فنون النسيج تنبض بالحياة من جديد في أزقة جدة التاريخية

هدى العيدروس اشتهرت بدمج الفنون النسيجية لإنتاج مشغولات معاصرة

مشغولات يدوية بالنفاش ومسدس النسيج والكنفا تحيي فن النسيج في حاضنته القديمة البلد (برنامج جدة التاريخية)
مشغولات يدوية بالنفاش ومسدس النسيج والكنفا تحيي فن النسيج في حاضنته القديمة البلد (برنامج جدة التاريخية)
TT

فنون النسيج تنبض بالحياة من جديد في أزقة جدة التاريخية

مشغولات يدوية بالنفاش ومسدس النسيج والكنفا تحيي فن النسيج في حاضنته القديمة البلد (برنامج جدة التاريخية)
مشغولات يدوية بالنفاش ومسدس النسيج والكنفا تحيي فن النسيج في حاضنته القديمة البلد (برنامج جدة التاريخية)

يرجع تاريخ فن النسيج لآلاف السنين ويتطلب صنعه مهارات فنية وتقنية يدوية دقيقة، وفي الآونة الأخيرة تشهد منطقة جدة التاريخية الواقعة في قلب مدينة جدة (غرب السعودية)، المعروفة بتراثها الثقافي والفني العريق نهضة ملحوظة وإعادة إحياء للصناعات التقليدية، ومن بينها فنون النسيج والحياكة اليدوية.

هدى العيدروس إحدى الفتيات السعوديات التي أعادت مهارات النسج اليدوي والأساليب التقليدية التي كانت تعد جزءاً من هوية المنطقة التاريخية أو كما يسميها سكان جدة (البلد)، فاليوم تجد في أزقة هذه المنطقة ورشات عمل ومنتجات منسوجة وملونة بأناقة، تعيد الحياكة اليدوية والنسيج التقليدي إلى الواجهة مرة أخرى ليكونا جزءاً من المشهد الحضاري للمدينة.

منذ نعومة أظافرها وهدى تعشق الفنون وعملت على تطوير شغفها بدراسة تصميم الأزياء والخياطة، ثم توجهت بعدها للفنون النسيجية، مثل فن الكنفا أو الإيتامين وفن المسدس بالنسيج، والتطريز بالنفاش الذي تستخدمه في تزيين المرايا. وتعلمت من والدتها فن الكروشيه، وورثت من جدها حب الأقمشة والتمييز بين أنواعه، وتحول حبها للنسيج من الهواية والشغف للاحتراف والمهنة.

واختارت هدى أن يكون محلها «منسج» في أحد أزقة البلد، حيث توجد كثير من محلات الصناعات اليدوية التي تتفنن في إتقانها فتيات سعوديات اخترن هذه المنطقة لعرض منتجاتهن، وأيضاً إقامة ورشات تدريبية لتعليم الراغبين والمهتمين.

سجادة حائط بأيدي متدربات في ورشة مسدس النسيج (حساب منسج في الإنستغرام)

وبدأت منذ 2016 في نقل خبرتها للهواة وتدريبهم على الخياطة والبترونات وتصميم الأزياء وكل ما يخص فنون النسيج، وفي 2021 بدأت تقديم ورشات خاصة بالنسيج وتمرين المهتمين على التطريز بالنفاش ومسدس النسيج وفن المكرمية في ورشات عمل مصغرة مخصصة للتدريب على حياكة منتجات بسيطة مثل المفارش، إضافة إلى إقامة ورشات تدريبية للنسيج مخصصة لتدريب الأطفال ممن لا تتجاوز أعمارهم الــ8 أعوام.

ولقيت منتجات العيدروس إقبالاً ملحوظاً، خاصة لأنها لم تركز فقط على إعادة إحياء فن النسيج التقليدي في حاضنته القديمة، جدة التاريخية، بل تجاوزت ذلك إلى دمج فنون النسيج الجديدة بالتقليدية وتوظيفها بطريقة حديثة لعمل منتجات مبتكرة تشير إلى تلاقي الأزمنة بين الأجيال القديمة والحديثة.

وعلى الرغم من أن الثورة الصناعية أثرت بطبيعة الحال على طرق النسج التقليدية، فإن هدى تؤكد أن المشغولات التي تصنع بالخيط والإبرة اليدوية لم تستطع المصانع منافسة جودتها حتى الآن.

هدى العيدروس تنشئ محلها الأول منسج في جدة التاريخية (برنامج جدة التاريخية)

ولأن المنطقة التاريخية اشتهرت في السابق بتوفير كل أنواع فنون النسيج اليدوية أصبحت اليوم وجهة سياحية بامتياز، ومركزاً معروفاً لتجمع مختلف أنواع الفنون، ومكاناً يرتاده المهتمون من مختلف فئات المجتمع.

وبحسب هدى، فإن الصينيين واليابانيين والإسبان هم الأكثر حرصاً على زيارة المنطقة التاريخية والتعرف على تفاصيل عمل المنتجات المعروضة فيها، وتعتقد أن التقدم التقني الكبير في مصانعهم خلق لديهم الفضول والحنين لمشاهدة منتجات النسيج اليدوي الذي يتميز بالمتانة، ويعيش لفترات طويلة من الزمن.

ويمثل فن المنسوجات اليدوية مزيجاً من الإبداع والتقنية اليدوية، ويعكس تفرد الفنان وقدرته على التعبير عن أفكاره ومشاعره من خلال تقنيات فريدة ومتنوعة، بغض النظر عن التقدم التكنولوجي، ويبقى فن المنسوجات اليدوية جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي والفني ويحظى بشعبية واهتمام كبيرين من قبل الفنانين والمصممين والهواة.


مقالات ذات صلة

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

يوميات الشرق المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.