4 فنانين يجسدون التراث الشعبي والمولوية في معرض بالقاهرة

لوحة للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)
لوحة للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)
TT

4 فنانين يجسدون التراث الشعبي والمولوية في معرض بالقاهرة

لوحة للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)
لوحة للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)

بين الاتكاء على التراث الشعبي وإبراز روح الحارة المصرية ونسائها، تتنوع اللوحات المعروضة حالياً في غاليري «تاون هاوس» بوسط القاهرة، كما يبدو في أعمال الفنان ناجي باسيليوس، ووالدته الفنانة فهيمة أمين، وفنانَين آخرين رصدا المولوية بحركاتهما الانسيابية وانعكست في أعمالهما بيئات وثقافات متنوعة.

يذكر أن المعرض الذي يضم أكثر من 120 لوحة لـ4 فنانين ويستمر حتى 20 يوليو (تموز) الحالي، تتجلى فيه الأبعاد الروحية التي تستدعي راقصي المولوية وهم يبسطون أياديهم إلى السماء، بحسب ما يصورهم الفنان مجدي صبحي بالرسم على القماش، باستخدام ألوان مبهجة تشيع نوعاً من الصفاء والسكينة على الشخصيات.

«راقص المولوية» للفنان مجدي صبحي (الشرق الأوسط)

وتأتي لوحات الفنانة اليمنية عفراء أحمد التي تستعير تيمة «بنت القمرية» من المنازل، وتستخدمها في أعمالها بطريقة تعكس روحها في غربتها بعيداً عن أرض الوطن، وتوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «بنت القمرية هي طاقة صغيرة مصممة بالزجاج الملون موجودة أعلى الشبابيك في اليمن، ومنها يدخل ضوء النهار للمنازل، وقد استخدمتها بصورة مختلفة عن المعتاد، وقد ظهرت في اللوحات لتعبر عن روحي، وما يعتمل فيها من مشاعر حنين للوطن والرغبة في احتضان المنازل بتفاصيلها المتنوعة».

وبدأت عفراء فكرة استخدام تيمة «بنت القمرية» في لوحاتها عندما كانت تعيش في ماليزيا، وبحسب قولها، لم تجد معيناً على وجودها هناك بعيداً عن اليمن سوى استدعاء تلك الطاقة الزجاجية الملونة الموجودة أعلى النوافذ لتأتنس بضوئها وتكويناتها التي تتشكل بها فوق شبابيك وجدران البيوت: «وجدت أنها جزء من الروح اليمنية وتمثل جوهر منازلنا، باعتبارها منفذاً أساسياً لدخول الضوء إليها، لذلك استدعيتها في كثير من اللوحات وأضفيت عليها حالاتي وما تفرضه من تصورات ذاتية في الغربة».

«بنت القمرية» للفنانة اليمنية عفراء أحمد (الشرق الأوسط)

وتابعت: «استخدمت أسلوب الطباعة على الخشب في تنفيذ اللوحات، من هنا لم تخرج لوحة تشبه غيرها، وقد نقلت ذلك في فيديو وثائقي سجلت فيه عملية رسم لوحات بنت القمرية بكل مراحلها، حتى تحقيقها على الورق».

ويقول الفنان ناجي باسيليوس لـ«الشرق الأوسط»، إن والدته الفنانة فهيمة أمين كانت ضمن أول دفعة تخرجت فيما كان يسمى قبل 80 عاماً «المعهد العالي لمعلمات الفنون»، وكان عددهن 6 متخرجات، وتميزت أعمالها التي كانت تبدعها بالألوان المائية بقدرتها على التقاط ما تتميز به الحياة في المناطق الشعبية، والتفاصيل التي يعيشها سكانها على مدار أيامهم.

«في ساحة منزل ريفي» لوحة للفنانة فهيمة أمين (الشرق الأوسط)

وتظهر لمسات الفنانة فهيمة أمين في اللقطات البانورامية بما تمثله من جوانب متنوعة وعميقة تظهر فيها الشوارع ببيوتها وناسها، صورت خلالها الألعاب الشعبية والبيئات الريفية وحياة الفلاحين في البيوت والحقول وأيام الحصاد واحتفالاتها.

ورغم أنه يسير على درب والدته في الاهتمام بالمناطق الشعبية فإنه يختلف عنها في اتجاهه للرسم بالألوان الزيتية والفحم، حيث أشار باسيليوس إلى أن «الألوان المائية صعبة في التعامل معها، وتحتاج لحساسية بالغة، فأي خطأ يرتكبه الفنان أثناء العمل يمكن أن يفسد اللوحة ويضطره للبدء من جديد»، لافتاً إلى أنه يفضل التعبير عن عناصر محددة من حياة الناس من خلال لوحاته.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.