«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان»... تيمات مُتشابهة طغت على الجوائز

أول فيلم أميركي يحصد «السعفة» منذ 13 عاماً... والهند تحت الضوء

«أنورا» أول فيلم أميركي يفوز بالسعفة منذ 13 عاماً (غيتي)
«أنورا» أول فيلم أميركي يفوز بالسعفة منذ 13 عاماً (غيتي)
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان»... تيمات مُتشابهة طغت على الجوائز

«أنورا» أول فيلم أميركي يفوز بالسعفة منذ 13 عاماً (غيتي)
«أنورا» أول فيلم أميركي يفوز بالسعفة منذ 13 عاماً (غيتي)

«أتمنّى لو كنتُ ذبابة على الحائط في غرفة لجنة التحكيم لأستمع إلى الحديث الذي دار في جلساتها»، كتب ناقد فرنسي بعد ختام الدورة 77، السبت، التي أهدت فيلم «أنورا» أهم جوائزها.

لكن ليس ثمة ذباب، ولا أحد يستطيع معرفة ما دار في تلك الجلسة الأخيرة، وكيف. كل ما نعرفه أنّ «أنورا» (الذي لم ينل إعجاب نقّاد فرنسيين كُثر) خرج من المنافسات الصعبة وقد ربح الجولة.

لجنة التحكيم بقيادة المخرجة الأميركية غريتا غيرويغ (غيتي)

الحبّ مع غريب

«أنورا» هو شيء من اللهو المبرمج ليكون نصف الطريق ما بين الفيلم الجماهيري والفيلم الفنّي. من جهة، لديه حبكة تُرضي الأذواق الباحثة عن الترفيه، ومن أخرى فيه لمسات تُسجَّل له في خانة الجمهور الباحث عن عمل مصنوع بالدراية الكافية. لا يحمل الفيلم قيمة فنية عالية، لكنها كانت كافية لدى لجنة التحكيم لتفضيله عن سواه.

يحكي قصة فتاة تعمل راقصة في النوادي الليلية وتبيع الهوى لمَن يدفع. في أحد الأيام، يصطحبها ملياردير روسي إلى فيلّته الكبيرة. يمارسان الحبّ. هناك يعرض عليها الزواج وتوافق. لكن «الجوازة دي مش ممكن تتم»، كما في الأفلام المصرية القديمة، وها هي عائلة الشاب الملياردير المقيمة في روسيا ترسل 3 رجال لإقناع الفتاة بالتخلّي عن زوجها. السؤال هو هل ستوافق أم لا، بل كيف سترفض في الوقت الذي تسلّل فيه الملياردير هارباً ممَن يبحث عنه، وبعدما شعرت بأنها تحبّه لشخصه وليس لثرائه.

كوميديا تحفل بمَشاهد جسدية تواكب الشخصية النسائية كما تؤدّيها ميكي ماديسون. وتلتحق بحكايات سابقة حقّقها المخرج شون بيكر للسينما تدور حول فتاة الهوى وما تخوضه من مشكلات عاطفية إذا ما وقعت في الحبّ.

الدورة 77 من المهرجان أهدت فيلم «أنورا» أهم جوائزها (غيتي)

كوبولا ولوكاس

الفوز حمل مفاجأة بلا ريب، لكنّ الأهم، أنّ الفيلم الأميركي الآخر، «ميغالوبوليس» لفرنسيس فورد كوبولا لم يرد اسمه مطلقاً بين الأفلام الفائزة، ولم يصعد المخرج العتيد المنصّة إلا مرّة واحدة لتسليم صديقه ورفيق دربه جورج لوكاس الجائزة التقديرية عن جميع أعماله التي شملت بالطبع المسلسل الشهير «ستار وورز».

تغييب «ميغالوبوليس» يحتاج إلى وقفة. هو أفضل فيلم على أكثر من صعيد متوَّج بفانتازيا تتحدّث عن شأنٍ عام، وتنتقد الشغف بالمال الذي يحكم العالم. فيلم لم يشبهه مثيلٌ، ولن يتبعه مثيلٌ، لانتمائه كاملاً إلى إبداع كوبولا وأفكاره وحرفته.

من دون أن نكون ذبابة على الحائط، يمكن التكهُّن بأنّ المجتمعين طرحوا الحديث عنه من زاوية أنّ بعضهم لم يفهمه وبعضهم الآخر لم يحبّذه. الغالب أنّ اللجنة عدَّته فيلماً ينتمي إلى مدرسة تفكير قديمة وحالة فنية صعبة التعريف والقبول.

«أنورا» هو أول فيلم أميركي يفوز بالسعفة منذ 13 عاماً. الفيلم السابق كان «شجرة الحياة» لترنس مالك عام 2011. بعضُ مَن يرى أنّ مهرجان «كان» يحبّذ الأفلام الأميركية، ما عليه سوى مراجعة المرّات القليلة، في السنوات الـ30 الأخيرة التي خرج فيها فيلم أميركي بالسعفة.

كوبولا يسلّم رفيق دربه جورج لوكاس الجائزة التقديرية (إ.ب.أ)

الحلم والوهم

من ناحية ثانية، نجد، عند التمعُّن بالنتائج، أنّ لجنة التحكيم بقيادة المخرجة الأميركية غريتا غيرويغ، والتي كانت من بين أعضائها المخرجة اللبنانية نادين لبكي؛ أسدت جوائزها استناداً إلى الاحتفاء بقيم الكتابة القصصية، كما الحال مع «كل ما نتخيّلة كضوء» للهندية بايال كباديا الفائز بالجائزة الكبرى (الثانية لجهة الأهمية). دراما تدور في رحاب مدينة مومباي الذي تقول عنها إحدى الشخصيات: «البعض يصفها بأنها مدينة الأحلام، لكنها مدينة الأوهام. هناك شفرة سرّية: حتى لو كنت تعيش في مجاري المدينة، عليك ألا تغضب».

الهندية بايال كباديا الفائزة بالجائزة الكبرى (غيتي)

هذا فيلم نسائي البطولة، حول قضية اجتماعية نسائية الشخصيات والقضايا. لم يتوقّع أحد فوزه بالجائزة التي مُنحت له، لكنْ بعدها، تساءل البعض عما إذا ما كان هذا الفيلم هو الجدير بالفوز بـ«السعفة الذهبية» عوض «أنورا».

فيلم المخرج الفرنسي جاك أوديار فاز بجائزتين (غيتي)

فيلم المخرج الفرنسي جاك أوديار، «إميليا بيريز»، الذي يتناول رغبة رئيس عصابة في الاعتزال وتحقيق حلمه بالتحوّل الجنسي، فاز بجائزتين. الأولى جائزة لجنة التحكيم والثانية لمجموع بطلاته وهنّ سيلينا غوميز، وزوي سالدانيا، وكارلا صوفيا غاسكون. هذا عِوَض منح ممثلة واحدة جائزة أفضل تمثيل نسائي كما جرت العادة.

اللافت أنّ جائزة أفضل ممثل ذهبت لجيسي بليمونز عن دوره في فيلم «أنواع اللطف». فبليمونز الذي شوهد في فيلم مارتن سكورسيزي الأخير «قتلة فلاور مون» مؤدّياً شخصية المحقّق الفيدرالي، ممتاز ويستحق. دوره هنا يتيح للمشاهدين التعرّف إليه من كثب. واللافت أيضاً أنّ هذه الأفلام الثلاثة، «أنورا»، و«إميليا بيريز»، و«أنواع اللطف» محورها الجنس، وإن اختلفت النواحي.

موقف سياسي

الأمر يختلف بالنسبة إلى فيلمين من تلك الفائزة؛ أولهما جائزة أفضل مخرج للبرتغالي ميغيل غوميز عن «الجولة العظيمة»، الذي يتناول عروساً تبحث عن الرجل الهارب من حفل الزفاف، فيستغلّ الحبكة لاستعراض أوجه حياة في زمن غابر (1917) ضمن جولة تكشف عن ثقافات آسيوية متعدّدة.

والثاني هو «بذرة التين المقدّسة»، الذي خطف جائزة خاصة، وتمتَّع مخرجه محمد رسولوف بتصفيق حارّ استمر نحو 10 دقائق، ذلك لفيلمه الذي ينتقد الأحكام بحقّ المتظاهرين وعنف الأمن، ولتسلُّل المخرج هرباً من الحُكم الأخير بسجنه 8 سنوات لإنجازه أفلامه الانتقادية هذه بلا وجل.

من ناحية، هو فيلم سياسي مهم على صعيد ما يعرضه، ومن أخرى، ولساعتين من ساعاته الثلاث على الأقل، يعمد إلى الحوارات المكثّفة للكشف عن مواقف شخصياته. هذه الجائزة تبدو إرضاءً لمخرج يستحقّها لموقفه، وكان يستحقها لأفلام سابقة له أفضل تنفيذاً على المستوى الفنّي من الفيلم الحالي. لكنها في الوقت عينه إيماءة مهمّة لقضية لا يختلف عليها اثنان في الغرب، وهي انتقاد الوضع الماثل في الفيلم والحياة.


مقالات ذات صلة

أفلام «نجوم الشباك» تزيح أعمالاً «منخفضة التكلفة» من دور العرض المصرية

يوميات الشرق لقطة من فيلم «بنقدر ظروفك» (الشرق الأوسط)

أفلام «نجوم الشباك» تزيح أعمالاً «منخفضة التكلفة» من دور العرض المصرية

أزاحت أفلام نجوم الشباك، في مقدمتها «أولاد رزق 3... القاضية» بعض الأعمال «منخفضة التكلفة».

داليا ماهر (القاهرة )
الوتر السادس برأيه أن من حق المشاهد العربي الاستمتاع بوجبة متكاملة من الفنون وأنوع الدراما مثل الكوميدي والتراجيدي والأكشن ({الشرق الأوسط})

أحمد عز لـ«الشرق الأوسط»: أدين بالفضل ليسرا

تحدث الفنان أحمد عز عن ملامح شخصية «رضا» في فيلم «ولاد رزق 3»، الذي يُعرض ضمن موسم أفلام عيد الأضحى.

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس المخرج معتز التوني في لقطة من كواليس تصوير أحد مشاهد الفيلم ({الشرق الأوسط})

المخرج معتز التوني لـ«الشرق الأوسط»: فيلم «قشموع»... كوميديا بشكل مختلف وجديد على ما يظهر في السينما السعودية

انتهى معتز التوني، المخرج المصري، من تصوير الفيلم السعودي الكوميدي «قشموع» والمقرر عرضه بعد إجازة عيد الأضحى

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الملصق الدعائي لفيلم «ولاد رزق 3... القاضية» (الشركة المنتجة)

4 أفلام مصرية جديدة في «سينما الشعب» خلال الأضحى

تنطلق احتفالات وزارة الثقافة المصرية بعيد الأضحى في جميع المحافظات بتقديم عدد من العروض السينمائية بالمواقع المختلفة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق محمد لطفي و«سيلفي» مع أحمد فهمي وروبي في الكواليس (الشركة المنتجة)

«عصابة الماكس»... خلطة كوميديا وأكشن تناسب العيد

بخلطة سينمائية تجمع بين الكوميديا والأكشن، يخوض فيلم «عصابة الماكس» المنافسة في موسمَيْ عيد الأضحى والصيف السينمائيين. ما قصته؟

انتصار دردير (القاهرة )

تحفيز الجمجمة بتيار كهربائي يقلل من ألم «متلازمة صدمة الحب»

الانفصال العاطفي تجربة ليست هينة (شايترستوك)
الانفصال العاطفي تجربة ليست هينة (شايترستوك)
TT

تحفيز الجمجمة بتيار كهربائي يقلل من ألم «متلازمة صدمة الحب»

الانفصال العاطفي تجربة ليست هينة (شايترستوك)
الانفصال العاطفي تجربة ليست هينة (شايترستوك)

بالتأكيد الانفصال العاطفي تجربة ليست هينة، ويمكن أن يبلغ الألم العاطفي الناجم عن الانفصال الرومانسي مستوى من الحدة دفع الأطباء لإطلاق مصطلح علمي عليه – «متلازمة صدمة الحب»، حسب صحيفة (الغارديان) البريطانية.

ومع ذلك، ربما تكون المساعدة في متناول اليد لأولئك الساعين إلى إصلاح قلوبهم المكسورة. في هذا الصدد، كشف بحث أن ارتداء سماعة رأس بقيمة 400 جنيه إسترليني لبضع دقائق فقط يومياً، قد يخفف من مشاعر البؤس والسلبية والاكتئاب التي قد تصاحب أزمة المرور بعلاقة عاطفية فاشلة.

وفي إطار إحدى الدراسات، ارتدى 36 متطوعاً يعانون من «متلازمة صدمة الحب»، الجهاز الذي يحفز الدماغ بتيار كهربائي خفيف.

وجرى تقسيم المتطوعين إلى ثلاث مجموعات، ترتدي كل منها سماعات التحفيز بالتيار المباشر عبر الجمجمة لمدة 20 دقيقة، مرتين يومياً على مدار خمسة أيام.

وفي إحدى المجموعات، جرى توجيه التيار نحو قشرة الفص الجبهي الظهراني، بينما جرى توجيه التيار بمجموعة أخرى نحو قشرة الفص الجبهي البطني. أما في الثالثة، فقد جرى وقف السماعة عن العمل.

وتشارك كلتا المنطقتين المستهدفتين في تنظيم المشاعر الطوعية. وأوضحت الدراسة أن دراسات التصوير العصبي السابقة تشير إلى وجود صلة عصبية نفسية بين تجارب الانفصال والفجيعة، وأن مناطق محددة في الفص الجبهي معنية بالأمر.

ويمكن أن تسبب «متلازمة صدمة الحب» كرباً عاطفياً واكتئاباً وقلقاً وأرقاً، ناهيك عن التقلبات المزاجية والأفكار الوسواسية وتفاقم خطر الإقدام على الانتحار، وكذلك الشعور بعدم الأمان والعجز والشعور بالذنب.

وخلصت الدراسة، المنشورة بدورية أبحاث الطب النفسي، إلى أنه فيما يخص تخفيف أعراض «متلازمة صدمة الحب»، فإن تحفيز قشرة الفص الجبهي الظهراني أكثر فاعلية عن تحفيز قشرة الفص الجبهي البطني.

وخلص باحثون من جامعتي زنجان بإيران وبيلفيلد في ألمانيا إلى أن بروتوكولي قشرة الفص الجبهي الظهراني وقشرة الفص الجبهي البطني قلصا بشكل كبير أعراض «متلازمة صدمة الحب»، وأسهما في تحسين حالة الاكتئاب والقلق. والملاحظ أن تأثير بروتوكول قشرة الفص الجبهي الظهراني الإيجابي كان أكبر عن بروتوكول قشرة الفص الجبهي البطني.