أثار القبض المتكرر على «بلوغرات» مصريات بالآونة الأخيرة بتهمة «التحريض على الفسق والفجور» تفاعل الجمهور وتساؤلاته بشأن طبيعة المحتوى الذي أوصلهن إلى هذا الوضع.
وتعد البلوغر المصرية سمية نستون التي تم توقيفها (السبت) أحدث البلوغرات المتهمات بـ«التحريض على الفجور».
وكان قاضي المعارضات بمحكمة التجمع الخامس بالقاهرة قرر قبل أيام تجديد حبس البلوغر المعروفة هدير عبد الرازق، 15 يوماً على ذمة التحقيقات، في اتهامها بـ«بث مقاطع فيديو مثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحثّ على الفسق بغرض جلب مشاهدات من أجل الربح»، بحسب تحقيقات النيابة.
وقبل هدير أُلقي القبض على السيدة المعروفة إعلامياً باسم «بلوغر حلوان»، بعد اتهام زوجها لها بـ«ارتكاب أعمال منافية للآداب».
ووفق المادة 1 من «قانون مكافحة الدعارة» فإن العقوبة في جريمة التحريض على الفسق والفجور والفعل الفاضح المخل بالحياء العام، قد تصل إلى الحبس 3 سنوات.
كما تنص المادة 14 من القانون ذاته على أن «كل مَن أعلن بأي طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراءً بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات».
ورأى أستاذ علم الاجتماع، الدكتور سعيد صادق أننا «أمام ظاهرة خطيرة، تتمثل في استخدام فتيات لتطبيقات ذات جماهيرية لتحقيق مكاسب سريعة دون مجهود، وعبر محتوى غير أخلاقي، كما أن بعض المراهقات قد يقدمن على السلوك نفسه بهدف جذب الاهتمام والشعور بالأهمية وتحقيق الشهرة السريعة». وفق تعبيره.
وشدد صادق في حديث لـ«الشرق الأوسط» على «ضرورة تثقيف المستخدمين حول السلوك المسؤول عبر الإنترنت، وتعزيز المحتوى الإيجابي من خلال إرشادات المجتمع، وآليات الإبلاغ، وتعزيز الثقافة الرقمية بدلاً من التركيز على إيقاف المنصة نفسها». ولفت إلى أن «سن المراهقة مع القيود تجعلان الفتيات يرغبن في التمرد على المجتمع بالرقص والغناء وأيضاً الإثارة».
وفي فبراير (شباط) الماضي، واجهت «بلوغر» أخرى تدعى سوزي أيمن الشهيرة بـ«سوزي الأردنية» تهم «نشر فيديوهات ومقاطع مسيئة للقيم الأسرية والعادات المجتمعية، وإساءة استعمال مواقع التواصل، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة» بالتزامن مع سب والدها واستغلال شقيقتها من ذوي الاحتياجات الخاصة. وارتبط اسم سوزي بتريند «الشارع اللي وراه» الذي شهد تفاعلاً كبيراً بمصر.
ووفق الناقد الفني والخبير الرقمي محمد عبد الرحمن فإن «(تيك توك) فتح المجال أمام فئة وطبقة مغايرة للموجودين على (إنستغرام) و(فيسبوك) لتقديم محتوى لم نكن نعهده من قبل»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بالتدريج انتقل هذا الأمر لباقي المنصات، لأنه تم اعتبار عدد المشاهدات دليل النجاح دون النظر للجانب السلبي والآثار الجانبية الخطرة».
وعدّ عبد الرحمن «تقديم فيديوهات بها ألفاظ خادشة ولقطات غير مقبولة اجتماعياً أمراً سهلاً للغاية، خصوصاً لدى الأسر المفككة التي تغيب عنها الرقابة الأبوية، حيث يغلق الأبناء أبواب حجراتهم ويصورون الفيديوهات مستغلين جهل الآباء».
وأشار إلى أن «هناك آباء وافقوا على المشاركة لاحقاً في فيديوهات مؤسفة لبناتهن، بجانب الأمهات اللاتي يظهرن مع أطفالهن، سعياً للربح السريع والسهل دون النظر للآثار السلبية».
ورغم ذلك يرى صادق أن سجن هؤلاء البلوغرات ليس حلاً، بل عدّه قمعاً يزيد من الرغبة في التمادي، مشيراً إلى أن الحل من وجهة نظره يتمثل في «الإقناع والتربية والإرشاد ولفت النظر قبل اللجوء للإجراءات الأمنية».
وهو ما يتفق معه عبد الرحمن قائلاً: «التوعية المجتمعية على نطاق واسع ضرورة ليس فقط لصناع هذه الفيديوهات وإنما لمَن يضيعون الوقت في مشاهدتها، ويجب أن تتزامن مع التوعية القانونية كي يدرك هؤلاء أنهن سيقعن تحت طائلة القانون إذا خرجت تصرفاتهن عن حدود المقبول».