مصر تحتفي بأول حضانة عربية صديقة للبيئة

تُعدّ جزءاً من الخطّة العالمية لمواجهة خطر التغيّرات المناخية

إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)
إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)
TT
20

مصر تحتفي بأول حضانة عربية صديقة للبيئة

إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)
إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)

احتفت مصر بإنشاء أول دار حضانة صديقة للبيئة في قرية أغورمي بواحة سيوة (جنوب غربي القاهرة)، وذلك بإعلان وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، السبت، عن إنجاز المشروع بالتعاون مع وزارة الإسكان.

يعدُّ المبنى صديقاً للبيئة بشكل كامل، سواء فيما يتعلّق بمواد البناء أو بمكوّنات الطاقة داخله. «جميعها من المواد الطبيعية، بهدف توفير جوّ صحّي، وكذلك العمل على توفير الطاقة»، وفق بيان للوزارة.

وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج إنّ «الوزارة أنشأت بالتعاون مع الجهاز المركزي لبحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان، أول حضانة صديقة للبيئة على مستوى مصر والعالم العربي، وذلك باستخدام النظام الإنشائي الصديق للبيئة، في قرية أغورمي بسيوة».

ويتميّز النظام الإنشائي باستخدام بدائل للخرسانة المسلّحة، عبارة عن مواد عضوية من الطبيعة، فيُستَخدم هيكل خشبي بدلاً من الهيكل الخرساني للمبنى، وخشب الجزوارينا وهو من أكثر الأشجار انتشاراً بمصر لقدرته على تحمُّل المناخ الجاف والحار.

الاعتماد على الطاقة النظيفة في المبنى (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)
الاعتماد على الطاقة النظيفة في المبنى (وزارة التضامن الاجتماعي المصرية)

ويقوم النظام الإنشائي صديق البيئة أيضاً على تشكيل وصبّ حوائط المبنى باستخدام التربة الطبيعية، بدلاً من حوائط الطوب بأنواعه، كما توضع طبقات البياض الداخلي والخارجي ضمن خلطة مكوَّنة من التربة الطبيعية، بدلاً من البياض الأسمنتي العادي.

ورأت الوزيرة أنّ هذا المشروع يأتي ضمن إطار اعتماد الوزارة لاستراتيجيات بناء صديقة للبيئة، لمواكبة الاتجاه العالمي بتبنّي الأنظمة الصديقة للبيئة في مختلف المجالات، وجزءاً من الخطة العالمية لمواجهة التغيّرات المناخية شديدة الخطورة.

وكان مؤتمر المناخ العالمي الذي أقيم في مصر عام 2022 قد أوصى بالعمل على استخدام الطاقة النظيفة والمواد العضوية وتقليل الانبعاثات المضرّة للبيئة، كما أوصى مؤتمر المناخ للجامعات الأوروبية في مصر بـ«العمل على تحويل المنشآت السياحية مناطقَ صديقة للبيئة، وتقديم خطط تتماشى مع المسارات المتعلقة بخفض الانبعاثات الناتجة عن النشاط السياحي، والعمل على القياس والكشف عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون».

وتُعدّ واحة سيوة التي شهدت أول حضانة صديقة للبيئة، من الأماكن السياحية المعروفة، فتضمّ مباني عدّة ذات الطابع البدائي التي تعتمد على مواد عضوية صديقة للبيئة؛ إلى جانب معالم أثرية عائدة إلى العصرين الفرعوني والروماني، من بينها معبد جوبتير «آمون»، ومعبد الخزينة، وجبل الموتى الذي يضمّ مقابر فرعونية، بالإضافة إلى مياه كبريتية، ومواد عضوية تجعل من الواحة منتجعاً للاستشفاء.

واحة سيوة تحتوي على مبانٍ أثرية وأخرى صديقة للبيئة (الهيئة المصرية العامة للاستعلامات)
واحة سيوة تحتوي على مبانٍ أثرية وأخرى صديقة للبيئة (الهيئة المصرية العامة للاستعلامات)

كما يُعدّ المبنى الذي أنشأته وزارتا التضامن والإسكان صديقاً للبيئة لكونه يستخدم المواد الطبيعية في الإنشاء، ولا يسبّب أي انبعاثات لثاني أكسيد الكربون، فيوفر أجواء صحّية في داخله.

وزادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الطاقة بنسبة 0.9 في المائة، لتصل إلى رقم قياسي عالمي بلغ أكثر من 36.8 مليار طن، وفق تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة عام 2023.


مقالات ذات صلة

توجّه سعودي لتسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في «الشبكة العالمية لليونيسكو»

بيئة جانب من «فوهة النعي» و«عين عنتر» في موقع «سلمى جيوبارك» (المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي)

توجّه سعودي لتسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في «الشبكة العالمية لليونيسكو»

أعلنت «اليونيسكو» عن انضمام موقعي «شمال الرياض جيوبارك»، و«سلمى جيوبارك» إلى شبكة «الجيوبارك العالمية لليونيسكو»؛ في خطوة تعزز من دور السعودية

غازي الحارثي (الرياض)
علوم شكل تصوّري للشحن في القطب الشمالي

هل سيؤدي تغير المناخ إلى ازدهار صناعي في القطب الشمالي؟

يتوقع أن يخلو من الجليد خلال فصل الصيف بحلول نهاية العقد الحالي

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق  مركبات PFAS تنتشر في كل مكان لدرجة أنه لا توجد طريقة لتجنبها تمامًا (إ.ب.أ)

بسبب مضارها المحتملة... كيف تقلّل من تعرضك لـ«المواد الكيميائية الدائمة»؟

يستخدم المصنّعون «PFAS» وهي فئة تضم نحو 15 ألف مادة كيميائية على نطاق واسع في منتجاتهم لخصائصها المقاومة للالتصاق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

العمارة ذات الدرج الواحد... مفهوم متقدم للتخطيط المعماري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق حملات مصرية لزراعة الأشجار في المدارس والجامعات (حملة «شجّرها» على «فيسبوك»)

حملات مصرية لزراعة الأشجار احتفالاً بـ«يوم الأرض» 

تحت عنوان «قوتنا كوكبنا» تشارك مصر في فعاليات «يوم الأرض» الذي يحتفل به العالم يوم 22 أبريل (نيسان) من كل عام، وفق منظمة «اليونيسكو»، بإطلاق حملات للتشجير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر: خبراء يتهمون «الآثار» بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية

منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة الإمام الشافعي بعد هدم مقابر بها (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثارت عملية الهدم الجديدة لمدافن بجبانة القاهرة التاريخية، انتقادات واتهامات للمجلس الأعلى للآثار ووزارة السياحة والآثار، بـ«المماطلة» في تسجيل المقابر التاريخية، لـ«إتاحة الفرصة لهدم كثير منها»، من أجل إنشاء جسور بالمنطقة.

وبدأت أزمة هدم المقابر التاريخية بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، حيث أزالت الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة عدداً من المقابر بحي الإمام الشافعي، لتنفيذ مشروع لتطوير المنطقة يتضمن إنشاء طرق ومحاور مرورية جديدة، وهو ما أثار جدلاً مجتمعياً وانتقادات واسعة.

السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
السلطات المصرية تسعى لإنشاء جسور جديدة بالمنطقة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ورغم وعد بعض المسؤولين الحكوميين بالتوقف عن عمليات الهدم، لحين صدور تقرير من اللجنة المشكلة لدراسة حالة المدافن التراثية العام الماضي، فإن عمليات الهدم استؤنفت مجدداً، ولم يصدر عن اللجنة المشكلة أي جديد.

الدكتور جمال عبد الرحيم، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بجامعة القاهرة، ورئيس اللجنة العلمية الأثرية الفنية الخاصة بتطوير مقابر القاهرة التاريخية، أكد أن «اللجنة لم تجتمع منذ تشكيلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم تشكيل اللجنة في مارس (آذار) 2024، لمراجعة تقرير كان من المفترض أن يصدر عن لجنة تم تشكيلها قبلها بشهر، عن المقابر التاريخية والحلول الممكنة للحفاظ عليها، لكننا لم نجتمع منذ تشكيل اللجنة، ولم يطلب منا المجلس الأعلى للآثار أي رأي، ولم نتلقَّ أي تقارير».

مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن عائلة الدرمللي (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتضم المنطقة عدداً من المقابر التاريخية، منها جبانات الإمام الشافعي، وباب الوزير، والسيدة نفيسة، وتحوي رفات مئات الشخصيات التاريخية، بجانب أسرة محمد علي باشا، والمنطقة مسجلة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» موقع تراث عالمياً منذ عام 1979، لما تتمتع به من قيمة تاريخية وتراثية وفنون معمارية فريدة.

جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
جسر جديد سوف يشق طريقه بين الجبانة التراثية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويرى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الخبير الأثري الدكتور محمد عبد المقصود، أن «الحكومة تتحايل على القانون، وتتقاعس عن تسجيل المقابر التاريخية آثاراً لتمرير هدمها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل المسؤولين طوال السنوات الماضية يبررون عمليات هدم المقابر التاريخية بأنها ليست مسجلة بوصفها آثاراً، على الرغم من أن تسجيلها مسؤولية الحكومة نفسها، وقانون الآثار يلزم الدولة بتسجيلها»، مؤكداً أن «دوامة هدم المقابر التاريخية لن تنتهي، فمن الواضح أن الحكومة ماضية في تنفيذ هدمها لصالح إنشاء طرق ومحاور مرورية، بدعوى تطوير المنطقة»، حسب تعبيره.

وحدد قانون «حماية الآثار» رقم 117 لسنة 1983، عدداً من الشروط لتسجيل الآثار، ونصت المادة الأولى من القانون على أنه «يعدّ أثراً كل عقار أو منقول متى توافرت فيه الشروط التالية: أن يكون نتاجاً للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة، أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ، وحتى ما قبل مائة عام»، وعدّ القانون «رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله».

مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مسجد الفلكي بشارع الإمام الشافعي قبل هدمه أخيراً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ومع تصاعد الانتقادات لعمليات هدم المقابر ومناشدات أطلقها أثريون وشخصيات عامة خلال السنوات الماضية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو (حزيران) 2023، بتشكيل لجنة لتقييم ودراسة نقل المقابر التاريخية، كما وجه السيسي، وفق بيان الرئاسة المصرية حينها، بإنشاء ما يسمى «مقبرة الخالدين» في موقع مناسب، «لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر». ولاحقاً، حددت الحكومة موقعاً لإنشاء «مقبرة الخالدين» بمدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة).

مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدفن تراثي بالعاصمة المصرية القاهرة يتقاطع مع الطريق الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأعرب خبراء عن استيائهم من طريقة تعامل وزارة السياحة والآثار مع هذا الملف، واتهموها بـ«المماطلة» لامتناعها عن تسجيل المباني الأثرية والتراثية، وقال الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة «الدفاع عن الحضارة المصرية»، إن «الحكومة تتقاعس وتماطل في تسجيل المقابر التاريخية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «نقل المقابر التاريخية من مكانها لأي مكان آخر سيمحو ذاكرة المكان، فهذه المقابر جزء من النسق التراثي والمعماري للقاهرة التاريخية».

وأكد أن «التطوير والتنمية ليس مبرراً للنقل، فالأثر أهم من الاستثمار والكباري ومحاور الطرق».

ويرى ريحان أن «نقل المقابر العتيقة سيفسد النسق التراثي للقاهرة التاريخية كلها، ويفقدها شخصيتها»، كما أن «الحكومة المصرية ملتزمة بالحفاظ على هذه المقبرة وفق (اتفاقية التراث العالمي) لعام 1972، وهي اتفاقية تتعلق بحماية مواقع التراث العالمي الثقافية والطبيعية».