فاطمة البنوي في «بسمة»... ممثلة ومخرجة وكاتبة

الممثلة لـ«الشرق الأوسط»: «لست متأكدة إن كنت سأكرر هذه التجربة أم لا»

فاطمة البنوي في مشهد مع والدها المضطرب نفسياً في الفيلم (الشرق الأوسط)⁩
فاطمة البنوي في مشهد مع والدها المضطرب نفسياً في الفيلم (الشرق الأوسط)⁩
TT

فاطمة البنوي في «بسمة»... ممثلة ومخرجة وكاتبة

فاطمة البنوي في مشهد مع والدها المضطرب نفسياً في الفيلم (الشرق الأوسط)⁩
فاطمة البنوي في مشهد مع والدها المضطرب نفسياً في الفيلم (الشرق الأوسط)⁩

لطالما حلّ المرض النفسي بطلاً على شاشات السينما، إلا أن الفيلم السعودي «بسمة» من إنتاج «نتفليكس»، ينحاز ناحية تقبّل أصحاب الاضطرابات النفسيّة، انطلاقاً من فكرة أنه لا توجد مسطرة لقياس الإنسان الطبيعي أو غير الطبيعي. وتدور أحداثه حول فتاة مبتعثة تُدعى «بسمة» (فاطمة البنوي) تعود في إجازة قصيرة لرؤية عائلتها، وتتفاجأ بأمور صادمة حدثت خلال غيابها الذي استمر لنحو عامين، من ذلك إقصاء والدها عن العائلة لكونه رجلاً غريب الأطوار.

من هنا تبدأ «بسمة» عملية البحث عن والدها لتجده يسكن في بيت مُهمل ومليء بالخرداوات المبعثرة، ويُغلّف زجاج النوافذ بعشرات الصحف الورقية، وبالكاد تجد أشعة الشمس طريقها داخل منزله الذي اعتبره الملاذ الآمن له بعد انفصاله عن زوجته، أم «بسمة»، فيحدث الصراع بينه وبين ابنته التي تحاول إنقاذه من الحالة التي وصل إليها، في خضم الأحداث يتابع المشاهد هل تنجح «بسمة» في إخراج والدها من عزلته أو لا.

 

يحاول الفيلم تقديم رؤية جديدة لتقبّل الأفراد غريبي الأطوار (الشرق الأوسط)

 

ثلاثيّة العمل

تقدم البنوي في الفيلم الذي بدأ عرضه يوم الخميس الماضي على «نتفليكس» 3 أدوار رئيسية؛ فهي بطلة العمل والكاتبة والمخرجة؛ إذ تجسّد شخصية الفتاة الذكية التي ينتظرها مستقبل مشرق مع قرب حصولها على درجة الدكتوراه في واحد من التخصصات العلمية الدقيقة، إلا أنها تشعر بالذنب حين تقف على الحالة التي وصل إليها والدها، بعد أن كان عالماً ناجحاً ومشهوراً بذكائه الشديد. وتُظهر البنوي نضجها السينمائي عبر تأدية العديد من الانفعالات المعقدة ما بين البهجة، والصدمة، والتأنيب، والإحباط، والمقاومة.

 

هروب من المواجهة

تصف البنوي في حديثها مع «الشرق الأوسط» شخصية «بسمة» قائلة: «هي رمز للمجاملات والابتسامات والمراوغات التي يقوم بها البعض لنفي أو نكران أو مواجهة واقع معين... (بسمة) مبتهجة دائماً وتحاول باستمرار التركيز على الجيد أو الحسن في الأمور، بل حتى أكثرها مرارة. ومن هنا أتيت بنقيض لـ(بسمة) فرسمت شخصية مقابلة لها في دور والدها الذي يرى الأمور بشفافية ومن دون فيلتر».

 

لأول مرة تجمع البنوي بين الكتابة والإخراج والتمثيل في فيلم روائي طويل (الشرق الأوسط)

المرض النفسي

وعن السبب الذي جعلها تترك شخصية الأب غامضة حتى نهاية الفيلم، تقول البنوي: «تعمّدت أن أترك الحالة التي لديه غامضة؛ لأن المرض النفسي غامض بطبعه. هناك نسبة كبيرة من الناس يعانون نفسياً، ولكن مظهرهم الخارجي طبيعي جداً، وبالتالي يُساء فهمهم ولا يتم احتواؤهم بالشكل المناسب. وهنا يصبح السؤال الأكبر: من هو الطبيعي فينا حقاً؟ وهل سنغير سلوكنا تجاه الآخرين لو علمنا بحالاتهم النفسية غير المُفصح عنها؟».

 

الفيلم السعودي الأحدث بدأت «نتفليكس» في عرضه يوم الخميس الماضي (الشرق الأوسط)

ويعرج فيلم «بسمة» إلى قصة حب قديمة نشأت بين «بسمة» وحبيبها السابق الذي بقي ينتظرها، ويجدد لقاءه بها بعد عودتها؛ إذ يلتقيان في أماكن مفتوحة في مدينة جدة، لتشاركه مخاوفها وشكوكها، ويكون داعماً لها في المواقف الصعبة، رغم أن علاقتهما بلا نهاية واضحة. كما يظهر في الفيلم وجود الكثير من الرجال الداعمين لـ«بسمة»، منهم جدها وعمها وأخوها، في حالة تعبر عن الترابط الأسري الذي نشأت فيه.

وبسؤال فاطمة البنوي عن صعوبة الجمع بين الكتابة والإخراج والتمثيل في فيلم واحد، وهي التجربة الأولى لها بهذا الشأن، تقول: «الخلط بين هذه المهام الـ3 كان تحدياً كبيراً بلا أدنى شك»، مبينة أنها ليست متأكدة إن كانت ستعيد تكرار هذه التجربة أم لا، لافتة في ختام حديثها إلى أن الفيلم الذي تم تصويره بالكامل في مدينة جدة استغرق تصويره نحو 32 يوماً.

من الجدير بالذكر أن فيلم «بسمة» يأتي ضمن قائمة لعدد قليل من الأفلام السعودية التي تناولت الصحة النفسية والتعايش مع المرض النفسي وتقبّل أصحابه.


مقالات ذات صلة

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

يوميات الشرق عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

«فجوة في جبل» هو الوصف التضاريسي لـ«الفاو»، المنطقة التاريخية التي تربعت على طريق التجارة القديمة ونقطة الالتقاء المهمة بين الحواضر المنتشرة في الجزيرة العربية.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد صورة للاجتماعات خلال النسخة السابقة من منتدى السياسات الصناعية متعدّد الأطراف (MIPF) في فيينا (يونيدو)

منتدى السياسات الصناعية متعدّد الأطراف بالسعودية لأول مرة خارج «يونيدو»

تنظّم وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، النسخة الثانية من منتدى السياسات الصناعية متعدّد الأطراف (MIPF) 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى محطات «ساسكو» في السعودية (الشركة)

أرباح «ساسكو السعودية» لخدمات السيارات ترتفع 15 % بالربع الثاني

ارتفعت أرباح «الشركة السعودية لخدمات السيارات والمعدات» (ساسكو) بنسبة 15 % إلى 12.9 مليون ريال في حين بلغت إيراداتها 2.5 مليار ريال

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الخليج المهندس أحمد العوهلي عقد سلسلة من اللقاءات الجانبية على هامش معرض فارنبرة الدولي للطيران (واس)

معرض الطيران العالمي... «الصناعات العسكرية» السعودية تعرض فرص الاستثمار وجهود التنظيم

يشهد قطاع الصناعات العسكرية بالسعودية خطوات متسارعة على صعيد تطوير وتوطين القطاع وتعزيز فرص الاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)

عمر خيرت: مشاركتي في «ليلة الأحلام» جعلتني أستعيد ذكريات عزيزة على قلبي

صعدت آمال ماهر إلى المسرح، وافتتحت عرضها بأغنيتها الشهيرة «اللي قادرة» بمشاركة عمر خيرت على البيانو، ثم تتابعت الأغاني بتألُّق صوتها وموسيقى الموسيقار المصري.

أسماء الغابري (جدة) نادية عبد الحليم (القاهرة)

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
TT

«منطقة الفاو الأثرية» كنز الحضارات القديمة إلى واجهة العالم الثقافية

عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)
عُثر في المكان على عدد من التماثيل البرونزية وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي (واس)

الزمان القرن الثالث قبل الميلاد، المكان على حافة الربع الخالي، منطقة ناهضة بأسواقها التي يعلو منها دويّ المتسوقين وضجيج الحركة الذي يخترق سكون الصحراء التي تحيط بالمكان وتلفه بنعومة، مدينة حيوية تضجّ بالحياة وعامرة بالمساكن والحوانيت التي تعرض بضائع التجار والمسافرين بينها وبين الممالك المختلفة في الجزيرة العربية.

«فجوة في جبل»، هو الوصف التضاريسي لما تُسمى «الفاو» وهي المنطقة التاريخية التي تربعت على طريق التجارة القديمة، التي كانت تُعرف بطريق نجران-الجرفاء، وتربط جنوب شبه الجزيرة العربية بشمالها الشرقي، وفيها تلتقي قوافل التجار، للاستراحة والاتجار بالبضائع القادمة عبر القوافل من ممالك سبأ، ومعين، وقتبان، وحضرموت، وحمير إلى نجران، ومنها إلى قرية الفاو، ثم إلى الأفلاج، فاليمامة، ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

كانت هذه المكانة الأثيرة للمنطقة، بطابعها التجاري وكونها نقطة التقاء مهمة وحيوية بين الممالك والحواضر المنتشرة في الجزيرة العربية، مؤهلاً لتطور الفاو من محطة مرور قوافل صغيرة إلى مركز تجاري وديني وحضري مهم في وسط الجزيرة العربية، وقد اتخذها ملوك كندة العربية عاصمة لملكهم لـ8 قرون، منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الرابع للميلاد، قبل أن يغادروها ويتخذوا من شمال الجزيرة العربية مركزاً لحكمهم. وقد تتبّع القدْرُ الميسورُ من الحفريات الأثرية التي اكتُشفت، مسيرةَ تطور المدينة، وطرفاً من سيرتها، حيث صمدت في وجه الهجمات والاعتداءات المختلفة من محيطها الذي يتذبذب بين الضعف والقوة، لا سيما في أواخر القرن الثاني الميلادي.

كانت مدينة حيوية تضجّ بالحياة وعامرة بالمساكن والحوانيت التي تعرض بضائع التجار والمسافرين منها وإليها (واس)

أقدم اكتشاف أثري عربي في السعودية

وهبت قرية الفاو، سرّها لعالم الآثار والمؤرخ السعودي عبد الرحمن الأنصاري، الذي توفي في مارس (آذار) 2023 بعد أن قضى أكثر من عقدين في البحث والتنقيب بهذه المنطقة، حيث قاد أستاذ الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض، فريقاً من الباحثين لإجراء أعمال التنقيب في منطقة الفاو جنوب الجزيرة العربية، بين عامَي 1972 و1995.

وتمكّن الأنصاري وفريقه من إعادة اكتشاف منطقة الفاو الأثرية، وأشرف على أعمال التنقيب فيها طوال المدة التي تزيد على عقدين، بعد أن ارتفعت التوقعات بشأن ما يختزنه المكان من ثروة آثارية، تنبأت بها الزيارات الاستكشافية التي قام بها عديد من علماء الآثار الأجانب، وبعض العاملين في شركة «أرامكو السعودية»، منذ الأربعينات، قبل أن ينبري لها الأنصاري وفريقه، للبدء في عمل تاريخي رصين أسفر عن استكشاف ما يعدّ من أهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ويمثّل تجسيداً متكاملاً للمدن العربية قبل الإسلام.

كانت المنطقة نقطة التقاء مهمة وحيوية بين الممالك والحواضر المنتشرة في الجزيرة العربية (واس)

ثلاث حضارات متعاقبة

واصلت السعودية جهود استكشاف الموقع الأثري، وأسفرت تلك الجهود عن مكتشفات أثرية تروي قصص 3 حضارات تعاقبت في منطقة الفاو، وكانت المنطقة السكنية التي تضمّ منازل وساحات وشوارع وسوقاً، وبقايا المواضع التي تُخزّن فيها الحبوب وأفران الخبز، والمنطقة المقدسة المكونة من معابد ومقابر، من أوائل ما اكتُشف في المكان، بالإضافة إلى النقوش التي تنتشر في عدد من الواجهات ضمن نطاق القرية، مثل تلك التي تظهر في شرق المدينة، حيث يستقر جبل كبير يزخر بكهوف ونقوش صخرية، وبقايا معبد بُني من الحجارة، وما تبقى من مائدة لتقديم القرابين، بجانب عديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان.

كما عُثر في الموقع على عدد من التماثيل البرونزية والنماذج، وشواهد قبور منحوتة بخط المسند الجنوبي، وضريح الملك معاوية المبني على شكل هرم مدرج صغير، وأضرحة النبلاء وعلية القوم. وفي 27 يوليو (تموز) 2022 أعلنت هيئة التراث السعودية نجاح فريق علمي سعودي وخبراء دوليين في التوصل إلى كشف جديد عن منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان منطقة الفاو في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم «خشم قرية» إلى الشرق من موقع الفاو الأثري.

تتبّع القدْرُ الميسورُ من الحفريات الأثرية التي اكتُشفت مسيرةَ تطور المدينة وطرفاً من سيرتها (واس)

إلى واجهة العالم الثقافية

في أقل من عام من انضمام محمية «عروق بني معارض» إلى «قائمة اليونيسكو للتراث العالمي»، نجحت السعودية في تسجيل الواجهة الثقافية لمنطقة الفاو الأثرية في القائمة الدولية، لتصبح ثامن موقع سعودي ينضم إلى القائمة اعترافاً بقيمته الاستثنائية بوصفه جوهرةً حضاريةً وآثاريةً ثمينةً.

وتعكس هذه الوتيرة المتسارعة لتسجيل المواقع الأثرية، ما تتمتع به السعودية من حيوية في تحقيق خطوات مهمة في القطاع الثقافي، منذ أطلقت «رؤية 2030» عوامل العمل على أسس جديدة. وفتحت هذه الاكتشافات في إطار الرؤية، أبواب المملكة على العالم، ورحّبت بالزوار من شتى بقاع الأرض، بوصفها وجهةً سياحيةً عالميةً؛ للوقوف من كثب على ما أنجزته البلاد من مبادرات في مجالات الآثار، والثقافة، والتعليم والفنون؛ للحفاظ على تراث المملكة الغني وجمالها الطبيعي، انطلاقاً من موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالمَين العربي والإسلامي.