محبِطة ومملة ولا تنتهي... ارتفاع معدلات تجنب متابعة الأخبار

دراسة تكشف الأسباب وتأثيرها على الثقة

انضمت حملتا ترمب وبايدن إلى منصة «تيك توك» (أ.ف.ب)
انضمت حملتا ترمب وبايدن إلى منصة «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

محبِطة ومملة ولا تنتهي... ارتفاع معدلات تجنب متابعة الأخبار

انضمت حملتا ترمب وبايدن إلى منصة «تيك توك» (أ.ف.ب)
انضمت حملتا ترمب وبايدن إلى منصة «تيك توك» (أ.ف.ب)

تشير دراسة عالمية حديثة إلى تزايد عدد الأشخاص الذين يتجنبون متابعة الأخبار، واصفين إياها بالمحبطة والمملة وغير المنتهية.

وفقاً لتقرير معهد «رويترز» بجامعة أكسفورد، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يتجنبون الأخبار بشكل متكرر أو دائم إلى 39 في المائة في عام 2023، مقارنةً بـ 29 في المائة في عام 2017. حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وأوضح التقرير أن الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط قد تكون من بين العوامل التي دفعت الناس للابتعاد عن الأخبار. وذكر مؤلفو التقرير أن تجنب الأخبار بلغ مستويات قياسية حالياً، مشيرين إلى أن هذا الاتجاه يتزامن مع أحداث هامة مثل الانتخابات الوطنية والإقليمية التي تجذب اهتمام مليارات الناس حول العالم.

ظهور بعض الانتقادات المتعلقة بدمج نماذج مثل «ChatGPT» بـ«سيري» تتعلق بالدقة والموثوقية (شاترستوك)

وأظهر الاستطلاع الذي أجرته شركة «YouGov» بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)2023، والذي شمل 95 ألف بالغ في 47 دولة، أن حوالي 46 في المائة من الناس يعبرون عن اهتمام كبير أو شديد بالأخبار، مقارنةً بـ 63 في المائة في عام 2017. ففي المملكة المتحدة، تراجع الاهتمام بالأخبار إلى النصف تقريباً منذ عام 2015.

العوامل النفسية وراء تجنب الأخبار

في حديثه لـ«بي بي سي»، قال نيك نيومان، المؤلف الرئيسي للتقرير: «كانت أجندة الأخبار صعبة بشكل خاص في السنوات الأخيرة... لقد مررنا بجائحة وحروب، ما جعل الناس يتجنبون الأخبار لحماية صحتهم النفسية أو لرغبتهم في الاستمرار بحياتهم».

وأشار نيومان إلى أن الأشخاص الذين يتجنبون الأخبار غالباً ما يشعرون بالعجز تجاه التأثير على الأحداث الكبيرة في العالم.

وأشار التقرير إلى أن النساء والشباب هم الأكثر عرضة للشعور بالإرهاق من كمية الأخبار. ورغم أن الثقة في الأخبار تظل ثابتة عند 40 في المائة عالمياً، فإنها لا تزال أقل بنسبة 4 في المائة مقارنةً بذروة جائحة فيروس «كورونا».

ارتفعت الثقة في الأخبار قليلاً في المملكة المتحدة إلى 36 في المائة، لكنها لا تزال أقل بحوالي 15 نقطة مئوية مقارنةً بفترة ما قبل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016.

تراجع المصادر التقليدية وارتفاع تأثير «تيك توك»

ووجد التقرير أن الاعتماد على مصادر الأخبار التقليدية مثل التلفزيون والصحف قد انخفض بشكل كبير خلال العقد الماضي، حيث يفضل الشباب الحصول على أخبارهم عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. في المملكة المتحدة، 73 في المائة من الناس يحصلون على أخبارهم عبر الإنترنت، مقارنةً بـ 50 في المائة من التلفزيون و14 في المائة فقط من الصحف.

في مايو 2024 جرى تقديم «GPT-4o» متضمناً خدمة المحادثة الصوتية (شاترستوك)

وأصبحت منصات مثل «يوتيوب» و«واتساب» و«تيك توك» مصادر مهمة للأخبار، حيث يستخدم 13 في المائة من الناس «تيك توك» للأخبار، متفوقاً على تطبيق «إكس» الذي يستخدمه 10 في المائة. وأكد التقرير على أن الفيديو أصبح مصدراً رئيسياً للأخبار عبر الإنترنت، خاصةً بين الشباب، حيث تحظى مقاطع الأخبار القصيرة بأكبر جاذبية.

خاطب «البديل» الناخبين الشباب عبر منصة «تيك توك» بكثافة (د.ب.أ)

ورغم التقدم التكنولوجي، أظهر التقرير أن الجمهور يشك في استخدام الذكاء الاصطناعي في التغطية الإخبارية، خصوصاً في المواضيع المهمة مثل السياسة والحروب. بينما يتم قبول استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الخلفية مثل النسخ والترجمة، يبقى الدور الأساسي للصحافيين محل ثقة أكبر.


مقالات ذات صلة

معضلة «يوتيوب» تواجه المستخدمين... ارتفاع الأسعار أم الإعلانات غير اللائقة

تكنولوجيا رفعت «يوتيوب» أسعار «بريميوم» في أكثر من 15 دولة بما في ذلك السعودية (د.ب.أ)

معضلة «يوتيوب» تواجه المستخدمين... ارتفاع الأسعار أم الإعلانات غير اللائقة

وصل سعر الاشتراك الفردي إلى 26.99 ريال سعودي شهرياً، بينما ارتفع الاشتراك العائلي إلى 49.99 ريال.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا شعار موقع «يوتيوب» (رويترز)

«يوتيوب» يقيد عرض مقاطع الفيديو الخاصة بالوزن واللياقة البدنية للمراهقين

سيتوقف موقع «يوتيوب» عن ترشيح وعرض مقاطع الفيديو للمراهقين تمجد مستويات لياقة بدنية معينة أو تتعلق بأوزان الجسم أو السمات الجسدية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية عدد أرقام المتابعين لقناة رونالدو في ازدياد كل لحظة (يوتيوب)

رونالدو القياسي... يتجاوز الملاعب إلى «يوتيوب» بـ20 مليون متابع خلال ساعات

حطم رونالدو رقماً قياسياً جديداً في 90 دقيقة، لكن هذا الرقم لم يكن في ملاعب الكرة بل على قناته الخاصة في «يوتيوب» حيث وصل عدد المشتركين إلى 20.3 مليون.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا توفّر قوانين الحياة البرية الصارمة حماية للطيور الملونة في الهند (أرشيفية - الشرق الأوسط)

توقيف نجم «يوتيوب» في الهند بسبب مقطع فيديو يطهو فيه طاووساً ويأكله

أوقفت السلطات الهندية نجماً صاعداً على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعته قيد الاحتجاز بعد نشره مقطع فيديو يظهر فيه وهو يطهو طاووساً ويأكله.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق شعار موقع «يوتيوب» (رويترز)

انقطاع خدمة «يوتيوب» عن آلاف المستخدمين في روسيا

أعلنت خدمات مراقبة الإنترنت في روسيا عن حدوث آلاف الأعطال في إمكانية الوصول إلى موقع «يوتيوب» للمقاطع المصوَّرة، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.