في استديو الفنانة السعودية دانية الصالح ... نساء وذكاء اصطناعي وأغنيات حب

حديث حول الفن والمجتمع والتكنولوجيا

دانية الصالح في الاستوديو (الفنانة)
دانية الصالح في الاستوديو (الفنانة)
TT

في استديو الفنانة السعودية دانية الصالح ... نساء وذكاء اصطناعي وأغنيات حب

دانية الصالح في الاستوديو (الفنانة)
دانية الصالح في الاستوديو (الفنانة)

تجلس الفنانة السعودية دانية الصالح في الاستوديو الخاص بها في «أثر غاليري» بمبنى حي جميل بجدة، منكبَّةً على عملها ومحاطة بأعمال معرضها الأخير. ترحب بالزائر العابر للاستوديو، وتشرح لمن يريد الاستفسار عن أعمالها. للفنانة شعائر عمل ومكملات «مزاجية» تتمثل في القهوة العربية التي تقدم لي منها قدحاً نُطلق على أبخرته العبقة برائحة الهيل حديثاً طويلاً يمر على محطات مسيرتها الفنية وأعمالها الموجودة حولنا في الاستوديو.

تتحدث دانية الصالح عن بداياتها في الفن عبر الرسم ثم دخولها عوالم التقنية والذكاء الاصطناعي. النقلة حدثت، كما تقول، بعد مرحلة الماجستير (حصلت على ماجستير في الفنون الحاسوبية من كلية غولد سميث في عام 2020): «بدأتُ بدمج التقنيات في أعمالي وتطعيم الأعمال بالتكنولوجيا، وربما ساعد ذلك في التعريف بأعمالي على نحو أوسع».

لم تبتعد عن الرسم كما عرفته، ولكنها قررت الاستفادة منه عبر الذكاء الاصطناعي: «مرت عليَّ فترة كنت أنفذ فيها رسوماً تعتمد على أشخاص مزيفين، أو حسب المصطلح فهي أعمال تعتمد التزييف العميق (بالإنجليزية: Deepfake)». رؤيتها لنظرية التزييف العميق تتيح لنا معرفة المزيد حول طريقتها في العمل، تُرجع الأسلوب لمفهوم فلسفي «المحاكاة»: «تعتمد على تصوير نسخة عن نسخة عن نسخة من الأصل حتى نصل إلى مرحلة تصديق النسخ ونسيان الأصل، ونبدأ بالتعامل مع النسخ ونسيان مُنشئها».

عمل بعنوان «36» للفنانة دانية الصالح (الفنانة)

تشرح خطوات عملها في تكوين البورتريه «المزيف» «بعد تكوين صور الأشخاص الزائفين أرسم لوحات شخصية لهم ثم بعد ذلك أحوِّلها على لوحات القماش، وأستخدم ألوان الأكريليك لتلوين الخلفيات... أعتقد أني بهذا الشكل أتلاعب بالإدراك البشري، وأطلب من الناظر ألا يأخذ الأمور على ظواهرها. باختصار هذا ما أقوم به، وأسمّيه التكييف الاجتماعي. «أغنيات الحب والذكريات، ما رد فعل المشاهد هنا؟ هل يستقبل المتلقي ذلك التلاعب الموجَّه نحو إحساسه وإدراكه لما يرى أمامه؟»، تصف ردود الفعل بـ«المثيرة جداً والمهمة»، وتضرب المثل بعمل لها عُرض ضمن فعاليات «نور الرياض» في عام 2022. حمل عنوان «قصص الحب»، تقول: «من أقوى ردود الفعل على أعمالي كانت حول عملي في (نور الرياض)». العمل الذي عُرض في مساحة عامة في وسط مدينة الرياض خلط بين المعروف وغير المعروف، بين الحقيقي والمزيف، ولكن الرابط بين كل هذه العناصر كان حقيقياً، وتَمثل في مقاطع من أشهر أغاني الحب العربية. «كل ما فعلته كان استكشاف التعبير العلني عن أحاسيس الحب». في الواقع العربي تعد قصائد الغرام والأغاني العاطفية من أساسيات الثقافة الاجتماعية، ولكن هناك دائماً الحواجز التي تجعل التعبير العلني عن العاطفة على نحو فردي أمراً محفوفا بالمحاذير، «نحتفل بأغاني الحب والغرام وبالقصائد العاطفية، ولكن في الواقع يدخل الأمر في حيز (التابو) عند كثير من الناس، وتتحول الأحاسيس المسموح بها في الغناء والفن إلى أمر حساس إذا دخل إلى حيز العائلات».

«قصص الحب 2022» لدانية الصالح خلال عرضه في «نور الرياض» (تصوير: نيك جاكسون)

تعمد دانية الصالح إلى طريقة مبتكرة للتعامل مع موضوعها: «كل ما فعلته هو اختيار عدد من أغنيات الحب الشهيرة في منطقة الشرق الأوسط، من أم كلثوم إلى عبد المجيد عبد الله وأحلام وغيرهم، ثم كوَّنت 26 شخصية مزيفة عبر الذكاء الاصطناعي، 13 رجلاً و13 امرأة بملامح عربية في إطارات كبيرة وُضِعت في مساحة عامة بعضها بمواجهة بعض، حيث يبدأ الرجل بالغناء بينما تنظر إليه المرأة في الإطار المقابل، وما إن ينتهي حتى تنطلق المرأة في غناء أغنية أخرى وهكذا».

ردة الفعل كانت مثيرة جداً، التقطت عبرها تأثير تلك اللوحات في إثارة مشاعر متباينة لدى أفراد الجمهور: «بعض الناس كانوا يتوقفون أمام العمل، آخرون كان يتساءلون عمّا يحدث أمامهم، وكثيرون استفسروا عن هوية المغنين. أوقفني أحدهم ليقول لي إن الأغنيات أثارت داخله حنيناً إلى الماضي، حكى لي قصة لقائه زوجته. شباب آخرون كان يسألون عن وجود الحب الحقيقي.

قالت لي سيدة كبيرة: هذا الكلام غير موجود الآن». العمل فتح موضوعات كثيرة للنقاش، وأُعده من أكثر الأعمال التي نجحت في الوصول للمتلقي. «هل ترى أن التأثير كان سيكون بنفس القوة إذا كنت استخدمت صوراً للمغنين الأصليين؟» ترى أن استخدام الشخصيات «المزيفة» نجح أكثر في التواصل مع الجمهور، من المحتمل أنهم رأوا في تلك الشخصيات انعكاساً لأنفسهم أو أنهم «أفاتار» فكل شخص وضع نفسه مكان الشخص المغني. لا تداعب دانية الصالح الذكريات لمجرد إشباع الإحساس بالحنين إلى الماضي، بل هي تجرِّدها من كثير من صفاتها، فالأغاني الشهيرة نراها من خلال أشخاص صنعتهم التقنية المتقدمة، وبذلك ينتفي الرابط مع جانب كبير من الذكرى.

تلجأ إلى تركيب شخصية مختلفة لا تربطها بالمشاهد أي ذكرى أو حنين مشترك، بهذه الطريقة تحرر المُشاهِد من بعض رواسب قديمة، وتتركه ليكوّن روابط جديدة مع أغنية تعود من عمق الذكريات في هيئة يستطيع قولبتها حسب خياله وتفاعله. الماضي عبر الذكاء الاصطناعي يبدو في استدعاء مشاهد الماضي ومعاملتها بطريقة عصرية وملامح أسلوب فني خاص اعتمدته الفنانة، وهو ما تفعله في عمل آخر استخدمت فيه لقطات من أفلام العصر الذهبي للسينما المصرية. تقول إنَّ العمل كان يتعامل مع مفهوم «الاختفاء»، وتضيف: «شاهدت الكثير منها، وبدأتُ بتجميع لقطات تدور حول 15 تيمة محددة تتكرر في الأفلام القديمة منها على سبيل المثال اجتماع العائلة على مائدة الإفطار، واللقطات المقربة على الوجوه، ولقطات في السيارة، ومشاهد رنين الهاتف القديم، وغيرها من الثيمات المتكررة». تقول: «قمت بجمعها، ومرَّنت أدوات الذكاء الاصطناعي على اللقطات والمقاطع التي جمعتها من تلك الأفلام، لتكوين صور مشابهة للأصل، أردتها أن تبدو مضبَّبة ومشوَّشة». من تلك اللقطات الخاطفة كوَّنت الفنانة مقاطع تجتمع في تيمة محددة: «عندما نرى المقاطع نرى كل الذكريات من الطفولة (عبر مشاهدة الأفلام) مختزلة في 10 دقائق مركَّزة تعرض لنا تيمة فأخرى، وهكذا، في تلاعب إلكتروني بالشعور والإحساس بالحنين».

«قصص الحب 2022» لدانية الصالح خلال عرضه في «نور الرياض» (تصوير: نيك جاكسون)

ردود فعل المشاهدين اختلفت حسب الشريحة العمرية، فالجيل الأكبر الذي نشأ على مشاهدة تلك الأفلام على التلفزيون اختلف في تعامله مع المقاطع بخلاف الجيل الأصغر الذي لم تكن له ذكريات معها. لمن مثَّلت الأفلام جزءاً من تكوينهم العاطفي والثقافي كانت تلك الأفلام تحمل واقعاً منفصلاً عن الحياة اليومية: «كنا نرى قصص الحب وأوقات السهر والمرح والأبطال المحببين، كل ذلك من مسافة، كان مسموحاً لنا بالتفرج، ولكن الواقع الاجتماعي لم يكن يسمح بالتقليد». مرة أخرى تتحدث الفنانة عن «التكييف الاجتماعي»، وعن استكشاف الأفكار التي كوَّنت ذاكرة أجيال وطريقة تعامل المجتمع معها. نفس الأمر الذي طرحته في تقديم أغاني الحب، وترى أن العملين مرتبطان: «نحن نردد الأغاني، ونحفظ قصائد الحب، ولكن في الحقيقة هذا ليس هو واقعنا، نفس الشيء في الأفلام، ربما كانت متنفساً للمشاعر وليست بالضرورة أن تكون حقيقة للمشاهد. هذا ما أحب في فكرة التكييف الاجتماعي، كيف أننا متكيفون مع النظر إلى شيء بطريقة محددة مع الأفلام أو الأغاني وغيرها».

ارتداء الأقنعة

الشخصيات في أعمالها لها ملامح تُشبهنا، ولكنها لأشخاص غير واقعيين، بعض الأعمال تستخدم الصور المضببة والغائمة للوجوه، كأنهم أشخاص نعرفهم، ولكنهم يرتدون أقنعة لا تكشف شخصياتهم الحقيقية. على جدار في الاستوديو عمل يحمل عنون «تقاطعات»، مكون من ثلاث شاشات تعرض مقاطع فيديو مركَّبة على خلفيات ثابتة تمثل مدينة الرياض. المقاطع المتحركة مقطَّعة على هيئة شرائط طولية، تبدو من خلالها وجوه لسيدات وفتيات يتحدثن، وبحكم أن الصور غير مكتملة فكل ما نشاهده هو مقاطع طولية وأجزاء من وجوه لنساء لا نعرفهن، بوضع السماعات والجلوس لبعض الوقت أمام العمل تتفتح أمامنا نوافذ على حياة كل واحدة من النساء، يتحدثن ويروين تفاصيل بينما الخلفية ثابتة لا تتحرك. تشبّه الصالح الشرائط الطولية بالمشربيات الخشبية على نوافذ البيوت القديمة في جدة، تطل النساء من تلك الفتحات على المشاهد، كأنهن يسترقن النظر من خلف فتحات المشربيات الخشبية.

«تقاطعات» للفنانة دانية الصالح (تصوير: محمد فتال)

التضاد بين الخلفية بألوانها الأحادية، الأبيض والأسود، مع الألوان في اللقطات الحية يصنع فارقاً كبيراً من الناحية البصرية، التضاد يظهر أيضاً في الحركة والسكون، ويمتد للأصوات التي تعلو، وتخفت، تتحدث السيدات فيأخذن المشاهد من هدوء وسكينة المدينة إلى حياة وتفاصيل وحركة، ثم تخفت الأصوات، ونغوص في قاع المدينة الساكنة في الخلف.

العمل نفَّذته الفنانة ضمن معرض بعنوان «صور منسوجة وأحلام مدينة» الذي أُقيم خلال شهر رمضان الماضي في غاليري «الفن النقي» بالرياض. تقول إنَّ المعرض كان نتاج إقامة فنية شاركت فيها مع الفنانة الفرنسية كاثرين جفلر. عبر لقاءات مع 57 سيدة جمعت الفنانة كمّاً هائلاً من المادة البصرية: «الإقامة كانت في الرياض، قررنا وقتها استكشاف مَن هنّ السيدات اللواتي يعشن في المدينة، وشملت اللقاءات سيدات من جنسيات مختلفة، ومن خلفيات اجتماعية وتعليمية مختلفة أيضاً، ألقينا عليهم ذات الأسئلة، واستمرت المقابلات لعشرة أيام، بعدها قمت بالعمل على التفسير الخاص بي لتلك المقابلات، وكذلك فعلت زميلتي الفنانة الفرنسية، وفي العرض تقاسمنا مساحة العرض بيننا لتقديم وجهتَي نظر حول قاطنات الرياض».

«تجمع» للفنانة دانية الصالح (تصوير: محمد فتال)

باستخدام مقاطع فيديو لنفس السيدات نفّذت الفنانة عملاً ثانياً بعنوان «التجمع»، السيدات هنا أيضاً غير محدَّدات الملامح (هذه المرة للحفاظ على خصوصيتهن)، ولكنهن حقيقيات، عبر الشريط المرئي نرى وجوههن وحركة الرأس والإيماءات «في هذا العمل تبدو السيدات كأنهن مُجتمِعات في غرفة واحدة، يتحدثن ويشاركن المشاهِد مشاعرهن، نستطيع رؤية الحركة الغائمة لكل منهن، ولكن المشاعر والأحاسيس واضحة هنا، يتحدثن عن الوحدة، وعن الحب والعلاقات، وعن الشعور بالرفض. تروي كيف أثار العمل مشاعر لدى بعض الزوار من البكاء، للحزن، للتفكير في قرارات حياتية.

دانية الصالح في الاستوديو (الفنانة)

النظرة الجمعية

من المقابلات نفَّذت الفنانة عملاً آخر، ولكنه يعتمد على الرسم، إذ تعرض 196 رسمة بمقاس A4: «بعد مشاهدة التسجيلات المستمدة من المقابلات التي امتدت على مدار40 ساعة، قمت باختيار انطباعات مصغرة عكست وجوه تلك السيدات»، وعبر كل رسمة ركزت الفنانة على «النظرة الأنثوية» التي تمر سريعاً أو تبقى ثابتة على الوجه، تلك النظرة التي تمنح المرأة كيانها الخاص: «سمَّيتُ القطعة (عبر عيونهن) وجمعت النظرات المتشابهة، ونسَّقتها حسب اتجاه الوجه من اليسار إلى الأسفل ثم إلى اليمين، وأخيراً النظرة المباشرة التي نسّقتها في وسط العمل الفني وضعت النظرة المباشرة في مواجهة المشاهد في منتصف العمل، وهي نظرة تحمل بعض التحدي والإحساس بالثقة والتمكن». أترك الفنانة وأحمل معي وجوهاً وأصواتاً سمعتها عبر أعمالها، عن نساء ومشاعر وتحديات، وفي خيالي تمتزج الوجوه المنفَّذة بالذكاء الاصطناعي مع وجوه أخرى حقيقية غير واضحة المعالم مصاحبة بأصوات مختلفة تحكي عن تجارب ومشاعر وخيبات أمل.


مقالات ذات صلة

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.