يصدح صوت الفنانة اللبنانية جاهدة وهبه بعد غياب عن المهرجانات المحلية، في حفل «هنّ في مهبّ النغم» في 12 يوليو (تموز) الحالي، ضمن مهرجانات دوما الوطنية. وتقدّم برنامجاً غنائياً يعود باللبنانيين إلى زمن صاحبات الحناجر الذهبية تحت عنوان «من بياف إلى أم كلثوم».
ومع فيروز، وصباح، وأسمهان، وداليدا، ومرسيدس سوسا، سيُمضي الحضور رحلة فنية مع سيدات الغناء العربي والعالمي. وتُهدي جاهدة وهبه مقطوعتين لبلدة دوما (شمال لبنان)، صاحبة لقب أفضل القرى السياحية في العالم لعام 2024.
يرافق جاهدة في هذا الحفل الذي تؤدي خلاله باقة من أغنياتها الخاصة فرقة موسيقية بقيادة مارون يمّين، وتتخلّله تابلوهات راقصة مستوحاة من عوالم هذه القامات الغنائية في زمن الأسود والأبيض والملون بأمزجة العصر أيضاً.
الحفل من إعداد الفنانة جاهدة وهبه وإخراجها، وقد تعاونت مع شقيقتها المخرجة جنى لتنفيذه في قالب يستعرض مناخات الفن الأصيل. لأول مرة ستؤدي جاهدة وهبه مشهدية درامية خلال غنائها، فتغبّ من شخصيات تلك الفنانات حوارات تمثيلية، كما تواكب وصلاتها الغنائية لكلّ فنانة بمجموعة أزياء وإكسسوارات مستوحاة من أناقتهن.
وتقول جاهدة وهبه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن العرض تعزّزه مشهديتان؛ درامية وبصرية، تجعلانه يختلف عمّا سبق وقدّمته من قبل. وتتابع: «لم يسبق أن مثّلتُ في حفلاتي وكان آخر أداء لي ضمن (أوبرا شهرزاد)».
ومن المختلف الذي تقدّمه في هذا الحفل أغنيات لبياف وسوسا بالعربية والأجنبية. وتوضح في سياق حديثها: «لقد عكفت على ترجمة أغنياتهما بشكل يتلاءم مع النص الموسيقيّ لهما. فنحن نعيش اليوم في زمن تهميش النصوص والقصيدة الغنائية. فما عادت تشبه تلك التي سادت الزمن الجميل. وكوني قارئة شعر نهمة ومتخصصة في الفنون على أنواعها، فالكلمة تعني لي الكثير، ولا بدّ أن تكون عميقة ودسمة من ناحية تركيبتها الشاعرية لأستمتع بغنائها».
تقول جاهدة وهبه إن تجاربها الكثيرة في تقديم الأمسيات الشعرية جعلتها حساسة تجاه الكلمة المغنَّاة إلى هذا الحد. وتتابع: «تربيتُ على موروث غنائي أصيل على إيقاع الرحابنة وزكي ناصيف، وكذلك أغنيات أم كلثوم، وأسمهان، ومحمد عبد الوهاب. هؤلاء جميعهم، كانوا يولون اهتماماً كبيراً للكلمة ويحيكونها بدقة».
من الأغنيات التي ستقدمها جاهدة وهبه في هذا الحفل «أنت عمري» لأم كلثوم، و«Non rien de rien» للفرنسية الراحلة بياف، وكذلك «أعطني الناي» لفيروز، و«غراسياس ألا فيدا» لمرسيدس سوسا. كما تغني قصائد كتبتها نساء مشهورات في عالم القصيدة العربية أمثال سعاد الصباح، وأحلام مستغانمي. وأخرى كُتبت خصيصاً للمرأة من تأليف طلال حيدر. كما تطلّ على الفن الفارسي والعربي القديمين في نصوص أخرى بينها لرابعة العدوية.
وفي ترجمة أغنيات سوسا وبياف، لجأت جاهدة وهبه إلى صديقتها نادين عبد النور الاختصاصية في عالم الترجمة، تقول: «بدأت القصة منذ الحفل التكريمي لإديت بياف الذي أحييته في باريس في الذكرى المئوية لولادتها. يومها ترجمنا نحو 15 أغنية لبياف لأؤديها بالعربية والفرنسية، وتمسكنا بأن تكون الترجمة انسيابية وبسيطة مؤلَّفة من نصوص شعرية باللهجة البيضاء. وعندما غنّيت لفروغ فرهزاد استعنت بثلاثة مترجمين مختصصين بالفارسية، فنقلتها إلى الإنجليزية والعربية».
تتمسّك جاهدة وهبه بالكلمة الشعرية، وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أحب الأغنية التي تلمسني عن قرب وتترك أثرها داخلي وعند سامعها. فما يهمني هو ألّا تعبر أُذن المستمع بسرعة، بل تسكن قلبه ومخيلته. وهذا الأمر ألمسه في حفلاتي في بلدان أجنبية حيث يكون الجمهور بغالبيته أجنبياً، ويخرج من الحفل منبهراً بالكلام حتى لو لم يفهمه، ومتأثراً بالموسيقى. وهذا ما نسميه الفن الأصيل الذي يؤثّر في أي شخص».
في الأغنيتين اللتين تهديهما لبلدة دوما من ألحانها، واحدة من تأليف الشاعر جرمانوس جرمانوس. ويقول مطلعها: «قال الصدى للصوت بترجّاك غنّي بدوما ما حدا بينساك. يا صيف دوما شو حلو ملقاك لا بيقعد بلاك المسا ولا بتسهر نجوم السما مرة بلاك».
عرض «هنّ في مهب النغم» يتضمّن أيضاً لوحات فولكلورية راقصة، وأخرى من تانغو و«أريال دانس» التي تعتمد الرقص في الهواء. وتبرز فيها فنون السينوغرافيا والإضاءة المكملة لمشهدية بصرية جذابة.