توابيت سقارة الملونة لاجتذاب الجمهور الصيني

عبر معرض «قمة الهرم» الأثري في متحف شنغهاي

 مجموعة من التوابيت بعد اكتشافها بسقارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من التوابيت بعد اكتشافها بسقارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

توابيت سقارة الملونة لاجتذاب الجمهور الصيني

 مجموعة من التوابيت بعد اكتشافها بسقارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من التوابيت بعد اكتشافها بسقارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

يراهن معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» على عرض التوابيت الملونة المكتشفة حديثاً بمنطقة سقارة للمرة الأولى، لاجتذاب الجمهور الصيني بمتحف شنغهاي في يوليو (تموز) المقبل.

ويحتوي المعرض الأثري المؤقت على قطع من أحدث الاكتشافات الأثرية بمنطقة سقارة، التي تعد أقدم وأكبر جبانة أثرية بمصر، من بينها 10 توابيت ملونة، و10 مومياوات حيوانية محنطة، و186 تمثالاً أوشابتياً، ومجموعة من التماثيل التي تمثل فترة الدولة القديمة من الحجر الجيري الملون.

كما تعود عشرات القطع التي يضمها المعرض الأثري المؤقت إلى فترة نقادة وعصر بداية الأسرات، إضافة إلى تماثيل للملك توت عنخ آمون، وأمنمحات الثالث، ورمسيس الثاني، وتمثال ضخم للملك مرنبتاح يمثل فترة الأسرة الـ19 من الدولة الحديثة.

وخلال الجولة التفقدية التي أجراها الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، الدكتور محمد إسماعيل، للوقوف على الترتيبات النهائية للمعرض، أكد أهمية هذا المعرض في الترويج للسياحة الثقافية بمصر.

جانب من جولة أمين عام المجلس الأعلى للآثار بشنغهاي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

لافتاً إلى أن المعارض الخارجية بمنزلة نافذة لكل شعوب العالم على الحضارة المصرية العريقة وعبقرية المصري القديم في الكثير من المجالات، وفق بيان للوزارة (الخميس).

ومن المقرر أن يضم المعرض مجموعات من القطع الأثرية التي تعبر عن الحياة اليومية في عصور الأسرات المصرية القديمة، إضافة إلى أدوات الزينة والحُليّ، مثل خرطوش الملك أحمس، وتاج من الذهب للملكة تاوسرت آخر ملوك عصر الأسرة الـ19، عليه خرطوش للملك سيتي الثاني.

وعدّ مدير متحف مكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، عرض توابيت سقارة الملونة في معرض «قمة الهرم» بمتحف شنغهاي «فرصة ثمينة للترويج للحضارة المصرية، وتعزيز الفهم الثقافي المتبادل، ودعم السياحة إلى مصر». مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أن هذه القطع الأثرية ليست فقط شهادات على براعة المصريين القدماء، بل أيضاً وسيلة قوية لجذب انتباه وإعجاب الجمهور العالمي».

ووصف عبد البصير هذه التوابيت الملونة بأنها «مليئة بالرموز والدلالات التي تعكس المعتقدات الجنائزية والدينية للمصريين القدماء، ما يقدم للجمهور فرصة للتعرف على جوانب مهمة من ثقافة مصر القديمة».

وأشار إلى أن «بعض التوابيت تحمل نصوصاً ورسومات تعبر عن حياة المتوفى ورحلته إلى العالم الآخر، ما يُضيف بعداً شخصياً وإنسانياً للمعرض الأثري».

لقطات من آخر الاكتشافات الأثرية بسقارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتجذب المعارض الأثرية المصرية في الخارج كثيراً من الزوار، فقد جذب معرض «رمسيس وذهب الفراعنة»، الذي أعلن قبل أيام، عن انتهاء جولته في محطته الرابعة بمتحف سيدني بأستراليا نحو 500 ألف زائر خلال 6 أشهر، وكان هذا المعرض قد حقق رقماً قياسياً في محطته الثالثة بالعاصمة الفرنسية باريس في أبريل (نيسان) 2023، بعدما جذب أكثر من 817 ألف زائر.

ووصف الباحث في الآثار المصرية، الدكتور محمد عبد الوهاب، المعارض الأثرية الخارجية بأنها «واحدة من أهم عوامل الترويج السياحي، إذ تجذب السائحين من الجنسيات المختلفة، وتحفّزهم على زيارة مصر والتمتع برؤية الآثار المصرية على أرض الواقع».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن معرض (قمة الهرم) في شنغهاي له أهمية خاصة، لأن السائح الصيني من أكثر الجنسيات التي تزور مصر وتهتم بآثارها، كما يعدّ عرض توابيت سقارة الملونة من أفضل الاختيارات، لأن الشعب الصيني محب ومنجذب بشكل كبير للفنون»، متوقعاً أن يحقق هذا المعرض نجاحاً كبيراً، مثل معارض «رمسيس وذهب الفراعنة» و«توت عنخ آمون».

وكانت العاصمة الفرنسية باريس قد شهدت معرضاً أثرياً بعنوان «توت عنخ آمون... كنز الفرعون» في 2019، تضمن العديد من القطع الأثرية، وجذب المعرض أكثر من مليون زائر، وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.

ويتضمن معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» عدداً من القطع الأثرية التي تعبر عن رؤية المصري القديم للعالم الآخر، من بينها توابيت وأوانٍ وأدوات تحنيط وبرديات.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق إطلالة على مدينة طرابلس اللبنانية من أعلى قلعتها الأثرية (الشرق الأوسط)

«جارة القلعة» تروي حكاية طرابلس ذات الألقاب البرّاقة والواقع الباهت

لا يعرف معظم أهالي طرابلس أنها اختيرت عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، لكنهم يحفظون عنها لقب «المدينة الأفقر على حوض المتوسط».

كريستين حبيب (طرابلس)
شمال افريقيا مبنى المتحف القومي السوداني في الخرطوم (متداول)

الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة

الحكومة السودانية عملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتأمين 76 موقعاً وصرحاً أثرياً تاريخياً في ولايات نهر النيل والشمالية، وجزء من ولاية الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية.

عمر البدوي (الرياض)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
TT

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية، جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

وأوضح الباحثون في المرصد الفلكي الوطني التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، أن هذا يُعدّ إنجازاً كبيراً في مجال علوم استكشاف القمر والقدرات التقنية، وقد نُشرت الدراسة، الجمعة، في دورية «National Science Review».

تاريخياً، جُمعت عينات القمر من خلال مهمات عديدة، بما في ذلك 6 مهمات لبرنامج «أبولو» الأميركي، و3 مهمات سوفيتية من مركبة «لونا»، ومهمة «تشانغ إيه - 5» الصينية، وبلغ إجمالي العينات التي جُمعت نحو 382.9812 كيلوجراماً، وقد وفّرت هذه العينات معلومات قيّمة حول تاريخ تكوين القمر وتطوّره.

وتُعدّ العينات القمرية العائدة أساسية لبحوث علم الكواكب؛ إذ توفر بيانات مختبرية رئيسية لربط الملاحظات الاستشعارية المدارية في الواقع الميداني على السطح.

وساهمت هذه العيّنات في تطوير فرضيات، مثل نشأة القمر نتيجة تصادُم كبير مع الأرض البدائية، ومحيط الصهّارة القمرية، والقصف الشديد المتأخّر. وحتى الآن جُمعت هذه العينات من الجانب القريب للقمر، ولم يُكتشَف الجانب البعيد إلا حديثاً.

ولا يمكن لعينات الجانب القريب وحدها، دون جمع عينات كافية من سطح القمر بأكمله، خصوصاً من الجانب البعيد، أن تعكس التنوع الجيولوجي الكامل للقمر، وهذا القصور يعوق فهمنا لنشأة القمر وتطوّره.

وتمكّن علماء الفضاء في الصين من الحصول على عينات الجانب البعيد اللازمة عندما جمعت مهمة «تشانغ إيه - 6» نحو 1935.3 غراماً من العينات القمرية من حوض القطب الجنوبي - آيتكين، في 25 يونيو (حزيران) 2024.

وجُمعت العينات من سطح القمر باستخدام تقنيات الحفر والتجريف، وحلَّل الفريق الخصائص الفيزيائية والمعدنية والبتروغرافية والجيوكيميائية للعينات.

وأظهرت التحليلات أن العينات التي جُمِعت تعكس مزيجاً من المواد «البازلتية المحلية»، والمواد «غير القمرية» الغريبة، وفق نتائج الدراسة.

وتتكوّن شظايا الصخور في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل أساسي من البازلت، والصخور البركانية، والركام، أما المعادن الأساسية للتربة القمرية فهي الفلسبار، والبيروكسين، والإلمينيت، مع وجود ضئيل للأوليفين.

وتتكوّن التربة القمرية في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل رئيسي من خليط من البازلت المحلي والمواد المقذوفة غير البازلتية.

ووفق الباحثين، تُوثق البازلتات المحلية في العينات التاريخَ البركاني للجانب البعيد للقمر، في حين قد توفر الشظايا غير البازلتية رؤى مهمة عن القشرة المرتفعة القمرية، وذوبان تصادُم حوض القطب الجنوبي - آيتكين، وربما الوشاح العميق للقمر، مما يجعل هذه العينات ذات أهمية كبيرة للأبحاث العلمية.

ويعتقد العلماء أن حوض القطب الجنوبي - آيتكين تَشكَّل قبل 4.2 إلى 4.3 مليار سنة خلال فترة ما قبل النكتارية، نسبةً إلى بحر نكتار، أو بحر الرحيق الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من الجانب القريب للقمر.