«قطع الأشجار» يفجر جدلاً واسعاً في مصر

الحكومة ترد على «الانتقادات» وتؤكد اهتمامها بالمساحات الخضراء

مشروع تبطين الترع تسبب في قطع كثير من الأشجار (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مشروع تبطين الترع تسبب في قطع كثير من الأشجار (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قطع الأشجار» يفجر جدلاً واسعاً في مصر

مشروع تبطين الترع تسبب في قطع كثير من الأشجار (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مشروع تبطين الترع تسبب في قطع كثير من الأشجار (تصوير: عبد الفتاح فرج)

فجرت أزمة قطع الأشجار في عدة مدن مصرية جدلاً واسع النطاق، وانتقد متابعون وتشكيليون، من بينهم الفنان محمد عبلة، هذا التوجه، كما حرصت وزارات وهيئات مصرية على الرد على تلك الانتقادات.

وأثارت صور لمقارنات عن عمليات تطوير عدة مناطق، تضمنت إزالة الأشجار التي تُزيّنها، جدلاً عبر «السوشيال ميديا»، وهي صور نشرت لمناطق عدة، من بينها محيط محطة القطار بمحافظة أسوان (جنوب مصر) التي سجلت درجة حرارة مرتفعة، إضافة إلى طريق «قنا - الأقصر»، الذي كانت تُزينه الأشجار، وبعض شوارع القاهرة الكبرى التي جرت توسعتها في حي «مصر الجديدة».

وانتقد البرلماني السابق محمد أبو حامد، عبر حسابه على «إكس» عملية قطع الأشجار من دون محاسبة. واتهم متابعون مشروع تبطين الترع بالتسبب في قطع الكثير من الأشجار المعمرة التي كانت تُزين الريف المصري.

وفي المقابل، نشرت جهات حكومية عدة، من بينها وزارات البيئة، والإسكان، والتنمية المحلية، بيانات رسمية تتضمن تأكيدات باهتمام الدولة بالمساحات الخضراء، سواء في العمران القائم أو المدن الجديدة، ومنها مدينة المنصورة الجديدة التي أكدت «الإسكان» أن نسبة المساحات الخضراء بها تصل إلى 25 في المائة من مساحة المدينة.

صورة من أعمال التشجير بمحافظة الجيزة (حساب المحافظة على فيسبوك)

وقالت «البيئة»، في بيان (الخميس)، إن العمل جارٍ على تنفيذ المبادرة الرئاسية «100 مليون شجرة»، التي تستهدف زراعة 100 مليون شجرة في غضون 7 سنوات، مع استهداف زراعة 1.5 مليون شجرة خلال العام المالي الذي ينتهي الشهر الحالي، مشيرة إلى أن العام الأول من المبادرة شهد زراعة 1.4 مليون شجرة.

فيما قال الإعلامي أحمد موسى، إن «مصر تزرع ملايين الأشجار، وتُحوّل الصحراء إلى واحة خضراء. البلد بتعمل كل حاجة جميلة، لو قطعت شجرة مثلاً بتزرع مكانها 10... عاشت بلادي رغم كيد الأعادي».

ودخل مجلس النواب على خط الأزمة، عبر طلبي إحاطة منفصلين؛ الأول قدمته النائبة عن الحزب المصري الديمقراطي، مها عبد الناصر، والثاني قدمه النائب عن حزب العدل، عبد المنعم إمام، عادّين أن «القطع الجائر للأشجار أحد الأسباب في زيادة ارتفاع درجات الحرارة، مع تناقص المساحات الخضراء».

وقالت مها عبد الناصر، في طلب الإحاطة «وفقاً لعدد من التقارير والإحصاءات الخاصة بالشأن البيئي في مصر، جرى تدمير الكثير من المساحات الخضراء بالقاهرة بين عامي 2017 و2020».

ونشر مجلس الوزراء بياناً، الخميس، تضمن تصريحات لرئيس صندوق التنمية الحضرية بمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع «حدائق تلال الفسطاط» على مساحة 404 أفدنة في وسط القاهرة، بمعدل 88 في المائة للمسطحات الخضراء.

وعددت «البيئة» شراكتها مع المجتمع الأهلي بزراعة عشرات الآلاف من الأشجار، منها 500 ألف شجرة في القرى التي يجري تطويرها ضمن مبادرة «حياة كريمة»، وزراعة أشجار على الطرق الصحراوية السريعة من أجل خفض الانبعاثات.

لكن مها عبد الناصر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» ضرورة أن «تقدم الحكومة بياناً عن أعداد الأشجار التي جرى قطعها، وتوضيح ما إذا كانت الأشجار الجديدة والمساحات التي تقوم بزراعتها تعوض ما جرى فقده من توفير الأكسجين أم لا».

حدائق تلال الفسطاط وسط القاهرة (مجلس الوزراء)

«قطع الأشجار مجرم قانوناً ما لم تكن هناك ضرورة ملحة من أجل هذه الخطوة»، وفق وصف رئيس وحدة التغيرات المناخية السابق بوزارة البيئة المصرية، الدكتور السيد صبري، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الأماكن لم يكن من الممكن تطويرها دون إزالة الأشجار الموجودة فيها لتوسعة الطرق».

وأضاف أنه «يفترض حال الاضطرار لإزالة أشجار إعادة زراعتها في المحيط نفسه مرة أخرى، بهدف الحفاظ على التوازن البيئي، وتقليل الحد من الأثر البيئي السلبي الناتج عن قطعها»، مشيراً إلى «أن هناك أشجاراً جرت زراعتها في ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة، بدلاً من الأشجار التي جرت إزالتها لتوسيع الطريق، لكن لا يعرف ما إذا كان لها الأثر البيئي نفسه أم لا، مع استغراق الأشجار الجديدة وقتاً للنمو».

ووفق بيان «الإسكان»، الخميس، فإن كل مخططات المدن الجديدة تتضمن زيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والفراغات، مع تأكيد أن كل منطقة جديدة جرى تطويرها تمثل المساحات الخضراء فيها 15 في المائة من مساحتها على الأقل.

لكن مها عبد الناصر تؤكد أهمية الإعلان بشفافية عن كل التفاصيل الخاصة بالمساحات المزروعة وأسباب قطع الأشجار، في ضوء ما يتردد عن تزايد عمليات القطع للاستفادة من الأسعار المرتفعة للخشب وبيعها.

وعكف مسؤولون مصريون على نشر صور المساحات الخضراء بالمدن الجديدة للإشارة إلى اهتمامهم بالأشجار، ودحض المزاعم التي تتحدث عن «كره اللون الأخضر».

ونفت وزارة الزراعة المصرية، الخميس، قطع الأشجار بحديقة الحيوان، وذلك بعد نشر صورة لـ«ونش» بين الأشجار، وقالت الوزارة إنه «يجري تهذيب الأشجار للحفاظ عليها من التلف وليس قطعها».


مقالات ذات صلة

النباتات تتمتع بالوعي والذكاء للتعامل مع البيئة

يوميات الشرق نبتة تنبعث منها مادة كيميائية عندما تأكلها الخنافس (غيتي)

النباتات تتمتع بالوعي والذكاء للتعامل مع البيئة

تتمتع النباتات بالذكاء والقدرة على حل المشكلات، حيث تم رصد تفاعلها مع البيئة بطرق يزعم أحد العلماء أنها تثبت تمتعهم بالوعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة محتجون مدافعون عن البيئة يرشون صخور ستونهنج الأثرية بطلاء برتقالي في 19 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

اعتقال نشطاء بيئيين بسبب رش صخور ستونهنج الأثرية بالطلاء (فيديو)

قام  محتجون مدافعون عن البيئة برش طلاء على صخور ستونهنج في بريطانيا، وأظهرت لقطات نشرت على الشبكة العنكبوتية طلاء برتقالياً يغطي بعض صخور البناء الصخري الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا كان الدافع وراء البحث هو الحاجة الماسة لتقليل الانبعاثات الناتجة عن الإسمنت الذي يشكل نحو 90 % من انبعاثات الخرسانة (شاترستوك)

هل يمكن إعادة تدوير الخرسانة المستعملة في البناء لتقليل انبعاثات الكربون؟

طور باحثون من جامعة كمبريدج في بريطانيا طريقة لإنتاج خرسانة منخفضة الانبعاثات الكربونية بهدف تحقيق تقدم كبير في التحول العالمي إلى صافي الانبعاثات الصفرية.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق إضافة النيتروجين إلى الخرسانة تقلل انبعاثات أكاسيد النيتروجين الضارة (جامعة بيرمنغهام)

خرسانة مُبتكرة تقلل التلوث

كشفت دراسة بريطانية أن «إضافة النيتروجين إلى الخرسانة يمكن أن تقلل بشكل كبير من المستويات العالمية للانبعاثات الضارة التي تنتجها صناعة البناء والتشييد».

محمد السيد علي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «آرت بازل» بسويسرا 13 يونيو (إ.ب.أ)

معرض «آرت بازل» اختبار لصحة سوق الفن عالمياً

شهد معرض «آرت بازل» للفن المعاصر المُقام هذا الأسبوع في سويسرا مرة جديدة مبيعات ضخمة تخفي تطوّراً غير منتظم لسوق الفن التي لا تزال في «وضع سيئ»، بحسب الخبراء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طبيب الانحدار الجليدي»... مُسمَّى وظيفي على الطريق نحو قمة إيفرست

متعة المغامرة (أ.ف.ب)
متعة المغامرة (أ.ف.ب)
TT

«طبيب الانحدار الجليدي»... مُسمَّى وظيفي على الطريق نحو قمة إيفرست

متعة المغامرة (أ.ف.ب)
متعة المغامرة (أ.ف.ب)

يتحتَّم على مُتسلِّقي جبل إيفرست التغلُّب في طريق صعودهم إلى القمة على انحدار خومبو الجليدي، وهو أحد أخطر الممرَّات على الجبل. وهذا الانحدار هو كتلة ضخمة من الكتل الجليدية العملاقة التي تتحرَّك ببطء، ولكن بثبات، ناحية الوادي.

ووفق «وكالة الأنباء الألمانية»، ينجح معظم المتسلِّقين في تجاوز هذا الانحدار الجليدي بفضل المتخصِّصين المحلِّيين الذين مهَّدوا في وقت سابق ممرّاً آمناً، عن طريق تثبيت شبكة من السلالم والحبال التي يعدِّلونها مراراً، في عملية تستغرق أشهراً خلال كل موسم ذروة لمتسلِّقي إيفرست، على الرغم مما يمثِّله ذلك العمل من مخاطر بالغة على القائمين عليه.

ومن بين المسمَّيات الوظيفية في خومبو: «طبيب الانحدار الجليدي». ويمكن لأطباء الانحدار الجليدي ذوي الخبرة أن يحدِّدوا مدى صلابة الثلوج ومخاطر انهيارها، عن طريق النظر إليها فقط.

يُشار إلى أنَّ كتلة خومبو الجليدية هي المنفذ الوحيد إلى قمة إيفرست من اتجاه المنحدر الجنوبي للجبل في نيبال. ويمكن أيضاً الوصول إلى القمة من اتجاه إقليم التبت الصيني لناحية المنحدر الشمالي.

ومع ذلك، يحتاج الخبراء ليحلِّلوا صلابة الجليد إلى ضوء النهار، وهو ما يمكن أن يُشكِّل خطورة، وفق المرشد الجبلي النيبالي نجيما جايلزن شيربا؛ لأنه بمجرَّد أن تسطع أشعة الشمس على هيكل غير مستقر، سيصبح أكثر هشاشة.

في هذه الحالة، يمكن أن تنفتح شقوق عميقة بين الكتل الجليدية، وتنفصل القطع الثلجية بعضها عن بعض، وتسقط. وهذا السبب في أنَّ معظم مجموعات المغامرين ينطلقون مزوَّدين بمصابيح مثبتة على الرؤوس في منتصف الليل، أو في الساعات المبكرة من الصباح لعبور منحدر خومبو الجليدي، من معسكر القاعدة الذي تبدأ منه رحلات التسلُّق.

وبعدما عُدَّ جبل إيفرست سابقاً قمة صعبة التسلُّق إلى حد بعيد، فقد أصبح الآن مُدرجاً بين القمم التي يمكن تسلُّقها، وذلك بفضل الرحلات التجارية التي تُنظَّم لتسلُّقه، والتي تلقَّت دفعة خلال الأعوام الأخيرة.

وفارق عدد من أطباء المنحدر الجليدي الحياة في أثناء عملهم، ولا يُعرَف عددهم بدقة، ومع ذلك تشير أرقام قاعدة بيانات الهيمالايا الخاصة ببعثات التسلُّق، إلى أنَّ نحو 50 مرشداً ماتوا خلال عملهم في منحدر خومبو الجليدي، بعدما دفنتهم الانهيارات الجليدية، أو بسبب السقوط في صدوع عميقة.

وتشير قاعدة بيانات الهيمالايا التي يُسجَّل فيها عدد مرات تسلُّق جبل إيفرست، إلى أنَّ 11 ألف عملية تسلُّق على الأقل للجبل سُجِّلت. ويرجع الفضل في هذا النجاح إلى الحبال والسلالم دائمة التثبيت.