رحيل شيلي دوفال صاحبة الصرخة المدوّية في فيلم كوبريك

عذّبها المخرج بطلباته وأعاد التصوير عشرات المرّات بلا وِدّ

شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)
شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)
TT

رحيل شيلي دوفال صاحبة الصرخة المدوّية في فيلم كوبريك

شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)
شيلي دوفال في «ذي شاينينغ» (وورنر)

لكلمة «ذي شاينينغ» (اللمعان) معانٍ عدّة. تعني ما هو ساطع وتدلّ على الإشراق؛ وفي استخدامات موازية هي اللمعة الذهنية. في فيلم ستانلي كوبريك، هي كل هذه المعاني.

هذا ما أراد المخرج الأميركي نقله بتصرّف كبير عن رواية للمؤلّف ستيفن كينغ عام 1980، من بطولة اثنين من نجوم المرحلة، هما جاك نيكلسون والممثلة الأميركية شيلي دوفال الراحلة، الخميس، عن 75 عاماً في منزلها بولاية تكساس.

تتسلّم جائزة عن فيلم «3 نساء» لروبرت ألتمان (أ.ف.ب)

هي المرأة التي تكتشف أنّ زوجها فقد عقله عندما تقلب الأوراق التي انكبَّ على طباعتها فوق آلته، معتقدة أنها نصّ روايته المقبلة، لتجد مئات الصفحات تحمل عبارة واحدة، هي مثال إنجليزي قديم: «عمل دائم ولا راحة يجعلان جاك ولداً ملولاً». تُصاب بهلع. تحمل عصا غليظة وتصعد سلالم المكان بحذر. وها هو جاك يلحق بها حاملاً فأساً يريد قتلها. تدخل غرفتها وتقفل بابها. يُحطم الزوج الباب وينظر إليها قائلاً: «عزيزتي، أنا في المنزل».

الصرخة التي أطلقتها شيلي دوفال لا تزال تتردّد إلى اليوم. الأداء الصارم الذي يعكس منتهى الخوف، ممتزجاً بأمل باهت في النجاة، يسيطران على المشهد. نموذج نادر في كيف يمكن لممثلة أن تخاف وتُخيف. عذّبها كوبريك بطلباته. أعاد التصوير عشرات المرّات ولم يكن ودوداً. كان قاسياً وكانت موهوبة، وصورتها من ذلك الفيلم طغت على صورها الأخرى في أفلام عدّة.

في «بوباي» أدّت شخصية «أوليف أويل» الكرتونية (أ.ف.ب)

لكن «اللمعان» ليس الفيلم الوحيد الذي أثار انتباه النقاد والجمهور لموهبة دوفال المولودة في 7 يوليو (تموز) 1949. ثمة 7 أفلام مثَّلت فيها تحت إدارة روبرت ألتمان الذي احتلَّ مكانة مهمّة في السينما، ولو أنّ شهرته في عالم العرب لم تتجاوز تلك التي حقّقها كوبريك.

اكتشفها ألتمان عام 1969 وأسند إليها دوراً متقدّماً في فيلمه «بروستر مكلاود» (1970)، ثم استعان بها في «ماكاب ومسز ميلر» (1972)، و«لصوص مثلنا» (1974). ولمعت خصوصاً في «ناشفيل» الذي أنجزه عام 1975. في العام التالي، قدّمها مجدداً في «بافالو بل والهنود»، وقبل «اللمعان» بـ3 سنوات قادت بطولة فيلمه «3 نساء» مع سيسي سبايسك وجانيس رول. الفيلم الأخير لها مع ألتمان كان «بوباي»، مؤدّية شخصية «أوليف أويل» الكرتونية.

ظهرت في فيلم وودي ألن «آني هول» (1977)، وفي «عصابات الزمن» لتيري غيليام (1981)، ثم «روكسان» لفرد شيبيسي (1987)، و«بورتريه لسيدة» لجين كامبيون (1996).

هؤلاء المخرجون هم الأهم في دائرة الحياة الفنية لمَن واصلت العمل حتى العام الماضي عندما ظهرت في فيلم رعب مرَّ بلا انتباه أحد، عنوانه «هضاب الغابة».

شيلي دوفال كانت موهوبة بلا جدال، ولو أنّ الشهرة تجسَّدت في فيلم واحد أكثر من سواه (اللمعان). عن مشهد الرعب الذي أدّته بإجادة تامة، قالت: «لا أدري كيف مثّلته. جاك (نيكلسون) أيضاً قال لي: (لا أعرف كيف قمتِ بأداء هذا الدور)». لكننا نعلم أنّ موهبتها هي التي أنجزته على أفضل وجه.


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».