نصير شمة: هذه أسباب ابتعادي عن القاهرة

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه ما زال يبحث عن نفسه

شمة يؤكد أن الاحتفال باليوبيل الفضي يتضمن تدشين ورشة لصناعة آلة العود (الشرق الأوسط)
شمة يؤكد أن الاحتفال باليوبيل الفضي يتضمن تدشين ورشة لصناعة آلة العود (الشرق الأوسط)
TT

نصير شمة: هذه أسباب ابتعادي عن القاهرة

شمة يؤكد أن الاحتفال باليوبيل الفضي يتضمن تدشين ورشة لصناعة آلة العود (الشرق الأوسط)
شمة يؤكد أن الاحتفال باليوبيل الفضي يتضمن تدشين ورشة لصناعة آلة العود (الشرق الأوسط)

أكد الفنان العراقي نصير شمة أنه لا يزال يبحث عن ذاته، ورغم إنجازاته ونجاحاته الكثيرة، فإنه يرى نفسه في حالة تجريب دائمٍ، وأن ما حققه لا يساوي شيئاً في رأيه، مقارنة بإنجازات باخ أو رياض السنباطي.

وفي أثناء وجوده بالقاهرة، يواصل حالياً، البروفات مع الأوركسترا استعداداً لاحتفالية اليوبيل الفضي لافتتاح أول بيت عود في العاصمة المصرية.

التقت «الشرق الأوسط» الفنان والموسيقار العالمي نصير شمّة، وسألته عن سبب غيابه، وعن رؤيته للثقافة في العالم العربي.

وبعد 6 سنوات من الغياب، يعود شمة إلى القاهرة حيث عاش عمراً، مبرراً أسباب الغياب بقوله: «حزّ في نفسي إهمال بيت العود، فغادرت، وحين لمست أن ثمة اهتماماً به عدت من جديد. وبعد زيارة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة المصرية (بيت العود) في أبوظبي، لمستُ رغبتها الحقيقية في أن يعود البيت لسابق عهده، بل وافتتاح فروع أخرى في صعيد مصر أيضاً». مشيراً إلى أنها أعربت عن استعدادها لوضع جميع إمكانات الوزارة من أجل «بيت العود»، والاحتفال بيوبيله الفضي، وتابع: «نواصل الآن بروفات الحفل الذي سيقام في سبتمبر (أيلول) المقبل».

وعن ملامح هذا الاحتفال يقول: «سيتضمن إطلاق ورشة لتعليم صناعة العود لأول مرة وفق أُسس علمية، ومعرضاً للآلات الموسيقية التي تُصنع في مصر بعنوان (صنع في مصر) عبر صناع مصريين وعرب». كما يلفت إلى «صدور كتاب عن بيت العود يشمل التجربة التي بدأناها في القاهرة، ومن ثَمّ انطلقت لعدد كبير من العواصم العربية على غرار أبوظبي، والخرطوم، وبغداد، والموصل، وقسنطينة، إلى جانب البيت الأحدث في الرياض».

مع جانب من أعضاء أوركسترا بيت العود بالقاهرة (الشرق الأوسط)

يستعيد شمة البدايات الأولى التي أطلقت إبداعات «بيت العود»: «ولدت الفكرة في ذهني منذ زمن. كنت أعيش حينها في تونس، وعلى وشك المغادرة إلى العاصمة البريطانية لندن بعدما جهزنا كل شيء، حيث سأبدأ في تنفيذها، فطلبت مني الراحلة العزيزة الدكتورة رتيبة الحفني، التريث لمدة عام، لأُطلق البيت أولاً من القاهرة. وبعد أسبوع فقط انطلق (بيت العود) من مصر في عهد الوزير فاروق حسني، وقد نجح المشروع بشكل كبير».

يلقي شمة شهادة تؤكد أن صاحبها ليس في حاجة إليها، قائلاً: «الوزير فاروق حسني يظل استثناءً في تاريخ الثقافة العربية، فهو يقرأ النجاح ولا يتدخّل في شؤون الآخرين، لكنه يراقب ويدعم ويساهم في تحقيقه، وكل من عمل معه شاهد أياماً من الصعب تكرارها، فهو مؤسسة بحد ذاتها. وقد أتيح له البقاء في الوزارة سنوات طويلة حقق خلالها إنجازات كبيرة».

توقُف بيت العود في مدن عربية يشغل شمة، مثل قسنطينة في الجزائر، حيث استمر بنجاح لمدة 3 سنوات، والإسكندرية حيث توقف أيضاً منذ فترة. ويعزو ذلك إلى الدعم القليل الذي تتلقاه الثقافة العربية التي يرى أنها يجب أن تكون وراءها وزارة سيادية، قائلاً: «إنه خطاب أوجهه ليس لمصر فقط، بل لجميع دول الوطن العربي، فوزارات الزراعة والثقافة والتربية المسؤولة عن لقمة العيش، والفكر، والسلوك الذي يتربّي عليه الإنسان ويكبر، تستحق أن تكون وزارت سيادية، لا أن تبقى الثقافة في هامش ميزانيات الدولة، بل لا بدّ أن ترتقي كما الحال في فرنسا، فحين تضيع الثقافة يضيع صمام الأمان».

يتأنى الفنان العراقي حالياً في فتح بيوت جديدة، ويرهنها بوجود رغبة حقيقية عند الدول، لذا يقول: «ربطت المشروع بوزارات الثقافة، ليصبح مدعوماً من الدول لصالح المواهب، وحين ألمس رغبة حقيقية فلن أتأخر». مؤكداً أنه في أبوظبي كانت لديهم رغبة حقيقية في تعليم شباب شكّلوا جزءاً من النهضة الموسيقية في دولة الإمارات، وفي بغداد «أصررت على الأمر لأنها عاصمة بلدي حيث نشأت وتعلمت، وإن لم يكن هناك أيّ اهتمام من الدولة، فقد كنت مصراً على فتح (بيت العود) بشكل خاص».

وذكر أن هناك مبنى أثريّاً قد خُصّص في العراق، وهو يُرمّم حالياً لتدشين «بيت العود» فيه، بجانب بيت الموصل، مثلما اهتم وزير الثقافة السعودي بـ«بيت العود» في الرياض وخصّص له مقراً متميزاً وسيكون هناك مقرٌ آخر قريباً، و«المثير أننا استقبلنا نحو 1400 من الطلاب السعوديين في أول دفعة. وكنا على وشك افتتاح بيتٍ للعود في العاصمة الألمانية برلين، وقد تأجل قبل جائحة (كوفيد - 19)، لكن الحديث عنه هذه الأيام، عاد من جديد، وإن شاء الله فسنفتح آخر في باريس، وفي كلّ العواصم العالمية المهمة لا بد أن يكون فيها بيتاً للعود».

بين الموسيقى والشعر خاض نصير شمة تجارب مهمة في المزج بينهما عبر أشعار بدر شاكر السياب، وأدونيس، ومحمود درويش، وأمل دنقل، وطاف بها في أمسيات عربية، والآن يتطلع لمشروع يكشف عنه: «أفكر بعمل كبير مترجم عن رباعيات الخيام، غير ما قدمه الشاعر الراحل أحمد رامي، أعتقد أن رامي هو من كتب رباعياته، فقد أخذ الفكرة وأذابها بفكره ورؤيته، وأنا أعدها ملكه وليس ملك عمر الخيام».

نصير شمة يترقب افتتاح أول بيت للعود بأوروبا (الشرق الأوسط)

لا يقلّ اهتمام شمة بالفن التشكيلي عن اهتمامه بالموسيقى، لذا نراه يقيم معارض هنا وهناك، يقول: «نظّمت معرضاً في أبوظبي لأعمال رسمتها خلال فترة حظر (كورونا)، ولديّ أكثر من 100 لوحة رسمتها في مصر، وها أنا الآن أتطلع لإقامة معرضٍ لها في القاهرة، فالرسم عشقي الكبير والموسيقى حبي الأبدي».

وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات الفنية وتنوّعها، فهو يرى أنه لم يجد نفسه حتى الآن، ويقول: «أنا في حالة تجريبية دائمة، وأبحث عن مكامن الطاقات داخل روحي. فمنذ 4 أيام وأنا منشغل برسم 3 لوحات كبيرة تلحّ علي؛ ومنذ سنة وأنا أكتب قصصاً قصيرة في الموسيقى، وحتى اللحظة لا أرى أنّني حققت إنجازاً. إنه أمر بعيدٌ عن التواضع. فما حققته، حين نقارنه بإنجازات الفارابي، أو باخ، أو رياض السنباطي، هو صفرٌ، لها السبب أقول إنني لم أنجز شيئاً، ومن يعتقد أنه أنجز أمراً ما فلا بدّ أن يقارن نفسه بالكبار حتى يعرف قدره».

ويتطرق للحكي عن ابنته الوحيدة: «ابنتي ليل تدرس في الجامعة في برشلونة، ولديها اهتمام كبير بالموسيقى، فهي تعزف على القانون والبيانو، وقبل ذلك تعلّمت اللعب على العود، لكنها لا تريد أن يربطها أحد بوالدها، وترغب في أن تكون شخصية مستقلة، وأنا أُثمّن ذلك».


مقالات ذات صلة

بيونغ يانغ تعدم شاباً استمع إلى موسيقى كورية جنوبية

يوميات الشرق زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

بيونغ يانغ تعدم شاباً استمع إلى موسيقى كورية جنوبية

أعدمت كوريا الشمالية علناً مواطناً يبلغ من العمر 22 عاماً، بسبب استماعه لموسيقى البوب الكورية الجنوبية ومشاركتها.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
يوميات الشرق صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

أحداث شخصية وفنية افتتح بها المطربون العرب صيفهم، على رأسهم نجوى كرم التي أعلنت خبر زواجها أمام الجمهور خلال حفل أحيته في رومانيا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)

ملحم زين ورودج في «الجامعة الأميركية ببيروت»: تحليق الغناء والموسيقى

علت الأيدي واشتدَّ التصفيق، لتشهد حلقة «الدبكة» على التشابُك وتسارُع الخفقان مع خبطة القدم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تُكرّم في «عيون السود» صباح وعبد الحليم حافظ (صور تينا يمّوت)

تينا يمّوت: «النوستالجيا» تعيدنا إلى الأعمال القديمة

لتأثُّر الفنانة اللبنانية تينا يمّوت بأغنيات العمالقة، أصدرت أغنية بعنوان «عيون السود»، مشتقّة من أغنيتَي «جيب المجوز» لصباح، و«جانا الهوا» لعبد الحليم حافظ.

فيفيان حداد (بيروت)
آسيا كوريا الشمالية تبذل جهوداً مكثفة للسيطرة على تدفق المعلومات الخارجية وخاصة تلك التي تستهدف الشباب (رويترز)

تقرير: كوريا الشمالية أعدمت شاباً لاستماعه إلى موسيقى «أجنبية»

أُعدم شاب كوري شمالي يبلغ من العمر 22 عاماً علناً بسبب مشاهدته ومشاركته لأفلام وموسيقى كورية جنوبية، حسبما ذكر تقرير جديد.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)

جندي نيبالي بُتِرت ساقاه في أفغانستان يتسلَّق أعلى قمم العالم

عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)
عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)
TT

جندي نيبالي بُتِرت ساقاه في أفغانستان يتسلَّق أعلى قمم العالم

عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)
عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)

تسلَّق جندي نيبالي سابق، معروف بتحدّي قمم الجبال في مختلف قارات العالم، قمة أعلى جبل في أميركا الشمالية.

وأصبح هاري بوذا ماغار المقيم في مقاطعة كنت البريطانية، أول مبتور الساقين يتسلّق قمة إيفرست في مايو (أيار) 2023.

وذكرت «بي بي سي» أنه فَقَد ساقيه في أفغانستان عام 2010 بسبب انفجار عبوة ناسفة خلال خدمته في الجيش البريطاني.

أمضى جندي الجوركا (نسبة إلى مدينة صغيرة وسط نيبال تحمل هذا الاسم)، البالغ 45 عاماً وفريقه المساعد، أسبوعين في صعود جبل دينالي بألاسكا، قبل بلوغه القمة.

وفي اتصال بالقمر الاصطناعي عقب إتمام التسلُّق، قال: «الحياة تدور حول التكيُّف. لقد أظهرنا مرّة أخرى أنه لا مستحيل. شكراً لكم جميعاً على حبّكم ودعمكم. سنستغرق يومين للعودة إلى أسفل، ومن ثَم نتّصل مجدداً لإخباركم بمستجدّات المغامرة».

الحياة تدور حول التكيُّف (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)

وتسلَّق ماغار قمم جبال مون بلان بأوروبا في أغسطس (آب) 2019، وكليمنجارو بأفريقيا في يناير (كانون الثاني) 2020، وإيفرست في آسيا عام 2023، ودينالي هذا العام.

ولاستكمال أهدافه، يتعيَّن عليه تسلُّق 3 قمم أخرى - أكونكاغوا في أميركا الجنوبية، وبونتشاك جايا في أوقيانوسيا، وفينسون في القارة القطبية الجنوبية.

واجهت رحلة صعود جبل دينالي تحدّيات عدّة، بما فيها الثلوج العميقة على المنحدرات السفلى التي علّمته كيفية استخدام حذاء الثلج على أطرافه الاصطناعية، والطقس غير المتوقَّع والبارد بلا رحمة.

وُلد ماغار في منطقة نائية من نيبال قبل انضمامه إلى جنود جوركا الملكية ليخدم فيها 15 عاماً.

وقال بعدما فقد ساقيه إنه قرَّر جَعْل همّه تغيير نظرة الناس لذوي الإعاقة وإلهامهم تسلُّق الجبال في بلادهم وتحقيق أحلامهم.

يعيش الجندي النيبالي المتقاعد الآن في مدينة كانتربيري البريطانية برفقة زوجته وأولاده.