«فيلا 54»... فيلم جريمة وغموض بين القاهرة والطائف

بطله عبد الرحمن اليماني لـ«الشرق الأوسط»: يُعرض هذا الصيف.. ويُظهر جهود مكافحة المخدرات

الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى لعبد الرحمن اليماني (الشرق الأوسط)
الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى لعبد الرحمن اليماني (الشرق الأوسط)
TT

«فيلا 54»... فيلم جريمة وغموض بين القاهرة والطائف

الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى لعبد الرحمن اليماني (الشرق الأوسط)
الفيلم هو التجربة السينمائية الأولى لعبد الرحمن اليماني (الشرق الأوسط)

في مزيج من الجريمة والغموض، يأتي الفيلم السعودي «فيلا 54»، للمخرج وسام المدني. الفيلم من بطولة الممثل السعودي عبد الرحمن اليماني، ومن المنتظر عرضه في صالات السينما خلال الأسابيع القليلة؛ حسبما يقول اليماني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وهذا الفيلم يمثّل تجربته السينمائية الأولى بعد ظهوره في 5 مسلسلات، أشهرها «سفر برلك»، و«حارة الشيخ».

يفصح اليماني عن ملامح الفيلم، مبيناً أنه يقدم شخصية رجل الأعمال «حسن»، بكل ما لديه من علاقات ومال ونفوذ تُمكنه من تحقيق كل ما يريد، ومن هنا تدور الحبكة حوله وحول أفكاره التي يريد إيصالها وإثباتها.

كتب قصة الفيلم كلٌ من السفير السعودي السابق محمد أمين كردي، والفنانة أمل الحجار، والفنان عبد الله نجار، وهو من إنتاج شركة «الفن السابع»، ومن بطولة عدد من النجوم أبرزهم: عبد الرحمن اليماني، وأضوى فهد، وخالد يسلم، وأسيل موريا.

اليماني في مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

مواقع التصوير

اللافت في «فيلا 54»، أنّ معظم مشاهده صُوّرت في مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة، وعن ذلك يقول اليماني: «هناك كثير من الأفلام التي صُوّرت داخل السعودية وخارجها، لكن الفيلم وبناء على اسمه (فيلا 54) يعتمد كثيراً على التصوير الداخلي، وقليلة هي المشاهد الخارجية فيه، كما أن نحو 70 في المائة من التصوير كان في مصر و30 في المائة بمدينة الطائف (جنوب غربي السعودية)».

ويشير اليماني إلى أنه من مواليد الطائف، ويضيف: «اخترناها لأنها تستحق الظهور في السينما بمناظرها وأهلها وجمالها، فهي ثريّة بالطبيعة وكل شيء جميل فيها. الطائف منطقة فريدة، أردنا أن يكون أول ظهور سينمائي لها في هذا الفيلم».

قضية المخدرات

يتطرق «فيلا 54» إلى قضية المخدرات بصفتها أحد المواضيع الرئيسية للعمل، يعلّق اليماني: «ننطلق هنا من فكرة أن الشّر تتبعه الشرور، وما يحدث في عالم المخدرات من شأنه أن يسحب صاحبه لأمور أكبر وأشد، وهنا يكمن جوهر الفكرة». ويقول: «حرصنا أيضاً على إظهار دور القيادة الرشيدة في التعاطي مع هذه المواضيع، وهو ما أراه من أدوار السينما، خصوصاً أن فكرة الفيلم جاءت بالتوازي مع الحملات الحكومية الشّرسة في مكافحة الفساد والمخدرات».

ويشير اليماني إلى الفيلم السعودي «الهامور» للمخرج عبد الإله القرشي، الذي كان قد أوضح دور الحكومة في مواجهة الفساد المالي والاختلاسات، ويتابع: «أحببنا في (فيلا 54) أن نُظهر جزءاً آخر من ذلك، خصوصاً مع الأضرار الكبيرة التي يحملها عالم المخدرات». مبيناً أنه تناقش كثيراً مع فريق العمل مقترحاً إضافات أخرى على القصة، وهو ما لقي ترحيباً عدّه اليماني محفزاً لبدء العمل على الفيلم الذي استغرق إكماله نحو شهرين ونصف الشهر.

عبد الرحمن اليماني مع الممثلة السعودية أضوى فهد خلال التصوير (الشرق الأوسط)

رسالة الفيلم

يتابع اليماني: «تشدني الأعمال التي تحمل متعة بصرية وحبكة درامية وتتضمن رسالة، رغم أني لا أفضل الرسائل الموجهة، لكن في السينما نستطيع إيصال المعنى بشكل غير مباشر وسلس وليس بطريقة التلقين. يحمل الفيلم رسالة في قالب الجريمة والغموض، وهذا هو الأمر الذي شدني كثيراً إليه». ويردف: «حفزتني قصته لدخول مجال السينما، لأنه سبق أن عُرضت عليّ أعمال أخرى بأدوار البطولة، لكني لم أشعر بانجذاب لها، خصوصاً أنني انتقائيٌّ في أعمالي، وأفضل دائماً التأني في اختيار أيّ عمل يُعرض علي، صحيح أن أعمالي قليلة، لكن ما يهمني أن يكون للعمل صدى جيّد بين الجمهور، وهو ما أرجوه في (فيلا 54)».

بين السينما والتلفزيون

وعن الفرق الذي وجده بين السينما والدراما التلفزيونية، يقول: «السينما مختلفة تماماً، فكل مشهد هو عبارة عن لوحة فنية، ولا توجد فرصة لتضييع أي مشهد أو أن يخرج بشكل غير مناسب. إنه تحدٍّ أصعب بكثير من المسلسلات». وبسؤاله إن كان تأخر في دخول السينما، يجيب: «لا لم أتأخّر في دخول السينما، لأن الأمر نصيب قبل كل شيء، كما أني حاولت أن يكون دخولي إليها عن طريق فيلم (فيلا 54) الذي أتمنى أن يكون على قدر التطلعات، وأن نقدم من خلاله شيئاً جديداً يحمل متعة».


مقالات ذات صلة

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».