بيت ضيافة لبناني ينتصر للمرأة المناضلة ويُشارك صوتها

صاحبه رفض التمييز ضدّ النساء وقدَّر معاناتهنّ منذ وعيه الأول

نساء مكرَّمات على جذوع الشجر (الشرق الأوسط)
نساء مكرَّمات على جذوع الشجر (الشرق الأوسط)
TT

بيت ضيافة لبناني ينتصر للمرأة المناضلة ويُشارك صوتها

نساء مكرَّمات على جذوع الشجر (الشرق الأوسط)
نساء مكرَّمات على جذوع الشجر (الشرق الأوسط)

أحبَّ اللبناني كمال فغالي الشخصيات المتمرّدة منذ الصغر، ولفتته النساء المناضلات لخوضهنّ غالباً تحدّياً أكبر من تحدّيات الرجل. كتاب نوال السعداوي، «الأنثى هي الأصل»، جعله يتوقّف جدّياً عند كفاح المرأة. كثَّف قراءاته عن التجارب النسوية واختلاف عناوين المعارك التي شُنَّت. وشغله سؤال: «إذا كان بعض المجتمعات لا يزال تقمع النساء حتى اليوم، فماذا نقول عن سيدات استطعن المجاهرة برفض الظلم قبل عقود؟ كنَّ رائدات ويستحققن من كلّ إنسان، ومن النساء اللواتي يعشن اليوم حرّيتهن، بأي شكل من الأشكال، أن يشكرهنّ. لذا اخترتُ (مشروع البيّاضة) لأوجّه تحية لهنّ. قلتُ، فليكن بمثابة ميدالية أودّ لو قدّمتها لكلّ منهن».

المكان تحية لنساء يسترحن على صفحات التاريخ (الشرق الأوسط)

يُشارك «الشرق الأوسط» حكاية الأشجار والبيوت والشوارع المؤدّية إلى المكان في بلدة جران بمنطقة البترون الوسطى المرتفعة 450 متراً عن سطح البحر؛ والمتّخذة جميعها أسماء نساء يسترحن على صفحات التاريخ. ليس التقدير الشخصيّ فحسب ما سرَّع تنفيذ فكرة شغلت صاحبها طويلاً، بل أيضاً رغبته في التعريف أكثر بهنَّ: «قد تكون محاولة للتحريض على الاقتداء بهنّ ولو بشكل غير مباشر. عندما تحلُّ هذه الأسماء في مكان سياحيّ يقصده بشر من توجّهات متنوّعة، لا بدّ أن يسأل زوّار عمّا تكون حكاية الشخصيات وماذا فعلت لنخصّها بالتسمية. اختيار الأسماء يُعزّز الهوية الثقافية ويُضيف بُعداً مُلهماً وتعليمياً لقاصدي المكان».

رغبة في تكريس أهمية النضال من أجل العدالة والمساواة (الشرق الأوسط)

يتيح الاحتفال بإرث النساء تكريس أهمية النضال من أجل العدالة والمساواة، مما يُغني التجربة السياحية ويُخرجها من كونها مجرَّد لقمة طيّبة واستراحة. يثق كمال فغالي بهذه الخلاصة، ويُكمل: «لذا حرصتُ على كتابة نبذة مختصرة عن كلّ شخصية، علّقتُ بعضها على جدران الغرف فيقرأها الضيف وربما يتأثّر. هذا الأمر دفعني إلى إجراء بحث موسّع عن النساء المناضلات حول العالم. قرأتُ عن نحو 5000 امرأة، واخترتُ التعمُّق في 1300 اسم. في المشروع فسحة سمّيتها (حديقة النسويات) أردتُها تكريماً لمقاماتهنّ. لا بدّ من الاعتراف بتوقّفي عند كلّ قصة متسائلاً: كيف فكَّرت هذه المرأة بهذا السياق الحداثي في ذلك الزمن؟ كيف قامت بما قامت به؟».

حرص كمال فغالي على كتابة نبذة مختصرة عن كلّ شخصية (الشرق الأوسط)

بذل كمال فغالي الجزء الأكبر من عقوده السبعة في القراءة والتتبُّع. طارد شغفاً لم يُهمده العُمر. نوعُه يتوهّج فمنبعه القضية ومُشعِله العدل الإنساني. قضيته إعلاء الصوت المؤثّر فلا يُحجَب أو يتلاشى. بل يسطع ويُواجه ويُغيِّر الأقدار. أطلق على الشارع الرئيسي المؤدّي إلى الدار «شارع نوال السعداوي»؛ مُلهمته الأولى والقلم المُحرِّك. توالت الأسماء: الأديبة مي زيادة، والنسوية اللبنانية زاهية قدّورة، والألمانية كلارا زتكن... يُخبر أنها أدّت دوراً في تنظيم النساء العاملات في النقابات، وأسّست عام 1891 صحيفة «المساواة» الطليعية لخطِّ مسار النضال الاجتماعي والسياسي بألمانيا. وفي 1932، عندما كان البرلمان في القبضة النازية، ألقت خطاباً أصبح وثيقة تاريخية لمقاومة الفاشية.

أسماء النساء تُضيف بُعداً مُلهماً لقاصدي المكان (الشرق الأوسط)

ويتحدّث عن الصحافية الأسترالية ليليان روكسون (1932-1973)، التي كتبت أول موسوعة لموسيقى الروك، واشتهرت على نطاق واسع في السبعينات بموقفها النسوي. ففي عام 1970، كتبت تقريراً عن مسيرة حقوق المرأة في نيويورك، نُشر في صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد»، وإليها نَسَبت المغنّية والممثلة هيلين ريدي الفضل في إدراكها للحركة النسوية وتوفير الزخم والإلهام لكتابة أغنيتها «أنا امرأة» التي أصبحت نشيد النساء المناضلات.

الرائدات مثل باقة، يحلو له شمَّها وردةً وردةً، لولا البُدَّ من الاختصار. يذكُر أنه في صغره، رأى دلال الأنثى في منزله، فكبُر على حقيقة أنّ المرأة قد لا تُوفَّق في زواجها، ويباغتها الحظّ برجل قهَّار، لذا وَجَب على عائلتها مدَّها بالمعاملة الحُسنى. في المقابل، لمح نساء يُعنَّفن في منازل أزواجهنّ، ولمّا يقصدن الأهل للحماية، يلقين الصدّ: «عودي إلى زوجكِ وأولادكِ. هذه مصائر المرأة». غضبه الداخلي أجَّجه الظلم، فشاء التصدّي: «أمضيتُ طفولتي أحلم بالإنصاف، وسنواتي أسعى من أجله. تطوّعتُ مع جمعيات نسوية لأفعل شيئاً. ثم خطرت لي فكرة إنشاء بيوت للضيافة بأسماء نسائية أعبِّر من خلالها عن وفائي لإنجازاتهنّ. لنحو 4 سنوات وأنا أقرأ بدوام كامل. بحثتُ ووسَّعتُ المعرفة. في المشروع مكتبة ضخمة تضمّ 25 ألف كتاب. هي دربي إليهنّ».

في المشروع مكتبة ضخمة تضمّ 25 ألف كتاب (الشرق الأوسط)

حصل على رخصة لإنشاء 22 منزلاً، أنجز منها 16 حتى الآن. لم يقطع شجرة، وإن اضطرَّ إلى إنشاء فتحة في السقف من أجلها. ويراعي البيئة باستعمال مواد مُعاد تدويرها. على تلك الأشجار، علَّق صور مناضلات. وكل جذع يحمل اسماً أثَّر. وفاء الرجال لعطاءات النساء لا يُثمَّن.


مقالات ذات صلة

«الصلح» يُسدل الستار على تريند «ضرب الحماة» في مصر

يوميات الشرق الأم المعتدى عليها (صفحة نجلها على «فيسبوك»)

«الصلح» يُسدل الستار على تريند «ضرب الحماة» في مصر

أُسدل الستار على واقعة «ضرب الحماة» التي حظيت باهتمام كبير على مواقع «السوشيال ميديا» المصرية خلال الأيام الماضية وتصدرت «التريند»، بعقد الصلح.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

شهدت مصر واقعة جديدة لقفز فتاة من سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي أثناء سيرها، لتعيد إلى الأذهان وقائع سابقة في هذا الصدد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الأم المعتدى عليها (صفحة نجلها على «فيسبوك»)

فيديو لامرأة تضرب حماتها يثير الغضب على مواقع التواصل

أثار مقطع فيديو تظهر فيه سيدة تضرب حماتها، غضب مصريين، حيث نشر حساب على «فيسبوك»، مقطع فيديو وصفه بأنه لـ«زوجته وهي تعتدي على والدته».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)

فيكتوريا عون صرخةُ الشباب ضدَّ التحرُّش

لم تتردَّد الممثلة اللبنانية فيكتوريا عون لتكون صرخة المراهقين في وجه الأذى والتفلُّت غالباً من العقاب.

فاطمة عبد الله (بيروت)

تأجيل حفلات تامر حسني وأصالة بسبب الأوضاع المضطربة في بيروت

الإعلان عن تأجيل حفلة تامر حسني في فوروم دي بيروت (إنستغرام)
الإعلان عن تأجيل حفلة تامر حسني في فوروم دي بيروت (إنستغرام)
TT

تأجيل حفلات تامر حسني وأصالة بسبب الأوضاع المضطربة في بيروت

الإعلان عن تأجيل حفلة تامر حسني في فوروم دي بيروت (إنستغرام)
الإعلان عن تأجيل حفلة تامر حسني في فوروم دي بيروت (إنستغرام)

أدّت الأوضاع المضطربة في لبنان المهدد بضربة عسكرية إلى إحداث بلبلة على الساحة الفنية. وهو ما دفع ببعض نجوم الغناء العربي إلى إلغاء حفلاتهم الغنائية التي كان من المقرر إحياؤها في بيروت. فقد أعلنت الشركتان المتعهدتان تنظيم حفلي تامر حسني وأصالة عن إلغائهما. ووزّعت الشركة بياناً رسمياً على وسائل الإعلام اللبنانية يفيد بذلك. ولكنهما في المقابل أكّدتا على إبقاء حفلة جورج وسوف وآدم ورحمة رياض. ومن المتوقع أن تقام هذه الأخيرة في مركز «فوروم دي بيروت» في 11 أغسطس (آب) المقبل.

تأجيل حفل أصالة في بيروت (إنستغرام)

وتحت عنوان «تأجيل حفلات صيف 2024» وزّعت شركتا «جي إم إتش» و«تي إم جي» بياناً تضمن خبر تأجيل حفلات تامر حسني وأصالة وسيف نبيل.

ومتوجهاً إلى جمهور هذه الحفلات أعلن البيان أنه ونظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان أُجّلت حفلات صيف 2024. ومما جاء فيه: «حرصاً منّا ومن النجوم الذين كانوا سيحيون هذه الحفلات على سلامة جمهورهم الكريم، قررنا تأجيل الحفلات التالية: حفلة النجم تامر حسني في 3 أغسطس، وحفلة النجمة أصالة في 10 منه، وكذلك حفلة النجوم عاصي الحلاني، وهيفاء وهبي، وسيف نبيل والـ(دي جي) أصيل في 8 أغسطس». وأكمل البيان مؤكداً أن مواعيد لاحقة سيتم الإعلان عنها لإقامتها من جديد. وطلب من الجمهور الذي حجز بطاقاته لتلك الحفلات باسترداد أسعارها من مراكز تجارية محددة.

فرقة مياس تحيي عرضها في 1 أغسطس بلا أي تعديل على موعدها (إنستغرام)

وفور انتشار هذا الإعلان حدثت حالة إرباك على الساحة الفنية، وراح جمهور هؤلاء النجوم كما أهل الإعلام يستوضحون طبيعة الأمر. ممّا طرح السؤال حول ما إذا كانت هذه الحفلات قد أُلغيت أو أُجّلت؛ وليأتي الرد واضحاً من قبل الشركتين المنظمتين للحفلات بأن الأمر لا يتعدّى التأجيل فقط.

تأجيل حفل عاصي الحلاني وسيف نبيل (إنستغرام)

وكانت حالة من البلبلة قد سادت الساحة اللبنانية تمثّلت في إلغاء بعض شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى لبنان، في حين طرح اللبنانيون الأسئلة عن مصير حفلات أخرى، ليتبيّن أن حفلات الفنان الشامي، وفرقة ميّاس، وجورج وسوف باقية على مواعيدها المقررة لها. وتجدر الإشارة إلى أن جميع الحفلات الآنف ذكرها ستجري في موعدها وسط بيروت وفي مركز «فوروم للمعارض».

الشامي يختتم فعاليات «أعياد بيروت» على الواجهة البحرية (إنستغرام)

وكانت البطاقات لتلك الحفلات قد نفدت من الأسواق، ومن المنتظر أن تعقد فرقة مياس مؤتمراً صحافياً مساء اليوم الثلاثاء 30 الحالي للتحدث عن عرضها. وكذلك للإعلان عن مصير حفلتها الوحيدة وسط بيروت التي ستقام في 1 أغسطس على الواجهة البحرية.

في حين لم يصدر أي بيان أو إعلان رسمي عن مهرجان أعياد بيروت الذي يختتم فعالياته بحفل للمغني السوري الشامي، فحتى هذه اللحظات لا تزال باقي الحفلات الموسيقية والغنائية في بيروت قائمة من دون أي تغيير في مواعيدها.

عاجل أنباء عن نجاة رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان من محاولة اغتيال بمسيرة شرقي السودان