دراسة: فقدان شخص عزيز يُسرّع الشيخوخة

فقدان شخص عزيز يمكن أن يجعل الإنسان يتقدم في العمر بسرعة أكبر (جامعة ماكماستر)
فقدان شخص عزيز يمكن أن يجعل الإنسان يتقدم في العمر بسرعة أكبر (جامعة ماكماستر)
TT

دراسة: فقدان شخص عزيز يُسرّع الشيخوخة

فقدان شخص عزيز يمكن أن يجعل الإنسان يتقدم في العمر بسرعة أكبر (جامعة ماكماستر)
فقدان شخص عزيز يمكن أن يجعل الإنسان يتقدم في العمر بسرعة أكبر (جامعة ماكماستر)

أفادت دراسة أجراها باحثون بجامعة كولومبيا و«مركز بتلر للشيخوخة» بالولايات المتحدة بأن فقدان شخص عزيز، مثل أحد أفراد الأسرة، يمكن أن يجعل الإنسان يتقدم في العمر بسرعة أكبر.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين فقدوا أحد الوالدين أو الشريك أو الأخ أو الطفل، أظهروا علامات على تقدم العمر البيولوجي أكثر من أولئك الذين لم يتعرضوا لهذه الخسائر، وفق النتائج المنشورة، الاثنين، في دورية «غاما نتورك».

والشيخوخة البيولوجية هي تدهور تدريجي في وظيفة الخلايا والأنسجة والأعضاء بمرور الوقت، وتختلف عن العمر الزمني. وتتضمن الشيخوخة البيولوجية تغييرات جينية وخلوية، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

وتشمل علامات الشيخوخة البيولوجية انخفاض الكفاءة في الوظائف الجسدية مثل ضعف الجهاز المناعي، وتراجع قوة العضلات وكثافة العظام، وزيادة الالتهاب والأضرار التأكسدية في الخلايا. ويستخدم العلماء مؤشرات الحمض النووي المعروفة بالساعات الجينية لقياس هذا النوع من الشيخوخة.

واستخدم الباحثون بيانات من الدراسة الوطنية الطولية للصحة من المراهقة إلى البلوغ، التي بدأت في 1994.

ولقياس تأثير فقدان الأسرة خلال الطفولة أو المراهقة، تابعت الدراسة المشاركين عبر موجات زمنية متعددة، شملت الموجة الأولى أكثر من 20 ألف مراهق، بينما أجريت مقابلات مع أكثر من 12 ألف مشارك في الموجة الخامسة بين عامي 2016 و2018، كما جرى جمع عينات دم من نحو 4500 مشارك لاختبار الحمض النووي في الموجة الأخيرة.

وفحصت الدراسة تأثير الخسائر التي حدثت خلال الطفولة والمراهقة والبلوغ، وتقييم عدد الخسائر عبر هذه الفترة الزمنية. وأظهرت النتائج أن نحو 40 في المائة من المشاركين تعرضوا لخسارة شخص واحد على الأقل في مرحلة البلوغ بين سن 33 و43 عاماً.

وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين تعرضوا لخسارتين أو أكثر كانوا يُظهرون أعماراً بيولوجية أكبر، وكان فقدان اثنين أو أكثر في مرحلة البلوغ مرتبطاً أكثر بالشيخوخة البيولوجية مقارنةً بعدم وجود خسائر.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة كولومبيا، الدكتورة أليسون آييلو: «تُظهر دراستنا روابط قوية بين فقدان الأحباء عبر مراحل الحياة من الطفولة إلى البلوغ وتسارع الشيخوخة البيولوجية».

وأضافت عبر موقع الجامعة أن «خسارة الأحباء في أي عمر يمكن أن يكون لها تأثيرات صحية طويلة الأمد، لكنَّ التأثيرات قد تكون أشد خلال الفترات التنموية الرئيسية مثل الطفولة أو البلوغ المبكر ويمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية نفسية، وإدراكية، وزيادة مخاطر أمراض القلب والوفاة المبكرة. كما أن فقدان أحد أفراد الأسرة المقربين في أي عمر يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والوفاة، والخرف».

واختتمت حديثها قائلة: «ما زلنا لا نفهم تماماً كيف يؤدي فقدان الأحباء إلى تدهور الصحة وزيادة معدل الوفيات، ولكنَّ الشيخوخة البيولوجية قد تكون إحدى الآليات».


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».