كتاب يوثق مشوار «رواد السينما الواقعية» في مصر

يرصد أعمال سليم والتلمساني وأبو سيف

زكي رستم وفريد شوقي وتوفيق الدقن في فيلم «الفتوة» (أرشيفية)
زكي رستم وفريد شوقي وتوفيق الدقن في فيلم «الفتوة» (أرشيفية)
TT

كتاب يوثق مشوار «رواد السينما الواقعية» في مصر

زكي رستم وفريد شوقي وتوفيق الدقن في فيلم «الفتوة» (أرشيفية)
زكي رستم وفريد شوقي وتوفيق الدقن في فيلم «الفتوة» (أرشيفية)

رغم تأكيد الناقد المصري د. وليد سيف، أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون، في مقدمة كتابه «رواد الواقعية في السينما المصرية» أن ظهور تيار جديد ضمن اتجاه فني لا يعد نتاج جهد وإبداع فردي، فإنه يرصد في كتابه جهود ثلاثة من أهم رواد هذا التيار وهم (كمال سليم، وكامل التلمساني، وصلاح أبو سيف) فلكل منهم منجزه المهم والفريد في هذا المجال.

ويتناول الكتاب الصادر حديثاً عن سلسلة «آفاق السينما» التابعة لوزارة الثقافة، مسيرة كل من الرواد الثلاثة، كما يتطرق لأفلامهم برؤية نقدية تحليلية متضمناً «فيلموغرافيا» عن أعمال كل منهم.

ويحدد المؤلف مفهوم الواقعية بأنها «تصوير الجوهر الحقيقي للأشياء والعلاقات مثلما هي في العالم الواقعي»، وقد ظهرت كحركة فنية في النصف الثاني من القرن 19 بفرنسا عبر آداب وفنون أخرى قبل ظهور السينما، مما كان له أثره الكبير على السينما باعتبارها الفن الأقرب للتعبير عن الواقع بالتصوير المباشر.

ويستهل سيف الكتاب بالحديث عن المخرج كمال سليم (1913 - 1945) بين أصالة الواقعية وزيف المظاهر، متتبعاً نشأته في حي «الظاهر» بالقاهرة، وافتتانه مبكراً بالمسرح ليشاهد نجمته المفضلة فاطمة رشدي، الذي أوصله لمشاهدة أفلام السينما، وقاده لدراسة السينما في باريس.

ويتوقف الكاتب عند فيلم «العزيمة» بوصفه أهم أعمال كمال سليم التي رسَخت اتجاه الواقعية في السينما المصرية، حيث دارت أحداثه في أجواء رمضانية حول «ابن الحلاق الفقير» الذي يتخرج بتفوق في كلية التجارة وتتفتح أمامه الآمال في العمل المتميز وسداد ديون والده والزواج بجارته فاطمة، لكن أحلامه تتبدد ويصل به الأمر للعمل بائعاً في محل أقمشة، لكن الفيلم ينتهي نهاية سعيدة بظهور الحق وانتصار الخير.

غلاف الكتاب (هيئة قصور الثقافة المصرية)

ويقدم المؤلف تحليلاً نقدياً للفيلم، مؤكداً أنه يطرح قيماً نبيلة ورسالة بسيطة موجهة للفقراء بأن يواصلوا طموحهم وأن يحترموا قيم العلم والعمل.

وقد عبّر سليم في أفلامه، بحسب المؤلف، عن العديد من القضايا والهموم الاجتماعية، مثل «البطالة» كما في «العزيمة» الذي اختاره الناقد الفرنسي «جورج سادول» كأحد أهم مائة فيلم في السينما العالمية. وقضية الصراع الطبقي في «المظاهر»، وخروج المرأة للعمل في «قضية اليوم»، مؤكداً تأثيره، حيث رسخ مبادئ التأسيس في الفيلم المصري بمختلف المعاني.

صاحب «السوق السوداء»

ويرى بعض النقاد أن المخرج كامل التلمساني (1915 - 1972)، صاحب فيلم «السوق السوداء»، أحق أيضاً بلقب رائد الواقعية في السينما المصرية، لأنه قدم عبر هذا الفيلم - وفقاً للمؤلف - حلولاً واقعية للأزمات المجتمعية عبر التحرك الجمعي، وهو الفكر الاشتراكي الذي آمن به وعبر عنه في كتاباته وأعماله التشكيلية.

وينتمي التلمساني لجذور جزائرية (مدينة تلمسان التي تقع شمال غربي الجزائر)، فقد جاء جده الأكبر لمصر وأقام بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة) التي ولد بها كامل، وقد عُرف كفنان تشكيلي يقيم معارض فنية، ورغم الشهرة التي أحاطت بأعماله خلال عقدي الثلاثينات والأربعينات، فإنه قرر التوقف عن ممارسته، فقد اكتشف أن هذا التأثير الذي حققه لم يصل لجمهوره المستهدف من أبناء الطبقة الكادحة، فالتحق باستديو مصر ليبدأ مسيرته كسينمائي.

وجاء ترتيب فيلم «السوق السوداء» 1945 في المركز الـ34 ضمن قائمة أفضل مائة فيلم مصري، وفي الفيلم نتعرف على «حامد» (عماد حمدي في أول ظهور له على الشاشة)، الموظف البسيط الذي يتبادل الحب مع جارته «نجية» (عقيلة راتب)، ويتقدم لخطبتها ويرحب به والدها الفرَان - زكي رستم - مقدراً ظروفه المادية الصعبة، لكن «سيد البقال» يغري والد العروس بمشاركته في مشروعه الاستغلالي بتخزين البضائع ثم بيعها بعد رفع سعرها والاتجار بها في السوق السوداء، ويواجه «حامد» والد خطيبته، وينشغل بهموم أهل منطقته ويدفعهم للوقوف في وجه المستغلين.

ورغم المستوى الجيد للفيلم فإنه لم يحقق نجاحاً جماهيرياً، وقد رأى المخرج والناقد أحمد كامل مرسي أنه كان سابقاً لأوانه من ناحية، ولأن الرقابة عبثت به من ناحية أخرى، مما سبب صدمة كبيرة لمخرجه وصناعه.

روائع أبو سيف

حصد المخرج صلاح أبو سيف (1915 - 1996) نصيب الأسد في قائمة أفضل مائة فيلم مصري، باختيار 11 فيلماً من أفلامه بها، ويعد أبو سيف أول مخرج مصري يدخل تاريخ السينما العالمية بوجوده في قاموس السينمائيين العالميين، ويشير المؤلف إلى أنه رغم كونه أحد رواد الاتجاه الواقعي بمصر، فإنه خرج عن منهج الواقعية في بعض أفلامه.

مؤكداً أن التزام مخرج باتجاه معين أمر أقرب للرفاهية في الواقع السينمائي المصري.

المخرج الراحل صلاح أبو سيف (أرشيفية)

ويتناول سيف بالتحليل والنقد أفلاماً لأبو سيف تعد من صميم الواقعية، بدءاً من فيلم «لك يوم يا ظالم» 1951 الذي قدمه مع الروائي الكبير نجيب محفوظ، مقتبساً عن قصة للروائي الفرنسي «إميل زولا» عبر معالجة مصرية، حيث نرى الصديق مولعاً بجنون بزوجة صديقه الثري الساذج، فيقتله لينعم بزوجته وماله، لكن جريمته تتكشف وينال جزاءه بالموت بالطريقة نفسها.

كما يتناول فيلم «الأسطى حسن» الذي يعد من أبرز أفلام الواقعية، وقد حقق أبو سيف من خلاله بحسابات دقيقة ومفهوم محدد للواقعية مبرهناً أن بطله في النهاية كان ضحية لأطماعه، و«الوحش» 1954 الذي يحقق فيه أحد أهم أفلامه الواقعية ذات البعد الاجتماعي، كما في «شباب امرأة» 1956، و«الفتوة» 1957، بل يعد مؤلف الكتاب أن «الوسادة الخالية» 1957 ليس قصة حب حالمة على الإطلاق، كما واصل منهجه في أفلامه مع «الزوجة الثانية» 1967، وحتى «المواطن مصري» 1991.

زكي رستم وفريد شوقي وتوفيق الدقن في فيلم «الفتوة» (أرشيفية)

ويختتم مؤلف الكتاب بقوله إن «صلاح أبو سيف اقتحم مشاكل الحياة وطرح هموم وقضايا البسطاء والمهمشين بأسلوب بسيط ومعالجات درامية قوية ولغة سينمائية متطورة، ما حقق لها النجاح وجعلها راسخة في أذهان الجماهير عبر عقود». وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

يوميات الشرق من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية  والسياسية.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

كيف تنفصل عن العمل خلال الإجازة؟

ينصح الخبراء ببعض الخطوات للخروج من دائرة العمل المستمرة خلال العطلات (أرشيفية - رويترز)
ينصح الخبراء ببعض الخطوات للخروج من دائرة العمل المستمرة خلال العطلات (أرشيفية - رويترز)
TT

كيف تنفصل عن العمل خلال الإجازة؟

ينصح الخبراء ببعض الخطوات للخروج من دائرة العمل المستمرة خلال العطلات (أرشيفية - رويترز)
ينصح الخبراء ببعض الخطوات للخروج من دائرة العمل المستمرة خلال العطلات (أرشيفية - رويترز)

على مدى السنوات السبع عشرة الماضية، تخطط جاكلين سيينا إنديا عطلات عمالقة «وول ستريت» وكبار الشخصيات في مجال التكنولوجيا وأباطرة «هوليوود»، بمعايير عالية وموارد لا حصر لها.

وهي مؤسسة وكالة «سيينا تشارلز» للسفريات المخصصة للأعضاء فقط، والتي تلبي احتياجات العملاء الأثرياء الذين ينطلقون في رحلات بملايين الدولارات حول العالم.

وعلى الرغم من جدولها المزدحم، فإن إنديا تقول إنه حتى أقوى الرؤساء التنفيذيين الذين لديهم مسؤوليات تضغطهم بشكل مستمر، ينفذون بعض العادات لزيادة وقتهم خارج المكتب، وفقاً لما ذكرته شبكة «سي إن بي سي».

وفيما يلي 3 استراتيجيات لفصل أنفسهم فعلياً عن العمل خلال الإجازة، ويمكن للعاملين في كل مستوى من مستويات العمل استخدامها.

تفويض المهام

يصل المديرون التنفيذيون إلى قمة السلم الوظيفي جزئياً بسبب قدرتهم على توظيف مساعدين مميزين وتكليفهم بأعمال مهمة. تساعدهم هذه القدرة الأساسية على تفويض المهام أيضاً عندما يكونون خارج المكتب.

يمكن للموظفين في أي مستوى من الخبرة الاستفادة من تعلم كيفية تفويض المهام.

وتقول إنديا: «خلال استعدادك لوقت إجازتك، تحدث مع مديرك عمّا يجب إكماله قبل خروجك، وما يمكن تفويضه إلى زملاء آخرين خلال غيابك، وما يمكن انتظاره حتى عودتك».

قال جورج آندرس، كبير محرري «لينكد إن» سابقاً، إن «العمل عبر خطط تغطية الإجازة الشخصية يمكن أن يساهم حتى في ديناميكية وإيجابية فريق العمل، فعندما يتناوب الأشخاص على تغطية مهام بعضهم بعضاً، فسيؤتي ذلك ثماره عندما يحصلون على استراحة».

إدراك فوائد الانفصال عن العمل ووسائل التواصل الاجتماعي

يشعر كثير من العاملين بالضغط للبقاء على اتصال بمهامهم خلال الإجازات، أو لا يطلبون إجازة شخصية على الإطلاق؛ لأنهم قلقون بشأن أمن وظائفهم أو أنهم سيُنظر إليهم على أنهم متقاعسون.

ويقول أغلبية الأميركيين إنهم يعملون خلال الإجازة مدفوعة الأجر، ويقول نحو 3 من كل 10 إنهم يشعرون بالذنب لعدم فعل ذلك خلال غيابهم عن المكتب.

لكن أخذ فترات راحة من العمل يمكن أن تكون له فوائد صحية بدنية وعقلية كبيرة، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز الإبداع والإنتاجية عند العودة إلى مكان العمل.

وتقول إنديا إن كبار الرؤساء داخل قاعدة عملائها «يفهمون حقاً أنهم بحاجة إلى إيقاف تشغيل أدمغتهم، ويقدرون ذلك».

وتشجع إنديا أيضاً المسافرين على الانفصال عن هواتفهم ووسائل التواصل الاجتماعي.

وتقول إنه عندما يتعلق الأمر بتصوير الإجازة على «إنستغرام»؛ فإن «كثيراً من الناس يلتقطون صوراً لأشخاص آخرين ولا يلتقطون صور المكان لأنفسهم. في هذه الحال إنهم بحاجة إلى وضع هواتفهم جانباً، وهم بحاجة حقاً إلى استيعاب المكان الذي هم فيه والاستمتاع به حقاً والوجود فعلياً فيه».

وتضيف: «إذا لم تكن حاضراً، وإذا كنت تقضي رحلتك بالكامل في التقاط صور على (إنستغرام) لأشخاص آخرين، فعندما تعود إلى المنزل، فستحتاج إلى إجازة أخرى؛ لأنك لم تشعر حقاً بأنك استمتعت».

الالتزام بالروتين الصحي

من المفيد الالتزام بالعادات الصحية المعتادة.

تقول إنديا: «كيف تأخذ معك الأشياء التي تجعلك ناجحاً وتشكل جزءاً يومياً من حياتك؟» خلال السفر.

وتوضح: «ضع في حسابك: الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة، والبقاء نشطاً، وتناول الطعام الجيد، وعدم الإفراط في الانغماس في الإجازة، واصطحب معك روتينك».