كيف تتخلص من «تأجيل عمل اليوم إلى الغد»؟

التكنولوجيا قد تكون مفيدة للإنسانية ولكنها أيضاً مصدر إلهاء وتؤدي إلى ما يُعرف بـ«التسويف» (رويترز)
التكنولوجيا قد تكون مفيدة للإنسانية ولكنها أيضاً مصدر إلهاء وتؤدي إلى ما يُعرف بـ«التسويف» (رويترز)
TT

كيف تتخلص من «تأجيل عمل اليوم إلى الغد»؟

التكنولوجيا قد تكون مفيدة للإنسانية ولكنها أيضاً مصدر إلهاء وتؤدي إلى ما يُعرف بـ«التسويف» (رويترز)
التكنولوجيا قد تكون مفيدة للإنسانية ولكنها أيضاً مصدر إلهاء وتؤدي إلى ما يُعرف بـ«التسويف» (رويترز)

يعاني معظم الأشخاص في عصرنا الحالي من التعرض الزائد للمعلومات ومصادر تشتيت الانتباه الدائمة. من الموسيقى والألعاب الإلكترونية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فإن سهولة الوصول إلى التكنولوجيا تعني إمكانية تشتيت انتباهنا في أي وقت.

يقول نير إيال، مؤلف كتاب «غير قابل للتشتت: كيف تتحكم في انتباهك وتختار حياتك»، إن «تكلفة العيش في عالم يتسم بالوفرة الكبيرة، وثمن التقدم، هو أنه يتعين علينا أن نتعلم كيفية التعامل مع كل هذه المعلومات».

وأوضح إيال، الخبير في التصميم السلوكي، في حديثه لشبكة «سي إن بي سي»، «إن مهارة القرن هي أن تكون قادراً على جذب انتباهك... لا يهم أن تكون معلومات العالم في متناول يدك... إذا لم تتمكن من الجلوس والتركيز عليها لفترة كافية لتحويل هذه المعلومات إلى حكمة، فقد تكون مجرد هراء».

قد تكون التكنولوجيا مفيدة للإنسانية، ولكنها قد تكون أيضاً مصدر إلهاء وتؤدي إلى ما يُعرف بـ«التسويف».

في عالم تتقدم فيه التكنولوجيا بوتيرة مذهلة، إليك 4 مبادئ يجب اتباعها لكي تصبح «غير قابل للتشتت»، بحسب إيال:

السيطرة على «المحفزات الداخلية» الخاصة بك

عندما يشعر الناس بالملل، يقومون بتصفح موقع «إنستغرام»، وعندما يكونون غير متأكدين، فإنهم يتحققون من «غوغل». يقول إيال، إن فعل تشتيت الانتباه غالباً ما يسبقه شعور بعدم الراحة، أو «محفز داخلي».

للحفاظ على تركيزك، يجب على الأشخاص أولاً تحديد الشعور الذي يسبق الإلهاء ووضع خطة عمل في المرة القادمة التي يأتي فيها هذا الشعور.

يميل الناس إلى إلقاء اللوم على أجهزتهم لأنها تشتت انتباههم عن المهمة التي يقومون بها، لكن الدراسات تظهر أن البشر يتفقدون هواتفهم بسبب «الرنين» بنسبة 10 في المائة فقط من الوقت، كما قال إيال. وفي الـ 90 في المائة الأخرى من الوقت، يقومون بفحص أجهزتهم بسبب شعور داخلي - أو لتجنب الألم أو الانزعاج.

في نهاية المطاف، الأجهزة هي أدوات لا تحمل أي تمييز أخلاقي - وهي ليست جيدة ولا سيئة، ولكن من الممكن استخدامها بطرق منتجة أو تؤدي إلى نتائج عكسية. لذلك من المهم أن نتعلم كيفية تسخير قوة التكنولوجيا لخدمتنا، بدلا من إلقاء اللوم عليها لأنها تصرف انتباهنا عن العمل والحياة.

تخصيص الوقت للمهام

من المهم تخصيص الوقت لأداء المهام المطروحة.

أوضح إيال لـ«سي إن بي سي»: «إذا لم يكن لديك وقت لممارسة الرياضة، أو للجلوس مع عائلتك، ووقت مع أصدقائك، ووقت للعمل المركّز، فلن يتم إنجاز أي مهام».

وتابع الخبير: «كنت أؤمن بأسطورة (قائمة المهام)، لكن هذا الأسلوب هو أحد أسوأ الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل إنتاجيتك الشخصية... في حين أن قوائم المهام توفر الفرصة لتفكيك الأفكار ووضع الأهداف على الورق، إلا أنها لا تخلق القيد الضروري للإنتاجية والتركيز لفترة طويلة».

وأكد إيال أن طريقة التخطيط هذه «ضارة»، لأنه بدلاً من تخصيص وقت لأداء المهمة عن عمد، يمكن أن ينتهي الأمر بك في كثير من الأحيان إلى استغراق وقت أطول من المتوقع.

بدلاً من ذلك، يقترح استخدام «التقويم الزمني»، وهي تقنية حيث بدلاً من العمل على مهمة حتى اكتمالها، يمكنك تعيين مقدار ثابت من الوقت في التقويم الخاص بك لإنجاز المهمة المعينة.

وأشار إيال إلى أنه مع التقويم الزمني، «الهدف ليس إنهاء أي شيء، الهدف هو العمل على مهمة دون تشتيت الانتباه».

لا يساعد هذا في منع التسويف فحسب، بل يمكنه أيضاً منع الإرهاق من خلال تخصيص وقت للأنشطة الأخرى. يمكن أن يساعد الأشخاص على تحديد أولويات علاقاتهم، والحفاظ على صحتهم، وبشكل عام، عيش حياة أكثر توازناً.

«اختراق» المحفزات الخارجية

في حين أصبح الناس يعتمدون بشكل كبير على الأجهزة، فإن «الاعتماد ليس هو نفسه الإدمان»، كما كتب إيال.

اقترح الخبير «اختراق» المحفزات الخارجية المرتبطة بأجهزتنا، وهو أمر سريع وسهل للغاية. وتشمل هذه الإجراءات التخلص من التطبيقات التي لا تخدمك، وتعطيل الإشعارات، بالإضافة إلى ارتداء ساعة يد بدلاً من النظر إلى هاتفك للتحقق من الوقت.

وأضاف: «الأمر الأكثر أهمية الذي لا يتحدث عنه الناس، هو الاجتماعات التي لم يكن من الضروري الدعوة إليها، ورسائل البريد الإلكتروني التي لم يكن من الضروري إرسالها... أن نصبح أكثر انتقائية وأكثر تفكيراً في كيفية عملنا بحيث يساعد ذلك في منع إضاعة الوقت غير الضروري».

عقد اتفاق

الاتفاق هو نوع من الالتزام المسبق أو القرار الذي يتم اتخاذه مع نفسك أو مع صديق تثق به، بهدف ربط نفسك المستقبلية بشيء ما، بحسب إيال.

هناك أنواع مختلفة من المواثيق الشخصية التي يمكن للمرء أن يبرمها لكي يصبح «غير قابل للتشتت»، ويمنع تأجيل الأعمال والتسويف. على سبيل المثال، يمكن للمرء أن يبرم «ميثاق جهد» يمنع الإلهاء عن طريق جعل السلوكيات غير المرغوب فيها أكثر صعوبة، كما أوضح إيال في كتابه.

هناك أدوات عبر الإنترنت تساعد في ذلك، مثل التطبيقات التي تمنع الوصول إلى مواقع الويب المشتتة للانتباه أو أجهزة ضبط الوقت عبر الإنترنت التي يمكن أن تشجع الأشخاص على الاستمرار في التركيز على مهمة واحدة.


مقالات ذات صلة

برنامج الدردشة الذكي «الصديق» لطلاب المدارس العامة... يسقط

علوم ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»

برنامج الدردشة الذكي «الصديق» لطلاب المدارس العامة... يسقط

الخبراء ينصحون المدارس باتباع نهج «الانتظار والترقب» لشراء التكنولوجيا الجديدة.

دانا غولدستاين (نيويورك)
أوروبا أنظمة الدفاع الجوي الأميركية بعيدة المدى «باتريوت» (يمين) والرادار البريطاني «جيراف إيه إم بي» خلال مناورات بليتوانيا في 20 يوليو 2017 (رويترز)

مسؤول أميركي: أوكرانيا ستتلقى «أخباراً جيدة» بشأن الدفاع الجوي في قمة «الناتو»

قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن من المتوقع أن تتلقى أوكرانيا «أخباراً جيدة» في سعيها للحصول على مزيد من أنظمة الدفاع الجوي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد زوار في جناح «هواوي» بالمعرض العالمي للهواتف المحمولة في مدينة شنغهاي الصينية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

بايدن ألغى 8 تراخيص لشركة «هواوي» الصينية منذ بداية 2024

قالت الصين إنها ستطور أكثر من 50 معياراً وطنياً وصناعياً جديداً لقطاع الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين - واشنطن)
الولايات المتحدة​ جنود من جيش التحرير الشعبي يسيرون في تشكيل قبل عرض عسكري بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية... الصورة في بكين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)

واشنطن تضيف 6 شركات إلى قائمة القيود التجارية منها 4 لتدريب الجيش الصيني

أضافت الولايات المتحدة ست شركات إلى قائمة قيود التجارة، الثلاثاء، منها أربع شركات مرتبطة بتدريب القوات العسكرية الصينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الغواصة النووية الروسية «كازان»... (أ.ف.ب)

توسع قواعد التجسس الصينية في كوبا يثير قلق واشنطن

كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن محطات تنصت جديدة ومواقع مجهولة الهوية قرب قاعدة بحرية أميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأولى في أوروبا... دولة تزيد أيام العمل إلى 6 أسبوعياً

التغيير يعني إمكانية تمديد أسبوع العمل التقليدي المكون من 40 ساعة إلى 48 ساعة لبعض الشركات (رويترز)
التغيير يعني إمكانية تمديد أسبوع العمل التقليدي المكون من 40 ساعة إلى 48 ساعة لبعض الشركات (رويترز)
TT

الأولى في أوروبا... دولة تزيد أيام العمل إلى 6 أسبوعياً

التغيير يعني إمكانية تمديد أسبوع العمل التقليدي المكون من 40 ساعة إلى 48 ساعة لبعض الشركات (رويترز)
التغيير يعني إمكانية تمديد أسبوع العمل التقليدي المكون من 40 ساعة إلى 48 ساعة لبعض الشركات (رويترز)

أدخلت اليونان، بشكل مثير للجدل، أسبوع عمل مدّته 6 أيام لبعض الشركات، في محاولة لتعزيز الإنتاجية والتوظيف بالدولة الواقعة جنوب أوروبا، وفقاً لشبكة «سي إن بي سي».

ويتعارض القرار، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو (تموز)، مع الاتجاه العالمي المتمثل في قيام الشركات باتباع نظام يتضمّن أسبوع عمل أقصر.

وبموجب التشريع الجديد، الذي أُقِرّ كجزء من مجموعة أوسع من قوانين العمل العام الماضي، فإن موظفي الشركات الخاصة، الذين يقدمون خدمات على مدار الساعة، سيكون لديهم خيار العمل لمدة ساعتين إضافيتين يومياً، أو 8 ساعات إضافية.

يعني هذا التغيير أنه يمكن تمديد أسبوع العمل التقليدي، المكون من 40 ساعة، إلى 48 ساعة لبعض الشركات، ولا يُضمَّن العاملون في مجال الخدمات الغذائية والسياحة في مبادرة أسبوع العمل، المكوّن من 6 أيام.

وقالت حكومة رئيس الوزراء، كيرياكوس ميتسوتاكيس، المؤيّدة لقطاع الأعمال، إن هذا الإجراء «صديق للعمال»، و«موجّه نحو النمو بشكل عميق»، وهو مصمّم لدعم الموظفين الذين لا يحصلون على تعويضات كافية عن العمل الإضافي، وللمساعدة في القضاء على مشكلة العمل غير المعلن عنه.

وانتقدت النقابات العمالية والمراقبون السياسيون هذه الخطوة بشدة.

وقد وصف جيورجوس كاتسامبيكيس، المحاضر في السياسة الأوروبية والدولية في جامعة لوبورو بالمملكة المتحدة، تقديم الحكومة اليونانية لقانون العمل بأنه «خطوة كبيرة إلى الوراء» بالنسبة للقوى العاملة، التي تعمل بالفعل لأطول ساعات في الاتحاد الأوروبي.

ويعمل الموظفون في اليونان أكثر من زملائهم في الولايات المتحدة واليابان، ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 عضواً، وفقاً لبيانات «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

وتبين أن الموظفين اليونانيين عملوا في المتوسط ​​1886 ساعة في عام 2022، أي أكثر من المتوسط ​​في الولايات المتحدة، البالغ 1811، ومتوسط ​​الاتحاد الأوروبي، البالغ 1571.

وقال جون أوبرينان، أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي من جامعة ماينوث بآيرلندا، عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، الاثنين: «يعمل الشعب اليوناني بالفعل أطول ساعات في الأسبوع في أوروبا... الآن قد يضطرون إلى العمل لليوم السادس بعد هذا القرار من الحكومة اليونانية».

وأضاف: «إنه أمر مثير للسخرية؛ لأنه يتعارض مع الانتقال إلى 4 أيام في الأسبوع في معظم الدول المتحضرة».

ووجد تقرير نشره مركز الأبحاث «أوتونومي»، في وقت سابق من هذا العام، أن معظم الشركات، المشاركة في أكبر تجربة في العالم لأسبوع عمل مدته 4 أيام، جعلت هذه السياسة دائمة.

وقال جميع مديري المشاريع والرؤساء التنفيذيين، الذين تمت استشارتهم في الشركات المنخرطة بالتجربة، إن أسبوع العمل لمدة 4 أيام كان له تأثير إيجابي على مؤسّساتهم، حيث وصف أكثر من النصف التأثير بأنه «إيجابي للغاية».

مع ذلك، وجد التقرير أن الموظفين، في الشركات التي يكون فيها يوم الإجازة الإضافي مضموناً بشكل ضعيف، أو يتم توفيره بشرط تحقيق أهداف معينة، لديهم بعض المخاوف.