مهرجانات الصيف في لبنان بين الإبقاء والإلغاء

بعد 3 سنوات من النضال الفني

واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
TT

مهرجانات الصيف في لبنان بين الإبقاء والإلغاء

واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك

هي الفترة التي تُعلِن فيها المهرجانات اللبنانية عن برامجها بأجواء احتفالية إيذاناً باقتراب موسم الصيف والإجازات، ووصول المغتربين والسياح الذين بلغ عددهم ما يقارب المليون ونصف المليون زائرٍ العام الماضي. لكن الوضع المتأزم والحرب في الجنوب، وما تعيشه غزة من مآسٍ، دفع مهرجانات بيت الدين بعد تريّث على الإعلان النهائي، مساء الأربعاء، عن تعليق برنامجها للعام الحالي، فيما لا تزال مهرجانات بعلبك تعطي لنفسها مهلة، قد تتغيّر خلالها معطيات، علماً أنها تقام في القلعة التاريخية لمدينة الشمس، الموقع الأكثر حساسية، مقارنة بالمهرجانات الرئيسية الأخرى. فقد قصفت إسرائيل منطقة البقاع ما يقارب 15 مرة خلال الحرب الدائرة حالياً، ومع ذلك لا تريد لجنة المهرجانات أن تستسلم، ولا تزال تأمل.

وقالت رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دو فريج: «نحن ننتظر تطور الوضع الأمني في المنطقة قبل أن نتخذ قرارنا»، كاشفة أن برنامجاً مصغراً ورمزياً أُعدّ له. وأضافت: «أردنا أن نقدّم صيغة تتناسب مع ما يحصل من أحداث. لكنّ لا قرار نهائياً بعد». وأوضحت أن اللجنة المنظمة تنتظر لتعرف «ما إذا كان وقفاً لإطلاق النار، إذ لا يمكن في الوقت الراهن تنظيم نشاط في منطقة البقاع (شرق لبنان)، التي تتعرض بين الحين والآخر لضربات جوية إسرائيلية». لهذا «سننتظر قليلاً قبل اتخاذ القرار الرسمي».

وبالتواصل مع مهرجانات «بيبلوس»، علمت «الشرق الأوسط» أنه يُعمل على برنامج فني، ولا نيّة أبداً للتعليق أو الإلغاء أو التأجيل إلا في حال حدثت تطورات جديدة، حالت دون تقديم النشاطات. وبالتالي في حال بقاء الأمور على ما هي عليه، فإن مدينة جبيل ستستقبل روادها، وسيُعلن عن البرنامج الفني في مؤتمر صحافي فور انجلاء الأمور.

أما مهرجانات بيت الدين، فقد أصدرت رئيسة لجنتها المنظمة نورا جنبلاط بياناً أعلنت فيه «تعليق الأنشطة التي كانت مقررة لهذا العام، بسبب ما يمرّ به جنوب لبنان وأهله من أوقات عصيبة وقاسية، وما تعيشه فلسطين من حال إبادة جماعية متواصلة على مرأى العالم وصمته». وأشارت إلى أن «لجنة مهرجانات بيت الدين إذ تدرك أن جمهورها سيكون متفهماً لقرار تعليق المهرجان، وإيماناً منها بضرورة الاستمرار في مواصلة الدور الثقافي، حُصرت النشاطات في معارض للفنون تقام في باحات القصر خلال فصل الصيف».

وأملت نورا جنبلاط أن «يستعيد الجنوب اللبناني الهدوء والاستقرار، وأن تتوقّف الحرب في غزة وتعود فلسطين»، متطلّعة إلى أن «تتحسّن الظروف العامة لمواصلة الدور الفني والثقافي الذي لعبته المهرجانات بشكل متواصل منذ عام 1984 إيماناً منها بدور لبنان ورسالته».

غي مانوكيان على مسرح جبيل العام الماضي

ومنذ اندلاع ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ولجان المهرجانات تقوم بجهد جبار كي لا تتوقف. فقد تلا الحركة الاحتجاجية انهيار اقتصادي كبير، تزامن مع وباء «كوفيد - 19»، الذي شكّل مانعاً آخر أمام إمكانية إقامة حفلات. ومع ذلك، فقد أصرّت لجنة مهرجانات «بعلبك» خلال فترة الحجر، على تنظيم حفلات إما بعددٍ محدودٍ من المتفرجين الحاضرين، مع نقل مباشر، أو بلا حضور أصلاً. وفي كل الحالات، يسجل لسيدات لجان المهرجانات، إصرارهن على أن تكون الموسيقى حاضرة، في أصعب الظروف، ببرنامج مختصر، أو بالتعاون مع فنانين لبنانيين يريدون إعادة الأمل للناس، ولو بالمجان، وهؤلاء كان لهم فضل كبير بعدم إطفاء شعلة المهرجانات.

العام الماضي، وبعد 3 سنوات عجاف، كانت بالفعل النقلة التي يمكن القول إنها ستُعيد الصيف اللبناني إلى ما كان عليه قبل الانهيار. حضور كبير على المدرجات، وحفلات ذات مستوى، مع أن غالبية ما قُدّم كان من صنع فنانين لبنانيين، لكنها كانت مناسبة لإبراز المواهب المحلية التي قليلاً ما أُعيرت اهتماماً.

جاءت الحرب على غزة، والنار التي لا تهدأ في جنوب لبنان، بمثابة فرامل كابحة للبعض، خصوصاً أن التصوّرات الأولى ما كانت لتدلّ على حربٍ سيصل الصيف قبل أن تهدأ. لجان المهرجانات تنتظر على وقع طبول الحرب، هناك حقاً من يريد أن يتحدّى الموت بالموسيقى.


مقالات ذات صلة

«السيد رامبو» و«دخل الربيع يضحك» للمشاركة في «عمّان السينمائي»

يوميات الشرق عصام عمر والكلب رامبو في مشهد بالفيلم (الشركة المنتجة)

«السيد رامبو» و«دخل الربيع يضحك» للمشاركة في «عمّان السينمائي»

تشهد الدورة السادسة من مهرجان «عمّان السينمائي» المقررة إقامتها في العاصمة الأردنية من 2 إلى 10 يوليو (تموز) المقبل حضوراً مصرياً لافتاً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق روبرت دي نيرو والمنتجة بولا وينشتاين في مهرجان «ترايبيكا» (غيتي)

غداة «حرب التحرير» في لوس أنجليس

روبرت دي نيرو يواصل انتقاده الرئيس الأميركي وسط مهرجان سينمائي يزدهر بالأفلام السياسية وقصص المهاجرين.

محمد رُضا (نيويورك)
عالم الاعمال «مهرجان تنوير»

عودة «مهرجان تنوير» إلى صحراء مليحة في دورته الثانية

يعود «مهرجان تنوير» إلى صحراء مليحة في الشارقة بدورته الثانية، خلال أيام 21 و22 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق الملصق الترويجي لحفل شيرين في «موازين» (حساب المهرجان في «فيسبوك»)

حضور مصري لافت في «موازين»: شيرين وحماقي وروبي على المسرح المغربي

تُعدّ الدورة الـ20 من المهرجان، الثانية بعد توقّف فعالياته منذ عام 2019، بالتزامن مع انتشار وباء «كورونا» آنذاك، وعودته العام الماضي في دورته الـ19.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق بيلي جويل شاباً في «وهكذا تمضي»... (ترايبيكا)

مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة

«ترايبيكا» ليس المهرجان السينمائي الوحيد في نيويورك... هناك 21 مهرجاناً آخر في أرجاء المدينة، من بينها اثنان يُحسب لهما حساب مُستحَق...

محمد رُضا (مانهاتن - نيويورك (الولايات المتحدة))

«اليونيسكو» للتعاون مع مصر في تطوير المتحف الزراعي

لوحة البقرة الفلكية بالمتحف الزراعي المصري (المتحف الزراعي المصري)
لوحة البقرة الفلكية بالمتحف الزراعي المصري (المتحف الزراعي المصري)
TT

«اليونيسكو» للتعاون مع مصر في تطوير المتحف الزراعي

لوحة البقرة الفلكية بالمتحف الزراعي المصري (المتحف الزراعي المصري)
لوحة البقرة الفلكية بالمتحف الزراعي المصري (المتحف الزراعي المصري)

في خطوة للحفاظ على التراث الزراعي والتطور التاريخي لهذا القطاع في مصر، الذي يمتد لآلاف السنين، بحثت وزارة الزراعة المصرية مع منظمة «اليونيسكو» في سبل تعزيز التعاون في أعمال تطوير المتحف الزراعي الموجود بحي الدقي (غرب القاهرة).

ويعدّ المتحف الزراعي المصري من أكبر المتاحف الزراعية في العالم، وأنشئ على مساحة تزيد على 30 فداناً في سراي الأميرة فاطمة إسماعيل ابنة الخديو إسماعيل، وبدأ العمل به عام 1930 في عهد الملك فؤاد، ويضم ثمانية مبانٍ بمنزلة ثمانية متاحف نوعية بداخله، وفيه مقتنيات تحكي تاريخ مصر الزراعي منذ الحضارة المصرية القديمة وحتى العصر الحديث.

التقى علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونوريا سانز، مديرة مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) بالقاهرة، للبحث في سبل تعزيز التعاون في أعمال التطوير الخاصة بالمتحف الزراعي في الدقي.

المتحف الزراعي المصري يضم العديد من المقتنيات والمجسمات (المتحف الزراعي المصري)

وناقش وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، علاء فاروق، مع مديرة مكتب منظمة اليونيسكو بالقاهرة، نوريا سانز، سبل الاستغلال الأمثل للمتحف الزراعي، ليكون مركزاً رائداً للمعرفة والابتكار في مجال التراث الزراعي، وليصبح وجهة تعليمية وثقافية جاذبة على المستويين المحلي والدولي.

وتحرص وزارة الزراعة على تعميق الشراكة مع «اليونيسكو» في مجالات متعددة، بما في ذلك المقتنيات المتحفية الزراعية، وتبادل الخبرات في مجال الحفاظ على المقتنيات الخاصة بـالتنوع البيولوجي وصون الموارد الطبيعية، وفق بيان للوزارة، الثلاثاء.

ويعدّ المتحف الزراعي كنزاً مهماً يجب الحفاظ عليه وتطويره ليواصل دوره في خدمة المهتمين بـالشأن الزراعي والثقافة والعلوم الزراعية، حيث يقدم صورة مشرفة للتراث الزراعي المصري العظيم، وفق تصريحات وزير الزراعة المصري، الذي أكد أن المتحف الزراعي المصري هو أول متحف زراعي في العالم وثاني أكبر متحف من نوعه بعد المتحف الزراعي في العاصمة المجرية بودابست، وينفرد باقتناء مجموعة تاريخية زراعية مهمة وكاملة، تتناول تاريخ الزراعة في مصر وتطورها على مر العصور، حسب البيان.

وخلال جولة، بالمتحف أبدت مديرة مكتب اليونيسكو إعجابها الشديد بما شاهدته من كنوز زراعية وتراثية، وأكدت أهمية المتحف الزراعي بوصفه مركز إشعاع ثقافياً وعلمياً يسهم في إثراء المعرفة وتعميق الوعي الزراعي.

تمثال لنيلوس إله النيل في العصر الروماني (المتحف الزراعي المصري)

وناقش الجانبان برامج العمل المشتركة، ومن المتوقع أن يشمل التعاون الصيانة والحفظ والعرض المتحفي الجذاب، وتقديم «اليونيسكو» الدعم والخبرات الفنية، وتدريب الكوادر، فضلاً عن التوثيق والترويج للمتحف ليكون عامل جذب للمهتمين من مختلف دول العالم.

وتقرر عقد اجتماعات تنسيقية تشترك فيها وزارتا السياحة والآثار والثقافة مع وزارة الزراعة لإيجاد آلية لتطوير وحفظ المقتنيات الموجودة في المتحف، والحفاظ عليها، وإتاحتها للعرض المتحفي أمام الجمهور.

من جانبه، يصف المتخصص في مركز البحوث الزراعية، الدكتور خالد عياد، المتحف الزراعي المصري بأنه «ليس له مثيل، فهو يضم تاريخ الزراعة وأنواع النباتات والطيور والحيوانات، والعادات والتقاليد المصرية المرتبطة بالزراعة منذ عصر الفراعنة وحتى العصر الحديث».

ويضيف عياد لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المتحف لا يعد متحفاً بل يضم 8 متاحف بداخله، من بينها متحف للبذور، وآخر للقناطر الخيرية وللأدوات الزراعية منذ العصور القائمة حتى الآن، وكذلك متحف للطيور والحيوانات».

تضمن المتحف العديد من النماذج المهمة للأزياء المرتبطة بالمصريين (الدكتور خالد عياد)

وأشار إلى وجود صالة للسينما داخل المتحف، وقال: «هناك مواد كثيرة بالمتحف عن تاريخ الزراعة، بل عن العادات والتقاليد المرتبطة بالزراعة والأزياء المصرية المرتبطة بالزراعة، وقد كان من حظّي أن رأيتها بضفتي متخصصاً في الزراعة قبل إغلاق المتحف للتطوير، وساعدني على معرفة الكثير من التفاصيل المتربطة بتطوير المتحف كبير المرشدين وقتها محمد صبحي»، موضحاً أن «هناك متحفاً للشمع يضم العديد من مظاهر الحياة الزراعية القديمة والبيوت الريفية»، وأشار إلى أن «المتحف استضاف أخيراً معرض الزهور السنوي، وكنا نتمنى أن يستغل هذه المناسبة ويفتح أبوابه لزوار معرض الزهور ليتعرفوا على مقتنيات المتحف»، وأبدى عياد تمنّيه أن «يؤدي التعاون بين وزارة الزراعة و(اليونيسكو) ووزارات أخرى معنية في إعادة هذا المتحف ليقوم بدوره في حفظ وصيانة التاريخ الزراعي لمصر، وكمرجعية علمية مهمة للباحثين والدارسين».