التينور اللبناني - الأميركي روي حاج: حلمي الغناء في المنطقة

يشارك «الشرق الأوسط» حكاية تحوُّل الحظّ إلى فرصة

حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)
حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)
TT
20

التينور اللبناني - الأميركي روي حاج: حلمي الغناء في المنطقة

حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)
حلمه الغناء عالي المستوى في لبنان والمنطقة العربية (صور روي حاج)

هجَّرت الحرب الأهلية اللبنانية عائلة التينور، روي حاج، إلى أميركا. ما يعدُّه «هدية من الله»، أي الحنجرة المُحتضِنة صوتاً يتسلّق الطبقات العليا، وجدت فرصة للصقل في مدارس نيويورك الموسيقية الراقية. كان صغيراً حين حجب صوته ذعر الخارج المُتسبِّبة به أصوات الرصاص، وواجه بالغناء الأوبرالي انفلاش القتل في المكان. يستعيد مع «الشرق الأوسط» اختلاط البداية برائحة الدم، فجنَّب صوته تسلُّل عتمة تلك الأيام نحو الذاكرة.

في أميركا، درس وقدَّم العروض بما يتخطّى 70 عملاً أوبرالياً وسيمفونياً مع فرق الأوركسترا والمهرجانات الموسيقية ودُور الأوبرا العالمية الرائدة. رُشّح لجائزة «غرامي»، وراح يُعرف ويُشهَر. يقول إنّ الوصول في عالم الأوبرا أصعب من المُتخيَّل؛ وفي لبنان، يتكثّف الشقاء لغياب الأوبرات المُجهَّزة لاحتواء أصوات بحجم صوته، فيؤدّي تحت قبّتها ما يُشبه العرض المسرحي بتبدُّل الشخصيات والأزياء والديكور: «حلمي الغناء على أعلى مستوى في لبنان والمنطقة العربية. لم يغادرني بلدي رغم الإقامة الأميركية. تفاعُل الناس مع ما أقدِّم رائع، ولمحتُ ذلك في ريسيتال ميلادي ببيروت. لكنّ التخصُّص مسألة مختلفة. إنه مسار قد يمتدّ لعقود، ولبنان لا يتيحه لأبنائه، فكانت أميركا الوُجهة».

أدّى روي حاج ضمن أوركسترات، بينها أوركسترا فيلادلفيا العالمية، وأوركسترا كليفلاند، وأوركسترا بوسطن السيمفونية، ومسرح أوبرا سانت لويس؛ وضمن مهرجانات بينها ميامي للموسيقى. وبالنسبة إليه، «على الموهبة أن تُقرَن بالتميُّز. المستوى العالي هو طُموح التينور. الاعتزاز بانتمائنا اللبناني لا يتعارض مع البحث عن أفضل مدارس أميركا».

أدّى أدواراً مسرحية ضمن أوركسترات (صور روي حاج)
أدّى أدواراً مسرحية ضمن أوركسترات (صور روي حاج)

حطَّ في نيويورك بعد زيارة لبنان للمشاركة في مئوية «الجامعة اللبنانية - الأميركية»، حيث أدَّى بتألُّق، وأبهر، وحصد حرارة التصفيق. «كانت تلك بين أجمل ليالي العمر. غنّيتُ أمام أهلي وأساتذتي في المدرسة، وأمضيتُ وقتاً مع جدّتي وأصدقائي». غصّة تُطارد نبرته طوال الحديث. غصّة الشوق. بحّة الحنين. فالمرء وإن حلَّق في الغربة، يخفق بإيقاع آخر أمام فكرة الوطن. ولئلا يبدو مُستخفاً بقوله إنّ لبنان غير مُجهَّز بدُور أوبرا للمحترفين، يُذكِّر أنّ إيطاليين يقصدون أميركا للتخصُّص الأوبرالي، «فمدارسها لا تُضاهى».

في أميركا درس وقدَّم عروضاً كبرى (صور روي حاج)
في أميركا درس وقدَّم عروضاً كبرى (صور روي حاج)

يشاء للصوت التحرُّر من شكله التقليدي والعبور إلى ذروة التعبير: «إنني في حالة تحدٍّ مستمرّة للدَفْع أبعد مما نعتاد الوصول إليه». يذكُر تعديلات أدخلها على دوره في أوبرا «لا ترافياتا» الشهيرة، حين أدّى شخصية «الرائد ألفريدو» بجانب سوبرانو أوبرا متروبوليتان إينا دوكاش، ونجم الباريتون بول لا روزا. ويُخبِر عن ابتكاره دور «بول» في مسرحية «أوبرا الروك - الحب المريض» لجورجيا شريف التي عُرضت للمرّة الأولى في بروكلين خريف عام 2018. وحصد الإشادة بالإجماع وهو يؤدّي دور التينور الرائد لينسكي في «هارت بيت أوبرا» بنيويورك، ضمن النسخة المُختصرة من العرض، ومدّتها 100 دقيقة من إخراج داستن ويلز.

التمثيل بالصوت (صور روي حاج)
التمثيل بالصوت (صور روي حاج)

يتحدّث عن «اتصال الروح مع العالم لسرد القصص» لدى الصعود إلى مسرح. ويرى الغناء الأوبرالي داخلياً يمتدّ إلى جذور المغنّي وأصوله. ففي عرض «فايندنغ ماي فويس» (عثوري على صوتي)، سرَدَ حكايته بالغَرْف من ماضيه، ليُبحر بتداخُل الألحان مع الكلمات في خبايا الذاكرة. يتابع أنّ الأثر في الجمهور يستوقفه ويُحرّك دوافعه للإبقاء على رَفْع المستوى وسدّ المجال أمام أي مساومة عليه: «لديَّ جوازا سفر، يحمل الأول أزرة منحني الإحساس بلذّة التفاعُل وما يلمع في العيون، والثاني نسراً فتح أمامي الأبواب. روحي متّصلة بالعالم، لكنّ التقنيات ضرورية أيضاً، وصقلها غاية التينور. من أجلها يبذل السنوات للدراسة والتعمُّق».

لم يغادره لبنان رغم إقامته في أميركا (صور روي حاج)
لم يغادره لبنان رغم إقامته في أميركا (صور روي حاج)

تحضيراته متواصلة لأداء دور «دون خوسيه» في عرض «كارمن» بنيويورك في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ودور «سامي» في أوبرا «أدورايشن» (هيام) للموسيقار الأرمني - الأميركي ماري كيومجيان مع أوبرا لوس أنجليس الشهيرة. عمله على تطوير مشاريع كبرى مع فنانين نالوا جوائز «بوليتزر»، و«توني»، و«غرامي»، والتكريمات في أميركا، علّماه أنّ الطريق لا تقلّ متعة عن الوصول، والتقدُّم حاجة إلى تثبيت الخطى الصلبة.

مولع بالأوبرا بجانب مزاولة مهنة أخرى. حصول روي حاج على ماجستير في إدارة الأعمال من كلية الدراسات العليا بـ«جامعة ستانفورد» أتاح العمل في الاستشارات الاستراتيجية. يقول طالب الأعمال الوحيد ضمن المجموعة المرموقة من «قادة التصميم»: «لا أمرّر الوقت من دون تعلُّم. لا يكفي أن نحصل على الفرص ونبدو محظوظين تماماً بها. ماذا نصبح بفضلها هو الأهم».


مقالات ذات صلة

مصر: إيقاف حمو بيكا يُجدد أزمات مؤدي «المهرجانات»

يوميات الشرق حمو بيكا (حسابه بموقع «فيسبوك»)

مصر: إيقاف حمو بيكا يُجدد أزمات مؤدي «المهرجانات»

جدَّد قرار إيقاف مؤدي «المهرجانات» المصري محمد مصطفى، الشهير بـ«حمو بيكا»، عن العمل والتحقيق معه في نقابة الموسيقيين، أزمات مؤدي «المهرجانات»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السعودية أروى العبيد: الموسيقى تُولد من جذور الأرض وتُحلّق في الآفاق

السعودية أروى العبيد: الموسيقى تُولد من جذور الأرض وتُحلّق في الآفاق

خلال سنوات دراستها وعيشها في بريطانيا، تلمّست خيطاً ناعماً يربط الشعوب، فيتجاوز الصوت واللغة إلى المعنى. هو المعنى الذي يبحث عنه الجميع، مهما اختلفت الجغرافيا.

فاطمة عبد الله (الشارقة)
يوميات الشرق الأوبرا المصرية تحتفي بسيد مكاوي (دار الأوبرا المصرية)

الأوبرا المصرية تستعيد أعمال سيد مكاوي في ذكرى رحيله

احتفلت الأوبرا المصرية بذكرى رحيل الموسيقار سيد مكاوي من خلال تقديم روائع ألحانه لكبار المطربين في حفل، مساء الخميس، بالتزامن مع فعاليات أقامها صندوق التنمية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق آمال ماهر خلال حفلة «أوبرا دبي» (الشرق الأوسط)

آمال ماهر لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي القادم مصري بالكامل... ولا نية لتقديم دويتوهات

تصدّر اسم الفنانة المصرية آمال ماهر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدد من الدول العربية، الجمعة، عقب إحيائها أولى حفلاتها على مسرح «أوبرا دبي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كارول سماحة مع المخرج والممثل روي الخوري خلال التدريبات (فريق عمل المسرحية)

«كلو مسموح»... ميوزيكال عالمي يُبعَث باللهجة اللبنانية

تُعدّ هذه المُشاركة نقطة تحوّل في مسيرة كارول سماحة المسرحية، التي اشتهرت بأدوار الأميرات والملكات في الأعمال الرحبانية، وشاركت في «آخر أيام سقراط» و«المتنبي».

سوسن الأبطح (بيروت)

لزواج سعيد... شيئان عليك قبولهما في شريكك

الزواج السعيد يحتاج إلى جهد متبادل من الطرفين (أ.ف.ب)
الزواج السعيد يحتاج إلى جهد متبادل من الطرفين (أ.ف.ب)
TT
20

لزواج سعيد... شيئان عليك قبولهما في شريكك

الزواج السعيد يحتاج إلى جهد متبادل من الطرفين (أ.ف.ب)
الزواج السعيد يحتاج إلى جهد متبادل من الطرفين (أ.ف.ب)

الزواج السعيد ليس بالأمر الصعب. ولكنه في الواقع لا يأتي من قبيل الصدفة؛ بل يحتاج إلى جهد متبادل من الطرفين.

وفي هذا السياق، نقل موقع «سايكولوجي توداي» عن مارك ترافرز -وهو عالم نفس أميركي حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كورنيل وجامعة كولورادو بولدر- قوله إن هناك أمرين عليك قبولهما في شريكك لضمان سعادتك في الزواج.

وهذان الأمران هما:

لا يمكنك تغيير احتياجات شريكك

يقول ترافرز: «على سبيل المثال، لا يتقبل كثير من النساء فكرة حب أزواجهن لألعاب الفيديو؛ حيث يشعرن بأنها هواية (طفولية)، ويتمنَّين تخليهم عنها».

ويضيف: «قد لا تستمتعين أنت بهذه الألعاب، ولكن الحقيقة أن زوجك يستمتع بها، وأن هذا الأمر يسعده. وإذا كان زوجك أكثر سعادة فهذا الأمر سينعكس على علاقتكما بعضكما ببعض بكل تأكيد».

وأشار ترافرز إلى أنه، في معظم الزيجات، قد تكون عادات أحد الشريكين متعبة للآخر، ولكنها في النهاية غير ضارة لهما على المدى الطويل، لافتاً إلى أن «محاولة تغيير شريكك ليتوافق مع الصورة المثالية التي تتخيلها في ذهنك لن تزيده إلا استياءً منك».

وتابع: «إن قضاء أحد الزوجين بعض الوقت مع الأصدقاء، أو ممارسة هوايات فردية، أو حتى الاستمتاع بوقته بمفرده، يعني ببساطة أنه يهتم بسلامته الشخصية. هذه العادات يمكن أن تحافظ على الزواج وعلى سعادة الزوجين».

لا تفترض أن شريكك يقرأ أفكارك

يقول ترافرز: «من أكبر المشكلات التي تتسبب في الخلافات الزوجية، هي افتراض أحد الزوجين أن شريكه من المفترض أن يكون على علم باحتياجاته دون أن يتحدث عنها. وهذا أمر خاطئ تماماً».

ويضيف: «هذه (المعتقدات القائمة على قراءة الأفكار)، كما يسميها الباحثون، هي محض خرافة؛ فهي تفترض وجود رابط نفسي غير موجود بين الشريكين. إذا احتجتَ لشيء فعليكَ التعبير عنه، فالتواصل يُعدُّ جوهرَ الزواج الناجح».