الانتماء في العمل... متى يكون جيداً وكيف يُستخدم سلاحاً ضدك؟

الانتماء لبيئة عمل صحية يعطي إحساساً بالحماية ويساعد على النمو (رويترز)
الانتماء لبيئة عمل صحية يعطي إحساساً بالحماية ويساعد على النمو (رويترز)
TT

الانتماء في العمل... متى يكون جيداً وكيف يُستخدم سلاحاً ضدك؟

الانتماء لبيئة عمل صحية يعطي إحساساً بالحماية ويساعد على النمو (رويترز)
الانتماء لبيئة عمل صحية يعطي إحساساً بالحماية ويساعد على النمو (رويترز)

يعد الانتماء أمراً مهماً ومؤثراً في مكان العمل، فالانتماء الحقيقي والصحي يعطي إحساساً بالحماية، ويساعدنا على النمو، كما أنه يعزز كلاً من «الاعتماد المتبادل»؛ حيث يدعونا إلى الاعتماد على الآخرين ودعمهم، و«الاستقلال» بالحفاظ على الحرية الشخصية والاستقلالية.

«الخيمة الكبيرة»... و«الدائرة المغلقة»

وهناك نوعان من التنظيمات في مكان العمل وهما: مجتمع «الخيمة الكبيرة» ومجتمع «الدائرة المغلقة»، ونجد أن المنظمات التي تتبع أسلوب «الخيمة الكبيرة» تشجّع الآراء المتنوعة، وتقدّر الخلاف، وتقدّم تعليقات بناءة، وعندما تسوء الأمور لا تنتهج أسلوب اللوم في حل المشكلات، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المتخصص في الصحة النفسية والعقلية.

وتعمل مثل هذه المنظمات على تعزيز السلامة النفسية، وخلق مناخ يشعر فيه الأشخاص بالارتياح في التعبير عن أنفسهم وكونهم على طبيعتهم. وعندما يتمتع الأشخاص بالأمان النفسي في العمل، فإنهم يشعرون بالراحة في مشاركة المخاوف والأخطاء دون خوف من الإحراج أو الانتقام، وتكون لديهم ثقة في قدرتهم على التحدث دون التعرض للإهانة أو اللوم.

في المقابل، تلجأ المنظمات التي تتبع أسلوب «الدائرة المغلقة» إلى «التنمر» في مكان العمل لتحويل الانتماء إلى سلاح، وتصر على الأسلوب الموحد في الفكر، وتتبع مبدأ «الامتثال للأوامر في العمل»، كما تقوم مجتمعات «الدائرة المغلقة» ببناء معايير جماعية صارمة، وأنظمة اتصال تثبط الإبداع والآراء المخالفة التي قد يدفع أصحابها ثمناً غالياً قد يصل حد إنهاء التعاقد معهم.

سلاح عكسي

يستخدم الأشخاص في بيئات العمل السامة الانتماء سلاحاً في وجه المخالفين، حيث يتم تحديد الشخص المُستهدَف «غير المنتمي من وجهة نظرهم»، وهو في أغلب الأحيان شخص كسر معايير مكان العمل السامة سواء من خلال كونه خبيراً في المجال، أو له مساهمة عالية في الإنتاجية، أو يقوم بحل المشكلات بطريقة إبداعية.

وبمجرد تحديده تُطلق ضده حملة شائعات هدفها تلويث سمعته، كما يتم تخريب عمله واستبعاده من الاجتماعات والمناسبات الاجتماعية، قبل أن يتم نبذه بالكامل في النهاية، ما قد يؤدي بالشخص المستهدَف إلى أعراض تبدأ بالقلق، وقد تصل إلى الاكتئاب أو حتى فقدان الانتماء إلى الذات.

استعادة الانتماء

يتطلب الشفاء من الضرر الناجم عن استهداف الأشخاص في بيئات العمل السامة مجهوداً كبيراً لإعادة تشكيل وتأسيس الانتماء، لكن للطمأنينة فهناك طرق ليست للتعافي من ذلك فحسب، بل للازدهار وإعادة الانطلاق أيضاً. ولا يأتي الازدهار نتيجة لنسيان أو حتى التسامح مع الأذى الذي حدث، ولكن بالاعتراف بالألم وإعادة وضعه داخل قصة حياتك بطريقة تجعل من السهل حمله وجعله وقوداً للتقدم والنمو.

في البداية على الأشخاص المتضررين البحث عن فرص جديدة، سواء بتغيير المناصب المهنية أو إجراء تغيير خارج الحياة العملية، مثل إنشاء مجموعة نقاش لأولئك الذين عانوا من سوء المعاملة. وفي كثير من الأحيان، عند تقديم خدمة ومنفذ لمساعدة الآخرين، ينتهي بنا الأمر بإنقاذ أنفسنا.

أيضاً يمكنك إعادة بناء مجتمعك المحيط من خلال تعميق الصداقات الحالية خارج العمل، أو تكوين صداقات جديدة. داخل هذه المجتمعات الجديدة ستكتسب قيمةً وتقديراً جديدين يزيدان قوتك الداخلية وشجاعتك، وبالتالي ستعيد ترسيخ انتمائك لنفسك.


مقالات ذات صلة

«الموارد البشرية»: سوق العمل السعودية لم تتأثر من التأشيرات الموسمية

الاقتصاد جانب من جلسات ملتقى التحول الوطني الذي عُقد في جدة (الشرق الأوسط)

«الموارد البشرية»: سوق العمل السعودية لم تتأثر من التأشيرات الموسمية

أكد د. أحمد العبدالله، الوكيل المساعد لتطوير الأنظمة والأعمال في وزارة الموارد البشرية بالسعودية، عدم تأثر سوق العمل المحلية من التأشيرات الموسمية.

سعيد الأبيض (جدة)
تكنولوجيا الأداة تعمل جهاز تلقين للمرشحين للوظائف أثناء مقابلات العمل التي تجرى عَبر الإنترنت (أ.ف.ب)

أداة ذكاء اصطناعي تلقِّن المتقدمين للوظائف الإجابات أثناء مقابلات العمل

ابتكر باحثون أداة ذكاء اصطناعي تعمل جهاز تلقين للمرشحين للوظائف، أثناء مقابلات العمل التي تجرى عبر الإنترنت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ميزة التواضع قد تشجع الأشخاص من حولك على أن يكونوا أكثر إبداعاً وتعاوناً (رويترز)

هل ترغب بأن تصبح أكثر تأثيراً في العمل؟ ميزة واحدة تساعدك

غالباً ما يُنظر إلى الأشخاص الأقوياء على أنهم واثقون بأنفسهم ومنفتحون ولا يعتذرون، لكن أكثر الأشخاص تواضعاً يمكنهم في الواقع تحقيق أكبر قدر من التأثير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار شركة «أمازون» (أ.ف.ب)

حال لم تعجبهم سياسة العمل الجديدة... مدير في «أمازون» يدعو الموظفين للاستقالة

اقترح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة «أمازون» على الموظفين الذين لا يحبون سياسة العمل الجديدة أن يقدموا استقالاتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)
TT

حين تتفاهم الحضارات بلغة الألوان والفنون

الخط العربي حاضر (من المعرض)
الخط العربي حاضر (من المعرض)

إنه مكان فريد عابق بتاريخ أوروبا يستقبل تاريخاً فريداً آخر زاخراً بروائع الشرق. ففي القصر التاريخي لفندق «البحرية» المُطل على ساحة «الكونكورد» في باريس، بمواجهة المسلة المصرية، يُقام معرض لمجموعة مقتنيات آل ثاني القطرية من تحف تعود للعصور القديمة حتى يومنا هذا. إنها واحدة من المجموعات الخاصة المرموقة في العالم، تستقر في عاصمة النور لعام كاملٍ، حتى خريف 2025، لكي تُتاح رؤيتها لأكبر عدد من عشاق الفنون والصناعات التقليدية القديمة.

الخزف بأحلى تجلياته (من المعرض)

ويقدم المعرض مروحة واسعة مفتوحة على عدد من الثقافات والحضارات. إنها مقتنيات تعكس مهارة الإنسان المبدع وروعة المخيلة البشرية والنفوذ الكوني للفن على مرّ القرون. وهي تُدار من مؤسسة تعنى بالترويج لثراء الفنون وتنوع الثقافات. كما تشجع مشروعات إقامة المتاحف وتنظيم المعارض. وسبق لهذه المقتنيات النادرة أن عُرضت في قاعات مرموقة، مثل متحف «متروبوليتان» في نيويورك، و«فكتوريا وألبرت» في لندن، ومتحف «الأرميتاج» في سان بطرسبرغ، والمتحف الوطني في طوكيو.

وريقات هبطت من الشجرة (من المعرض)

استفاد فندق «البحرية» من مجموعة آل ثاني الضخمة لتقديم كنوزٍ من جميع أنحاء العالم تفتّحت عبر العصور. ولهذا فإن المعرض يحمل عنوان: «الألوان تتكلم كل اللغات». إنها 80 قطعة تنتمي إلى 5 قارات مختلفة، يعود تاريخ أقدمها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. وبما أن الألوان هي العنوان، فقد صُمّم أسلوب العرض وفق هذا التقسيم: القطع التي يطغى عليها اللون الأزرق، ثم الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض والأسود. إن استخدام اللون لا يأتي عبثاً. وهناك مفاهيم تتعلق بكل لون حسب الحضارات والمعتقدات.

ثوبها يروي حكايتها (من المعرض)

وقد تختلف الاستخدامات والرموز باختلاف الفترة الزمنية والبلد الذي استُخدمت فيه. ويرى القائمون على المعرض أن هذه المختارات تشكل ما يشبه «صندوق العجائب» بالنسبة للجيل الحالي. فهي فرائد من أزمان ماضية تُبهر المشاهد وتدفعه للتفكير في مدى المهارة التي بلغها الصانع القديم والسعة التي وصل إليها خياله.

من أجواء معرض مجموعة آل ثاني (من المعرض)

وفندق «البحرية» مكان فريد أيضاً، وهو قصر شُيّد في القرن الـ18 ليكون شاهداً على عصر الملك لويس الخامس عشر. ويجاور المبنى قصر مشابه له تماماً يقع على الرصيف المقابل، يشغله اليوم فندق «كريون» العريق. ومنذ 3 سنوات بدأ فندق «البحرية» فتح صالاته لعرض المجموعات الأثرية الخاصة، وأيضاً معارض مؤقتة تُنظّم بالتعاون مع متاحف عالمية ترافقها ندوات لمتخصصين في الآثار ومختلف ميادين الفنون التشكيلية.