

مسرحية «حبّ وسط الحرب» عمل كلاسيكي يستعيد أجواء الثمانينات والرومانسية القديمة وسط الحرب اللبنانية، يقدّمه نوح مقدّم تعبيراً عن الحنين إلى زمن الحب الحقيقي.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ختام المهرجان المسرحي (وزارة الثقافة المصرية)

مصر تسعى لتقديم «500 ليلة مسرحية» خلال موسم الصيف

تسعى مصر لتقديم 500 ليلة عرض مسرحي في موسم الصيف، من خلال عروض أُنتجت بالفعل من فرق المحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق امرأة تُسقط الأقنعة لتكشف عن حقيقة الإنسان (فينوس)

ريتا حايك: «خطفوا فينوس مني»... وجاك مارون يواصل العرض

تراكم الخلاف بين ريتا حايك وجاك مارون في صمت. لم تشأ أن تفضحه، لكنها حين رأت إعلاناً جديداً للمسرحية تظهر فيه ممثلة أخرى، هي رلى بقسماتي، لم تتمالك نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق غبريال يمّين يجمع في «شغلة فكر» بين ممثلين محترفين ومواهب صاعدة (الشرق الأوسط)

«شغلة فكر» لغبريال يمّين: الإبهار المسرحي بأدواته وموضوعاته

من خلال هذا العرض، يعطي غبريال يمّين فرصة لمواهب تمثيلية شابة اختارها من بين طلّابه الجامعيين، فيجمع هذه المواهب مع ممثلين محترفين، صانعاً خلطة ذكية.

فيفيان حداد (بيروت)

مصريون يخففون من آثار أزمة حريق سنترال رمسيس بـ«النكات»

الاستعانة بلقطة من فيلم «الأيدي الناعمة» لأحمد مظهر (إكس)
الاستعانة بلقطة من فيلم «الأيدي الناعمة» لأحمد مظهر (إكس)
TT

مصريون يخففون من آثار أزمة حريق سنترال رمسيس بـ«النكات»

الاستعانة بلقطة من فيلم «الأيدي الناعمة» لأحمد مظهر (إكس)
الاستعانة بلقطة من فيلم «الأيدي الناعمة» لأحمد مظهر (إكس)

يبدو المثل الشعبي «شر البلية ما يُضحك» مثالياً في أوقات الشدائد بمصر، وهو المنطق الذي يمكن استنتاجه ببساطة على صفحات «السوشيال ميديا» عقب حريق «سنترال رمسيس» بقلب القاهرة، فإلى جانب متابعة المصريين من كثب لهذا الحادث المأساوي بحذر وقلق بالغين، فإن هذه المتابعة لم تخل من حالة من «السخرية» الواسعة من تبعات الحريق التي أثرت على قدرتهم على التعامل مع الإنترنت، وشبكات الاتصالات والبنوك بشكل عام.

وتسبب حريق سنترال «رمسيس»، الذي اندلع مساء (الاثنين)، في عطل واسع أصاب خدمات الاتصالات والإنترنت في القاهرة ومحافظات أخرى قريبة، وصل لذروته بقطع خدمات الإنترنت بشكل كامل عن الجوالات لبعض الوقت قبل أن تتم استعادتها بشكل جزئي، فيما بقيت بعض الاتصالات بين الشبكات غير متاحة حتى ظهر الثلاثاء.

لقطة من عمليات إطفاء حريق سنترال رمسيس (أ.ف.ب)

ورغم ذلك؛ فجرت حالة «العزلة» التي تسبب فيها انخفاض كفاءة شبكات المحمول في حالة من النقد الساخر التي تداولها مستخدمو مواقع التواصل، بما في ذلك التفاعل الواسع مع منشور على صفحة الفنان الكوميدي المصري محمد ثروت الذي نشر على صفحته مقطعاً له من مسلسل «لالا لاند»، وهو يؤدي فيه دور موظف في قسم خدمة العملاء بإحدى شركات الاتصالات، ويطلب من أحد الشاكين من ضعف خدمة الانترنت أن: «يُغلق الراوتر ويعيد فتحه من جديد» بوصفها الطريقة الوحيدة لحل مشكلة الإنترنت، وهو المقطع الذي علّق عليه بقوله: «حال المصريين الآن بعد قطع الإنترنت»، وسط مشاهدات تقترب من ثلاثة ملايين مشاهدة للمقطع، وتعليقات تُشارك معه حالهم مع الضعف العام في خدمات الإنترنت.

ولا ترى الدكتورة فاتن رشاد، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن حالة «السخرية» النابعة من المأساة «غريبة على الشعب المصري» كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «حالة الفوضى التي تسبب فيها حريق مبنى السنترال انعكست بشكل مباشر على الحياة اليومية للناس وجعلت هناك تفاعلاً مباشراً مع الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بأمور حيوية كالاتصالات والتعاملات المالية، ولأن التأثير كان بالنسبة للناس غير مقبول نظراً لأهمية ومركزية المبنى الذي يتحكم في كل الفروع، فكان هناك رد فعل كبير تجاهه، والسخرية هنا تمثيل للعجز عن الفهم أو التصرف في تلك التبعات».

كما فوجئ العديد من المصريين على مدار (الثلاثاء) بعدم قدرتهم على صرف أموال من البنوك أو من خلال تطبيقات المعاملات المالية، خصوصاً خدمة «إنستاباي» للتحويلات المالية، حيث أدى تعطل خدمات الإنترنت إلى توقف خدمات المدفوعات الإلكترونية بشكل كامل، وعدم القدرة على الوصول إلى أي معاملات مالية، ما عطّل الحركة على مدار اليوم، ووجدت تلك الحيرة لنفسها منفذاً آخر للسخرية من هذه الحال، فانتشر كوميكس ساخر مستوحى من فيلم «الأيدي الناعمة» يُصوّر الفنان أحمد مظهر (في دور الأمير شوكت) الذي يستبد به الإفلاس فيطلب من بائع فقير أن يُطعمه قطعة «بسبوسة» مقابل أن يبيع له نياشينه القيمة، وصاحب الصورة تعليق: «حال المصريين من دون فيزا أو إنستاباي».

ووفق رشاد فإنه: «منذ سنوات أصبحت السوشيال ميديا متنفساً كبيراً لهذا الضغط الاجتماعي من خلال الكوميكس والفيديوهات وغيرها من الوسائل، سواء مع موجات الغلاء أو مع الأزمة التي أحدثها حريق السنترال».

وتداول مستخدمون صورة لوزير الشؤون النيابية المصري محمد فوزي خلال جلسة اجتماع لجنة الاتصالات بمجلس النواب، وهو يُمسك بتليفونه المحمول ويبرز قيامه بعملية تحويل 100 جنيه عبر تطبيق «إنستاباي» لابنه، رداً على انتقاد أحد النواب لتعطّل حركة تداول التحويلات عبر تطبيق «إنستاباي» بعد أزمة سنترال رمسيس.

صورة وزير وزير الشؤون النيابية المصري محمد فوزي أثارت موجة واسعة من الجدل (إكس)

وفجرت تعبيرات وجه الوزير موجة من التعليقات الساخرة من بينها تعليق للكاتبة الرواية الشابة والصحافية رحاب لؤي على حسابها على فيسبوك: «جوزك وهو بيثبتلك بالآلة الحاسبة إن البيت ممكن يمشي بـ250 جنيهاً لمدة سنة قدام وإنتي اللي مُسرفة».