متحف الحضارة يوثق نمط حياة العمال في مصر القديمة

عبر معرض مؤقت وجولات افتراضية ومحاضرات علمية

جانب من المعروضات بمتحف الحضارة المصرية ( المتحف القومي للحضارة المصرية)
جانب من المعروضات بمتحف الحضارة المصرية ( المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

متحف الحضارة يوثق نمط حياة العمال في مصر القديمة

جانب من المعروضات بمتحف الحضارة المصرية ( المتحف القومي للحضارة المصرية)
جانب من المعروضات بمتحف الحضارة المصرية ( المتحف القومي للحضارة المصرية)

بالتزامن مع احتفال مصر باليوم العالمي لعيد العمال، نظم المتحف القومي للحضارة المصرية، الخميس، فعالية تضمنت معرضاً مؤقتاً وجولات افتراضية ومحاضرات علمية تحت عنوان «العمال صناع الحضارة».

وتضمنت الفعالية معرضاً للصور الفوتوغرافية لآثار من الحضارات القديمة، وما يقابلها من حرف وأعمال ما زالت ممتدة حتى اليوم في مصر، كما تضمن المعرض جولات افتراضية عبر العصور من خلال شاشات في إحدى قاعات العرض المتحفي ترصد تاريخ العمال والحرف المختلفة.

وعدّ نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور ميسرة عبد الله، هذه الفعالية «ضمن أنشطة المتحف للاحتفالات بالمناسبات المحلية والعالمية المختلفة».

وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «بمناسبة عيد العمال نظم المتحف معرضاً عن حياة العمال في مصر القديمة، من خلال صور فوتوغرافية تعبر عن استمرارية الحضارة المصرية والتقنيات المصرية القديمة حتى العصر الحديث، لذلك نعرض صوراً لأنشطة العمال في مصر القديمة، من جداريات المعابد والمتاحف المختلفة، وما يقابلها من أنشطة في العصر الحديث».

يضم متحف الحضارة قطعاً أثرية متنوعة (المتحف القومي للحضارة المصرية)

وأعطى عبد الله أمثلة لأنشطة العمال الممتدة عبر التاريخ المصري، مضيفاً: «المعرض يوضح مثلاً كيف كان حصاد القمح في مصر القديمة، وكيف يتم الآن، كما يتناول صناعة النسيج، والألوان المصرية القديمة وكيفية صناعتها، وكذلك تربية النحل وصناعة عسل النحل، ومشاهد من العمارة والبناء بالطوب اللبن في الماضي والحاضر، وكأنه عرض عام يعبر عن استمرارية الحضارة في مظاهر عمّالية حتى الآن».

المعرض الذي افتتح الخميس ويستمر حتى 7 مايو (أيار) الحالي، يتضمن صوراً تعبر عن الحرف المصرية القديمة، وعن دور العمال في صناعة الحضارة على مر العصور.

ويحتوي متحف الحضارة على نحو 1600 قطعة أثرية اختيرت بعناية للتعبير عن مختلف العصور والحضارات التي مرت على مصر.

وقد شهد المتحف لدى افتتاحه في أبريل (نيسان) 2021 موكباً مهيباً جرى خلاله نقل 22 مومياء ملكية فرعونية من موقعها بمتحف التحرير بوسط العاصمة القاهرة إليه، وسط اهتمام إعلامي محلي وعالمي واسع.

وأشار نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية للشؤون الأثرية، إلى محاضرة سيلقيها الثلاثاء المقبل يتناول فيها «حياة العمال في مصر القديمة، وكيف كانت للعمال في مصر القديمة نقابات خاصة بهم، وكانت الحياة العمالية منظمة تحت رعاية الدولة، فللعامل حقوق وعليه واجبات محددة، كما نعرض لملامح العمال في مناطق مختلفة؛ خصوصاً في قرية دير المدينة في الأقصر، وهي القرية التي عاش فيها العمال في عصر الدولة الحديثة وكانوا يعملون في بناء وتزيين المقابر الملكية».

ومن ضمن الفعاليات التي تقام بالتوازي مع المعرض الفوتوغرافي، عرض تفاعلي عبر 3 شاشات يعبر عن حياة العمال ونظام العمل في مصر القديمة؛ خصوصاً في قرية العمال والحرفيين بدير المدينة، وتعرض الشاشة الأخيرة جولة افتراضية لمقبرة (سن نجم) رئيس العمال والمشرف على بناء المقابر بوادي الملوك.

ولفت نائب الرئيس التنفيذي للمتحف إلى «وجود أدلة تبين كم كانت مصر القديمة تتعامل مع العمال بنظام محكم، ترعاهم الدولة وتحدد معاشاتهم ورواتب تقاعدهم، والاستفادة من خبراتهم المختلفة، ما يبين كيف كانت مصر القديمة متطورة بدرجة كبيرة في رعاية العمال، ووضعت الأسس التي اعتمدت عليها التنظيمات العمالية في العالم كله فيما بعد».

المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفي بعيد العمال (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ويتضمن برنامج الاحتفالية إلقاء محاضرتين علميتين، الأولى يقدمها الدكتور ميسرة عبد الله تحت عنوان «بأيٍد مصرية: لمحات من حياة العمال في مصر القديمة»، والثانية تقدمها الدكتورة نجوى بكر مديرة إدارة التدريب بالمتحف القومي للحضارة تحت عنوان «مهن النساء المصريات على مر العصور».

وأنشئ المتحف القومي للحضارة المصرية عقب حملة دولية أعلنتها منظمة «اليونيسكو» في ثمانينات القرن الماضي، للحفاظ على التراث المادي واللامادي المصري، وصدر قرار من رئاسة الوزراء بإنشائه عام 2016، وتم افتتاحه عام 2021.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
TT

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)

كثيراً ما كان اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة، لكنه اضطُر لترك التعليم عندما كان في الثانية عشرة من عمره لمساعدة والده في العمل بالحقل.

ويقول بانايوتاروبولوس: «كل شيء أتعلمه مثير للاهتمام، ووجودي هنا أمر ينير العقل».

وفي تمام الساعة 7:45 مساءً، رن الجرس في فصل آخر، وها هو عالَم اليونان الكلاسيكي يستدعي الرجل المتقاعد الذي وضع حقيبته المدرسية وكتبه على مكتب خشبي صغير.

وببدلته الداكنة وحذائه اللامع، لا يبدو بانايوتاروبولوس أنيقاً فحسب في الغرفة التي تزين جدرانها رسومات الجرافيتي، بل هو أيضاً أكبر طالب يحضر في المدرسة الليلية الثانية في وسط أثينا.

فعلى الأقل نصف زملائه في الصف هم في عمر أحفاده، وقد مر ما يقرب من 70 عاماً منذ آخر مرة ذهب فيها الرجل الثمانيني إلى المدرسة.

ويقول التلميذ الكبير وهو يسترجع ذكريات طفولته في إحدى قرى بيلوبونيز: «تركت المدرسة في سن الثانية عشرة لمساعدة والدي في الحقل، لكن كان لدي دائماً في عقلي وروحي رغبة في العودة، وتلك الرغبة لم تتلاشَ قط».

وعندما بلغ الثمانين، أخبر التلميذ الحالي وصاحب المطعم السابق زوجته ماريا، وهي خياطة متقاعدة، بأنه أخيراً سيحقق رغبته، فبعد ما يقرب من 5 عقود من العمل طاهياً وفي إدارة مطعم وعمل شاق وحياة شاقة في العاصمة اليونانية، دخل من بوابات المدرسة الليلية الثانية في العام الماضي.

واليوم هو مُسجَّل في صف من المفترض أن يحضره المراهقون في سن الخامسة عشرة من عمرهم، وهي الفكرة التي جعله يبتسم قبل أن يضحك بشدة ويقول: «آه، لو عاد بي الزمن للخامسة عشرة مرة أخرى، كثيراً ما كان لديَّ هذا الحلم بأن أنهل من نبع المعرفة، لكنني لم أتخيل أن يأتي اليوم الذي أعيش الحلم بالفعل».