تقنية مبتكرة لتبريد طرق ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة

ثمرة أبحاث متطورة وشراكة تجمع عدداً من الجهات

جانب من تنفيذ مبادرة تبريد طرق المشاعر بالمنطقة المحيطة بمسجد نمرة في عرفات (الهيئة العامة للطرق)
جانب من تنفيذ مبادرة تبريد طرق المشاعر بالمنطقة المحيطة بمسجد نمرة في عرفات (الهيئة العامة للطرق)
TT

تقنية مبتكرة لتبريد طرق ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة

جانب من تنفيذ مبادرة تبريد طرق المشاعر بالمنطقة المحيطة بمسجد نمرة في عرفات (الهيئة العامة للطرق)
جانب من تنفيذ مبادرة تبريد طرق المشاعر بالمنطقة المحيطة بمسجد نمرة في عرفات (الهيئة العامة للطرق)

تهدف مبادرة تبريد طرق المشاعر المقدسة بمادة لونية مبتكرة إلى تخفيف وطأة حرارة الطقس على خطوات ضيوف الرحمن، أثناء رحلتهم الإيمانية لأداء نُسك الحج، عاكسة بذلك جزءاً يسيراً من الاهتمام الكبير الذي تُوليه المملكة العربية السعودية لخدمة الحجاج، وتقديم كل التسهيلات والخدمات التي تسهم في تسهيل أدائهم مناسكهم بكل يسر وسهولة.

ويشهد حج هذا العام التوسع في تنفيذ مبادرة تبريد الطرق في عدد من المواقع بالمشاعر المقدسة في مَشعريْ عرفات ومزدلفة، بعد النجاح الذي حققته المبادرة، العام الماضي، في ممر المشاة المؤدي للجمرات بمشعر منى، وأسهمت في تقليل درجات حرارة الطقس على الحجاج أثناء سيرهم.

تأتي المبادرة ثمرة ابتكارات متطورات وشراكة بين الهيئة العامة للطرق وعدد من الجهات ذات العلاقة، وتتكون من عدة مواد محلية الصنع لها القدرة على امتصاص كميات أقل من أشعة الشمس، من خلال عكسها الأشعة فتصبح درجة حرارة سطحها أقل من درجة حرارة الأرصفة التقليدية.

توفر تقنية تبريد الطرق بيئة أكثر راحة في مناطق الانتظار والمناطق التي يتجمع فيها الناس (الشرق الأوسط)

وكشف عبد العزيز العتيبي، المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطرق، لـ«الشرق الأوسط»، عن التوسع في تنفيذ المبادرة عبر موقعين في موسم حج هذا العام، لتشمل المنطقة المحيطة بمسجد نمرة، وطرق المشاة بين عرفات ومزدلفة بمساحة إجمالية تُقدَّر بأكثر من 40 ألف متر مربع، مشيراً إلى أن المادة المستخدمة على طرق المشاة تسهم في خفض درجات حرارة الأسطح من 12 إلى 15 درجة مئوية.

وأوضح أن المادة المستخدمة محلية الصنع وتعكس أشعة الشمس، وتمنع امتصاص الأسطح للحرارة، مشيراً إلى أن الأبحاث والدراسات مستمرة لتطويرها، مرجحاً إمكانية تطبيق المبادرة بمناطق أخرى كطرق المشاة في المدينة المنورة.

وأشار العتيبي إلى الانتهاء من طلاء الأسطح الأسفلتية في المنطقة المحيطة بمسجد نمرة في مَشعر عرفة، بمساحة تُقدّر بـ25 ألف متر مربع، مبيناً أن العمل يجري حالياً في المنطقة المخصصة للمشاة بين مَشعريْ عرفة ومزدلفة، والطريق المتجهة إلى جبل الرحمة؛ لتقليل درجات الحرارة في طرق المشاة المخصصة للحجاج.

وبيَّن أن مبادرة تبريد الطرق تستهدف المناطق التي تشهد كثافة بشرية، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى عدم وجود حاجة لتنفيذها على الطرق السريعة الخاصة بالمركبات، لافتاً النظر إلى أن المادة المستخدمة ابتُكرت منذ عام ونصف العام.

وتابع قائلاً: «طُبّقت المبادرة كتجربة أولى بأحد المواقع في مدينة الرياض، قبل تنفيذها، العام الماضي، في ممر المشاة عند الجمرات، ونجاح التجربتين وفعالية المادة المستخدمة في تخفيف درجات حرارة الأسطح أسهما في التوسع بالتجربة في عدد من المواقع بالمشاعر المقدسة، هذا العام».

وبيَّن المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطرق أن الدراسات المتعلقة بالمادة العلمية للمبادرة يعمل على تطويرها كوادر وطنية في «مركز أبحاث الطرق»، التابع لـ«الهيئة العامة للطرق»، والذي يُعد أحد مراكز الأبحاث الفريدة من نوعها بمنطقة الشرق الأوسط، والذي يضم مختبرات علمية تمتلك أحدث الأجهزة التقنية لإجراء الدراسات والبحوث العلمية الشاملة.

وتهدف الهيئة، من خلال المبادرة، لتحقيق الراحة لضيوف الرحمن، من خلال زيادة مستوى التبريد للمناخ من حولهم، خصوصاً أن موسم حج هذا العام، يحل في فصل الصيف، ويتوقع أن يشهد الطقس ارتفاعاً في درجات الحرارة.

يشهد حج هذا العام التوسع في تبريد طرق المشاة على مساحة تقدر بـ40 ألف متر مربع (الهيئة العامة للطرق)

وتوفر تقنية تبريد الطرق وجود بيئة أكثر راحة في مناطق الانتظار، والمناطق التي يتجمع فيها الناس، وتأتي فكرة تنفيذ المبادرة في عدة طرق بالمشاعر المقدسة لكون الطرق الأسفلتية تمتص درجة الحرارة أثناء النهار، تصل في بعض الأحيان إلى 70 درجة مئوية، ومن ثم تقوم بإعادة إطلاق هذه الحرارة ليلاً؛ مما يسبب ظاهرة علمية تسمى «ظاهرة الجزيرة الحرارية» التي تؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، وتلوث الهواء.

تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة للطرق توسعت في تنفيذ هذه المبادرة، بالشراكة مع عدد من الجهات ذات العلاقة؛ منها «وزارة البلدية والشؤون القروية والإسكان، ووزارة الحج والعمرة، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج جودة الحياة، وأمانة العاصمة المقدسة»، وتعمل هيئة الطرق على تطوير الأبحاث والتجارب العملية، انطلاقاً من دورها بصفتها جهازاً حكومياً مشرفاً ومنظماً لقطاع الطرق في المملكة، وتماشياً مع رؤية استراتيجية القطاع التي نصّت على التشجيع على الابتكار.


مقالات ذات صلة

تأكيد سعودي - قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب

الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره القطري يترأسان اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي القطري (الخارجية السعودية)

تأكيد سعودي - قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب

ترأس الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي والشيخ محمد بن عبد الرحمن وزير الخارجية القطري اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس التنسيقي بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يؤكد على تكثيف الجهود لمساندة الشعب الفلسطيني

أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضرورة تكثيف الجهود لوقف الاعتداءات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الدكتور محمد العيسى يلقي خطبة الجمعة في أكبر جوامع مدينة دار السلام بتنزانيا (واس)

العيسى: المسلمون نهضوا بمعاني القيم الحضارية

أكد الشيخ الدكتور محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي أن المسلمين نهضوا بكلّ معاني القيم الحضارية «فكانت خُلُقاً رفيعاً تَمثَّل في سلوكهم».

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
المشرق العربي الرئيس ميقاتي يتوسط وزيري الزراعة عباس الحاج حسن والبيئة ناصر ياسين خلال الإعلان عن الانضمام للمبادرة (رئاسة الحكومة)

لبنان ينضم إلى «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» ويطمح لـ«شراكة مستدامة»

أعلنت الحكومة اللبنانية انضمام لبنان إلى «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)

السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
TT

السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

دشنت السعودية استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري، لمساعدة الأُسر في التغلّب على التحديات المعاصرة، وزيادة التماسك الأسري، وسلّمت في حفل أقيم (الأحد) بمدينة الرياض أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري ومساعدتها في أداء دورها الحيوي.

وقال المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية في السعودية، إن الاستراتيجية تأتي انطلاقاً من أهمية الإرشاد الأسري كوسيلة فعالة لمساعدة الأسرة في التغلب على التحديات، وتحقيق توازن أفضل في الحياة. وتابع خلال انطلاق أعمال «منتدى الأسرة 2024»، أن الاستراتيجية حدّدت رؤيتها بأنها إرشاد أسري رائد عالمياً لمجتمع حيوي، ونصّت رسالتها على تطوير وإدارة خدمات الإرشاد بمهنية وابتكار عبر أفضل الكفاءات والممارسات العالمية لأسرة مستقرة ومجتمع متماسك ومزدهر، مشيراً إلى أن إعداد الاستراتيجية تطلب جهوداً حثيثة من فرق العمل، استغرقت أكثر من 1200 ساعة عمل عُقدت عبر 12 ورشة عمل بمشاركة ما يزيد عن 13 جهة من مختلف القطاعات ذات العلاقة.

وزيرا الموارد البشرية والتعليم خلال تدشين استراتيجية الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

وتتضمن استراتيجية الإرشاد الأسري أكثر من 12 مبادرة تغطي جميع المتطلبات الأسرية والمجتمعية، وتركز على تمكين وتحسين أداء العاملين في مجال الإرشاد الأسري، وتأهيلهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وتعزيز فهم المجتمع لدور الإرشاد الأسري، وأثره الإيجابي في تحسين العلاقات الأسرية وحل النزاعات ودعم الاستقرار. كما شهد الحفل تسليم أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري لعدد من الممارسين، وستعمل الوزارة على إصدار التراخيص لـ500 ممارسٍ خلال عام 2024، والوصول بأعداد ممارسي الإرشاد الأسري إلى 4000 ممارس في نهاية عام 2030.

من جلسات «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

وكشف الراجحي، أن 31 في المائة من سكان السعودية يقضون 8 ساعات أسبوعياً في ألعاب الفيديو، مشيراً إلى أن هذا المؤشر يُظهر حجم مشكلة الانعزال داخل الأسرة، والتحديات التي يمكن أن تنتج عن هذا الواقع. وأوضح أن الأسرة في السعودية تواجه مجموعة من التحديات والقضايا المؤثرة على تماسكها، في عالم تعصف به رياح التغيير، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية في السعودية مدّت يد العون والرعاية لمساعدة الأسر، وأولت اهتمامها الشديد لحماية كيانها، وقدمت الدعم الكبير لمساندتها للقيام بأدوارها في المجتمع ورعاية أبنائها وتربيتهم على الالتزام بالقيم السامية والتمسك بالمبادئ الراسخة.

وعلى صعيد الإرشاد الأسري، قال الراجحي: «نحن مقصرون في هذا الملف، والتربية هي التحدي الأكبر الذي تواجهه الأسر في وجه متغيرات كثيرة، مثل الغزو الفكري غير الطبيعي، وتحدي المحافظة على الأخلاق والمبادئ والدين والترابط، والتحديات الناشئة عن مواقع التواصل على الإنترنت». وأردف: «لا تخلو أسرة من تحديات ومشاق، تأخذ صوراً مختلفة بين أسرة وأخرى، وهي بين إمكانية احتواء هذه التحديات والعجز عن تجاوزها. وفي رأيي، إن هناك خلافات وتحديات كثيرة كان يمكن حلّها لو تيسّر أن يتدخل مختص في الإرشاد الأسري». وكشف الراجحي أن وزارة الموارد البشرية، لديها 98 مركزاً متخصصاً في الإرشاد الأسري، وأن ما لا يزيد عن 14 في المائة فقط يستفيد من هذه الخدمات في السعودية، وأرجع ذلك إلى مستوى الوعي بقيمة الإرشاد الأسري، وأكد الراجحي أن الوزارة تستهدف الوصول إلى 197 مركزاً للإرشاد الأسري عام 2027.

مركز وطني لتطوير المناهج السعودية

من جانبه، قال يوسف البنيان، وزير التعليم، إن السعودية أطلقت مركزاً وطنياً لتطوير المناهج، يعمل بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة، وذلك بهدف تطوير مناهج مدرسية بتركيبة تكاملية، لا يقتصر المحتوى فيها على البُعد المعرفي فقط، بل يستوعب بالإضافة إليه، البُعدين المهاري والقيمي، بما يعزّز بقاء مكون الأسرة واستقرارها في المجتمع السعودي. وأضاف خلال مشاركته في «منتدى الأسرة 2024»، أن الأسر هي المكون الرئيسي للمجتمع ولاستقراره، وأن تجويد التعليم ومخرجاته يرتكز أساساً على التكامل بين الأسرة والمدرسة، مشيراً إلى أن هدف الوصول إلى مواطن صالح يتطلب عملاً تكاملياً بين القطاعات الحكومية والأهلية كافة. وتابع: «لدينا تحدي الانضباط المدرسي، وهذا يتطلب زيادة جاذبية المدرسة، ورفع رفاهية الطالب فيها، ومقاومة بيئات التنمر، وهو جزء من مهام الإرشاد الأسري».

من «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين

من جهته، قال عبد اللطيف العبداللطيف، الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم الإعلام في السعودية، إن قطاع الإعلام يشهد تغيراً متسارعاً، أصبح خلاله المحتوى يصل إلى أبعد ممّا كان يصل إليه سابقاً، وإن التصنيف السعودي للإنتاج المرئي والألعاب الإلكترونية، يُخضع جميع أفلام السينما والألعاب الإلكترونية له قبل عرضها أو تداولها داخل المملكة، وإن التصنيف يعمل بوصفه عاملاً مساعداً للأسر في اختيار ما يتلاءم مع المستوى العمري لأبنائها، وحمايتهم من المحتوى الذي قد يكون له أثر سلبي على سلوكهم ومعتقداتهم.

وكشف العبداللطيف أن الهيئة خلال عام واحد تُصنّف نحو 700 لعبة إلكترونية وأكثر من 600 فيلم سينمائي، بالإضافة إلى حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وضبط جودة محتوى الإعلانات لتتواءم مع الأخلاق والقيم الاجتماعية في السعودية، وقد ضُبط خلال العام الماضي أكثر من 22 ألف مخالفة محتوى، ومصادرة أكثر من 4 آلاف لعبة مخالفة، مؤكداً أن الرقابة الأبوية هي خط الدفاع الأول لحماية الأسر والأبناء من آثار بعض الطروحات الإعلامية.