ملامح من مشوار التشكيلي المصري سيد سعد الدين وحصاد سنواته

220 لوحة تمزج بين العمارة والنحت والتصوير في معرض بالقاهرة

لوحة «موكب الأميرة» أعادته إلى وجع رحيل ابنته (إدارة الغاليري)
لوحة «موكب الأميرة» أعادته إلى وجع رحيل ابنته (إدارة الغاليري)
TT

ملامح من مشوار التشكيلي المصري سيد سعد الدين وحصاد سنواته

لوحة «موكب الأميرة» أعادته إلى وجع رحيل ابنته (إدارة الغاليري)
لوحة «موكب الأميرة» أعادته إلى وجع رحيل ابنته (إدارة الغاليري)

ثلاثية فنية تمزج بين العمارة والنحت والتصوير، ترصد مسيرة التشكيلي المصري سيد سعد الدين، الذي يحتفي في أعماله بالجمال والخيال، عبر معرض استعادي يستضيفه «غاليري ضي» في القاهرة حتى 5 يونيو (حزيران) المقبل.

يضمّ المعرض بعنوان «ملامح من المشوار» 220 عملاً تشمل جميع مراحل سعد الدين منذ نهاية الستينات حتى اليوم؛ لذلك يعدُّه الفنان الثمانيني «حصاد السنوات»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يمثّل رحلة حياتي. هو ثمرة زمن ولّى، لكنه لا يزال حياً في وجداني».

يطرح الحدث تساؤلاً إبداعياً يتعلّق بإحساس الفنان حين توضع أمامه، في مكان واحد، مجموعة كبيرة من أعماله التي أنجزها على مدى فترات زمنية طويلة. يجيب: «إحساسي يتخطّى الجانب الفني نحو الإنساني. أثارَ المعرض فيضاً من الذكريات في داخلي، وأعادني إلى لحظات استثنائية من حياتي، ترك بعضها السعادة وبعضها الآخر الشجن».

الفنان سيد سعد الدين لا تنفصل لوحاته عن البيئة المحيطة (إدارة الغاليري)

من أبرز اللوحات التي كان لها تأثير واضح عليه في أثناء تجوّله في المعرض، فامتلأت ملامحه بالحزن حين وقف أمامها؛ «موكب الأميرة»، وتجسّد فتاة تسير في بحرٍ أمواجُه من الحرير، وتُزفّ في موكب مهيب، على حصان يميل رأسه إلى أسفل بأسى وانكسار.

يبرّر وجعه: «كانت لديَّ ابنة جميلة تُدعى أميرة توفيت وهي طالبة في الثانوية العامة. هزَّ رحيلها وجداني، وظللتُ لسنوات أرسمها في أعمالي؛ منها هذه اللوحة».

تقود اللوحات، بألوانها المبهجة وخطوطها الانسيابية، المتلقّي إلى عوالم من الجمال والصفاء والسلام النفسي؛ وفي الوقت عينه، لا تتركه منفصلاً عن الواقع. فبعدما يتزوّد بنفحات من الرومانسية الطاغية، يجد نفسه أمام أشجار النخيل، والخضرة، والنيل، والمراكب الشراعية، والريف المصري، والبيوت الدافئة بناسها الذين يمارسون العادات والتقاليد المسكونة بسحر الزمن.

لوحة «بائع الفول» تُبرز تفاعل الفنان مع مجتمعه (إدارة الغاليري)

ذلك بالإضافة إلى المبتهلين الذين يثيرون الإحساس بالخشوع والإيمان، بينما يتحاور حولهم النور اللافت مع اللون الشفّاف الموحي، وفي أثناء ذلك يستوقف المتلقّي العمق الحضاري الواضح في الأعمال.

هذه الدراما ثنائية التأثير والتأثر؛ تعكس حالة الفنان نفسه، فيشرح: «عندما أرسم، أكون مثل مَن يحمل دعوة للمتلقّي ليُبحر في رحلة داخل عقلي وعاطفتي ورؤيتي لما يحيط بي. الفنان مرآة مجتمعه؛ إذا كان صادقاً مع نفسه، فسينقل تفاعله مع العالم إلى جمهوره، أما المتلوّن أو المنعزل عن البيئة حوله، فلن يصل إلى قلوب الناس لأنهم لن يتفاعلوا معه».

تتّسم أعمال الفنان بتنوّع الاتجاهات؛ فبجانب الرومانسية، تبرز في لوحاته التعبيرية، والواقعية، والتجريدية، والسريالية، والرمزية. ورغم ذلك، لا يعنيه نسب فنّه إلى مدرسة، فيقول: «لا أهتم أن يُقال عني رجل التأثيرية أو التنقيطية وغيرهما. أترك نفسي لتجسيد ما أشعر به، بصرف النظر عن الأسلوب الفنّي، رافضاً أن أتجمّل عبر ارتداء ثوب بعينه».

تتميّز الأعمال بعمق حضاري لافت (إدارة الغاليري)

يتقمّص سعد الدين روح النحّات، فأمام أعماله يشعر المتلقي بأنه يقف أمام منحوتات، حيث الفورم والتكوين والكتلة، واللمسات الكثيفة القوية مثل ضربات الأزميل في الحجر. يقول: «منذ بداياتي، وُصِفتُ بالنحات، وأذكر خلال دراستي في (معهد ليوناردو دافينشي) أنّ فنانة إيطالية كتبت في تعليقها على أعمالي أنني وُلدت نحّاتاً لكنّني اتجهتُ إلى التصوير». ويتابع: «فسَّر بيكار هذا الأمر بأنّ ثمة نوعين من العمل الفنّي التصويري: أحدهما غنائي، وهو الذي يتغنّى فيه الرسام بالألوان، والآخر بنائي يعتمد لغة الكتلة والفراغ مثل النحّات. أنا أنتمي إلى الأخير».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يتوج بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً»

تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)
تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية (الشرق الأوسط)

ملصق يحمل صورة تركي آل الشيخ بمناسبة فوزه

تُوّجَ تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير» خلالَ حفل جوائز «MENA Effie Awards»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، تقديراً لإسهاماته البارزة في دعم وتطوير قطاع الترفيه في المملكة.

وتعدُّ الجائزةُ من أبرز الجوائز في مجال تقييم التأثير والإنجازات الإبداعية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تسلط الضوء على الشخصيات التي قدمت مساهمات استثنائية وذات تأثير عميق خلال العقد الأخير. ويُعد فوز آل الشيخ بالجائزة تأكيداً لمكانته بوصفه من أبرز القيادات المؤثرة عالمياً في قطاع الترفيه.