التعرض المفرط للحرارة أثناء الحمل يضر بصحة المولود

ارتبطت زيادة التعرض للحرارة بكثير من التأثيرات الضارة على أجهزة الجسم المختلفة (أ.ب)
ارتبطت زيادة التعرض للحرارة بكثير من التأثيرات الضارة على أجهزة الجسم المختلفة (أ.ب)
TT

التعرض المفرط للحرارة أثناء الحمل يضر بصحة المولود

ارتبطت زيادة التعرض للحرارة بكثير من التأثيرات الضارة على أجهزة الجسم المختلفة (أ.ب)
ارتبطت زيادة التعرض للحرارة بكثير من التأثيرات الضارة على أجهزة الجسم المختلفة (أ.ب)

أفادت دراسة طبية أجراها باحثون بجامعة ويتواترسراند في جنوب أفريقيا بأن المواليد الذين تعرضوا للحرارة المفرطة قبل ولادتهم عانوا من آثار صحية مزعجة مدى الحياة.

وكشفت نتائج الدراسة عن أن مخاطر الإصابة بالالتهاب الرئوي لدى الأطفال تزيد بنسبة 85 في المائة لكل زيادة في درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية خلال فترة الحمل، وأن هناك آثاراً صحية ضارة أخرى مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم.

ويبدو أن هذه التأثيرات تبلغ ذروتها في ارتباطها بانخفاض متوسط العمر المتوقع، حيث وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تعرضوا للحرارة المرتفعة أثناء وجودهم في الرحم يموتون في سن أصغر.

وذكر نيكولاس برينك، الباحث الأول للدراسة، والمتخصص في أبحاث المناخ والصحة بجامعة ويتواترسراند في جنوب أفريقيا: «وجدنا أن غالبية الدراسات تربط بين الآثار الضارة طويلة المدى على صحة المواليد وزيادة التعرض للحرارة أثناء الحمل».

يؤدي التعرض المفرط للحرارة إلى زيادة خطر الولادة المبكرة (رويترز)

وأضاف برينك في مقال تحليلي نُشر على موقع «ميديكال إكسبريس»: «أظهرت النتائج أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن النساء الحوامل يتأثرن بالموقع الذي يعشن فيه والظروف المحيطة بهن، بالإضافة إلى نقاط الضعف الشخصية. وقد يكون لظروفهن الحياتية مثل مرورهن بفترات زمنية أكثر حساسية تأثيرات ضارة أيضاً».

ووفق النتائج المنشورة في دورية «بي إم سي برجرينسي أند شايلدبرث» المعنية بأبحاث الحمل والولادة، فقد ارتبطت زيادة التعرض للحرارة بكثير من التأثيرات الضارة على أجهزة الجسم المختلفة، تضمنت اضطرابات جينية وتنموية تنتج عن التفاعلات التي تحدث مع المشيمة، وتؤثر في صحة الجنين، وتؤدي إلى ظهور الالتهابات المرضية.

وارتكزت نتائج الدراسة على مراجعات منهجية لتوفير أعلى مستوى من الأدلة الطبية، وجمع وتلخيص جميع نتائج الأبحاث المؤهلة، بدلاً من الاعتماد على دراسة واحدة فقط.

ونظرت هذه المراجعات في نتائج 29 دراسة تغطي أكثر من 100 عام؛ ما سمح للباحثين برؤية تلك التأثيرات طوال حياة الفرد. وفي حين قامت بعض الدراسات بمتابعة حالات الحمل من كثب لملاحظة أي آثار سيئة على الطفل، اعتمد آخرون على سجلات السكان التي تسجل تاريخ ومكان الميلاد؛ ما يسمح للباحثين بتقدير تعرض الفرد للحرارة داخل الرحم.

وأفاد الباحثون بأن هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء مزيد من البحوث حول الآثار الطويلة الأجل للتعرض للحرارة، وتأثير ذلك على المسارات البيولوجية داخل الجسم، ومعرفة استراتيجيات التكيف الممكنة، خصوصاً في المناطق المهملة والفقيرة،

وأوضحوا أن المقياس الأكثر شيوعاً للحرارة هو متوسط درجة حرارة الهواء، لكن بعض الدراسات استخدمت مقاييس أكثر تعقيداً كالتكيف مع الرطوبة، وعوامل أخرى تؤثر في كيفية تعرض الفرد للحرارة.

ويعد تغير المناخ أحد أكبر تهديدات الصحة العامة التي واجهتها البشرية على الإطلاق، وكانت كثير من الدراسات قد كشفت عن وجود روابط بين التعرض المفرط لدرجات الحرارة المرتفعة والإصابة بالأمراض العقلية، بما في ذلك زيادة خطر اضطرابات الأكل والفصام.

وقال باحثو الدراسة: «كان فهم كيف ولماذا يمكن رؤية هذه التأثيرات عبر أجهزة الجسم المختلفة جزءاً مهماً من أهداف هذه الدراسة».

وأضافوا «أن تأثيرات الحرارة أثناء الحمل على الطفل الذي لم يولد بعد من المحتمل أن تحدث من خلال مسارات متعددة، بما في ذلك: تدهور صحة الأم من خلال أمراض مثل تسمم الحمل والسكري، والتأثير بشكل مباشر على نمو الطفل، خصوصاً الجهاز العصبي»، مشددين على أن «الحرارة المرتفعة يمكن أن تسبب تشوهات خلقية».

وتابعوا: «كما يؤدي التعرض المفرط للحرارة إلى زيادة خطر الولادة المبكرة ومشكلات أخرى في وقت الولادة، وكذلك إلى حدوث تغيير في الحمض النووي للجنين بشكل مباشر».

وأكدوا أن «النتائج التي توصلوا إليها مثيرة للقلق، وتدعم ضرورة العمل الفردي والمجتمعي والعالمي الفوري لحماية النساء الحوامل وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد من الحرارة الشديدة».


مقالات ذات صلة

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

صحتك منصات التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة كثيرين (رويترز)

صداقات «السوشيال ميديا» تعزز الثقة بالنفس

توصلت دراسة أميركية حديثة إلى أن جودة الصداقات عبر الشبكات الاجتماعية يمكن أن تسهم في تقليل الشعور بالوحدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك السجائر الإلكترونية هي أجهزة تنتج رذاذاً يُستنشق إلى الرئتين (رويترز)

السجائر الإلكترونية تُضعف تدفق الدم

كشفت دراسة أميركية عن وجود تأثيرات فورية لاستخدام السجائر الإلكترونية على وظائف الأوعية الدموية، حتى في حالة عدم احتوائها على النيكوتين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك مرض الكلى المزمن يؤثر في واحد من كل 10 أشخاص حول العالم (جامعة مينيسوتا)

دواء للسمنة والسكري يحمي الكلى من التلف

كشفت دراسة دولية عن أن فئة من الأدوية المستخدمة لعلاج السمنة والسكري يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالفشل الكلوي وتوقف تدهور وظائف الكلى لدى مرضى الكلى المزمن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.