الحزن يلفّ الرياض في وداع البدر

جموع غفيرة أدت الصلاة على الفقيد بجامع الإمام تركي

تشييع جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن في مقبرة العود (تصوير: تركي العقيلي)
تشييع جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن في مقبرة العود (تصوير: تركي العقيلي)
TT

الحزن يلفّ الرياض في وداع البدر

تشييع جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن في مقبرة العود (تصوير: تركي العقيلي)
تشييع جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن في مقبرة العود (تصوير: تركي العقيلي)

وسط حزن عميم لفّ مقبرة العود بالعاصمة الرياض شيّعت السعودية، الأحد، جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن، الذي ووري ثرى مقبرة العود بعد أداء حشد كبير من الأمراء والأدباء والمثقفين وجموع من المصلين صلاة الجنازة على الفقيد في جامع الإمام تركي بن عبد الله. وتوافد المصلون في وقت مبكر قبل صلاة عصر الأحد للمشاركة في مراسم الدفن، يتقدمهم الأمير فيصل بن بندر، أمير منطقة الرياض، الذي تلقى عقب الانتهاء من أداء «صلاة الميت» على الأمير، التعازي من جموع المعزين في رحيل مهندس الكلمة الذي شغف القلوب بسماحته على الصعيد الشخصي وبشاعريته التي لامست وجدان الجميع.

حالة كبيرة من الحزن خلال تشييع جثمان الفقيد في مقبرة العود (تصوير: تركي العقيلي)

وعقب أداء الصلاة توجّه المشيعون إلى مقبرة العود، حاملين جثمان الأمير بدر بن عبد المحسن إلى مثواه الأخير وسط حزن خيّم على المقبرة التي ستضم جثمان الفقيد، بعد حياة حافلة من العطاء والإبداع انطفأت شمعتها الأخيرة يوم السبت. واكتظت مقبرة العود بالمشيعين من جميع أطياف المجتمع وبالكثير من رفاقه الذين شاركوه جميع مراحل حياته المختلفة الممتدة لـ7 عقود، والتي كان طوالها حاضراً بإنسانيته وشخصيته الآسرة لكل من عرفه. وخلال مراسم الدفن، كانت حالة كبيرة من الحزن والألم بادية على وجوه المشيعين في مقبرة العود، التي احتضنت تاريخياً العديد من ملوك السعودية وأفراد الأسرة الحاكمة.

الحزن يخيّم على المقبرة التي ضم ترابها جثمان الفقيد (تصوير: تركي العقيلي)

نهار السبت الحزين

وفُجع الوسط الثقافي والشعري في العالم العربي يوم (السبت) بخبر رحيل الأمير بدر بن عبد المحسن، الذي وافته المنية في العاصمة الفرنسية باريس عن عمر ناهز الـ75 عاماً أثرى خلالها الساحة الفنية بتجربة شعرية لافتة وفريدة ضمت نحو 250 قصيدة شكّلت بمجموعها مدرسة نوعية في الشعر العربي، أبهر فيها محبية بانتقائيته الفريدة لجميع مفرداتها وتراكيبها. وقال الشاعر فهد المساعد، الذي شارك في مراسم دفن الأمير البدر، إن المصاب كبير وسنفقد الأمير شعراً وخلقاً، داعياً الله أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته، موجهاً عزاءه للجميع، ولكل من عرفه في صورة الشاعر والإنسان، وواصفاً، الخبر المؤلم الذي حمله يوم السبت برحيل الأمير البدر بـ«القاسي»، ومشيراً إلى أن الفقد كبير بوفاة رجل بقدر وقامة الراحل بدر بن عبد المحسن.

مشاعر الحزن عمّت المشيعين في جنازة الأمير بدر بن عبد المحسن (تصوير: تركي العقيلي)

من جانبه، قال المذيع والإعلامي جابر القرني والذي شارك هو أيضاً في مراسم الدفن، إن الأمير بدر بن عبد المحسن كان مرافقاً لجيل كامل، ورفيق أحلامه ومشاعره على مدى نصف قرن، وكان شاعر الوطن والمعاني الإنسانية السامية، داعياً الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

يذكر أن الأمير والشاعر وصاحب الابتسامة المتواضعة المرحّبة بالجميع ووري الثرى في المدينة التي أبصر النور فيها في أبريل (نيسان) من عام 1949، بعد خمسة عقود من تألقه شاعراً ونجماً ساطعاً في الساحة السعودية والعربية ختم مسيرته الشعرية بقصيدة وجهها إلى أخيه الأمير سعود، خلال الأزمة الصحية التي ألمّت به مؤخراً يقول فيها: «كن السنين استكثرت طول عرسي... ‏سبعين، غيري ما حصله بعضها... ‏ولابدها يا سعود بتغيب شمسي... ‏ذي سنةٍ رب الخلايق فرضها... ‏ولعلها حريتي بعد حبسي... ‏ولعلّي ألقى عند ربي عوضها».

مقبرة العود اكتظت بالمشيعين (تصوير: تركي العقيلي)


مقالات ذات صلة

خادم الحرمين الشريفين يفتتح مشروع قطار الرياض

الاقتصاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يفتتح مشروع قطار الرياض (واس)

خادم الحرمين الشريفين يفتتح مشروع قطار الرياض

افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مشروع قطار الرياض (مترو الرياض) الذي يعد العمود الفقري لشبكة النقل العام في مدينة الرياض وأحد عناصر منظومة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا غدير البلوي أثناء تسلمها جائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه» (الشرق الأوسط)

ابتكار سعودي لتحسين محطات معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام النانو تكنولوجي

في خطوة علمية مبتكرة، قدمت غدير البلوي، أستاذة مساعدة في جامعة تبوك بقسم الكيمياء، بحثاً رائداً في معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام تقنيات النانو تكنولوجي.

أسماء الغابري (جدة)
رياضة سعودية صالح الدود (الشرق الأوسط)

صالح الداود يخلف الصادق في منصب «مدير المنتخب السعودي»

أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم، اليوم (الأربعاء)، رسمياً تعيين الدولي السابق صالح الداود مديراً للمنتخب الوطني الأول.

سلطان الصبحي (الرياض)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي

جددت السعودية، الثلاثاء، دعوتها لتكثيف التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والتربوية لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي في الأجيال القادمة.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)

يلتزم بعض أصحاب الغاليريهات بتنظيم معارض رسم ونحت وتجهيزات فنيّة رغم أوضاع صعبة يعيشها لبنان... فالحرب أصابت معظم هذا القطاع بشلل تام، ولكن هذا التوقف القسري يقابله أحياناً الخروج عن المألوف. ومن باب إعطاء اللبناني فسحة أمل في خضمّ هذه الأجواء القاتمة، قرر مركز «ريبيرث بيروت» الثقافي إقامة معرضه للفنون التشكيلية. فقلب الجميزة عاد ينبض من جديد بفضل «كولكتيف ريبيرث» (ولادة جديدة جماعية)، وشهد افتتاحه حضوراً ملحوظاً. «سمر»، المشرفة على المعرض تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كان لا بد من العودة إلى النشاطات الفنية. وتتابع: «جميعنا مُتعبون ونشعر بالإحباط. ولكننا رغبنا في كسر الجمود بمعرضٍ يزوّدنا بمساحة ضوء، ويسهم في تبديل حالتنا النفسية. وقد لبّى دعوتنا نحو 12 فناناً تشكيلياً».

جوي فياض تعرض أعمالها من الريزين (الشرق الأوسط)

لوحات زيتية، وأخرى أكليريك وزيتية، وتجهيزات فنية، حضرت في هذا المعرض. ومن المشاركين لاريسا شاوول، وجوي فياض، وكارلا جبور، وإبراهيم سماحة، ومها حمادة، ودانيا خطيب، وغيرهم... كلٌ منهم عبّر عن رغبته في التجديد والانكباب على الحياة.

ندى بارودي تعرض أكثر من لوحة تحت عنوان «الطبيعة». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تربطني بالطبيعة علاقة وطيدة، لا سيما بالأشجار وأوراقها. فهي تذكرني بالأرض وجذورنا. أما الأوراق فتؤكد لنا أننا في حالة تجدّد دائم. وبين كل فصل وآخر نراها تموت لتعود وتولد مرة جديدة. وهو الأمل الذي نحتاجه اليوم في ظروف صعبة نعيشها». وترسم ندى لوحاتها بريشة دافئة تترجم فيها فصول السنة، بألوان الزهر؛ الأصفر والأخضر والبرتقالي. رسمت ندى بارودي لوحاتها في أثناء الحرب. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكثر الضغوطات حولي أفرّغها بالرسم. وخلال الحرب شعرت بحاجة إلى الإمساك بريشتي، فمعها أخرج عن صمتي، وتحت أصوات الانفجارات والقصف كنت أهرب إلى عالمي، فأنفصل تماماً عمّا يجري حولي، لألتقط أنفاسي على طريقتي».

دانيا مجذوب... لوحاتها تتراوح بين الرسم والفوتوغرافيا (الشرق الأوسط)

في جولتك بالمعرض تكتشف في أعماله أساليب فنية مختلفة، منها لوحات فوتوغرافية ولكنها منفذة بتقنية جديدة؛ فيدخل عليها الطلاء. دانيا مجذوب اختارت هذا الأسلوب ليشكّل هوية خاصة بها. وتضيف: «أجول في مختلف المناطق اللبنانية وألتقط مشاهد تسرق انتباهي».

لوحاتها المعروضة تجسّد مناطق بيروتية. تشرح: «جذبتني هذه الأبنية في وسط بيروت، وبالتحديد في شارع فوش. وكذلك انتقيت أخرى مصنوعة من الحجر القديم في زقاق البلاط والسوديكو. أطبع الصور على قماش الكانفاس لأعدّل مشهديتها بالطلاء».

كي تُبرز دانيا أسلوبها تستخدم الطلاء بالألوان البرّاقة... «هذه الألوان، ومنها الذهبي، تطبع اللوحة بضوء ينعكس من أرض الواقع». عمل دانا بتفاصيله الدقيقة توثّق عبره بيروت؛ مدينة الأجيال... «الصورة تبقى الطريقة الفضلى لنتذكّر مشهداً أحببناه. ويمكننا عدّ الفن الفوتوغرافي تخليداً لموقع أو مكان وحتى لمجموعة أشخاص».

وكما نوافذ بيوت المدينة العتيقة، كذلك تتوقف دانا عند أبوابها وشرفاتها، فهي مغرمة بالأبنية القديمة، وفق قولها. وتستطرد: «أهوى الرسم منذ صغري؛ ولذلك حاولت إدخاله على الصورة الفوتوغرافية».

الفنان إبراهيم سماحة أمام لوحته «بيروت»... (الشرق الأوسط)

من اللوحات المعروضة في «كولكتيف ريبيرث» مجموعة الفنان إبراهيم سماحة، فهو ينفذها بالطريقة ثلاثية الأبعاد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتمد في تقنيتي التقنيةَ نفسها المتبعة في تنفيذ الأيقونات. أرسم المدينة على ورق الفضة لينعكس الضوء عليها. من ناحيتي أهتم بإبراز الظل، وتأتي هذه التّقنية لتضفي عليه النور. وكما يتغير انعكاس الضوء في حياتنا، كذلك باستطاعته أن يبدّل في مشهدية لوحة معينة». إحدى لوحات سماحة صورّها من مبنى «البيضة» وسط العاصمة، ونفذّها لتبدو متدرّجة بين قسمين، فيُخيّل إلى الناظر إليها أنه يشاهد مدينتين أو «بيروتين» كما يذكر سماحة لـ«الشرق الأوسط». ويوضح: «أبدأ بتلقف الفكرة، ومن ثم أنقلها على الخشب. وفي لوحاتي، رسمت بيروت في أثناء الجائحة. وكذلك درج مار نقولا وشارع مار مخايل والجميزة قبل انفجار المرفأ وبعده».

معرض «ولادة جديدة جماعية» في منطقة الجميزة (الشرق الأوسط)

تكمل جولتك في المعرض، فتستوقفك تجهيزات فنية ومنحوتات لجوي فياض. جميعها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموسيقى. كما يطبعها الخيال والحلم، فيشعر الناظر إليها بأنها تحلّق في الفضاء. وتقول جوي لـ«الشرق الأوسط»: «كل لوحاتي تحكي لغة الحب، فهو في رأيي أهم ما يجب الاعتناء به وتكثيفه في حياتنا. ولأني أعمل في مجال الغناء؛ فإنني أربطه بالموسيقى».

في لوحتها «الرجل المشع»، تصوّر جوي شخصاً يمسك بقلبه الحديدي كي ينثر جرعات الحب فيه على من يمرّ أمامه، وقد صنعته من مواد الريزين والحديد وطلاء الأكريليك. وتضيف: «بالنسبة إليّ، فإن الحب هو الأساس في أي علاقة نقيمها... مع شريك الحياة والأب والابن والصديق والأم. وفي لوحة (الرجل المشع) نراه يُخرج قلبه من جسده كي يوزّع الحب وينثره. وهو أسلوب تتداخل فيه فنون عدة ليؤلف مشهدية تشبه ثلاثية الأبعاد».

ومن أعمال فياض المعروضة «تركني أحلم»، وهو منحوتة مصنوعة من الريزين أيضاً، ونرى رجل فضاء يسبح بين السماء والأرض التي يخرج منها الضوء.

وفي منحوتة «أنحني لتاجك» تترجم رؤية فلسفية عن الحب... «هناك علاقة وطيدة بين العقل والقلب، وهذا الأخير أَعُدّه تاج الإنسان. ولذلك علينا الانحناء أمامه من أجل إبراز قيمته المعنوية في حياة الإنسان».