الكتابة عن الذات تعزز احترام المراهقين لأنفسهم

التنشئة الاجتماعية الصريحة لهوية المراهقين تنعكس على صحتهم العقلية (جامعة وست فرجينيا)
التنشئة الاجتماعية الصريحة لهوية المراهقين تنعكس على صحتهم العقلية (جامعة وست فرجينيا)
TT

الكتابة عن الذات تعزز احترام المراهقين لأنفسهم

التنشئة الاجتماعية الصريحة لهوية المراهقين تنعكس على صحتهم العقلية (جامعة وست فرجينيا)
التنشئة الاجتماعية الصريحة لهوية المراهقين تنعكس على صحتهم العقلية (جامعة وست فرجينيا)

توصّل بحث جديد أجراه فريق من جامعة «كورنيل» الأميركية، إلى أن توفير الأدوات والفرص للمراهقين لتأكيد الجوانب الإيجابية لهوياتهم الشخصية، يمكن أن يساعد في تعزيز احترامهم لذاتهم مع مرور الوقت.

وأفادت النتائج المنشورة في دورية «علم النفس التنموي» (Developmental Psychology) بأن الطلاب الذين أكملوا مقالات قصيرة كل بضعة أشهر حول هوياتهم أو للتأكيد على القيم المهمة بالنسبة لهم، أبلغوا عن حدوث استقرار أو تحسن فيما يتعلق باحترام الذات على مدار العام، في المتوسط.

في حين شهد أقرانهم الذين لم يكملوا تمارين «تأكيد الذات» انخفاضاً ملحوظاً في متوسط ​​تقدير الذات، وهي ظاهرة شائعة لدى المراهقين عند بدء المدرسة الثانوية.

قال آدم هوفمان، الأستاذ المساعد في قسم علم النفس وكلية البيئة البشرية بالجامعة، أحد باحثي الدراسة: «إن احترام الذات مستمد من هوياتنا الاجتماعية، وعادة ما يبدأ المراهقون يتشكلون من خلال هوياتهم الاجتماعية في مرحلة المراهقة».

وأضاف في بيان منشور على موقع الجامعة (الأربعاء): «إذا تمكنا من تشجيع التنشئة الاجتماعية الصريحة لهويتهم وتأطيرها بشكل إيجابي، فقد نرى نتائج أفضل في الصحة العقلية، وكذلك على مستوى الرفاهية العامة».

وهوفمان هو مؤلف مشارك لكتاب يركز موضوعه على مسألة «تأكيد الذات على أساس الهوية ودورها في الوقاية من تراجع احترام الذات لدى طلاب المدرسة الثانوية»، مع هانا شاكتر، أستاذة مساعدة في علم النفس بجامعة «واين ستيت» الأميركية.

الطلاب في المرحلة الثانوية يطورون إحساساً أكثر تعقيداً وحساسية بالذات (جامعة روتشستر)

من جانبه، أوضح هوفمان «أنه على الرغم من أن مستويات تقدير الذات المرتفعة ترتبط بأداء صحي وأكاديمي أفضل، فمن المعروف أنها تنخفض بين المراهقين الذين يبدأون مرحلة المدرسة الثانوية»، مضيفاً «أن الطلاب في هذه المرحلة يطورون إحساساً أكثر تعقيداً وحساسية بالذات، في حين هم يتنقلون في علاقات اجتماعية جديدة، ويواجهون اختبارات متكررة لمعرفة مدى تقدمهم».

وشدد هوفمان على «أن ارتفاع مستوى الإدراك الاجتماعي للمراهقين يمكّنهم من الحصول على تصورات ذاتية أكثر واقعية، وفهم أفضل لقدراتهم، وهناك طرق عدة لتقييم أنفسهم بالمقارنة مع الآخرين».

وأوضح: «كنا مهتمين بإيجاد طرق للمساعدة في التخفيف من تلك الانخفاضات المعيارية التي نراها في احترام الذات».

وكتب الباحثون: «ربما ليس من المستغرب أن وجود فرص متكررة للتفكير بشكل إيجابي في أي شيء له أهمية شخصية للذات - سواء كان ذلك القيم الشخصية أو الهويات الاجتماعية - قد يوفر وسيلة للحفاظ على الشعور بقيمة الذات».

وأضافوا أن المدارس والمرشدين وأولياء الأمور يمكن أن يوفروا هذه الفرص بأقل قدر من التعطيل عن المهام الأساسية الأخرى، لمساعدة المراهقين على الشعور بالتحسن تجاه أنفسهم أثناء انتقالهم إلى المدرسة الثانوية.

وأكد هوفمان: «هذا شيء يمكن القيام به في فصل اللغة الإنجليزية في 10 دقائق، بضع مرات في السنة، وهو سهل للغاية وملائم للأطفال».

واستطرد بقوله: «إن أي نوع من التدخل التأكيدي لدى هذه الفئة من المراهقين، سواء كان يعتمد على قيمهم أو هويتهم، يظهر أنه يساعد في احترام الذات».

وعلى الرغم من أن الأبحاث السابقة ركَّزت على كيفية تأثير تدريبات التأكيدات الذاتية للقيم والهويات على النتائج الأكاديمية، فإن الدراسة الجديدة هي من بين أولى الدراسات التي بحثت في آثار ذلك على الصحة النفسية، خصوصاً قيمة احترام الذات.

ولاختبار فوائد التدخل الذي يؤكد الهويات الذاتية، قام الباحثون بتوظيف عينة متنوعة من 388 طالباً من 38 مدرسة في ولاية ميشيغان الأميركية، يبلغ متوسط ​​أعمارهم 14 عاماً. وأكمل المشاركون ما يصل إلى 5 تقييمات لتقدير الذات خلال الصفين التاسع والعاشر. وبدءاً من خريف عام 2020، بصفتهم طلاباً في الصف التاسع، جرى تقسيمهم بشكل عشوائي إلى واحدة من ثلاث مجموعات أكملت سلسلة من 3 تمارين للكتابة.

وكان العلماء يتوقعون أن التأكيدات القائمة على الهوية تعزز احترام الذات أكثر من غيرها، لكنهم لاحظوا أن المراهقين يطورون في الوقت نفسه الهويات والقيم التي يمكن أن تحميهم عند مواجهة المتطلبات الأكاديمية المتزايدة، أو الصعوبات مع الأصدقاء أو العائلة، أو حالات التمييز.


مقالات ذات صلة

«ميم» في متحف إنجليزي للمرّة الأولى

يوميات الشرق أول كائن مولود رقمياً (متحف الحياة الريفية الإنجليزية)

«ميم» في متحف إنجليزي للمرّة الأولى

أصبحت صورة «الوحدة المطلقة» التي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت، أول «كائن مولود رقمياً» يُعرض في المتحف الوطني للعلوم والإعلام بإنجلترا. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مغامرة غير محسوبة (أ.ب)

قطّ أعمى عمره 20 عاماً يعيش مغامرة على الجليد

يحبّ «تيكي»، وهو قطٌّ أعمى أبيض وأسود، عمره 20 عاماً، التجوُّل في الهواء الطلق. ولكن هذه المرّة أثار الذعر.

«الشرق الأوسط» (ماساتشوستس الولايات المتحدة)
يوميات الشرق يمكن للعواطف أن تجعل الأشياء أسهل في التذكّر (سيكولوجي توداي)

كيف تجعل ذكرياتك «تعيش مدة أطول»؟

كل لحظة وكل ذكرى تثير استجابة عاطفية معينة، ويمكن للعواطف أن تجعل تذكّر الأشياء أسهل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

مقاضاة رجل عانق المستشار الألماني على مدرج مطار فرانكفورت

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة فرانكفورت عن تحريك دعوى قضائية بحق رجل عانق المستشار أولاف شولتس على مدرج مطار فرانكفورت.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
صحتك ربطت عدد من الدراسات السابقة بين منتجات العناية بالبشرة والدماغ والجهاز العصبي (رويترز)

كيف تؤثر منتجات العناية بالبشرة على العقل والمزاج؟

ربطت عدد من الدراسات السابقة بين منتجات العناية بالبشرة والدماغ والجهاز العصبي، حيث أشارت إلى أن هذه المنتجات تؤثر على العقل والمزاج.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
TT

«النجوم تلمع أملاً» من أجل فنان لبنان المُلقى في النسيان

يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)
يستيقظ ريكاردو كرم يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق (من حفل عام 2023)

يُفضِّل الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم وَصْف الحدث بالمبادرة، على حصره بحفل. الخميس، في الـ26 من الشهر الحالي، يُقام «شاينينغ ستارز أوف هوب» (النجوم تلمع أملاً) بموسمه الثاني. تتّحد أصوات فنانين مع نغمات الأوركسترا الحيّة لتُعلن التصدّي لأشكال الخذلان: مرّة هو الزمن ومرّات البشر. فمَن وُلدت من أجلهم المبادرة، هم هذه السنة فنانو لبنان المُهمَلون. غدرت السنوات وتخلّى الآخر، بعد أعمار بذلوها للعطاء. كانوا نجوماً يتلألأون، ثم حلَّ ما يجرُّ إلى الخفوت. ليس معدن المواهب، فهو أصيل؛ وإنما الأولويات وأجندة السوق.

وُلدت المبادرة هذه السنة لدعم فناني لبنان المُهمَلين (من حفل عام 2023)

لم يظنّ ريكاردو كرم أنّ موسماً آخر سيولّد آخر؛ فرغم الإرادة والاجتهاد، يقسو الظرف ويشتدّ العصف. يرى في الحدث إحدى أذرع مؤسّسة «تكريم» التي أسَّسها لتتجاوز كونها خيرية، نحو بناء الجسور وتغيير السردية المتعلّقة بالعرب. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ التكريمات تشاء شُكْر مَن لا ينالون التقدير على الجهد، ومَن يعملون بصمت أو يُحال تعبهم على الواجب. «نبحث عنهم ونحتفل بهم. يلهموننا التوسُّع في الإنصاف».

على مدى 15 عاماً، عبَرَت «تكريم» من جائزة مُوزَّعة في حفل سنوي نحو نقاش قضايا الإنسان ضمن ورشات عمل ومنتديات، من لبنان والمنطقة إلى أميركا وأوروبا ولاحقاً أستراليا. كبُرت ونضُجت. يراها «واحة في مواجهة رداءة الزمن، تختار الأفضل وتضيء عليه».

«النجوم تلمع أملاً» لحظة إنسانية مُلحَّة

رسالته تجعل «النجوم تلمع أملاً» لحظة إنسانية مُلحَّة. 30 عاماً من المكانة الإعلامية قرَّبت ريكاردو كرم من ممثلين يلمس اليوم معاناتهم. يدرك تفوّق الجهد الجماعي على العون الفردي؛ وأنّ اليد وحدها لا تصفّق رغم نُبل المحاولة. أجرى اتصالاته وكتب للموسم الثاني الحياة.

أراد للحدث أن يعمّ المناطق ولا يقتصر على بهجات ديسمبر. لكنها الاستحالة اللبنانية. ففي فرنسا مثلاً، يُنظَّم شبيهه، ومنه استلهم كرم الفكرة، فيجمع كبار الفنانين لتأدية أغنيات العمالقة. هنا في أرض المباغتات، تخضع الخطط للظرف. يقول: «ينجح مشروع فنفكّر بالتالي، ليحدُث ما ينسف الخطط. الحروب تفرض إيقاعها. اليوم، وبعد مرارات غزة ولبنان، أردنا تذكيراً بإنسانيتنا. طوال الأمسية، سنصغي إلى أغنيات تحاكي المحبة والتسامح والقيم. سنشعر بقدرة الغفران على اجتراح الضوء، والحبّ على التخطّي».

لم يظنّ ريكاردو كرم أنّ موسماً آخر سيولّد آخر لقسوة الظرف (من حفل عام 2023)

في صالة السفراء بـ«كازينو لبنان» المُجاور لخليج جونية المتلألئ بأضواء الميلاد، يُقام الحفل لدعم 105 ممثلين تركوا لمساتهم المسرحية والسينمائية وأخبروا قصصاً لا تُنسى. اليوم، هم منسيّون. نحو 20 فناناً يجتمعون من أجل هذه القضية، ليعلنوا بأصواتهم ومواهبهم أنّ الذهب سيظلّ يلمع، وإن حجب وهجه غيمٌ أسود. بقيادة المايسترا ياسمينا صباح، وبمشاركة أوركسترا من 21 موسيقياً، مع نحو 20 راقصاً، يقول الفنانون برناديت حديب، وبرونو طبّال، وديا عودة، وجنى سلامة، وجو قديح، وكريستيان أو عنّي، ومنال ملاط، ومارك رعيدي باز، وماتيو خضر، ومكسيم شامي، وناريمان أبو رحال، ورند، وسهير نصر الدين، وطلال الجردي، وطوني أبو جودة، ووسام صليبا، وزاف؛ إنّ هذا العرض التطوّعي لا يحتفي بالمواهب اللبنانية وتنوّعها فحسب، وإنما يتحوّل يداً تمتدّ إلى مَن هجرتهم الأيدي، فتُهدّئ إحساسهم بالإهمال.

في «كازينو لبنان» يُقام الحفل لدعم 105 ممثلين تركوا لمساتهم (من حفل عام 2023)

يعود الريع لهم؛ هم بوصف ريكاردو كرم مَن «خانهم العُمر وربما الذاكرة، ولوّعتهم الحرب. الجزء المُهمَّش الذي أحالوه على الماضي وغباره». الفارق بين نسخة 2023 الأولى و2024 الثانية، أنّ الإنهاك أرخى ثقله على هذا العام. ومع ذلك، اتصل بمَن لبّوا النداء: «كانوا كثراً يجعلون التوقّف عند بعضٍ تذرَّعوا للتهرُّب، رغم كونهم أثرياء، مسألة ثانوية. دعمُ الفنانين لا يقتصر على صنفه المادي. كل ما يحتاجون إليه سيصل: دواء، ومواد غذائية، ومساحيق تنظيف، ومكياج، وملابس، وعطور...».

المكانة الإعلامية قرَّبت ريكاردو كرم من ممثلين يلمس معاناتهم (من حفل عام 2023)

يستيقظ يومياً مع أفكار جديدة لا يهدأ قبل أن تتحقّق. 3 عقود في الإعلام والحوارات والجهود الإنسانية، جعلت اسم ريكاردو كرم اختزالاً للصدقية والشفافية. وبالتحاق الشغف والمحبة بالفضيلتَيْن المتراكمتَيْن عبر السنوات، يضمن التجاوب وحماسة الخيِّرين لإسعاد الآخرين.

يُمازح بأنها «ليست نزعة اشتراكية» تلك المُحرِّضة على العطاء، وإنما رغبته في أن تسود العدالة الاجتماعية بين البشر. ويكشف أنّ الحفل سيشهد إطلاق جَمْع تبرّعات مفتوح عبر مواقع التواصل، بالتعاون مع مؤسسة بريطانية، لرفع المبلغ: «نستطيع الشعور بآلام ممثل رافق مراحل من أعمارنا وشكَّلت نجوميته شعاع أيام عصيبة. أرى في عيون الممثلين المنسيّين خيبات. المهنة جاحدة، والحرب هدَّت الحيل. الدولة والآخر، عمّقا الخذلان. نذكُرهم بالدعم والحبّ والوفاء».