محمد حسين قريع: «ماء العين» مغامرة عن العائدين من «داعش»

تحدث الممثل التونسي لـ«الشرق الأوسط» عن صعوبات الفيلم والمشاهد المحذوفة

الفنان التونسي يوجه التحية للجمهور بعد عرض «ماء العين» بمهرجان برلين (إدارة المهرجان)
الفنان التونسي يوجه التحية للجمهور بعد عرض «ماء العين» بمهرجان برلين (إدارة المهرجان)
TT

محمد حسين قريع: «ماء العين» مغامرة عن العائدين من «داعش»

الفنان التونسي يوجه التحية للجمهور بعد عرض «ماء العين» بمهرجان برلين (إدارة المهرجان)
الفنان التونسي يوجه التحية للجمهور بعد عرض «ماء العين» بمهرجان برلين (إدارة المهرجان)

وصف الفنان التونسي محمد حسين قريع فيلم «ماء العين» بأنه مغامرة جديدة عن العائدين من تنظيم «داعش»، وعدّ مشاركته في العمل استكمالاً لنفس الدور الذي قدمه في فيلم «إخوان» القصير مع فريق العمل نفسه، مؤكداً أن القضية التي طرحها الفيلم القصير تضمّنت تفاصيل كثيرة تتحمل طرحها في فيلم روائي طويل.

وقدم فريق عمل «ماء العين» الفيلم القصير «إخوان» الذي وصل لقائمة الترشيحات القصيرة لـ«الأوسكار»، منافساً في فئة «أفضل فيلم قصير» عام 2020، وحاز الفيلم أكثر من 60 جائزة بعد عرضه في نحو 50 مهرجاناً سينمائياً حول العالم.

وقال قريع في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «عرض (ماء العين) في مهرجانات سينمائية عدّة، أحدثها مهرجان (روتردام للفيلم العربي)، أمرٌ يدعو للسعادة، خصوصاً مع ردود الفعل الإيجابية عند عرضه للمرة الأولى في (برلين)»، مشيراً إلى أن استقبال الصحافة العالمية للفيلم والإشادات النقدية التي حصل عليها، جعلته فخوراً بتجربته الأولى في الأفلام الروائية الطويلة.

الفنان التونسي محمد حسين قريع (الفنان)

وينظر قريع إلى «ماء العين» بوصفه «مغامرة جديدة وتحدياً، راهن فيه على تقديم دور الأب (إبراهيم) بصورة تعكس واقع حياته ومعاناته التي يعيشها مع صدمته في تحولات أبنائه»، لافتاً إلى أن «تقديم القصة في فيلم قصير قبل ذلك، لم يكن أمراً مقلقاً مع وجود كثيرٍ من التفاصيل لكل شخصية لم يستوعبها الفيلم القصير».

وذكر قريع أن «مخرجة الفيلم مريم جعبر حرصت على الواقعية الشّديدة في تفاصيل العمل، الأمر الذي جعل هناك مساحة من المناقشة قبل بداية التصوير فيما يتعلق بالإكسسوارات والملامح الخاصة، بجانب الثقة التي تمنحها للممثلين في التعايش مع الدور، مما يجعلهم يقدّمون أفضل ما لديهم أمام الكاميرا، مع توفير بيئة عمل مشجعة للممثل».

تدور أحداث فيلم «ماء العين» في الشمال التونسي وطبيعته الساحرة، بمحيط عائلة صغيرة، ينضمّ ولداها «مهدي» و«أمين» إلى «داعش» في سوريا من دون رضا الوالدين اللذين يخشيان على ابنيهما من الموت في الحرب أو السجن لدى العودة إلى بلادهما، وتتصاعد الأحداث مع عودة «مهدي» حاملاً خبر وفاة شقيقه، وبرفقته امرأة تضع النقاب، لنشاهد الحياة الجديدة التي يحاولان التأقلم معها، مع عدم قدرتهما على مغادرة المنزل خوفاً من الملاحقة الأمنية.

جزءٌ من حماس قريع للدور ارتبط بمعالجة القضية الحسّاسة التي يناقشها الفيلم بشكل مغاير، حسب قوله. الأمر الذي يُرجع الفضل فيه «للمخرجة التي قدّمت رؤية شديدة الواقعية للقضية التي تطرحها، بجانب التصوير في المواقع الحقيقية للأحداث رغم الصعوبات المرتبطة بالموقع الجغرافي، وفقدان شبكات الاتصال، وبقاء فريق العمل طوال فترة التصوير التي امتدت لأكثر من 6 أسابيع، في ظروف صعبة».

قريع في كواليس التصوير (الشرق الأوسط)

ويرى قريع أن «طرح موضوع انضمام الشاب التونسي لتنظيم (داعش) ربما تناولته أعمال كثيرة من قبل، ولكن كلّ عمل فنّي يتميز برؤية مختلفة ومعالجة جديدة لتقديم الموضوع، فجاء الفيلم ليركّز على أثر الإرهاب وتداعياته على العلاقات الاجتماعية بين أبناء القرية، بجانب تأثيره على عاداتهم وتقاليدهم».

وأوضح قريع: «حرصت على لقاء كثير من الآباء الذين انتقل أبناؤهم للقتال مع (داعش) قبل التّصوير، للحديث معهم ومعرفة بعض التفاصيل عنهم وعن أبنائهم، الأمر الذي ساعدني كثيراً خلال رحلة البحث عن مرجعيات للدور قبل التصوير».

ويقول قريع: «ثمة مشاهد استغرقت وقتاً طويلاً في تصويرها مع حرص المخرجة على تصويرها بطريقة (وان شوت)، من بينها مشاهد لاشتباكات استلزمت تدريبات متعددة قبل تقديمها، لكنها لم تظهر للجمهور بعد حذفها في المونتاج».

لا يشعر الممثل التونسي بأن دوره مهمّش مقارنة بدور الأم في الأحداث، الأمر الذي يفسّره بأن «الفيلم يبحث عن وجهة نظر المرأة، ويسلّط الضوء عليها من خلال استعراض رؤيتها وسردها للقصة من جانبها، بالإضافة إلى أن الفيلم يمزج بين الخيال والواقع في أحداثه».

ويختم قريع حديثه بالتأكيد على ترقّبه لرد فعل الجمهور العربي عند طرح الفيلم في الصالات السينمائية، لافتاً إلى أن «العمل سيُعرض في مهرجانات سينمائية، ومن ثمّ سيتحدد بعدها موعد طرحه في دور العرض التونسية والعربية».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».