كشفت دراسة أجراها علماء يعملون على «الستروماتوليتات» الحية (التركيب الرسوبي العضوي) في جزيرة شيبارة السعودية بالبحر الأحمر، عمّا يمثل أول اكتشاف لـ«الستروماتوليتات» البحرية الضحلة الحية في الشرق الأوسط، ويثير هذا الاكتشاف أسئلةً مهمةً تتعلق بكيفية ونشأة الحياة لأول مرة على كوكب الأرض.
وتستكشف الدراسة، التي نُشرت في مجلة «الجيولوجيا»، هذه الهياكل الميكروبية القديمة، وتقدّم لمحة فريدة عن الحياة المبكرة للأرض والظروف البيئية التي سادت منذ مليارات السنين.
و«الستروماتوليتات» عبارة عن تكوينات رسوبية ذات طبقات تنشأ عن نشاط الكائنات الحية الدقيقة، خصوصاً البكتيريا الزرقاء، وتعد هذه الهياكل من أقدم الأدلة على الحياة على الأرض، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 3.5 مليار سنة.
ولعبت «الستروماتوليتات» القديمة دوراً حاسماً في حدث الأكسجين العظيم، الذي غيّر الغلاف الجوي للأرض بشكل جذري عن طريق إدخال الأكسجين، ما سمح لأشكال الحياة الأكثر تعقيداً بالتطور.
ووفقاً للدراسة، فإن هذه «الستروماتوليتات»، المكتشفة حديثاً في جزيرة شيبارة، تقع قبالة الطرف الجنوبي الغربي للجزيرة. وتم هذا الاكتشاف عن طريق الصدفة خلال زيارة ميدانية في يناير (كانون الثاني) 2021 باستخدام قارب صيد محلي.
وذكرت الدراسة أن نمو «الستروماتوليتات» يتأثر بالعوامل البيئية مثل الترطيب والتجفيف المنتظم، ونطاقات درجات الحرارة القصوى، والتيارات الخفيفة. وبالتالي تتشكل «ستروماتوليتات» شيبارة في المقام الأول عن طريق التراكم الميكروبي والتحجر التفاضلي للحبيبات الرسوبية. بينما تهيمن البكتيريا الزرقاء الخيطية على المجتمع الميكروبي داخل «الستروماتوليتات»، التي تشكل أغلفة مخاطية ومواد بوليمرية خارج الخلية. وتشكلت هذه الهياكل الحية المتنوعة ببطء شديد، لكن عمرها الحقيقي يظل لغزاً.
وكتب مؤلفو الدراسة: «على حد علمنا، فإن اكتشاف ستروماتوليتات شيبارة هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، مما يوفر فرصة غير مسبوقة لدراسة جيولوجيتها في هذه المنطقة الجغرافية الفريدة».
وأضافوا: «توجد الستروماتوليتات البحرية الضحلة المفتوحة الحديثة بشكل قليل على الكوكب، مما يؤدي إلى عدم وجود نظائر مناسبة لنظيراتها القديمة».
وتشبه هذه الهياكل «الستروماتوليتات» التي سيطرت على الكوكب خلال العصور القديمة والعصر «البروتيروزويك». ويمكن أن يقدم تكوين ونمو «الستروماتوليتات» الحديثة نظرة ثاقبة للظروف التي سادت على الأرض قديماً والعمليات التي أدت إلى تطور أشكال الحياة المعقدة.
وتعد «الستروماتوليتات» بصمات حيوية محتملة للحياة على كواكب أخرى، مثل المريخ. من خلال دراسة المجتمعات الميكروبية والظروف البيئية التي تدعم تكوين «الستروماتوليتات» على الأرض، ويمكن للعلماء تطوير نماذج للتعرف على العلامات المحتملة للحياة على الكواكب الأخرى.
ويوفر اكتشاف «الستروماتوليتات» الحية في جزيرة شيبارة فرصة فريدة لدراسة الحياة المبكرة وتطور المحيطات على الأرض.