«إيقاع»... تشكيلات بصرية مستوحاة من أشعار علي الجارم

معرض لخالد حسن ركز فيه على علاقة الفنان المغترب بوطنه

أحد أبيات الشاعر علي الجارم جسّده الفنان على الخشب (الشرق الأوسط)
أحد أبيات الشاعر علي الجارم جسّده الفنان على الخشب (الشرق الأوسط)
TT

«إيقاع»... تشكيلات بصرية مستوحاة من أشعار علي الجارم

أحد أبيات الشاعر علي الجارم جسّده الفنان على الخشب (الشرق الأوسط)
أحد أبيات الشاعر علي الجارم جسّده الفنان على الخشب (الشرق الأوسط)

رغم أن معرض «إيقاع» للتشكيلي المصري خالد حسن يضمّ مجموعة لوحات تتنوع بين الرسم والتصوير، فإن أعماله الغرافيكية الخشبية قد استحوذت على اهتمام الحضور والنقاد في المعرض، محققةً حالة إيجابية من النقاش والجدل فيما بينهم، وراصدةً لعلاقة الفنان الذي يعيش طويلاً خارج الوطن بثقافته الأم وبيئته المحلية.

استحوذت الأعمال الخشبية الغرافيكية على اهتمام الجمهور (الشرق الأوسط)

وبينما يلهم الشعر الفنانين التشكيليين بشكل دائم؛ فإن حفر الأبيات والنّصوص على سطح الخشب بطريقة غرافيكية ربما يكون تجربة مغايرة في الحركة الفنية المصرية؛ حيث قدم حسن من خلالها جانباً من قصائد الشّاعر الرّاحل علي الجارم، جاعلاً للخط دوراً رئيسياً في التشكيل البصري بها.

يعبّر الفنان التشكيلي المصري عن حبه للشعر العربي الفصيح خصوصاً شعر علي الجارم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن علي الجارم بالنسبة لي مجرد شاعر له مكانة رائدة فقط، لكن سيرته الإنسانية كانت رائعة أيضاً؛ فقد كان معلماً ومربياً فاضلاً، شديد الغيرة على اللغة والأدب، ومثلما قدّم أعمالاً في الحب والغزل فقد أمتعنا بأعماله في القِيم الوطنية والشجاعة، ومن هنا تأثرتُ به كثيراً، ووجدت نفسي أستلهم شعره في لوحاتي».

استخدم زخارف نباتية متنوعة على مسطح الخشب (الشرق الأوسط)

استخدم الفنان المقيم في النمسا منذ عام 1991 في أعماله تقنية غير نمطية. يقول: «عندما قررت تنظيم معرض في مصر، أردت أن أقدم شيئاً مختلفاً عمّا هو سائد ومنتشر، وإلى جانب اهتمامي بالتصوير اخترت تقديم غرافيك من الخشب باستخدام كاوية اللحام للحفر على الخشب الزان، والبلوط، والأبلكاش الكوري، ورأيت الكاوية الريشة التي أكتب بها الخط العربي بشكل مباشر على المسطح، من دون تخطيط مسبق بالقلم الرصاص».

الفنان خالد حسن (الشرق الأوسط)

ويوضح حسن أنه يعتمد على التّسخين مع الضغط، بحيث يُسقط نحو 1 ملي على سطح الخشب، «فينتج عن ذلك شيئان، الأول، هو اللون البني الذي يشُبه الحبر، والآخر هو الحفر على سطح الخشب».

لم يتوقّع الفنان المصري حصد كل هذا الإعجاب من الحضور تجاه أعماله، إلى حد أن تخطف الأنظار من سائر المعروضات الأخرى، وأن تتحول إلى محورٍ للنقاشات وتباين في الآراء خلال المعرض.

وأشار إلى أنه «لم يصل إلى هذا المستوى في تلك التقنية إلّا بعد مجموعة طويلة من التجارب استمرت على مدى أكثر من 15 سنة».

المعرض يرصد علاقة الفنان المغترب ببيئته الأم (الشرق الأوسط)

اللافت أنّ الفنان استخدم الطغراء في كتابة بعض الأبيات الشعرية والحِكم والجُمل، وهو أحد أشكال الخط العربي الذي يُكتب بخط الثلث على شكل مخصوص، يعتمد التشابك بين الحروف، وكأنها شعار، ما منح الأعمال ثراءً في الشكل، وعُمقاً في المضمون.

لا يعدّ حسن نفسه خطاطاً، إنّما مصمماً في الأساس، إذ تخرّج في قسم الغرافيك بكلية الفنون الجميلة؛ ما أضاف له القدرة على التّصميم والتّشكيل، واستخدام الخط بشكل مختلف عن الخطاطين، مؤكداً: «لقد قمت من قبل بتصميم فونتات عربية على الكومبيوتر».

يعبّر خالد حسن عن المهمشين في لوحاته (الشرق الأوسط)

وسيطر الالتزام بالقواعد الأكاديمية على لوحات المعرض المستمر في غاليري «فلك» بالقاهرة حتى 12 يونيو (حزيران) الحالي، وتنوعت خامات لوحاته الثلاثين ما بين الألوان المائية، والأكريليك، والزيت، وأقلام الحبر، والأقلام الجافة، كما تعدّدت تقنياته المستخدمة، التي جمع بينها احتفاؤه بعناصر بيئته وناسها البسطاء يقول: «وجدت نفسي في أثناء التحضير لهذا المعرض أغوص في الحياة المصرية، وكأنني لا أزال أتجوّل في حقول الجيزة، أو أطلّ من شرفة منزلي في حي العبّاسية الذي انتقلت إليه في وقت لاحق من شبابي».

يحتفي بالبيئة المصرية رغم إقامته الطويلة في أوروبا (الشرق الأوسط)

وعن اهتمامه بالمهمشين يقول: «استدعيت كثيرين من الفئات المنتمية إليهم من ذاكرتي البصرية؛ لأرسمهم، ومن ذلك (رجل الذرة)، الذي التقيته ذات يوم في الإسكندرية، والفلاحات المصريات، خصوصاً حاملات البلاص، وغير ذلك من وجوه لا تغادر وجداني، فضلاً عن لوحات (اللاند سكيب) التي تجسّد أماكن مختلفة من وطني، خصوصاً تلك المساحات الخضراء الممتدة في القرية المصرية».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.