من «جزيرة الكنز» إلى «ليدي أوسكار»... عودة كلاسيكيات الأنيمي بعد 40 عاماً

تُعرض قريباً... ومختص لـ«الشرق الأوسط»: ترميم العمل الواحد يتطلب نحو سنة

مقارنة بين النسختين القديمة والأخرى التي تم ترميمها من مسلسل «جزيرة الكنز» (الشرق الأوسط)
مقارنة بين النسختين القديمة والأخرى التي تم ترميمها من مسلسل «جزيرة الكنز» (الشرق الأوسط)
TT

من «جزيرة الكنز» إلى «ليدي أوسكار»... عودة كلاسيكيات الأنيمي بعد 40 عاماً

مقارنة بين النسختين القديمة والأخرى التي تم ترميمها من مسلسل «جزيرة الكنز» (الشرق الأوسط)
مقارنة بين النسختين القديمة والأخرى التي تم ترميمها من مسلسل «جزيرة الكنز» (الشرق الأوسط)

حين تفتش في ذاكرة مواليد السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، تجدها ممتلئة بكلاسيكيات الإنيمي التي عُرضت قبل 4 عقود، ولقيت رواجاً كبيراً آنذاك بعد دبلجتها للعربية ولغات أخرى، مثل «جزيرة الكنز»، و«ريمي الفتى الشريد»، و«ليدي أوسكار» وغيرها، وهي أعمال من المنتظر عرضها قريباً على منصة «شاهد» التابعة لقنوات «MBC»، بعد أن أُعيد ترميمها بصرياً وصوتياً، مما يفتح باب التساؤل عن جدوى عرض هذه الأعمال القديمة بعد كل هذه السنوات؟.

يجيب عن ذلك خلدون قدورة، وهو رئيس قسم التواصل والتسويق في «كيوتون للإنتاج الفني والتوزيع»، الشركة المسؤولة عن ترميم هذه الأعمال، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أن الشغف وحب أعمال الكرتون القديمة كانا الدافع الأساسي لذلك، مضيفاً «كثيراً من ملامح الزمن الجميل بدأت تتلاشى، ونحن نود أن نُعيد هذا الزمن قليلاً، ولو عبر هذه المسلسلات الكارتونية، لأنها تحمل مضموناً جيداً، في حين أن كثيراً من المحتوى الموجه للأطفال في الوقت الحاضر يحمل رسائل خفيّة قد لا تناسب الكثيرين».

لكن هل ستستطيع هذه الأعمال جذب الجيل الجديد المختلف كلياً عن أسلافه؟ يقول قدورة: «نحن نستهدف العائلة كلها، بمَن فيهم الجيل الأكبر ممن أصبحوا آباء وأمهات اليوم، وصار بإمكانهم أن يتابعوا المسلسل الكارتوني نفسه الذي شاهدوه في طفولتهم، برفقة أبنائهم». ويشير إلى أن أعمال الأنيمي الحديثة في معظمها تجارية وتأتي على مواسم عدة بقصص تتم إعادتها كل مرة، بخلاف الكلاسيكيات التي كانت تحمل قصصاً فريدة ومختلفة، ومعظمها مستلهم من روايات عالمية.

بوستر مسلسل «ليدي أوسكار» المنتظر عرضه قريباً على منصة «شاهد» بعد ترميم العمل (الشرق الأوسط)

رحلة الترميم

إلا أن قدورة يؤكد أن طفل اليوم لا يتقبل دقة التلفزيون القديم، قائلاً: «الحل الوحيد هنا كان في العودة إلى الشركات اليابانية التي أنتجت هذه الأعمال، لعمل إعادة مسح لكل الرسومات التي في هذه الأعمال، وأخذها بدقة HD، وهو أمر يتطلب سنة وأكثر للعمل الواحد، بحسب عدد حلقات كل عمل».

ويبدو لافتاً ما ذكره قدورة من الحفاظ على أصوات الدبلجة الأصلية في النسخ العربية من هذه الأعمال، مضيفاً: «حرصنا على الدبلجة الأصلية القديمة، مع تصليح أي خطأ في مخارج الحروف، ليبدو كأنه تم تسجيله حديثاً؛ لأننا لاحظنا في تجارب سابقة أن الجمهور لم يتقبل إعادة الدبلجة بأصوات جديدة، ويرغب دائماً بالأصوات التي ألفها في طفولته».

صورة من مسلسل «ريمي» الصادر عام 1977 قبل وبعد الترميم (الشرق الأوسط)

خطة العرض

وأشار قدورة إلى تعاملهم الأول مع منصة «شاهد»، حيث من المنتظر عرض «جزيرة الكنز»، و«ليدي أوسكار» قريباً، يليهما عرض «ريمي الفتى الشريد»، ثم مغامرات «ماروكو»، مبيناً أن هناك أعمالاً كلاسيكية أخرى تعمل شركته على ترميمها، وسترى النور قريباً. وأردف بالقول: «يهمنا أن تكون الروح باقية في هذه الأعمال، وفق جودة بصرية وصوتية عالية تلائم العصر الحالي».

أعمال خالدة

وعودة لهذه الكلاسيكيات التي حُفرت في ذاكرة أجيال مضت، فإن «جزيرة الكنز» هو مسلسل أنيمي صدر عام 1978، عن رواية بالاسم نفسه للكاتب الأسكوتلندي روبرت لويس ستيفنسون، تمت دبلجة العمل في بداية الثمانينات، ولاقت النسخة العربية رواجاً كبيراً آنذاك. تبدأ القصة في القرن الـ18 في منطقة ساحلية إنجليزية، وتُروى الأحداث على لسان الصبي جيم هوكينز، الذي يمتلك قطاً أليفاً اسمه «بنبو»، ويدير مع أمه شؤون فندق في قريتهما منذ أن توفي أبوه في تحطم سفينته، إلى أن يأتيهما بحّار ليقيم في الفندق، كان يمتلك خريطة سرية لجزيرة نائية ممتلئة بالكنوز، ومن هنا تبدأ المغامرة.

مسلسل «ليدي أوسكار»، الذي يشتهر بلغات أخرى باسم «زهرة فيرساي» للكاتبة اليابانية ريوكو إكيدا، وصدر عام 1979، تدور أحداثه في باريس، قبل وفي أثناء الثورة الفرنسية، لفتاة تُدعى أوسكار فرنسوا دي جيرجايس، تعمل قائد الحرس الملكي المكلّف حماية الملكة ماري أنطوانيت، التي ينقلب عليها الشعب الفرنسي، وتتغير كثير من الأحداث تباعاً.

أما «ريمي الفتى الشريد» الصادر عام 1977، فهو مستلهم من رواية «بلا عائلة» للكاتب الفرنسي هيكتور مالوت، وتتناول قصته الفتى ريمي الذي يعيش بقرية بفرنسا مع أمه بينما يعمل والده في العاصمة باريس، ويكتشف ريمي بعد فترة أنهما ليسا والديه الحقيقيَّين، ثم يقرر والده - بالتبني - بيعه لصاحب عربة متنقلة اسمه فيتاليس، يقوم بعروض مع حيوانات، وخلال ذلك يمر بأحداث مؤلمة حتى يلتقي أمه الحقيقية.

يتطلب الترميم عمل إعادة مسح لكل الرسومات في مدى يقارب السنة للعمل الواحد (الشرق الأوسط)

صورة من مسلسل «جزيرة الكنز» قبل وبعد الترميم والمستلهم من رواية الأسكوتلندي روبرت لويس ستيفنسون (الشرق الأوسط)



«مخالف للأعراف»... مشاعر متضاربة حول حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
TT

«مخالف للأعراف»... مشاعر متضاربة حول حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)

«هذه هي فرنسا»، غرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معرباً عن فخره وسعادته بنجاح حفل افتتاح الدورة الأولمبية في باريس أمس. وجاءت تغريدة ماكرون لتوافق المشاعر التي أحس بها المشاهدون الذين تابعوا الحفل الضخم عبر البث التلفزيوني. جمع الحفل مشاهير الرياضة مثل زين الدين زيدان الذي حمل الشعلة الأولمبية، وسلمها للاعب التنس الإسباني رافاييل نادال والرياضيين الأميركيين كارل لويس وسيرينا وليامز والرومانية ناديا كومانتشي، وتألق في الحفل أيضاً مشاهير الغناء أمثال ليدي غاغا وسلين ديون التي اختتمت الحفل بأداء أسطوري لأغنية إديث بياف «ترنيمة للحب». وبالطبع تميز العرض بأداء المجموعات الراقصة وباللقطات الفريدة للدخان الملون الذي تشكل على هيئة العلم الفرنسي أو لراكب حصان مجنح يطوي صفحة نهر السين، وشخصية الرجل المقنع الغامض وهو يشق شوارع باريس تارة، وينزلق عبر الحبال تارة حاملاً الشعلة الأولمبية ليسلمها للاعب العالمي زين الدين زيدان قبل أن يختفي.

الرجل المقنع الغامض حامل الشعلة الأولمبية (رويترز)

الحفل وصفته وسائل الإعلام بكثير من الإعجاب والانبهار بكيفية تحول العاصمة باريس لساحة مفتوحة للعرض المختلفة.

«مخالف للأعراف» كان وصفاً متداولاً أمس لحفل خرج من أسوار الملعب الأولمبي للمرة الأولى لتصبح الجسور وصفحة النهر وأسطح البنايات وواجهاتها هي المسرح الذي تجري عليه الفعاليات، وهو ما قالته صحيفة «لوموند» الفرنسية مشيدة بمخرج الحفل توماس جولي الذي «نجح في التحدي المتمثل في تقديم عرض خلاب في عاصمة تحولت إلى مسرح عملاق».

انتقادات

غير أن هناك بعض الانتقادات على الحفل أثارتها حسابات مختلفة على وسائل التواصل، وعلقت عليها بعض الصحف أيضاً، فعلى سبيل المثال قالت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن الحفل كان «عظيماً، ولكن بعض أجزائه كان مبالغاً فيها»، مشيرة إلى مشاهد متعلقة بلوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي. واللوحة التمثيلية حظيت بأغلب الانتقادات على وسائل التواصل ما بين مغردين من مختلف الجنسيات. إذ قدمت اللوحة عبر أداء لممثلين متحولين، واتسمت بالمبالغة التي وصفها الكثيرون بـ«الفجة»، وأنها مهينة للمعتقدات. وعلق آخرون على لوحة تمثل الملكة ماري أنطوانيت تحمل رأسها المقطوعة، وتغني بأنشودة الثورة الفرنسية في فقرة انتهت بإطلاق الأشرطة الحمراء في إشارة إلى دم الملكة التي أعدمت على المقصلة بعد الثورة الفرنسية، وكانت الوصف الشائع للفقرة بأنها «عنيفة ودموية».

مشهد الملكة ماري أنطوانيت وشرائط الدم الحمراء أثار التعليقات (رويترز)

كما لام البعض على الحفل انسياقه وراء الاستعراض وتهميشه الوفود الرياضية المشاركة التي وصلت للحفل على متن قوارب على نهر السين. وتساءلت صحيفة «الغارديان» عن اختيار المغنية الأميركية ليدي غاغا لبداية الحفل بأداء أغنية الكباريه الفرنسية، التي تعود إلى الستينات «مون ترونج أن بلومز» مع راقصين يحملون مراوح مزينة بالريش الوردي اللون.

ليدي غاغا وأغنية الكباريه الفرنسية (أ.ف.ب)

في إيطاليا، قالت صحيفة «لا جازيتا ديلو سبورت»، حسب تقرير لـ«رويترز»، إن الحفل كان «حدثاً غير مسبوق، وغير عادي أيضاً. عرض رائع أو عمل طويل ومضجر، يعتمد حكمك على وجهة نظرك وتفاعلك». وشبهت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» واسعة الانتشار العرض بأداء فني معاصر، مشيرة إلى أن «بعض (المشاهدين) كانوا يشعرون بالملل، والبعض الآخر كان مستمتعاً، ووجد الكثيرون العرض مخيباً للآمال». وذكرت صحيفة «لا ريبوبليكا»، ذات التوجه اليساري، أن الحفل طغى على الرياضيين وقالت: «قدم الكثير عن فرنسا، والكثير عن باريس، والقليل جداً عن الألعاب الأولمبية»، من جانب آخر أشادت صحف فرنسية بالحفل مثل صحيفة «ليكيب» التي وصفته بـ«الحفل الرائع»، وأنه «أقوى من المطر»، واختارت صحيفة «لو باريزيان» عنوان «مبهر».

سيلين ديون والتحدي

على الجانب الإيجابي أجمعت وسائل الإعلام وحسابات مواقع التواصل على الإعجاب بالمغنية الكندية سيلين ديون وأدائها لأغنية إديث بياف من الطبقة الأولى لبرج إيفل، مطلقة ذلك الصوت العملاق ليصل كل أنحاء باريس وعبرها للعالم. في أدائها المبهر تحدت ديون مرضها النادر المعروف باسم «متلازمة الشخص المتيبّس»، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية لا علاج شافٍ له. وقد دفعها ذلك إلى إلغاء عشرات الحفلات حول العالم خلال السنوات الأخيرة.

سيلين ديون وأداء عملاق (أ.ف.ب)

وعلّق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على إطلالة سيلين ديون في افتتاح الأولمبياد، معتبراً عبر منصة «إكس» أنها «تخطت الكثير من الصعاب لتكون هنا هذه الليلة. سيلين، من الرائع أن نراكِ تغنّين مجدداً».